الخميس، 12 ديسمبر 2019

تقريب المأمول بالتعليق على البرهان المنقول

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله عظيم المنن، أحمده سبحانه على ما أكرم وامتن، وأصلي وأسلم على رسوله الكريم، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أمَّا بَعْدُ
فهذه قاصمة الظهر، لمن يطبل لسلفية العدني والوصابي ومَن معهم، كالغرباني والمشوري، مِن يراع شيخنا سعيدٍ رحمه الله. فقد قمت بحمد الله بالعناية بأحد مؤلفاته النقدية، وهي: "البرهان المنقول". لكن العجب كُل العجب، ممن ينكِر على الغرباني والمشوري، ونسي أو تناسى، أنَّ كبيرهم الشيخ يحيى وفقه الله هو نفسه مهزوزٌ في هذه النقطة. فقد قال للإخوة السودانيين لمَّا ألزموه بتبديع عبد الكريم الحجوري؛ لأنه بدَّع عبد الرحمن العدني بأقل مِن ذلك، قال: "هب أنني أخطأت". فبالله عليكم، ما الفرق بين هذا وما يدنن حوله المشوري والغرباني والبرعي، إلا إذا كان الشيخ يريد التهرب مِن إلزامه تبديع عبد الكريم، والله المستعان. 
                              للتنزيل أو التصفح من هنا

خبر وفاة والدة أخينا العربي

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله المميت المحيي، والصلاة والسلام على رسوله خير الأنام، وعلى آله وصحبه الكرام.
أمَّا بَعْدُ 
فقد بلغني خبَر وفاة والدة أخينا الداعي إلى الله العربي بن الهلالي البسكري حفظه الله، وقد توفيت رحمها الله منتصف ليلة الثلاثاء 6 ربيع الآخر سنة 1441 هجري؛ لذا أرجو مِنَ الله تبارك وتعالى أن يرحمها، ويصبِّر ذويها. كما أوصي أخانا العربي بالصبر والإحتساب على هذا المصاب الجلل، فلله ما أخذ وله ما أعطى، وكُل شيءٍ عنده بأجلٍ مُسمى.

الاثنين، 11 نوفمبر 2019

الحق المستبين في نقض كلمة الشيخ الحطيبي حسين

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رَب العالمين والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين كالمبتدعة والحزبيين، وصلى الله على نبينا محمدٍ الصادق الأمين، وعلى آله وصحابته الغُر الميامين، أمَّا بَعْدُ:
 فهذا ردٌ ونقضُ لدفاعٍ هزيلٍ مِنَ الشيخ حُسين الحطيبي عن محمد بن حزامٍ البعداني يزعم أنه على خيرٍ ولا شيء يُنتقد عليه، وهو خلاف الواقع المشهود، وقد هرَع إلى المدح والثناء عليه، وكان أجدر به نصيحته له، فيما انتقدناه عليه سابقًا في "تنبيه النجباء"، ورجوعه عن تلك التقعيدات الباطلة التي شابه فيها أهل الأهواء، والتي لا تزال الدعوة السلفية تئنُ مِن وطأتها، ولكن قد قمتُ ـ بفضل الله تعالى ـ ببيان أنَّ هذا الدفاع لا ينفع عند الناظر البصير المتجرد مِن ذوق العواطف الهوجاء، والثابت أمام هزات عواصف الأهواء، وأسأل الله أن يهدي بهذا البيان مَن التبست عليه بعض تلك الخُدع، التي راج سوقها بين أوساط كثير مِن المُنتسبين إلى السُّنة، والله المستعان وعليه التكلان. للتنزيل أو التصفح من هنا

الخميس، 31 أكتوبر 2019

النزعة الحركية وأثرها على العقيدة الإسلامية

                                    بسم الله الرحمن الرحيم 
الحمد لله ولي المتقين، والصلاة والسلام على قائد الغُر المحجلين، وعلى آله وصحبه الميامين. 
أمَّا بَعْدُ،
فقد انتشر في أوساط المسلمين انتشار النار في الهشيم، ما يُسمى بالحركات الإسلامية والتي تستقي أفكارها مِنَ اليهود والنصارى، وغيرهم مِن أهل الكفر والضلال. كما أخبر بذلك الصادق المصدوق صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (لَتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ مَنْ قَبْلَكُمْ شِبْرًا بِشِبْرٍ، وَذِرَاعًا بذِرَاعٍ، حَتَّى لَوْ سَلَكُوا جُحْرَ ضَبٍّ لَسَلَكْتُمُوهُ)، قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ: اليَهُودَ، وَالنَّصَارَى قَالَ: (فَمَنْ؟).(1) وهي علامةٌ مِن علامات نبوته صلى الله عليه وعلى آله وسلم وظاهر دعوى هذه الجماعات، تحكيم الدين، وإرساء العدالة الاجتماعية. وباطنها السُّم الزعاف؛ الذي يرجِع على سلوك ومعتقد المسلم بالخزي والبوار. قال الله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ} [إبراهيم: 28]. وقد تستروا بدعوى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ كي يتسنى لهم الخروج على ولاة أمور المسلمين، ونشْر الفوضى في أوساطهم، وتعبئتهم ضد أوطانهم بشتى الوسائل. وفي هذا الصدد وقفْت على كلامٍ خطيرٍ جدًّا، لأحد المنظرين المتواجدين في الخارج، وبالضبط في بريطانيا. ألا وهو المدعو محمدًا العربي زيطوط، وإن كان الرجل لايصِّرح بانتمائه لهاته الحركات، لكنه يدعمها ويثني على رءؤسها. والمرء مع مَن أحب، كما أخبر بذلك رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم.(2) وقد وقفت له على ثلاث نقاطٍ، تضمنت باطلًا وقولًا على الله بغير علمٍ وجب التنبيه عليه. وإلى نقد ماحوت مِنَ المخالفة لمعتقد أهل السُّنة والجماعة. 
النقطة الأولى: ثناؤه على الإخواني صادقٍ الغرياني، ووصفه بأنه مِن أفقه وأعلم أهل الإسلام، في صفحته في الفيسبوك. ونقَل فتواه أنَّ مازاد على الحَجة والعمرة الواحدة حرامٌ؛ لأنَّ آل سعود يتقوون بذلك المال الذي ينفقه الحجاج والمعتمرون، وقال: "هي حرامٌ على رقبتي". اهـ يقصد مازاد على الحج والعمرة الواحدة. والناظر في هذه الفتوى، يجِد فيها مشاقةً لله ورسوله. فكيف يستحب الله تعالى، ما فوق الحَجة والعمرة الواحدة، وعلى قولٍ العمرة الأولى وغيرها مستحبٌّ. عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما قَالَ: خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ، كُتِبَ عَلَيْكُم الْحَجُّ)، فَقَامَ الْأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ فَقَالَ: أَفِي كُلِّ عَامٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَقَالَ: (لَوْ قُلْتُهَا لَوَجَبَتْ، وَلَوْ وَجَبَتْ لَمْ تَعْمَلُوا بِهَا، أَوَلَمْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْمَلُوا بِهَا الْحَجُّ مَرَّةً، فَمَنْ زَادَ فَهُوَ تَطَوُّعٌ).(3) ثُم يأتي لُكع ابن لُكعٍ، ويحرِّم ما أحل الله لعباده؛ بحجةٍ واهيةٍ، ولو كان بها أدنى متعلقٍ؛ لوجد أصله في الشريعة. وقد اعتمر رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم أربع مراتٍ، منها اثنتان ومكةُ تحت حُكم المشركين. عن أنسٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ  وَسَلَّمَ اعْتَمَرَ أَرْبَعَ عُمَرٍ، كُلُّهُنَّ فِي ذِي الْقَعْدَةِ إِلَّا الَّتِي مَعَ حَجَّتِهِ: عُمْرَةً مِنَ الْحُدَيْبِيَةِ- أَوْ زَمَنَ الْحُدَيْبِيَةِ- فِي ذِي الْقَعْدَةِ، وَعُمْرَةً مِنَ الْعَامِ الْمُقْبِلِ، فِي ذِي الْقَعْدَةِ، وَعُمْرَةً مِنَ الْجِعْرَانَةَ، حَيْثُ قَسَمَ غَنَائِمَ حُنَيْنٍ فِي ذِي الْقَعْدَةِ، وَعُمْرَةً مَعَ حَجَّتِهِ.(4) قال النووي رحمه الله في"شرح مسلمٍ"(ج8ص250ـ251) ط/ دار الفيحاء: "وفي الرواية الأخرى: (حجَّ حجَّة واحدةً واعتمر أربع عمرٍ) هذه رواية أنسٍ. وفي رواية ابن عمر: (أربع عمر إحداهنَّ في رجبٍ) (5) وأنكرت ذلك عائشة (6)، وقالت: لم يعتمر النبيُّ صلى الله عليه وسلم قطُّ في رجبٍ. فالحاصل مِن رواية أنسٍ وابن عمر اتفاقهما على أربع عمرٍ، وكانت إحداهنَّ في ذي القَعدة عام الحديبية سنة ستٍّ مِنَ الهجرة وصُدُّوا فيها، فتحلَّلوا وحُسبت لهم عمرةً. والثانية: في ذي القَعدة وهي سنة سبعٍ وهي عمرة القضاء. والثالثة: في ذي القَعدة سنة ثمانٍ وهي عام الفتح. والرابعة: مع حجته وكان إحرامها في ذي القَعدة وأعمالها في ذي الحجة. وأمَّا قول ابن عمر: (أنَّ إحداهنَّ في رجبٍ) فقد أنكرته عائشة وسكت ابن عمر حين أنكرته، قال العلماء: هذا يدلُّ على أنه اشتبه عليه أو نسي أو شكَّ ولهذا سكت عن الإنكار على عائشة ومراجعتها بالكلام، فهذا الذي ذكرته هو الصَّواب الذي يتعين المصير إليه". اهـ 
فكما تَرى، فقد اعتمر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم عمرتين ومكةَ بيد المشركين؛ فلو كان ذلك غير جائزٍ لاكتفى بعمرةٍ واحدةٍ. وكيف يقال هذا الكلام ومكةُ الآن بيد مسلمين، ينشرون توحيد الله، ويحاربون الشرك. وصاحب هذه المقالة على شفا حفرةٍ مِنَ الكفر، وكذا المقر لها؛ خاصة إذا بلغهما الدليل، والذي أوقعهما في ذلك هو التأويل الفاسد. وتذكرني هذه المقالة، بكلام رئيس حكومتنا السابق أحمد أويحيى: "فوائد صندوق النقد الدولي حلالٌ على رقبتي". اهـ يقصد بذلك الفوائد الربوية. وبالتالي يتضح أنَّ حال دعاة الإخوان المسلمين، أكثر سوءًا مِنَ الحكام الموجودين في بلادنا، وغيرها مِن بلدان المسلمين. لأنَّ هؤلاء الحكام معروفون عند القاصي والداني بجهلهم للشريعة، ولا يدَّعون تطبيقها، وأمَّا الإخوان فيستعطفون الناس بالعودة إلى الدين؛ فيسهل التلبيس عليهم. ومؤخرًا بفضل الله تعالى، ثُم الناصحين، بدأ يتضح أمرهم للمسلمين، وأنهم مجرد معاول هدمٍ، لعقائد ومعاملات المسلمين.
النقطة الثانية: قوله في كلمةٍ له في موقع يوتيوب،- ما معناها-: أنه لأجل إنجاح الحَراك في الجزائر؛ يجب إلغاء الفوارق العرقية واللسانية والدينية. وقد جاء الشرع بإلغاء الفوارق العرقية واللسانية، قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} [الحجرات: 13]. وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِنَّ اللَّه لَا يَنْظُر إِلَى صُوَرِكُمْ، وَأَمْوَالِكُمْ وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ وَأَعْمَالِكُمْ).(7) وعن أبي نضرة رضي الله عنه قال: "حَدَّثَنِي مَنْ سَمِعَ خُطْبَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي وَسَطِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ فَقَالَ: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ، أَلَا إِنَّ رَبَّكُمْ وَاحِدٌ، وَإِنَّ أَبَاكُمْ وَاحِدٌ، أَلَا لَا فَضْلَ لِعَرَبِيٍّ عَلَى أَعْجَمِيٍّ وَلَا لِعَجَمِيٍّ عَلَى عَرَبِيٍّ، وَلَا لِأَحْمَرَ عَلَى أَسْوَدَ وَلَا أَسْوَدَ، عَلَى أَحْمَرَ إِلَّا بِالتَّقْوَى، أَبَلَّغْتُ؟) قَالُوا: بَلَّغَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ قَالَ: (أَيُّ يَوْمٍ هَذَا؟) قَالُوا: يَوْمٌ حَرَامٌ. ثُمَّ قَالَ: (أَيُّ شَهْرٍ هَذَا؟) قَالُوا: شَهْرٌ حَرَامٌ، ثُمَّ قَالَ: (أَيُّ بَلَدٍ هَذَا؟) قَالُوا: بَلَدٌ حَرَامٌ، قَالَ: (فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ حَرَّمَ بَيْنَكُمْ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ،- قَالَ: وَلَا أَدْرِي قَالَ: أوَأَعْرَاضَكُمْ أَمْ لَاـ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِي شَهْرِكُمْ، هَذَا فِي بَلَدِكُمْ هَذَا، أَبَلَّغْتُ؟) قَالُوا: بَلَّغَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (لِيُبَلِّغْ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ)(8)
وأمَّا الفوارق الشرعية، فقد أثبتها الشارع، قال الله تعالى: {أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ} : 28]. وقال تعالى: {أَفَمَن كَانَ مُؤْمِنًا كَمَن كَانَ فَاسِقًا ۚ لَّا يَسْتَوُونَ[السجدة: 18]. وقال تعالى:{أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ} [القلم: 35]. وقال تعالى: {أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَن نَّجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَّحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ ۚ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ[الجاثية: 21]. قال ابن كثيرٍ رحمه الله في تفسيره (ج7ص171) ط/دار ابن الجوزي: "يقول تعالى: لا يستوي المؤمنون والكافرون، كما قال: {لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ ۚ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُونَ[الحشر: 20]، وقال هاهنا: {أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِأي: عملوها وكسبوها {أَن نَّجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَّحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ} أي: نساويهم بهم في الدنيا والآخرة! {سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ} أي: ساء ما ظنوا بنا وبعدلنا أن نساوي بين الأبرار والفجار في الدار الآخرة، وفي هذه الدار". اهـ 
ورتَّب تعالى على ذلك أحكامًا فقال: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّىٰ يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ[التوبة: 29]. قال ابن كثيرٍ رحمه الله في تفسيرها (ج4 ص85): "... فلهذا لا يجوز إعزاز أهل الذمة ولا رفعهم على المسلمين، بل هم أذلاءٌ صغرةٌ أشقياءٌ، كما جاء في صحيح مسلمٍ، عن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تَبْدَؤُوا اليَهُودَ ولا النَّصارَى بالسَّلامِ، فإذا لَقِيتُمْ أحَدَهُمْ في طَرِيقٍ، فاضْطَرُّوهُ إلى أضْيَقِهِ).(9) ولهذا اشترط عليهم أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه تلك الشروط المعروفة في إذلالهم وتصغيرهم وتحقيرهم، وذلك ممَّا رواه الأئمة الحفاظ، مِن رواية عبد الرحمن بن غنمٍ الأشعري قال: "كتبت لعمر بن الخطاب رضي الله عنه حين صالح نصارى مِن أهل الشام: بسم الله الرحمن الرحيم، هذا كتابٌ لعبد الله عمر أمير المؤمنين مِن نصارى مدينة كذا وكذا، إنكم لما قدمتم علينا سألناكم الأمان لأنفسنا وذرارينا وأموالنا وأهل ملتنا وشرطنا لكم على أنفسنا ألا نحدث في مدينتنا ولا فيما حولها ديرًا ولا كنيسةً، ولا قلايةً ولا صومعة راهبٍ، ولا نجدد ما خرِب منها، ولا نحيي منها ما كان خططًا للمسلمين، وألا نمنع كنائسنا أن ينزلها أحدٌ مِنَ المسلمين في ليلٍ ولا نهارٍ، وأن نوسع أبوابها للمارة وابن السبيل، وأن ينزل مَن مر بنا مِنَ المسلمين ثلاثة أيامٍ نطعمهم، ولا نئوي في كنائسنا ولا منازلنا جاسوسًا  ولا نكتم غشًّا للمسلمين، ولا نعلم أولادنا القرآن، ولا نظهر شركًا، ولا ندعو إليه أحدًا ولا نمنع أحدًا مِن ذوي قرابتنا الدخول في الإسلام إن أرادوه، وأن نوقر المسلمين  وأن نقوم لهم مِن مجالسنا إن أرادوا الجلوس، ولا نتشبه بهم في شيءٍ مِن ملابسهم في قلنسوةٍ، ولا عمامةٍ، ولا نعلين، ولا فرق شعرٍ، ولا نتكلم بكلامهم، ولا نكتني بكناهم، ولا نركب السروج، ولا نتقلد السيوف، ولا نتخذ شيئًا مِنَ السلاح، ولا نحمله معنا، ولا ننقش خواتيمنا بالعربية، ولا نبيع الخمور، وأن نجُز مقاديم رءوسنا، وأن نلزم زينا حيثما كنا، وأن نشد الزنانير على أوساطنا، وألا نظهر الصليب على كنائسنا وألا نظهر صلبنا ولا كتبنا في شيءٍ مِن طرق المسلمين ولا أسواقهم، ولا نضرب نواقيسنا في كنائسنا إلا ضربًا خفيفًا، وألا نرفع أصواتنا بالقراءة في كنائسنا في شيءٍ مِن حضرة المسلمين، ولا نخرج شعانين ولا باعوثًا، ولا نرفع أصواتنا مع موتانا، ولا نظهر النيران معهم في شيءٍ مِن طرق المسلمين ولا أسواقهم، ولا نجاورهم بموتانا ولا نتخذ مِنَ الرقيق ما جرى عليه سهام المسلمين، وأن نرشد المسلمين، ولا نطلع عليهم في منازلهم. قال: فلما أتيت عمر بالكتاب، زاد فيه: ولا نضرب أحدًا مِنَ المسلمين، شرطنا لكم ذلك على أنفسنا وأهل ملتنا، وقبلنا عليه الأمان، فإن نحن خالفنا في شيءٍ ممَّا شرطناه لكم وَوَظَفْنا على أنفسنا، فلا ذمة لنا، وقد حل لكم منا ما يحل مِن أهل المعاندة والشقاق". اهـ
ثُم يأتي هذا المعتوه ويريد أن يسوي بين المسلم والكافر، سبحانك هذا بهتان عظيم. وقد شارك منشورًا في فيسبوك، لأحد السفهاء، ذهَب فيه صاحبه إلى أنَّ غلق الحكومة لكنيسةٍ في ولاية تيزي وزو، واعتقال مَن يقوم بالتنصير، ليست بقضيتنا. فإذا كنت محاربة الكفر أمرٌ لا يعنينا ولا يهمنا؛ فعلى عقائدنا السلام!. وهؤلاء الخوارج لا بارك الله فيهم، كلَّما وجدوا سيئةً أشاعوها، وكلَّما راءوا حسنةً طمسوها. فلا حول ولا قُوة إلا بالله العلي العظيم. 
النقطة الثالثة: كتَب في صفحته في فيسبوك، أنَّ الزحف إلى العاصمة للتظاهر فيها واجبٌ لمن استطاع إليه سبيلًا. وبالتالي فقد جمَع بين إقرار تحريم ما أحل الله، وإيجاب ما لم يوجبه الله بل حرمه!. فمن المعلوم حرمة هاته المظاهرات؛ لما فيها مِن خروجٍ على ولاة أمور المسلمين، وتقليدٍ للكفار، ومنكرات كالتبرج والاختلاط والسرقة والإفساد. وقد تصدى أهل العلم لمن يروِّج لها؛ وكتبوا في ذلك الرسائل وأصدروا الفتاوى، وهذه بعض مقالتهم وفتاواهم.
1- فتوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء: الفتوى رقم (19936): "السؤال: مَر بعضٌ مِنَ الأعوام في مدينتنا مظاهراتٌ، وكانت تلك المظاهرات مصحوبةً بتخريب المؤسسات والشركات، فكانوا يأخذون كُل شيءٍ في المؤسسات وأنا أيضًا شاركت في تلك المظاهرات، وأخذت مِن بعض المؤسسات كتبًا ومصحفًا، وحينما التزمت عرفت أنَّ ذلك لا يجوز، وأريد مِن سماحتك أن تفيدني بماذا أفعل بهذه الكتب وخاصةً المصحف؟ وشكرًا، وجزاكم الله خيرًا. الجواب: يجب عليك أن ترد ما أخذته مِن أشياءٍ بغير حقٍّ، ولا يجوز لك تملكه أو الانتفاع به، فإن عرفت أصحابه وجب رده إليهم  وإن لم تعرف أصحابه ولم تستطع التوصل إليهم فإنك تتخلص منه بجعل هذه الكتب والمصاحف في مكانٍ يستفاد منه كمكتبات المساجد أو المسجد أو المكتبات العامة ونحو ذلك، ويجِب عليك التوبة النصوح، وعدم العودة لمثل هذا العمل السيء، مع التوجه لله سبحانه وحده، والاشتغال بطاعته، والتزود مِن نوافل العبادة، وكثرة الاستغفار؛ لعل الله أن يعفو عنك، ويقبل توبتك، ويختم لك بصالح أعمالك، كما ننصحك وكُل مسلمٍ ومسلمةٍ بالابتعاد عن هذه المظاهرات الغوغائية التي لا تحترم مالًا ولا نفسًا ولا عرضًا، ولا تمت إلى الإسلام بصلةٍ، ليسلَم للمسلم دينه ودنياه، ويأمن على نفسه وعرضه وماله. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم". اهـ 
الأعضاء: الشيخ بكر بن أبو زيدٍ، والشيخ الفوزان، والشيخ عبد الله غديان. نائب الرئيس: الشيخ عبد العزيز آل الشيخ. الرئيس: سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن بازٍ.
2- فتوى الشيخ عبد العزيز بن بازٍ رحمه الله: "السؤال: هل المظاهرات الرجالية والنسائية ضد الحكام والولاة، تعتبر وسيلة مِن وسائل الدعوة؟، وهل مَن يموت فيها يعتبر شهيدًا؟. الجواب: لا أرى المظاهرات النسائية والرجالية مِنَ العلاج، ولكني أرى أنها مِن أسباب الفتن، ومِن أسباب الشرور، ومِن أسباب ظلم بعض الناس، والتعدي على بعض الناس بغير حقٍّ ولكن الأسباب الشرعية المكاتبة والنصيحة، والدَّعوة إلى الخير بالطرق السليمة الطرق التي سلكها أهل العلم، وسلكها أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وأتباعهم بإحسانٍ بالمكاتبة والمشافهة مع الأمير ومع السلطان والاتصال به، و مناصحته والمكاتبة له دون التشهير في المنابر وغيرها بأنه فعَل كذا وصار منه كذا، والله المستعان". وقال أيضًا رحمه الله: "فالأسلوب الحسن مِن َأعظم الوسائل لقبول الحق؛ والأسلوب السيئ العنيف مِن أخطر الوسائل في رد الحق، وعدم قبوله أو إثارة القلاقل والظلم والعدوان والمضاربات. ويلحق بهذا الباب ما يفعله بعض الناس مِنَ المظاهرات التي تسبب شرًا عظيمًا على الدُّعاة، فالمسيرات في الشوارع والهتافات والمظاهرات ليست هي الطريق للإصلاح والدعوة، فالطريق الصحيح بالزيارة والمكاتبة هي أحسن فتنصح الرئيس والأمير وشيخ القبيلة بهذا الطريق لا بالعنف والمظاهرة، فالنبي صلى الله عليه وسلم مكَث في مكة ثلاث عشرة سنةً لم يستعمل المظاهرات ولا المسيرات ولم يهدد الناس بتخريب أموالهم واغتيالهم. ولا شك أنَّ هذا الأسلوب يضر بالدعوة والدعاة، ويمنع انتشارها ويحمل الرؤساء والكبار على معاداتها و مضادتها بكل ممْكنٍ فهم يريدون الخير بهذا الأسلوب ولكن يحصل به ضده، فكون الداعي إلى الله يسلك مسلك الرسل وأتباعهم ولوطالت المدة أولى به مِن عملٍ يضر بالدعوة ويضايقها، أو يقضي عليها، ولا حول ولا قوة إلا بالله". (10) اهـ
3- رَد الإمام محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله على المتظاهرين في استدلالهم: بحديث (ما أنت بمنتهٍ يا عمر؟!) رقم (6531) مِنَ "الضعيفة" وفيه: فأخرجناه في صفين، حمزة في أحدهما وأنا في الآخر، له كديدٌ ككديد الطحين حتى دخلنا المسجد فنظرت إلى قريشٍ وإلى حمزة، فأصابتهم كآبةٌ لم يصبهم مثلها ... وهو حديث منكرٌ. فيه إسحاق ابن أبي  فروة وهومتروكٌ.   
وفيه قال الألباني: "ولعل ذلك كان السبب أو مِن أسباب استدلال بعض إخواننا الدعاة على شرعية "المظاهرات" المعروفة اليوم، وأنها كانت مِن أساليب النبي صلى الله عليه وسلم في الدعوة! ولا تزال بعض الجماعات الإسلامية تتظاهر بها، غافلين عن كونها مِن عادات الكفار وأساليبهم التي تتناسب مع زعمهم أنَّ الحكم للشعب، وتتنافى مع قوله صلى الله عليه وسلم: (خير الهدى هدى محمدٍ صلى الله عليه وسلم). أقول: فالمظاهرات منبثقةٌ مِن رحم الديمقراطية، وهي وسيلةٌ مِن وسائل تطبيقها، وهذا يفسِّر تلك الشعارات المشبوهة التي ترفع في هذه المظاهرات مثل الحرية والمساواة والعدالة الإجتماعية وتداول السلطة وغيرها، مع التأكيد على الديمقراطية أولًا وأخيرًا فكيف يصح وصف هذه المهاترات بالمباركة مِن بعض الغلاة في الحاكمية ؟ وما هذا إلا بمنزلة مَن يزيل نجاسةً بأخرى أعظم منها". اهـ
4- فتوى فضيلة الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله: "السؤال: ابتلينا في بلادنا بمن يرى بجواز المظاهرات في إنكار المنكر، فإذا رأوا منكرًا معينًا تجمعوا وعملوا مظاهرة ويحتجون أنَّ ولي الأمر يسمح لهم بمثل هذه الأمور؟ الشيخ: أولا: إنَّ المظاهرات لا تفيد بلا شكٍّ، بل هي فتح بابٍ للشر والفوضى، فهذه الأفواج ربَّما تمر على الدكاكين وعلى الأشياء التي تُسرق وتَسرق، وربَّما يكون فيها اختلاطٌ بين الشباب المردان والكهل، وربَّما يكون فيها نساءٌ أحيانًا فهي منكرٌ ولا خير فيها، ولكن ذكَروا لي أنَّ بعض البلاد النصرانية الغربية لا يمكن الحصول على الحق إلا بالمظاهرات، والنصارى والغربيون إذا أرادوا أن يفحموا الخصومة تظاهروا فإذا كان مستعملًا وهذه بلاد كفارٍ ولا يرون بها بأسًا ولا يصل المسلم إلى حقه أو المسلمون إلى حقهم إلا بهذا فأرجو ألا يكون به بأسٌ، أمَّا في البلاد الإسلامية فأرى أنها حرامٌ ولا تجوز، وأتعجب مِن بعض الحكام إن كان كما قلت حقًّا أنه يأذن فيها مع ما فيها مِنَ الفوضى، ما الفائدة منها، نعم ربَّما يكون بعض الحكام يريد أمرًا إذا فعله انتقده الغرب مثلًا وهو يداهن الغرب ويحابي الغرب، فيأذن للشعب أن يتظاهر حتى يقول للغربيين: "انظروا إلى الشعب تظاهروا يريدون كذا، أو تظاهروا لا يريدون كذا"، فهذه ربَّما تكون وسيلةً لغيرها ينظر فيها، هل مصالحها أكثر أم مفاسدها؟. السائل: كذا منكرٌ حصَل، فعملت المظاهرة فنفع. الشيخ: لكنها تضر أكثر، وإن نفعت هذه المرة ضرت المرة الثانية". اهـ (11)  
سؤالٌ آخر: "بالنسبة إذا كان حاكمٌ يحكُم بغير ما أنزل الله ثُم سمح لبعض الناس أن يعملوا مظاهرةً تسمى عصامية مع ضوابط يضعها الحاكم نفسه ويمضي هؤلاء الناس على هذا الفعل، وإذا أنكِر عليهم هذا الفعل، قالوا: نحن ما عارضنا الحاكم ونفعَل برأي الحاكم، هل يجوز هذا شرعًا مع وجود مخالفة النص؟" الجواب: "عليك بإتباع السَّلف، إن كان هذا موجودًا عند السلف فهو خيرٌ، وإن لم يكن موجوداً فهو شرٌّ، ولا شك أنَّ المظاهرات شرٌّ؛ لأنها تؤدي إلى الفوضى مِنَ المتظاهرين ومِن الآخرين  وربَّما يحصل فيها اعتداءٌ؛ إمَّا على الأعراض، وإمَّا على الأموال، وإمَّا على الأبدان لأنَّ الناس في خضم هذه الفوضوية قد يكون الإنسان كالسكران لا يدري ما يقول ولا ما يفعل، فالمظاهرات كلها شرٌّ سواء أذَن فيها الحاكم أو لم يأذن. وإذن بعض الحكام بها ما هي إلا دعايةٌ، وإلا لو رجعت إلى ما في قلبه لكان يكرهها أشد كراهةٍ، لكن يتظاهر بأنه كما يقول: ديمقراطي وأنه قد فتَح باب الحرية للناس، وهذا ليس مِن طريقة السلف".اهـ (12)
5- فتوى الشيخ مقبل بن هادي الوادعي  رحمه الله : "السؤال: ما حكم المظاهرات في الإسلام؟ ألها أصلٌ شرعيٌّ أم أنها بدعةٌ اقتبسها المسلمون مِن أعداء الإسلام؟ الجواب: "لا، هي بدعة ٌوقد تكلمنا على هذا في مقدمة "الإلحـاد الخميني في أرض الحرمين" وذكرنا أنَّ الآيات القرآنية تدل على أنَّ التظاهر يكون على الشر، وهناك آيةٌ وهي قوله تعالى: {وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ} (13) هي نعرةٌ جاهليةٌ اقتدى المسلمون بأعداء الإسلام، وصدق الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم إذ يقول: (لتتبعن سَنن مَن كان قبلكم حذو القذة حتى لو دخلوا جحر ضبٍّ لدخلتموه) . وإنني أحمد الله سبحانه وتعالى فما تجد سنيًّا يحمِل لواء هذه المظاهرة، ولا يدعو إلى هذه المظاهرات إلا الهمج الرعاع، وماذا يستفيد المجتمع ؟ فالعراق يقصف بالطائرات والمظاهرات في شوارع اليمن أو غيره، ولقد أحسن محمد بن سالمٍ البيحاني إذ يقول: 
        هيهات لا ينفع التصفيق ممتلأً      به الفضاء ولا صوت الهُتَافَـات 
        فَلْيَحْيَ أو فليمت لا يستقيم بها      شعبٌ ولا يسقط الجبار والعاتي 
        يا أسكت الله أفواهًا تصيح لــه      فكـم بُلينـا بِتَصْفِيْــقٍ وأصــوات 
        وكم خطيبٍ سمعنا وهو مندفعٌ      ومــا لــه أثـــر مـــاضٍ ولا آت".(14) اهـ 
وقال أيضًا: "والمظاهرات طاغوتيةٌ في شوارع صنعاء فو الله لقد أهانوا الإسلام".(15) اهـ 
وقال أيضًا: "ينبغي أن تعلم أنَّ التظاهر بهذه الكيفية ليس إسلاميًا، فلا نعلمه ورد عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أن يَخرج جماعةً يهتفوا بشعارٍ واحدٍ، وليس إلا تقليدًا لأعداء الإسلام وتشبهًا بهم، والرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: (مَنْ تشبَّهَ بِقَومٍ فَهُوَ مِنْهُمْ)".(16) اهـ وقال أيضًا: "أمَّا التمكين فالنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان يَمر بالصاحب مِن أصحابه يُضْرَبُ ويأمره بالصبر، ولا يَخرج النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ولا أصحابه مظاهرةً مِن هذه المظاهرات الجاهلية".(17) اهـ .
وختامًا أريد أن أنبه على أنه منذ بداية هذا الحَراك المشئوم، انصرف كثيرٌ مِنَ الناس إلى حفظ مواد الدستور والعمل بها، وكان عليهم أن يحفظوا كتاب رَبهم، وسنَّة نبيهم صلى الله عليه وعلى آله وسلم. وأصبح هذا الحَراك- الذي لا بارك الله فيه- يُسمى عنهم مباركًا، وكيف تكون البركة في خلاف ما شرع الله لعباده. {فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَٰكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ[الحج: 46]. وبهذا اختلت كثيرٌ مِن عقائد الناس؛ فأمورٌ مِنَ المفروض أن يكفروا بها، أصبحوا ينادون بها. والله تعالى يقول: {فَمَن يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىٰ لَا انفِصَامَ لَهَا ۗ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}[البقرة:256]. وقال: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَالآية [النحل: 36]. وبهذا يتضح زيف كثيرٍ مِنَ الدعوات البراقة كالدعوة إلى الدولة المدنية، والعدالة الاجتماعية، والرُقي والتحضر. وأنها مِن باب دَس السم في الدسم، كفانا الله وإياكم شرها، {وَمَن يَعْتَصِم بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ} [آل عمران: 101]. والحمد لله رَب العالمين.
                      تم الفراغ منه 2 ربيع الأول 1441 هجري
                       كتبه أبو عبد الله إبراهيم بن خالدٍ التبسي    
                                في الرباح وادي سوف

والمقال بصيغة bdf من هنا


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1أخرجه البخاري- فتحٌ- (ج2ـ 4356)، و(ج13ـ 7320) واللفظ له. ومسلمٌ- نووي- (ج16ـ 2669)، مِن حديث أبي سعيدٍ الخذري رضي الله عنه وأخرجه البخاري- فتحٌ- (ج13ـ 7319)، مِن حديث أبي هريرة رضي الله عنه وفيه: فارسٌ والروم بدل الهود والنصارى. 

أخرجه البخاري- فتحٌ- (ج7ـ 3688)، و(ج10ـ 6167ـ 6171)، و(ج13ـ 7153)، ومسلمٌ- نووي- (ج16ـ 2639)، مِن حديث أنس بن مالكِ رضي الله عنه وأخرجه البخاري- فتحٌ- (ج10ـ 6168ـ 6169)، ومسلمٌ- نووي- (ج16ـ 2640)، مِن حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه وأخرجه البخاري- فتحٌ- (ج10ـ6170)، مِن حديث أبي موس الاشعري رضي الله عنه. 

3 أخرجه أحمد (2304ـ 2642) ط/ بيت الأفكار الدولية، من طريق سليمان بن كثير الواسطي، عن الزهري وهو ضعيفٌ فيه. وأخرجه أحمد (3303) اللفظ له، وأبو داود (1721)، وابن ماجة (2886)، مِن طريق سفيان بن حسينٍ، وهو ضعيفٌ في الزهري أيضًا، وتابعهما محمد بن أبي حفصة، وزمعة بن صالحٍ عند أحمد (3510ـ 3520). وأخرجه النسائي (2620) ط/ مكتب المطبوعات الإسلامية، وفي إسناده: موسى بن سلَمة المصري مجهول حالٍ، وهو صحيحٌ بمجموع طرقه. وقد أخطأ الشيخ محمد بن حزامٍ في "فتح العلام" (ج2 ص 790) ط/مكتبة ابن تيمية، في تصحيح إسناده؛ لأنَّ كُل طرقه لا تخلوا مِن ضعفٍ. وصححه العلامة الوادعي رحمه الله في "الجامع الصحيح" (ج2 ص381) ط/ دار الآثار، وأصله في مسلمٍ- نووي- (ج9ـ 1337)، مِن حديث أبي هريرة رضي الله عنه. 

أخرجه البخاري- فتحٌ- (ج3ـ 1778ـ 1779ـ 1780)، و(ج6ـ 3066) مختصرًا، و(ج7ـ 4148)، ومسلمٌ- نووي- (ج8ـ 1253). 

5 أخرجها البخاري- فتحٌ- (ج3ـ 1775)، و(ج7ـ 4243).

أخرجها البخاري- فتحٌ- (ج3ـ 1776ـ 1777)، و(ج7ـ 4254)، ومسلمٌ- نووي- (ج8ـ 1255).

7 أخرجه مسلمٌ- نووي- (ج16ـ 2564ـ 34).

أخرجه أحمد (23885)، بإسنادٍ صحيحٍ. وأخرجه البزار- كشفٌ- (3583)، مِن طريق جعفر بن سليمانٍ الضُبعي، عن الجريري، عن أبي نضرة، عن أبي سعيدٍ رضي الله عنه. وقال البزار"ولا نعلمه يروى عن أبي سعيد إلا من هذا الوجه". اهـ وجعفر حسن الحديث، وله شاهدٌ عند أحمد (21736)، في إسناده محمد بن سليمٍ الراسبي ضعيفٌ، ولفظه: (انظر فإنك لست بخیرٍ مِن أحمر ولا أسود إلا أن تفضله بتقوى). والحديث صححه العلامة الوادعي رحمه الله في "الجامع الصحيح" (ج6 ص156ـ157).

9 نوويٌّ (ج14ـ2167).

10 مجموع فتاوى ابن بازٍ (ج27 ص164) بعناية الشويعر.

11 لقاء الباب المفتوح (203).

12 لقاء الباب المفتوح (179).

13 التحريم: 4. 

14 غارة الاشرطة (ج2 ص451) ط/ دار الحرمين.

15 غارة الاشرطة (ج2 ص452). 

16 الإلحاد الخميني في أرض الحرمين (ص57).

17 غارة الاشرطة (ج1 ص224).

الثلاثاء، 1 أكتوبر 2019

النكت المليحة على القصيدة المسماة بالنصيحة

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أمَّا بعدُ: فهذه أبياتٌ شعريةٌ منهجيةٌ بعيدةُ الغوْر تُثلج صدر كُل سلفيٍّ ثابتٍ على الحق لشيخنا المجاهد سعيد بن دعاسٍ ـ رحمه الله ـ فقمتُ ــ بعون الله وتوفيقه ــ، بإخراجها مِن الرف إلى الكف، مع التعليق عليها ببعض التعليقات المختصرة، رجاء التقريب لمضمونها، والإفصاح عن مكنونها، لا سيما وهي تتكلم عن أمرٍ عظيمٍ في دين الله ألا وهو (النصيحة). فأسأل الله تعالى بمنه وكرمه أن ينفع المسلمين بها وبسائر كتبه ـ رحمه الله ـ ومؤلفاته ومسموعاته، والحمد لله رب العالمين. 
للتنزيل أو التصفح من هنا

الأربعاء، 29 مايو 2019

موقف أهل السنة والإيمان من منهج الخروج ودعاة الفتن والعصيان

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله حق حمده والصلاة والسلام على  نبيه وعبده، وعلى آله وصحبه. 
وَبَعْدُ:
فهذه قطوفٌ سلفيةٌ، وحروفٌ مختصرةٌ أثريةٌ، كتبتُها رجاء الثواب مِنَ رَب البرية سبحانه، فيها ما يجد طالب الحق بغيته، وأسأل الله تعالى أن تكون حُجة للمستيقن، وهداية للمسترشد، وسيفًا مُصلتًا على الخوارج ودعاة التكفير والتفجير.
وما دوناه هنا على اختصاره فهو كافٍ- إن شاء الله- لمن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأمَّا مَنِ انتكست فطرهم وقويت عليهم الشبهات، ولم تَعظم نصوص الوحيين في أعينهم، فما لنا إلا أن ندعو بدعاء الراسخين في العلم، قائلين:{رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ َهَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ} [آل عمران: 8]. والله المستعان، عليه التكلان.
للتصفح أو التنزيل من هنا

الثلاثاء، 28 مايو 2019

القطر في أحكام زكاة الفطر

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله فاطر السموات والأرض، وجاعل الظلمات والنور، والصلاة والسلام على نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه وسلَّم.
أَمَّا بَعْدُ
فإني أحمد الله تعالى على توفيقه وإحسانه، وعظيم كرمه وامتنانه. الحمد لله على ما رزَق ووفَّق، وممَّا وفقني له هو النصح للمسلمين والمسلمات، في أمور دينهم. وفي هذا الصدد أقدم لإخواني هذا العمل المتواضع المتمثل في: دراسةٍ فقهيةٍ وحديثيةٍ لمسألة زكاة الفطر. راجيًا مِنَ المولى تقبُل هذا العمل، وانتفاع الناس به، وكذا تعظيم ومضاعفة الأجر لكل مَن ساعدني في إتمامه. فهو حسبي ونعم الوكيل.
للتنزيل أوالتصفح من هنا

القدح المعلى

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، رافع السموات بلا عمدٍ، مُنزل الخيرات والمدد، والصلاة والسلام على خير الخلق أجمعين، محمدٍ الأمين، وعلى آله وصحبه الطيبين الخييرين. 
أمَّا بَعْدُ
فهذا تمحيصٌ لحال الرواة الذين حكمَ عليهم ابن حزمٍ ـ رحمه الله ـ بالجهالة، في كتابه "المُحلى". تضمنت دراسة أكثر مِن ثلاثمائة وأربعين ترجمةً، أسأل الله تعالى أن يدخرها لي، يوم لا ينفع مالٌ ولا بنونٌ، إلا مَن أتى الله بقلبٍ سليمٍ.
للتنزيل أو التصفح من هنا 

الخميس، 23 مايو 2019

نشر المعلومة في نقد توبة أهل الأهواء المزعومة

 بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبَعْدُ:  
فهذه مناقشةٌ مختصرةٌ لتوبة أهل الأهواء والبدع المزعومة، والتي يتسترون بها في الغالب مِن صولة أهل السُّنة، فتجد المبتدع ربَّما يُظهر التوبة، لا أنه يعتقدها دينًا مفروضًا عليه، لا وإنما يتظاهر بالتوبة والرجوع لكي يستطيع إنفاذ مآربه الفاسدة، لأنَّ الناس الذين سلِمت فطرتهم ينفرون مِنَ المبتدعة، ولاسيما إذا حذَّر منهم أهل العلم السلفيين ولما كان الأمر بهذه المثابة، كتبتُ هذه الأسطر رجاءً مِنَ الله تعالى أن يأجرني خيرًا مِن نيتي، وأسميتها: (نشر المعلومة في نقد توبة أهل الأهواء المزعومة)، أسأل الله أن ينفع بها كل مَن ضلَّ عن الحق، والله الموفق لا رب سواه. للتنزيل أو التصفح من هنا

الأحد، 19 مايو 2019

إرشاد العاقل إلى أن تغير الحجوري حاصل

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي أمَر بالقسط، ونهانا عن الغَمط، ويسَّر لنا سبُل معرفة الحق، والصلاة والسلام على نبيه الخاتم، خير ولد آدم، وعلى آله وصحبه وسلم.
أمَّا بَعْدُ
فقد وقَفت على كلمةٍ، في تطبيق تيليجرام للمدعو خالد بن عبودٍ الحضرمي. خاض فيها بالباطل كعادته؛ فأزبد وأرعد وتعصب وقلَّد. يدور موضوعها على ما انتقد على الشيخ يحيى ـ وفقه الله ـ مِن استقباله للحسن بن أبي الحسن السليماني المأربي.
وذكَرأنَّ استقبال الشيخ له مِن باب المسايسة، وأنَّ الشيخ في حالة ضُعفٍ، وموقفه منه ومِن أبيه معروفٌ. وذهَب يفند اتخاذ ذلك ذريعةً؛ للطعن في الشيخ. وقَبل البدء في الرد عليه، أذكِّر أنَّ كلامي هذا موجهٌ لمن له عقلٌ، كما يظهَر في العنوان. أمَّا مَن استبدل عقله بعقل غيره،وأصبح يفكر بما يراه، مِن دون عرض أفكاره على الكتاب والسُّنة؛ فلن يزيده كلامي هذا إلا وهنًا. لأنَّ المعرض عن الحق لا يستفيد منه، كما أخبر بذلك الله تعالى: {وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَىٰ رِجْسِهِمْ وَمَاتُوا وَهُمْ كَافِرُونَ } [التوبة: 125]. قال ابن كثيرٍ ـ رحمه الله تعالى ـ في تفسيرها (ج3ص 153) ط/ دار ابن الجوزي: "أي: زادتهم شكَّا إلى شكهم، وريبًا إلى ريبهم، كما قال تعالى : {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ ۙ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا} [ الإسراء: 82 ]. وقال تعالى : {قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ ۖ وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى ۚ أُولَٰئِكَ يُنَادَوْنَ مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ} [ فصلت: 44 ]. وهذا مِن جملة شقائهم أنَّ ما يهدي القلوب يكون سببًا لضلالهم ودمارهم، كما أنَّ سيئ المزاج لو غُذي بما غذي به لا يزيده إلا خبالًا ونقصًا". اهـ وإلى بيان الموقف الشرعي مِن أهل الأهواء؛ كي تقوم الحجة، وتتضح المحجة.
الموقف الشرعي مِن أهل البدع والاهواء
اعلم أخي القارئ، أنَّ لسلفنا الصالح موقفًا ثابتًا مِن أهل الأهواء والبدع، يتمثل في الهجر والزجر والتوبيخ . وهناك استثناءاتٌ وضعها الشارع؛ لأهدافٍ ومصالح عظيمةٍ، كأن يكون صاحب الهوى ذا سلطانٍ وقوةٍ؛ فيجوز مداراته لمصلحة الدين والنفس، قال الله تعالى : {إِلَّا أَن تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً} الآية [آل عمران: 28]. أو يكون أحد الوالدين، قال تعالى : {وَإِن جَاهَدَاكَ عَلَىٰ أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا ۖ وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا ۖ وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ۚ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} [لقمان: 15]. ويجوز نصح ومناظرة أهل البدع، عملًا بقوله تعالى : {ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ۖ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} الآية [النحل: 125]. وقوله تعالى: {وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}الآية [العنكبو: 46]. ويكون ذلك ممَن وجَد مِن نفسه قوةً، حتى يدحَض شبهاتهم؛ فيتوب الله على مَن شاء، وتقوم الحجة، وتتضح المحجة، وينجي الله مَن شاء مِن عباده. أمَّا الذي لا يجِد مِن نفسه قوةً مِن أهل العلم فلا يقدِم على ذلك. وقد ناظر عثمان بن سعيدٍ الدارمي ـ رحمه الله ـ بشر المريسي، وناظر شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ على الشبهات التي أثيرت على رسالته العقيدة الواسطية، بعض علماء عصره، فنصره الله عليهم؛ وعَم بذلك الخير، ورفرت راية العقيدة السَّلفية عاليًا.
ذكر بعض أدلة الكتاب والسُّنة وعمل السلف في التحذيرمِن أهل البدع وهجرهم
 وإليك الأدلة مِنَ الكتاب والسُّنة وعمل السَّلف، في التحذير مِن أهل الأهواء، والبعد عنهم وزجرهم. قال الله تعالى : {وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنصَرُونَ } [هود: 113]. عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قَاَلَتْ تَلَا رَسُولُ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ {هُوَ الَّذِي أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ ۖ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ ۗ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ ۗ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا ۗ وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ} [آل عمران: 7]. قَالَتْ: قَالَ: رَسُولُ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ :(إِذَا رَأَيْتُمْ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ سَمَّى اللَّهُ فَاحْذَرُوهُمْ)، أخرجه البخاري ـ فتح ـ (ج8ـ 4547)، ومسلمٌ ـ نووي ـ (ج16ـ 2665)، واللفظ له. وعن أبي الدهماء، قال: سمِعت عمران بن حصينٍ، يحدِّث قال: سمِعت رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: (مَنْ سَمِعَ بِالدَّجَّالِ فَلْيَنْأَ عَنْهُ ، فَوَاللَّهِ إِنَّ الرَّجُلَ لَيَأْتِيهِ وَهُوَ يَحْسِبُ أَنَّهُ مُؤْمِنٌ فَيَتَّبِعُهُ مِمَّا يَبْعَثُ بِهِ مِنْ الشُّبُهَاتِ). أخرجه أحمد (20116ـ 20210) ط/بيت الأفكار الدولية، وأبو داود (4319)، مِن طريقين عن حميد بن هلالٍ، عن أبي الدهماء به، وهو صحيحٌ. وعن أيوب، قال:" قال أبو قلابة: لا تجالسوا أهل الأهواء، ولا تجادلوهم، فإني لا آمن أن يغمسوكم في ضلالتهم، أو يلبسوا عليكم ما تعرفون". أخرجه الفريابي في "القدر" (366) ط/أضواء السَّلف، ومِن طريقه الآجري في "الشريعة" (114) ط/دار الوطن، وأخرجه ابن وضاحٍ في "البدع" (121) ط/مكتبة ابن تيمية، والبيهقي في "الاعتقاد" (ص238) ط/دار الأفاق الجديدة، وابن بطة في "الإبانة" ط/دار الراية، وهو صحيحٌ. وعن يحيى بن أبي كثيرٍ قال: "إذا لقيت صاحب بدعةٍ في طريقٍ، فخذ في طريقٍ أخرى". أخرجه الآجري في "الشريعة" (ج1ـ ص458)، وابن وضاحٍ في "البدع" (120)، وفيه مَن لم يسَمى، وأبو نعيمٍ في "الحلية" (ج 3ـ ص68)،وابن بطة في "الإبانة" (491)، واللالكائي في "الاعتقاد" (259) ط/دار طيبة. وعن سلام بن أبي مطيعٍ، أنَّ رجلًا مِن أصحاب الأهواء قال: " لأيوب السختياني: يا أبا بكر أسألك عن كلمةٍ، قال أيوب وجعَل يشير بإصبعيه: ولا نصف كلمةٍ ولا نصف كلمةٍ". أخرجه الفريابي في "القدر" (374)، ومِن طريقه الآجري في "الشريعة" (120)، وابن بطة في "الإبانة" (402)، وكلاهما صحيحٌ أيضًا. 
قال الشيخ المجاهد سعيد بن دعاسٍ ـ رحمه الله ـ في "ضوابط الحكم بالابتداع" (ص51ـ 53) ط/مكتبة دار الحديث بدماج: "وعلى هذا مضَى سلفُ الأُمَّةِ وأهلُ الحقِّ تجاهَ المُخالفين لقواعدِ الشريعةِ وأصولها في كلِّ زمانٍ، كما قالَ ابنُ عمرَ- رضي الله عنه-، حينَ قيلَ لهُ: إن قوماً يقولون: لا قدرَ، فقال: أخبروهم أني بريءٌ منهم، وأنهم برءاءُ منِّي. رواه مسلم برقم(1). وكما فعلَ الحسنُ البصريُّ بواصلِ بن عطاءٍ، حيثَ قال: الفاسقُ لا مؤمنٌ ولا كافرٌ، وطردَهُ الحسنُ مِن مجلسهِ، كما في "السير" (5/ 464)، و"تاريخ الإسلام" (ص558)، حوادث (121-140).
وكذا فعل ابنُ عونٍ بعمروِ بن عبيدٍ حينَ انضمَّ إلى واصلِ بن عطاءٍ، وأزالَهُ واصلٌ عن مذهبِ السنةِ، وقد كانَ يُجالسُ الحسنَ، كما في "السير" (5/ 464)، و"تاريخ الإسلام" (ص558)، حوادث (121..). 
ونقلَ عن عبد الوهابِ الخفافِ (ص240) أنهُ قال: مررتُ بعمروِ بن عبيدٍ، وهو وحدَهُ، فقلتُ: مالك؟. فقال: نهى ابنُ عونٍ الناسَ عنَّا فانتَهوا.
وكانَ حسينُ بن عليِّ الكرابيسيُّ كما قالَ المروزيُّ، كما في "شرح علل الترمذي" لابن رجبٍ (2/ 608)، كانَ يذبُّ عن السنةِ، ويُظهرُ نصرة أحمدٍ.
وكانَ فقيهَ بغدادٍ، ومِن بحورِ العلمِ، تدلُّ تصانيفُه على تبَحُّرهِ، كما في "السير" (12/ 69ـ 80)، و"تاريخ الإسلام" (ص242)، حوادث (241..).
فلمَّا أظهرَ مسألةَ اللفظِ تكلَّمَ فيه أحمدُ، وبدَّعهُ، وحذَّرَ منهُ، وكشفَ عن سترِه، فتجنَّب الناسُ الأخذَ عنهُ، وسقطَ، كما قال محمدُ بن عبد الله الشافعيُّ، حتى قالَ ابنُ معينٍ: ينطلُ حسينٌ، ويرتَفعُ أحمدُ، كما في "الكامل" (2/ 241)، و(2/ 432)، و"تاريخ بغداد" (8/ 64 و 65 و 66 و 64 و 67).
قال الخطيبُ البغدادي: وحديثُ الكربيسيِّ يعزُّ جداً، وذلكَ أنَّ الإمامَ أحمد كانَ يتكلَّمُ فيه بسببِ اللفظِ، وكان هو أيضاً يتكلَّمُ فيه، فتجنَّبَ الأخذَ عنهُ لهذا السببُ.
وكذا فعل أهلُ الحديثِ بداودَ بن عليِّ الأصبهاني، لما قال: القرآن مُحدثٌ، حتى أبى أحمدُ أن يدخلَ عليه، كما  رواهُ الخطيبُ في "تاريخ بغداد" بإسنادٍ صحيحٍ (8/ 373).
قال الذهبيُّ في "السير" (13/ 101): قامَ على داودَ خلقٌ من أهل الحديثِ، أنكروا قولهُ وبدَّعوهُ. اهـ
وذكرَ الخطيبُ في "تاريخ بغدادَ" (14/ 282)، بإسنادهِ عن أحمدَ أنهُ سئلَ عن يعقوبَ بن شيبةَ، فقال: مُبتدعٌ صاحبُ هوى. اهـ
قال الخطيبُ: وصفهُ أحمدُ بذلكَ، لأنهُ كانَ يذهبُ إلى الوقف في القرآن. اهـ
ويعقوبُ بنُ شيبةَ مِنَ الثِّقاتِ في الحديثِ، ولم يمنعْ ذلكَ أحمد مِن الحُكم عليه بُمقتضَى رأيهِ، وانظر فيما سبقَ ذكرهُ مِن الأمثلةِ في فصلِ الكلامِ على اكتفاءِ السَّلفِ بُمخالفةِ أصلٍ في التَّضليلِ، والحكم على المُخالفِ بالابتداعِ". اهـ
تنبيهٌ: حديث ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ الذي ذكَره الشيخ سعيدٍ ـ رحمه الله ـ أخرجه مسلمٌ ـ نووي ـ (ج1ـ 8)، والرقم المذكور للحديث في كتاب الإيمان.
 ولم يحصُل شيءٌ مِنَ الأمور المشار إليها آنفًا، وإنما ذكَر أبو بلالٍ أنَّ الشيخ استقبله مداراةً، وهو في حالة ضعفٍ، وكأن والده مصطفى بن إسماعيل ذا قوةٍ. ولو سلَّمت له جدلًا بهذا الكلام، يبقى ما يعكر على ذلك، وهي مواقف الشيخ  يحيى الأخيرة وإلى ذِكر بعضها. 
بعض نماذج تغير الشيخ يحيى ـ وفقه الله ـ
ـ عندما تناقش الشيخ مع الإخوة السودانيين، وبينوا له الأدلة على حزبية عبد الكريم الحجوري،وألزموه بتبديعه ؛ لأنه بدَّع عبد الرحمن العدني بأقل مِن ذلك، قال لهم: "هب انني أخطأت". وهذا ارتياب منه في أحد أحكامه السابقة المبنية على الدليل.
ـ رضاه عن دعوتكم التمييعية، وسكوته عن أخطائكم مع أننا بذلنا له النصح، وأقمنا البراهين على ذلك، ولكن لا حياة لمن تنادي. وهذا مخالفٌ لما كان يدعو إليه مِن قبل مِن عدَم السكوت على الأخطاء. قال ـ وفقه الله ـ كما في "النصيحة الذهبية"(ص6)، لأخينا العربي البسكري: "السُكوت عن الأخطاء ما تُنصر بها الدعوة ِليبلغ الشاهد الغائب، يعني يعتقِد في نفسه لكن ما يُصرِّح ! ما تُنصر الدعوة بهذا، تُنصر الدعوة بالتصريح والوضوح لك أو عليك، صرِّح بَسْ صرِّح أمَّا السُكوت يُربك الناس يَجعل الناس في ربْكة ! ما يجعلهم واضحين يتَّبعون على بصيرة. قد أوْضحهُ فلان ـ جزاه الله خيرًا ـ السكوت يُربك الناس في هذا أو في غيره، هذه دعوةٌ ما فيها مُجاملةٌ، كتابٌ وسنَّةٌ على منهج السَّلف. وبعضهم يقول: اسكتوا كُلهم أهل سُنة !أوتمييزكم إلى هذا الهبوط ؟! صحيح، إيش هذا الكلام ؟! لكم في الدعوة عشرات السنين وتمييزكم إلى هذا المستوى الهابط ...". اهـ  
ـ قوله كما في المصد السابق (ص10): "هذه الملازم  ما ينبغي لهم أن يُحجروا على قراءتها ويمنعونها، فإن كان فيها مِن باطلٍ ردتموه، وهي مكتوبٌ عليها اسمي، الذي كتبها يحيى بن عليٍّ الحجوري، لا يقبلونها ما هي طيبة وأنها "ملازم فتنة!!"،      والملازم التي باسم المجاهيل هذه طيبة تُنشر ويشيد بها، هذا ولاءٌ وبراءٌ ضيقٌ، أم ليس بولاءٍ وبراءٍ ضيقٍ؟!! ". اهـ مع أنه أصبح ينهى عن الكلام في أهل الأهواء، كعبد الكريم الحجوري؛ ويعتبِر ذلك تأجيجَا للخلاف، كما في كلمةٍ منشورةٍ في موقعه، لكنني وجدتها قد حذِفت؛ فكان ينبغي بيان سبب حذفها.           
 ـ استمراره في تزكية العنابي الكذاب، حتى مع وجود الأدلة الدامغة على جَرحه.
ـ قول الشيخ يحيى: لا نُريد مواجهاتٍ ولا نُريد مصادماتٍ، كم لنا ونحن نُواجه و نُصادم بدون فائدةٍ، مع أنه كان ينكر هذا الكلام بشدةٍ. كما في  "فتح الكبير المتعال" (ص21) لأخينا العربي، وقد نقَل عنه أخونا العربي كلامًا سابقًا، في نفس المصدر (ص22)، يفند فيه كلامه الاحق، وهذا الكلام ضمن إجابته على بعض (الأسئلة  الجزائرية) وهو قوله: "... وأُنبهُ على عدم التنازلات، وما يظُن أحدٌ أنَّ الدعوة السلفية ممكن تُنصر بالكثرة فقط، أو بالمال فقط، أو تُنصر كذلك بأن نجلِب مَن شئت على تنازلاتٍ، لا، ولكن تُنصر بالحق بدون تنازلٍ عن الحق؛ لأنَّ الدين هو دين الله، والخلق خلقٌه، والملك ملكه، والأمر أمره، فلا يجوز التنازل في الدين مِن أجل أحدِ، والله ـ عز وجل ـ نواصي مَن شاء بيده أن يُزيغ قلب عبدٍ أزاغه، أو إن شاء يُقيمه أقامه ... (إلى أن قال): وتُنصر الدعوة بالثبات على الحق، والسكينة وعدم التزعزع، وعدم الطيش، وعدم مُجاراة أهل الباطل، هذا ممَّا يَنصر الله به الحق، الحق واضحٌ بارزٌ وإن كثر المُخالفون مِن يهودٍ مِن نصارى مِن ضلالٍ مِن مبتدعةٍ مٍن مخذلين مِنَ الصف، وهذا لا يُثنيك أيها السني، واعلم أنَّ الطائفة المنصورة والفرقة الناجية لا تزال إلى قرب قيام الساعة كما جاء في الحديث أنها لا تقوم إلا على شرار الخلق، وأنَّ الحق هو الحق ما زال، وكتاب الله هو كتاب الله، وسنة رسول الله ـصلى الله عليه وسلم ـ هي سُنة رسوله، والمسلمون هم المسلمون، والشرع هو الشرع، والله ـ عز وجل ـ هو رَب العباد، ووجب على العباد عبادته، وهكذا فما هناك جديدٌ، وهذا يُريحك جدًا، وأنَّ مَن شرَد شرد بنفسه، قلوا أو كثروا". اهـ 
ثُم ماذا بعد هذا، ويأتي متعصبٌ مخذولٌ يتجلد في الدفاع عن الشيخ بالباطل؛ وفي هذا إساءةٌ للعالم نفسه. وقد ذكر الشيخ سعيد ـ رحمه الله ـ كلامًا نحو هذا، ردًا على مَن يدافع عن ابن قدامة ـ رحمه الله ـ وينفي وقوعه في التفويض؛ فعَد ذلك طعنًا فيه لا انتصارُا له. وفي الختام اسأل الله تعالى أن يجنبنا الفتن ما ظهر منها وما بطن، والحمد لله رَب العالمين. 
لتنزيل أو الاستماع لكلمة الببغاء خالد بن عبودٍ من هنا
ولتنزيل أو تصفُّح الملفِّ مِن هنا
تم الفراغ منه مساء الأحد 14 رمضان سنة 1440 هجري 
     كتبه أبو عبد الله إبراهيم بن خالدٍ التبسي الجزائري     
                    في الرباح وادي سوف