الأحد، 11 يناير 2015

رسالة عاجلة إلى من أعرض عن طلب العلم وقنع بالجهل

   بسم الله الرحمن الرحيم
   الحمد لله الذي علم بالقلم ، علم الإنسان ما لم يعلم ، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وسلم ، المؤيد بالوحي والعلم النافع وبعد :
   إن الجد والاجتهاد فيما يكسب العز والرفعة،ويزيد في النباهة وعلو القدر له راحة العاقل ، والتواني عنه عادة الجاهل .
   والجاهل لو عرف نقيصة الجهل ، لفزع إلى العلم ولكن لا يرضى بالجهل إلا من هانت عليه نفسه ، ولا حول ولا قوة إلا بالله .
   وينبغي لطالب العلم أن لا يخالط إلا من يفيده أو يستفيد منه ، فإن احتاج إلى من يصحبه فليكن صاحبا صالحا لينا،تقيا،ورعا،ذكيا،كثير الخير،قليل الشر، نصوحا يكره المداهنة ، ولعلى هذا الوصف أعز من الكبريت الأحمر ، ولكن كما قال عليه الصلاة والسلام (( سددوا وقاربوا).في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
   قال الزرنوجي-رحمه الله- : ((وأما اختيار الشريك فينبغي أن يختار المجد الورع ، وصاحب الطبع المستقيم ، والمتفهم ، ويفر من الكسلان والمعطل والمكثار والمفسد والفتان)) ..اهـ. (أنظرتعليم المتعلم ص8).
   أيهما خير؟
   قال الخطيب البغدادي رحمه الله: ((ولأن يلقى الله طالبا للعلم خير من أن يلقاه تاركا له ، زاهدا فيه راغبا عنه ....))اهـ . (أنظر الفقيه والمتفقه 2/165)
   وقال رحمه الله: ((...والله لأن تموت طالبا للعلم خير من تعيش قانعا بالجهل قال : وإلى متى يحصل ذلك ؟ قال ما حسنت بك الحياة ))...اهـ . (أنظر الفقيه والمتفقه 2/166)
   وقال رحمه الله: ((العلم أجل من أن يشتغل بغيره ))..اهـ . (أنظر الفقيه والمتفقه 2/184)
   أيهما خير : ذل التعلم أم ذل الجهل؟
   قال ابن عباس رضى الله عنهما : ((ذللت طالبا فعززت مطلوبا)).*(أنظر الحث على طلب العلم للعسكري ) .ص65
   قال الأصمعي-رحمه الله-: ((من لم يحتمل ذل التعلم ساعة بقى في ذل الجهل أبدا)). (أنظر تهذيب الكمال للمزي 18/388).
   ذم السلف في من ترك طلب العلم وهو قادر عليه
   قال أبو هلال العسكري-رحمه الله-:((...كنت حقيقا بالاجتهاد لطلب العلم أوان قدرتك عليه ، غير معذور في التواني عنه ، والتقصير فيه،لأن العاقل لا يعتمد تخصيص قيمته ولا يغفل عن ما يرفع من قدره ))..اهـ( انظر الحث على طلب العلم ص 46)
   قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : ((ويلحق الذم من تبين له الحق فتركه ، أو من قصر في طلبه ، حتى لم يتبين له ، أو أعرض عن طلب معرفته لهوى أو لكسل أو نحوه )).. اهـ .انظر الإقتضاء ص(6/85).
   احذر الصاحب الكسلان والمؤذي
   قال الراغب الأصبهاني رحمه الله : ((فالكسل سبب للغباوة ، والغباوة سبب للوقاحة ، والوقاحة سبب للانهماك في الباطل ))..اهـ .( انظر الذريعة ص 126) .
   وقال عمر بن الخطاب رضى الله عنه :(( اعتزل ما يؤذيك ، وعليك بالخليل الصالح ، وقل ما تجده وشاور في أمرك ، الذين يخافون الله عز وجل)) . ( إسناده صحيح رواه البيهقي "8996"والزهد لابن المبارك "1399").
   ولقد أحسن الشاعرحيث قال :
   تجنب صديق السوء واصرم حباله ***وإن لم تجد عنه محيصا فداره
   وأحبب حبيب الصدق واحذر مراءه ***تنل منه صفو الود ما لم تماره
   وأحسن من ذلك كله قول الله عز وجل:( فأعرض من تولى عن ذكرنا ولم يرد إلا الحياة الدنيا )النجم(69). وقال جل ذكره:( ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا وأتبع هواه وكان أمره فرطا) .الكهف(28).
   هل تريد أن تكون شريفا ؟
   قال النضربن شميل-رحمه الله-:((من أراد شرف الدنيا والأخرة فليتعلم العلم)) . (أنظر تاريخ الإسلام لذهبي 40/203) .
   وقال الشافعي-رحمه الله-: ((من أراد الدنيا فعليه بالعلم،ومن أراد الآخرة فعليه بالعلم)).
   وقال رحمه الله:((من لا يحب العلم فلا خير فيه،ولا يكون بينك وبينه صداقة ولا معرفة)).
   وقال رحمه الله:((العلم مروءة من لا مروءة له)).
   انظر:تهذيب الأسماء واللغات للنووي.
   شرطي التعريف لمحمد بن عبد الرحمن أبو حامد الشافعي ص162.
   وقال مالك بن دينار-رحمه الله–:((الناس أجناس كأجناس الطير،الحمام مع الحمام،والغراب مع الغراب،والبط مع البط،والصعو مع الصعو)).إسناده صحيح،انظر الإبانة لإبن بطه512.
   قال أبو موسى كان الله في عونه:وطالب العلم مع طالب العلم،والحازم مع الحازم،والفارغ مع الفارغ.
   وقال الزهري-رحمه الله-: كان من مضى من علمائنا يقولون : ((الاعتصام بالسنة نجاة ’ والعلم يقبض قبضا سريعا ’ وفي نعش العلم ثبات الدين والدنيا ، وفي ذهاب العلم ذهاب ذلك كله)) .( رواه بسند صحيح الدارمي في مقدمة سننه ) .
   احذر من إعراضك عن طلب العلم فهذا هو التساهل الذي ذمه السلف وعدوه لعبا بالدين
   قال أبو عبد الله القرطبي-رحمه الله-: ((ويرحم الله السلف الصالح،فلقد بالغوا في وصية كل ذي عقل راجح ، فقالوا مهما كنت لاعبا فإياك أن تلعب بدينك ))...اهـ .(انظر تفسيره 11/25) .
   قال أبو موسى-عفا الله عنه-: والقائل بهذه المقولة هو الإمام مالك رحمه الله ، كما ذكر ذلك عنه الأصبهاني في الحجة في بيان محجة .(1/224).
   قال الشيخ المفضال الثبت محمد بن مانع الأنسي متعه الله بالعافية معلقا : ((التساهل في أمر الدين يوقع في الشر والانحراف ، وهكذا التساهل في أخذ العلم ،" يحضر أو لا يحضر" " يحفظ أو لا يحفظ" فيبقى جاهلا،وهكذا يبقى متساهلا في الأخذ بالسنة ، فلا يدري إلا وقد وقع في البدعة والضلالة والشر،قال الله تعالى:(يَا يَحْيَىٰ خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ).)).
   قال الإمام ابن كثير-رحمه الله-: ((أي بجد وحرص واجتهاد .(أنظر تفسيره للآية ). )).
   المصاب بالغفلة والمغتر بطول المهلة فيه شبه بالأنعام
   قال ابن الوزير-رحمه الله-: ((فإن الحق ما زال مصونا عزيزا نفيسا كريما ، لا ينال مع الإضراب عن طلبه ، وعدم التشوف والتشوق إلى سببه ، ولا يهجم على المبطلين المعرضين ، ولا يفاجئ أشباه الأنعام الغافلين ))..اهـ .(انظر إيثار الحق 1/27).
   المعرض عن طلب العلم لم يرد الله به خيرا
   جاء عن معاوية-رضي الله عنه-كما في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين ).
   قال أبو بكر الآجري-رحمه الله-: ((الحديث يدل على أنه من لم يتفقه في دينه فلا خير فيه)) ..اهـ.( أنظر شرح الأربعين له) .
   قال أبو المظفر السمعاني-رحمه الله-: ((غير أن الحق عزيز ، والدين غريب والزمان مفتن ، ومن لم يجعل الله له نورا فماله من نور)). اهـ .( أنظرالانتصار لأصحاب الحديث ص 26) .

   هذا والله أعلى وأعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وذرياته وأزواجه وصحابته الميامين وسلم تسليما كثيرا.
   كتبه : الفقيـــــر إلــى الله عــــز وجـــــل
   أبو موسى العربي الجزائري
   كان الله له في
   الدارين
   بمدينة وادي سوف –الجزائر- بتاريخ 30 رجب 1435 هـ .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق