بسم الله الرحمن الرحيم
الحَمد لله الكَريم،رَبِّ العرش العظيم،والصلاة والسلام على نبيه محمدٍّ،وعلى آله وصحبه وسلم.
أمَّا بَعدُ
فقد أفادني أخي سَعدان المَسعدي الجلفاوي - حفظه الله -،بمنشورٍ وهو عبارةٌ عن سؤالٍ وُجِّه ليوسف بن العيد العنابي،يَتعلق بخَبَر سجنه في الجزائر،وهو منشورٌ في صفحة التَّيمي أبي عبد الرحمن في الفيسبوك،بتاريخ 28جمادى الآخر عام 1438هجري،وهذا نصه ونص جواب يوسف.
سئل أبو حاتمٍ الجزائري:سَمِعنا أنك ستسجن يوم الأحد فهل هذا صحيحٌ؟
فأجاب:يقول الله تعالى:{وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ}.
ويقول سبحانه:{الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ}.
فإنا لله وإنا إليه راجعون،وحَسبُنا الله ونِعم الوكيل.
ولسنا أَوَّل مَن سُجن أو أوذي في الله؛فهذه سنة الله تعالى أنه يبتلي عباده حتى يعلم الصابر ممَن يعبده على حرفٍ.
{الم * أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ۖ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ}.
فأسأل الله أن يجعلنا ممَن إذا ابتلي صَبر ورَضي بقضاء الله وأقبل عليه سبحانه،وأن يَجعل سجننا خلوة تزيدنا إلى الله قربة،وأن يجعلنا في عافية في ديننا وصحتنا.
فقد اتُّهمنا بما نحن منه براءٌ،ثُم حُكم علينا بالحبس الاحتياطي إلى حين يصدر الحكم النهائي،وسيتم تنفيذ الحكم بالسجن يوم الأحد قبل الظُّهر.
والحمد لله على كل حالٍ،راضون بقضاء الله سبحانه،وأدعو إخواني أَهل السُنة أن يقبلوا على الله الذي بيده ملكوت السموات والأرض بالدعاء أن يحفظ هذه الدعوة وأهلها،وأن يفرج عنا ويكشف كربنا،وأن ينتقم ممَن مَكر بي مِنَ الحزبيين وممَن كان ينقل أخباري كذبا ومَن آواه على فتنته عليَّ،{وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ}.
ونسأل الله الذي بيده قلوب العباد يُصِّّرفها كيف شاء،أن يُظهر الحق ويحفظ أهله،وأن يصرف عنا هذا السجن وظلمته؛فهو على كل شيءٍ قديرٍ وبيده الأمر كله (فإن الأُمَّةَ لَوْ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ،وَلَوْ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَضُرُّوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ،رُفِعَتِ الأَقْلَامُ وَجَفَّتْ الصُّحُفُ).
وندعو أهل السُنة بالثبات على السُنة وطلب العلم النافع والدعوة إلى سبيل الله،والصبر على الأذى فيه؛فإن ذلك سبيل الفلاح في الدنيا والآخرة،قال تعالى:{وَالْعَصْرِ * إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ}.
ونحن - معشر أهل السنة - وإن سَجننا ولاة الأمور؛فإننا لا نعصي الله فيهم ولانجعل ذلك سببا لإثارة الفتن،بل نعتقد طاعة ولاة الأمور المسلمين في المعروف،وندعو الله أن يبصرهم بالحق فيدركوا بأنه لادعوة أحرص على أمن البلاد والعباد من دعوة أهل السُنَّة التي قامت على الكتاب والسُنَّة وما كان عليه السَّلف الصالح،والحَمد لله رَبِّ العالمين.
كتبه:أبو حاتمٍ يوسف بن العيد الجزائري - فَرَّج الله عنه -
وقد لفت انتباهي وانتباه أخي سَعدان،قول السائل:"سَمِعنا أنك ستسجن يوم الأحد فهل هذا صحيحٌ"،وجواب يوسف:"فقد اتُّهمنا بما نحن منه براءٌ ثُم حُكِم علينا بالحبس الاحتياطي،إلى حين يَصدر الحُكم النهائي،وسيتم تنفيذ الحُكم بالسجن يوم الأحد قبل الظُّهر".اهـ
ومعلومٌ أنَّ الحََبس الاحتياطي،لا يَعلم به صاحبه إلاَّ بعد مُثوله أمام وكيل الجمهورية،فيقرر إمَّا حبسه احتياطيًّا إلى غاية محاكمته،أو يوجه له استدعاءً مباشرًا لحظور جلسة المحاكمة.
ومعلومٌ أنَّ الحََبس الاحتياطي،لا يَعلم به صاحبه إلاَّ بعد مُثوله أمام وكيل الجمهورية،فيقرر إمَّا حبسه احتياطيًّا إلى غاية محاكمته،أو يوجه له استدعاءً مباشرًا لحظور جلسة المحاكمة.
وهذا استخفافٌ منه بعقل السائل،فكيف يُخبِره بأنه في السِّجن الاحتياطي،وهو أمامه يجيبه،إن لم يكن هو الذي صاغ هذا السؤال وأجاب عنه.
وتأمل قوله:"ولسنا أول مَن سُجن"وكأن الرَّجل يتكلم مِن داخل السجن،وإذا كان يَتكلم مِن السجن،فكيف وَصل إليه السائل؟وهذا تهويلٌ منه وتضخيمٌ للأمر،واستعطافٌ للنَّاس كعادته،وأظن أنَّ الأمر لا يعدو أن يكون قَد استُدعي لحضور جلسة المحاكمة،فقد يُحكَم عليه وقد يُبرأ.
وكذا قوله في آخر المنشور:"كتبه أبو حاتمٍ"ويتضح منه أنه ليس سؤالاً شفويًّا،وإلا لقال صاحبه:"أملاه أبو حاتمٍ"،وهذا ممَّا يُقَّوي الخَلل في هذه الحكاية،وعلى القول بأنه سُئِل كتابيًّا،فمِن أين دخل إليه السؤال؟وِِمِِن أين خََرج مِن عنده الجَواب؟.
وأقول مجددًّا،أنَّ الرَّجل بَلغ به الاستخفاف بعقول النَّاس مبلغًا كبيرًا،في تصرفاتٍ لا تنطلي على أغبياء النَّاس فضلاً عن نُبهائهم،بدون حياءٍ ولا خوفٍ مِنَ الله - عَزَّ وجَلَّ -،وقد تَخفى هاته الأمور عن بعض إخواننا خارج الجزائر؛بسبب عدم علمهم بالإجراءات القضائية هنا.
وما هذا إلا دليلٌ على بواره وكساد سِلعته،ويُعتَبر هذا شرحٌ لدعوته.
أسأل الله - تعالى - أن يقينا مزالق السُّوء،وأن يصرف عنا الفتن ما ظهر منها وما بطن،وصلى الله على نبينا مُحمدٍّ وعلى آله وصحبه وسلم.
تم الفراغ منه يوم الإثنين20رجب عام1438هجري
كتبه أبو عبد الله إبراهيم بن خالد التبسي الجزائري
في الرباح وادي سوف