الأحد، 11 يناير 2015

رسالة عاجلة إلى من أعرض عن طلب العلم وقنع بالجهل

   بسم الله الرحمن الرحيم
   الحمد لله الذي علم بالقلم ، علم الإنسان ما لم يعلم ، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وسلم ، المؤيد بالوحي والعلم النافع وبعد :
   إن الجد والاجتهاد فيما يكسب العز والرفعة،ويزيد في النباهة وعلو القدر له راحة العاقل ، والتواني عنه عادة الجاهل .
   والجاهل لو عرف نقيصة الجهل ، لفزع إلى العلم ولكن لا يرضى بالجهل إلا من هانت عليه نفسه ، ولا حول ولا قوة إلا بالله .
   وينبغي لطالب العلم أن لا يخالط إلا من يفيده أو يستفيد منه ، فإن احتاج إلى من يصحبه فليكن صاحبا صالحا لينا،تقيا،ورعا،ذكيا،كثير الخير،قليل الشر، نصوحا يكره المداهنة ، ولعلى هذا الوصف أعز من الكبريت الأحمر ، ولكن كما قال عليه الصلاة والسلام (( سددوا وقاربوا).في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
   قال الزرنوجي-رحمه الله- : ((وأما اختيار الشريك فينبغي أن يختار المجد الورع ، وصاحب الطبع المستقيم ، والمتفهم ، ويفر من الكسلان والمعطل والمكثار والمفسد والفتان)) ..اهـ. (أنظرتعليم المتعلم ص8).
   أيهما خير؟
   قال الخطيب البغدادي رحمه الله: ((ولأن يلقى الله طالبا للعلم خير من أن يلقاه تاركا له ، زاهدا فيه راغبا عنه ....))اهـ . (أنظر الفقيه والمتفقه 2/165)
   وقال رحمه الله: ((...والله لأن تموت طالبا للعلم خير من تعيش قانعا بالجهل قال : وإلى متى يحصل ذلك ؟ قال ما حسنت بك الحياة ))...اهـ . (أنظر الفقيه والمتفقه 2/166)
   وقال رحمه الله: ((العلم أجل من أن يشتغل بغيره ))..اهـ . (أنظر الفقيه والمتفقه 2/184)
   أيهما خير : ذل التعلم أم ذل الجهل؟
   قال ابن عباس رضى الله عنهما : ((ذللت طالبا فعززت مطلوبا)).*(أنظر الحث على طلب العلم للعسكري ) .ص65
   قال الأصمعي-رحمه الله-: ((من لم يحتمل ذل التعلم ساعة بقى في ذل الجهل أبدا)). (أنظر تهذيب الكمال للمزي 18/388).
   ذم السلف في من ترك طلب العلم وهو قادر عليه
   قال أبو هلال العسكري-رحمه الله-:((...كنت حقيقا بالاجتهاد لطلب العلم أوان قدرتك عليه ، غير معذور في التواني عنه ، والتقصير فيه،لأن العاقل لا يعتمد تخصيص قيمته ولا يغفل عن ما يرفع من قدره ))..اهـ( انظر الحث على طلب العلم ص 46)
   قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : ((ويلحق الذم من تبين له الحق فتركه ، أو من قصر في طلبه ، حتى لم يتبين له ، أو أعرض عن طلب معرفته لهوى أو لكسل أو نحوه )).. اهـ .انظر الإقتضاء ص(6/85).
   احذر الصاحب الكسلان والمؤذي
   قال الراغب الأصبهاني رحمه الله : ((فالكسل سبب للغباوة ، والغباوة سبب للوقاحة ، والوقاحة سبب للانهماك في الباطل ))..اهـ .( انظر الذريعة ص 126) .
   وقال عمر بن الخطاب رضى الله عنه :(( اعتزل ما يؤذيك ، وعليك بالخليل الصالح ، وقل ما تجده وشاور في أمرك ، الذين يخافون الله عز وجل)) . ( إسناده صحيح رواه البيهقي "8996"والزهد لابن المبارك "1399").
   ولقد أحسن الشاعرحيث قال :
   تجنب صديق السوء واصرم حباله ***وإن لم تجد عنه محيصا فداره
   وأحبب حبيب الصدق واحذر مراءه ***تنل منه صفو الود ما لم تماره
   وأحسن من ذلك كله قول الله عز وجل:( فأعرض من تولى عن ذكرنا ولم يرد إلا الحياة الدنيا )النجم(69). وقال جل ذكره:( ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا وأتبع هواه وكان أمره فرطا) .الكهف(28).
   هل تريد أن تكون شريفا ؟
   قال النضربن شميل-رحمه الله-:((من أراد شرف الدنيا والأخرة فليتعلم العلم)) . (أنظر تاريخ الإسلام لذهبي 40/203) .
   وقال الشافعي-رحمه الله-: ((من أراد الدنيا فعليه بالعلم،ومن أراد الآخرة فعليه بالعلم)).
   وقال رحمه الله:((من لا يحب العلم فلا خير فيه،ولا يكون بينك وبينه صداقة ولا معرفة)).
   وقال رحمه الله:((العلم مروءة من لا مروءة له)).
   انظر:تهذيب الأسماء واللغات للنووي.
   شرطي التعريف لمحمد بن عبد الرحمن أبو حامد الشافعي ص162.
   وقال مالك بن دينار-رحمه الله–:((الناس أجناس كأجناس الطير،الحمام مع الحمام،والغراب مع الغراب،والبط مع البط،والصعو مع الصعو)).إسناده صحيح،انظر الإبانة لإبن بطه512.
   قال أبو موسى كان الله في عونه:وطالب العلم مع طالب العلم،والحازم مع الحازم،والفارغ مع الفارغ.
   وقال الزهري-رحمه الله-: كان من مضى من علمائنا يقولون : ((الاعتصام بالسنة نجاة ’ والعلم يقبض قبضا سريعا ’ وفي نعش العلم ثبات الدين والدنيا ، وفي ذهاب العلم ذهاب ذلك كله)) .( رواه بسند صحيح الدارمي في مقدمة سننه ) .
   احذر من إعراضك عن طلب العلم فهذا هو التساهل الذي ذمه السلف وعدوه لعبا بالدين
   قال أبو عبد الله القرطبي-رحمه الله-: ((ويرحم الله السلف الصالح،فلقد بالغوا في وصية كل ذي عقل راجح ، فقالوا مهما كنت لاعبا فإياك أن تلعب بدينك ))...اهـ .(انظر تفسيره 11/25) .
   قال أبو موسى-عفا الله عنه-: والقائل بهذه المقولة هو الإمام مالك رحمه الله ، كما ذكر ذلك عنه الأصبهاني في الحجة في بيان محجة .(1/224).
   قال الشيخ المفضال الثبت محمد بن مانع الأنسي متعه الله بالعافية معلقا : ((التساهل في أمر الدين يوقع في الشر والانحراف ، وهكذا التساهل في أخذ العلم ،" يحضر أو لا يحضر" " يحفظ أو لا يحفظ" فيبقى جاهلا،وهكذا يبقى متساهلا في الأخذ بالسنة ، فلا يدري إلا وقد وقع في البدعة والضلالة والشر،قال الله تعالى:(يَا يَحْيَىٰ خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ).)).
   قال الإمام ابن كثير-رحمه الله-: ((أي بجد وحرص واجتهاد .(أنظر تفسيره للآية ). )).
   المصاب بالغفلة والمغتر بطول المهلة فيه شبه بالأنعام
   قال ابن الوزير-رحمه الله-: ((فإن الحق ما زال مصونا عزيزا نفيسا كريما ، لا ينال مع الإضراب عن طلبه ، وعدم التشوف والتشوق إلى سببه ، ولا يهجم على المبطلين المعرضين ، ولا يفاجئ أشباه الأنعام الغافلين ))..اهـ .(انظر إيثار الحق 1/27).
   المعرض عن طلب العلم لم يرد الله به خيرا
   جاء عن معاوية-رضي الله عنه-كما في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين ).
   قال أبو بكر الآجري-رحمه الله-: ((الحديث يدل على أنه من لم يتفقه في دينه فلا خير فيه)) ..اهـ.( أنظر شرح الأربعين له) .
   قال أبو المظفر السمعاني-رحمه الله-: ((غير أن الحق عزيز ، والدين غريب والزمان مفتن ، ومن لم يجعل الله له نورا فماله من نور)). اهـ .( أنظرالانتصار لأصحاب الحديث ص 26) .

   هذا والله أعلى وأعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وذرياته وأزواجه وصحابته الميامين وسلم تسليما كثيرا.
   كتبه : الفقيـــــر إلــى الله عــــز وجـــــل
   أبو موسى العربي الجزائري
   كان الله له في
   الدارين
   بمدينة وادي سوف –الجزائر- بتاريخ 30 رجب 1435 هـ .

الخميس، 8 يناير 2015

التنبيهات الغراء على بعض ما جاء في ملخص الإملاء



بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي علم بالقلم علم الإنسان ما لم يعلم والصلاة والسلام على النبي الأمي الذي أوتي جوامع الكلم ولم تخط يديه بقلم وهو في حقه أولى لما قاله المولى عز وجل: {وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ ۖ إِذًا لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ} [العنكبوت: 48]([1]) وفي حق غيره منقصة ومذمة وعلى الآل والأصحاب الكرام ومن اقتفى أثرهم واقتدى بهديهم إلى أن يرث الأرض ومن عليها رب الأنام.
أما بعد
فقد يسر الله تعالى لي دراسة ملخص الإملاء لأخينا عادل بن صالح الحضرمي حفظه الله تعالى واستفدت منه كثيرا لكنني وقفت على أمرين وجب التنبيه عليهما وذلك عملا بقول المصنف في النظم:
وفي الختام أنصح الطلابــــا     ***     أن يأخذوا من نظمي الصوابا
وما رأوا من العيوب سددوا      ***     بذا يعم النفع ولا يبــــــــــــدد
وكلامه هذا يشمل النظم وغيره لا أنه خص النظم بذلك فما كان من خطإ صوب وسدد وبهذا تعم الفائدة.
فالموضع الأول: عند ذكره المواضع السماعية لهمزة الوصل (ص13)([2]) ذكر الخلاف في كلمة البتة وأن الوصل أشهر قال أبو عبد الله عفا الله عنه وكذلك الخلاف في الهمزة من (أل) التعريف عند اتصالها بالكلمة قال ابن هشام رحمه الله في شرح قطر الندى (ص77): وزعم ابن مالك أنه لا خلاف بين سيبويه والخليل في أن المعرف (أل) قال: وإنما الخلاف بينهما في الهمزة أزائدة هي أم أصلية واستدل على ذلك بمواضع أوردها من كلام سيبويه وقال (ص249): وأما الحرف فلم تدخل عليه همزة وصل إلا على اللام نحو قولك الغلام الفرس وعن الخليل أنها همزة قطع عوملت في الدرج معاملة همزة الوصل تخفيفا لكثرة الاستعمال كما حذفت الهمزة من خير وشر للتخفيف وبقية الحروف همزاتها همزات قطع نحو: أم وأو وأن. اهـ
والموضع الثاني: عند الكلام على تاء التأنيث المربوطة (ص55) التي تلحق بعض جموع التكسير التي لا يكون في مفردها تاء نحو: (رعاة، دعاة، قضاة... إلخ) وأحال في الحاشية لجموع التكسير التي يكون في مفردها تاء نحو: (أموات، أبيات أصوات) قلت: جموع التكسير التي ليس في مفردها تاء هي ما ذكره في المتن أما الذي أحال عليه في الحاشية ففي مفرده تاء نحو: (ميت، بيت، صوت) وبالتالي يظهر أنه حد شيئا وأحال على غيره وكان عليه التنبيه على ذلك كما فعل في تعريفه لتاء التأنيث المربوطة وأن ما قبلها يكون مفتوحا ولو تقديرا وأحال في الحاشية على سعاة وقضاة.
هذا ما تبين لي في هذا الملخص المفيد جزى الله مصنفه خير الجزاء وجعله في ميزان حسناته يوم لا ينفع مال ولا بنون   إلا من أتى الله بقلب سليم والحمد لله رب العالمين.
كتبه أبو عبد الله إبراهيم بن خالد التبسي الجزائري
صبيحة الخميس 17 ربيع الأول 1436 هجــــري.



[1]  قال ابن كثير رحمه الله في تفسيره (ج6 ص113) عند هذه الآية... وهكذا كان صلوات الله وسلامه عليه دائما أبدا إلى يوم القيامة لا يحسن الكتابة ولا يخط سطرا ولا حرفا بيده بل كان له كتاب يكتبون بين يديه الوحي والرسائل إلى الأقاليم ومن زعم من متأخري الفقهاء كالقاضي أبي الوليد الباجي ومن تابعه أنه عليه السلام كتب يوم الحديبية "هذا ما قاضى عليه محمد بن عبد الله" فإنه حمله على ذلك رواية في صحيح البخاري "ثم أخذ فكتب" وهذه محمولة على الرواية الأخرى "ثم أمر فكُتب" ولهذا اشتد النكير بين فقهاء المغرب والمشرق على من قال بقول الباجي وتبرؤوا منه وأنشدوا في ذلك أقوالا وخطبوا به في محافلهم وإنما أراد الرجل – أعني الباجي فيما يظهر عنه – أنه كتب ذلك على وجه المعجزة لا أنه كان يحسن الكتابة كما قال عليه الصلاة والسلام إخبارا عن الدجال "مكتوب بين عينه كافر" وفي رواية "ك ف ر يقرؤها كل مؤمن".
[2]  طبعة دار الهدى بالجزائر تحقيق الدكتور إبراهيم قلاتي وقوله "زعم" هنا بمعنى قال ولا تعني تضعيفا لأنه اعتمد هذا القول في المتن قائلا: "ثم ذو الأداة وهي (أل) عند الخليل وسيبويه لا اللام وحدها خلافا للأخفش".

السبت، 3 يناير 2015

إسبال المنن في ذكرالراجح من تعاريف الحديث الحسن

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه أما بعد:

إن مما اضطرب الحفاظ في تعريفه هو الحديث الحسن،وهو أدق العلوم وأصعبها،والسبب في ذلك هو صعوبة تحديد نوع ضعف الراوي،هل هو ضعف يسير فيكون حديثه حسنا،أو كثير فيكون حديثه ضعيفا

وها نحن سنذكر بحمد الله تعالى هذه التعاريف،وهي خمسة،مع الإعتراض عليها بشيء يسير من النقد،وهي المشهورة والمتداولة في كتب المصطلح.

أولا:
تعريف البيقوني

قال:(والحسن المعروف طرقا وغدت***رجاله لا كالصحيح إشتهرت)

ففي هذا التعريف ذكر شرطين للحديث فقط،وهما:

1-أن يكون متصل الإسناد:من قوله:(والحسن المعروف طرقا).

2-أن يكون رجال الإسناد خفيفي الضبط،وهو مأخوذ من قوله:(وغدت رجاله لا كالصحيح إشتهرت).

والناظر في تعريف البيقوني يجده مثل تعريف الخطابي،بل لا فرق،حيث قال الخطابي-رحمه الله-:(وهو ما عرف مخرجه واشتهرت رجاله).
فيعترض على كلا التعريفين أنهما لم يذكرا(الشذوذ والعلة).
ثانيا:
تعريف الترمذي
قال:وهو كل حديث يروى لا يكون في إسناده من يتهم بالكذب،ولا يكون الحديث شاذا،ويروى من غيروجه نحو ذلك،وفي هذا التعريف إنتقاد فيما يلي:
1-لم يذكر العلة.
2-لم يذكر الإتصال.
3-في تعريفه نزل بنا إلى الكذاب فقط،فالمتروك أيضا سيدخل في حد الحسن،وكذلك سيدخل الراوي المتصف بكثرة الخطإ في تعريفه هذا.
وعلى هذا وذاك فيكون تعريف الترمذي يتنزل على الحسن لغيره،وتعريف الخطابي يتنزل على الحسن لذاته.
ثالثا:
تعريف ابن الجوزي:(وهو ما فيه ضعف قريب محتمل).

إن المتأمل في تعريف ابن الجوزي يجد فيه قصورا واضحا في حد الحسن من وجهين:
1-لأنه غير جامع لأفراد الحسن.
2-عدم ضبط القدر المحتمل في هذا التعريف.
فهو قريب من تعريف الترمذي-رحمه الله تعالى.
رابعا:
تعريف ابن الصلاح
عرفه ابن الصلاح وقسمه على قسمين،ولكل قسم تعريف.

1-الحسن لذاته:هو ما رواه العدل خفيف الضبط مع إتصال السند.

وينتقد على هذا القسم أنه ترك الشذوذ والعلة القادحة.

2-الحسن لغيره:وهو ما رواه الضعيف إذا كثرت مخارج أسانيده،وتعددت طرق حديثه.
وينتقد عليه أيضا أنه ليس كلما جاءت مثلا أربع طرق،وكل طريق فيها راوٍ ضعيف،وتعددت مخارجه وكثرت أسانيده،فهو حسن،هذا غير صحيح.
خامسا:
تعريف الحافظ ابن حجر:(وهو ما أتصل سنده بنقل العدل الذي خف ضبطه عن مثله أو أرفع منه،ولا يكون شاذا ولا معللا).

والمتأمل في هذا التعريف يرى أنه أصح التعاريف وأدقها عبارة،وهوالذي اعتمده المتأخرون،منهم الحافظ ابن حجر-رحمه الله-حيث نظر في التعاريف المتقدمة،ثم خرج بالزبدة منها،فأجتمع له ما لم يجتمع لغيره-رحمه الله-.
قال العلامة الألباني-رحمه الله-في حاشيته على النزهة:(وهذا التعريف على إيجازه أصح ما قيل في الحديث الحسن،وهوالذي توفرت فيه جميع شروط الحديث الصحيح المتقدمة،إلا أنه خف ضبط أحد رواته).ا.هـ.ثم حث رحمه الله على حفظ تعريف ابن حجر رحمه الله

فائدة:الحديث الحسن محتج به عند الجمهور،وسواءٌ كان حسن لذاته أو حسنا لغيره،وسواء كان في الأحكام أو في العقائد أوغيرها
المراجع
- التقييد والإيضاح للعراقي ص45 وبعدها

-إختصار علوم الحديث للحافظ ابن كثير ص130-134

-الموقظة للذهبي.

والعلم عند الله تعالى، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

كتبه:أبو موسى العربي البسكري

الإربعاء:غرة رجب 1435هـ

الجمعة، 2 يناير 2015

الملحة في بيان جوازسب الأموات من دعاة الضلال للمصلحة لأخينا العربي البسكري


   بسم الله الرحمن الرحيم
   الحمد لله وكفى،وصلى الله على محمد خير نبي اصطفى وبعد:
   إن من أعظم نعم الله على عباده ألا وهي نعمة طلب العلم،كيف لا وهي أفضل من نعمة المال،ومن نعمة الجاه،ومن نعمة الرئاسات.
   سئل الإمام أحمد-رحمه الله-:أي شيء أفضل في هذه الدنيا؟،قال:(طلب العلم لمن صحت نيته).
   كان السبب في كتابة هذا العنوان المشار إليه آنفا،أني ذكرت في بعض المجالس التي نتذاكر فيها مع بعض الإخوة وفقهم الله داعية من دعاة الضلال في هذا العصر،ألا وهو سيد قطب،وقد ذكرت فيه شيئا من السب والثلب،ودار النقاش بيننا حول هذه المسألة،وهي مسألة سب الأموات،هل نقع في سب الأموات المنهي عنه،ولكن ليعلم أنني ما تكلمت في هذا الشخص إلا لأمرين:
   أولا:لتحذير الإخوة من شر هذا الرجل .
   وثانيا:إنتقاما لنبي الله موسى عليه الصلاة والسلام،حيث أن سيدا قال في موسى عليه السلام:عصبي المزاج.
   ولما سئل العلامة ابن باز-رحمه الله-عن هذه اللفظة فقال:(الطعن في الأنبياء ردة مستقلة).اهـ
   وهنا سوف نذكر بعض ما عند هذا الرجل من زلقات:
   أولا:ما تقدم من الطعن في موسى عليه السلام،هذه وإن كانت لوحدها كافية بل قاصمة.
   ثانيا:تجرؤه على تكفير المجتمعات المسلمة،حيث قال:إن المساجد الآن كلها معابد وثنية.
   ثالثا:طعنه السيّء في عثمان أمير المؤمنين وكذا في معاوية رضي الله عنهما.
   رابعا:قوله بوحدة الوجود،وهي كفر، لكن المانع من تكفيره،كما قال العلامة الفوزان:(هو رجل جاهل وليس من علماء الشرع).
   وقال الشيخ الألباني-رحمه الله- :(هذا يدل على أنه جاهل بقواعد الشرع).
   خامسا:ومن نظر إلى كتابه في ضلال القرآن علم أن الرجل صاحب ضلال،وإلى الموضوع المشار إليه والله أسأل التوفيق والسداد.
   إن من المعلوم النهي عن سب أموات المسلمين لما جاء في صحيح البخاري( 1393)عن عائشة-رضي الله عنها، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(لا تسبو الأموات فإنهم قد أفضوا إلى ما قدموا).
   قلت:هذا الحديث أصل في المسألة ،ولكن هذا الحديث عام وقد خُّص بحديث أنس-رضي الله عنه-لما مرت تلك الجنازة فأثنوا عليها شرا،فقال عليه الصلاة والسلام:(وجبت،أنتم شهداء الله في الأرض)،ولم ينكر عليهم ذلك.
   وقال الحافظ ابن حجر-رحمه الله-في المصدر المذكور:(والوجه عندي على العموم إلا ما خصه الدليل).اهـ
   قال ابن بطال في شرح البخاري:(سب الأموات تجري مجرى الغيبة،فإن كان أغلب أحوال المرء الخير وقد تكون منه الفلتة، فالإغتياب له ممنوع،وإن كان فاسقا معلنا فلا غيبة له فكذلك الميت).اهـ
   قال أبو موسى-عفا الله عنه-:وسيد قطب له فلتات مهلكات، كما بينت ذلك في خمسة نقاط، ومن أعضمها جرما طعنه في صفوت الخلق والسادات موسى عليه السلام كما تقدم.
   وأما قوله عليه الصلاة والسلام:(فقد أفضوا إلى ما قدموا ).
   فقد إستدل به بعضهم على منع سب الأموات مطلقا[1].
   قال الحافظ ابن حجر في الفتح:(وقد تقدم أن العموم مخصوص،وأصح مما قيل في ذلك، أنّ أموات الكفار والفساق يجوز ذكر مساويهم،للتحذير منهم والتنفير عنهم[2]،وقد أجمع العلماء على جواز جرح المجروحين من الروات أحياءً وأمواتا).اهـ
   الجمع بين أدلة المانعين في هذه المسألة وأدلة المجيزين:
   قال الإمام النووي-رحمه الله-في الأذكارص295:باب النهي عن سب الأموات بغير حق ولا مصلحة شرعية:(وجاء في التخصيص في سب الأشرار أشياء كثيرة...[3]،واختلف العلماء في الجمع بين هذه النصوص على أقوال أصحها وأضهرها أن أموات الكفار يجوز ذكر مساويهم وأن أموات المسلمين المعلنين بفسق أو بدعة أو نحوها فيجوز ذكرهم بذلك إذا كان فيه مصلحة لحاجة إليه،للتحذير من حالهم والتنفير من قبول ما قالوه،والإقتداء بما فعلوه،وإن لم تكن حاجة لم يجز ذلك،وعلى هذا التفصيل تنزل هذه النصوص).اهـ
   ولعله لا مزيد على هذا التفصيل ولا سيما هو من إمام نحرير ومحقق مدقق.
   سئل العلامة مفتي الديار النجدية صالح الفوزان-حفظه الله-:ما حكم سب وشتم الميت؟،وهل ذلك يؤذيه وله تأثير عليه؟
   فأجاب:ورد النهي عن سب الأموات ،لأنهم أفضوا إلى ما عملوا،ولا يجوز سب الأموات إلا إذا ترتب على ذكرهم مصلحة شرعية،كأن يكون هذا الميت من علماء الضلال له آثار سيئة[4]،فإنه يجب تنبيه المسلمين من آثاره وضلاله ليحذروا من ذلك.اهـ
   وقال العلامة العثيمين-طيب الله ثراه وجعل الجنة مثواه آمين-في شرح رياض الصالحين(6/230):(الأموات يعني أموات المسلمين،أما الكافر فلا حرمة له...أو مصلحة شرعية مثل أن يكون هذا الميت صاحب بدعة ينشرها بين الناس،فهنا من المصلحة أن نسبه ونحذر منه ومن طريقته لئلا يغتر الناس به).اهـ
   قلت:هذا هو موقف أئمة أهل السنة والجماعة في حماية دين رب العالمين ونصح عباد الله المؤمنين والله المستعان.
   هذا ذكر تحرير المسألة باختصار واللبيب تغنيه الإشارة أو كما قيل:(كمن إشارة أغنت عن صحيح العبارة).
   وأما قولنا في سيد قطب (قبحه الله) فلنا في ذلك سلف ولنذكر ثلاث نماذج عن ذلك أو أربعة أقول مستعينا بالله وحده:
   أولا:جاء في تاريخ أبي زرعة الرازي عبيد الله بن عبد الكريم ص506:قال أخبرني محمد بن الوليد، سمعت أبا مسهريقول:قال سلمة بن عمرو القاضي على المنبر:(لا رحم الله أبا حنيفة فإنه أول من زعم أن القرآن مخلوق).إسناده صحيح,أنظر تاريخ بغداد.(15/516).
   قلت:ولعل كلمتي أخف على سيد قطب من كلمة سلمة بن عمرو (لا رحم الله أبا حنيفة)،مع الفرق الشاسع والبون الواسع بين منزلة سيد قطب ومنزلة أبي حنيفة مع أن كلاهما حاطب ليل وكلاهما من ضلال المسلمين.
   ثانيا:وفي التقييد في معرفة رواة السنن والأسانيد ص409 لمحمد بن عبد الغني ابن نقطة المتوفى سنة ( 629) بسنده إلى أبو بكر السني قال: سمعت أبو عبد الرحمن النسائي سئل عن علي بن عبد العزيز المكي قال :(قبح الله علي بن عبد العزيز ثلاثا)،فقيل يا أبا عبد الرحمن أتروي عنه؟ فقال لا،فقيل له أكان كذابا؟فقال:لا ولكن قوما اجتمعوا ليقرأوا عليه شيئا وبرُوه بما سَهُل،وكان فيهم إنسان غريب فقيرلم يكن في جملة من بره،فأبى أن يقرأ عليهم وهو حاضر حتى يخرج أو يدفع كما دفعوا.فذكر الغريب أن ليس معه إلا قصعة فأمره بإحضار القصعة،فلما أحضرها حدثهم.
   قلنا:هذا على ثبوت القصة،غاية ما فيه أنه لا يحدث إلا بمقابل،وقد تكلم فيه النسائي بذلك الكلام وكيف بسيد قطب الذي عنده من الفواقر والطامات ما الله به عليم،ولا سيما طعنه في موسى الكليم عليه السلام.
   ثالثا:جاء في تاريخ يحي بن معين برواية تلميذه عباس الدوري برقم( 2670):قال:سمعت يحي بن معين يقول:(تليد كذاب كان يشتم عثمان،وكل من يشتم عثمان أوطلحة أو أحداً من أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام دجال لا يكتب عنه وعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين).اهـ
   رابعا:وفي حديث:(أنا مدينة العلم وعلي بابها)،هذا حديث موضوع،وهو من وضع الشيعة الأشرار.
   قال ابن عدي:(هذا حديث موضوع يعرف بأبي الصلت).
   وقال أبو حاتم بن حبان:(هذا خبر لا أصل له عن النبي صلى الله عليه وسلم).
   وانظر ماذا قال فيه الإمام أحمد:(قبح الله أبا الصلت).انظر الإنتصار للصحب والآل ص363.
   خامسا:قال الذهبي في المغني (2653) :(سمعان بن مهدي عن أنس لا يعرف،ألصقت به نسخة قبح الله واضعها).اهـ
   وقال في تذكرة الحفاظ(2/238):في قصة مكذوبة عن عروة،قال:(حَفِيَتْ أضافير رجل من كثرة ماكان يتسلق...).الحديث.
   قلت(الذهبي):وهذه حكاية مكذوبة قبح الله من افتراها.
   هذا ما أردت بيانه في هذه العجالة،فالحق ما وافق الكتاب والسنة وفهم سلف الأمة، وما خالف ذلك كله باطل مردود من أي شخص كان.
   فأسأل الله تعالى العلي الودود أن يستر علينا عيوبنا،وأن يسبل علينا مننه وعطاياه ونعمه الظاهرة والباطنة.سبحانك ربنا من بر كريم رحيم ودود.

   والله تعالى أعلى وأعلم والحمد لله رب العالمين.
   كتبه الفقير إلى الله:
   أبو موسى العربي البسكري الجزائري
   ليلة الإثنين:12رجب1435هجرية
   وادي سوف العرين
   1-ولعلهم غفلوا عن تخصيص النهي بحديث أنس رضي الله عنه.
   2-وهذا حالنا مع سيد قطب.
   3-وقد ذكر أمثلة على ذلك.
   4-وسيد قطب ممن خلف آثار سيئة.وممن نعش هذه الآثار بعده التكفيريون اليوم في الساحة.حيث قال شيخنا يحي الحجوري-حفظه الله:شبه التكفيريين اليوم أغلبها من فكر سيد قطب.