الجمعة، 31 ديسمبر 2021

خبر وفاة والدتي رحمها الله

                                                             بسم الله الرَّحمن الرَّحيم

الحمد لله القائل في كتابه: {الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ۚ وَهُوَ الْعَزِيزُالْغَفُورُ[الملك:2].
وصلَّى الله وسلَّم وبارك على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين.
أمَّا بعدُ
فقد توُّفيت والدتي عائشة بنت السبتيِّ، رحمة الله عليهما، ليلة الخميس 19 جمادى الأولى 1443 هجريٍّ. 
في مستشفى بوقرَّة بولعراس ببلدية بكارية ولاية تبسة.
فللَّه ما أعطى وله ما أخذ وكلُّ شيءٍ عنده بأجلٍ مسمًّى، وأسأله سبحانه أن يرزقنا الصَّبر والاحتساب.
كما أسأله جلَّ قدْره أن يرزقني الاتِّعاض مِن هذا المصاب الجلل؛ لأنَّه كما يقال: كفى بالموت واعظًا، ويَرزُق جميع المسلمين الاتِّعاض بالموت فهو هادم اللَّذات كما أخبَر بذلك المعصوم صَّلى الله عليه وعلى آله وسلَّم. وأسأله تبارك وتعالى الرَّحمة والمغفرة للوالدة الكريمة؛ فهو قريبٌ مجيب الدَّعوات، كما أرجو مِن إخواني الدُّعاء لها بالرَّحمة والمغفرة. وآخر دعوانا أنِ الحمد لله ربِّ العالمين.

الثلاثاء، 24 أغسطس 2021

ضوابط الحكم بالابتداع

 بسم الله الرَّحمن الرَّحيم

الحمد لله ربِّ العالمين، والعاقبة للمتَّقين، ولا عدوان إلَّا على الظَّالمين. وأشهد أن لا إله إلَّا الله وحده لا شريك له، وأنَّ محمَّدًا عبده ورسوله، صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم.
أمَّا بَعدُ،
فهذا عملٌ متواضعٌ، في العناية برسالة الشَّيخ المجاهد سعيد بن دعَّاسٍ رحمه الله وتقبَّله في الشهداء. وهي ضوابط الحكم بالابتداع، وبذيله ضرورة التَّأهُّل. والتي تعتبر مرجعًا هامًا في أصول وقواعد المنهج السَّلفيِّ، دون مبالغةٍ، فقد سَلك رحمه الله المنهج العلميِّ الوسطيِّ في ذلك، وإن نخرت أنوفٌ. راجيًا مِنَ المولى، أن يَجعل لي ثوابها أنا وكلُّ من ساعدني في العمل عليها، يوم لا ينفع مالٌ ولا بنون إلَّا مَن أتى الله بقلبٍ سليمٍ.
                               للتَّحميل أو التَّصفح  مِن هنا

الأحد، 1 أغسطس 2021

فتح الرب العلي في دحر المتعصب الغبي

 بسم الله الرَّحمن الرَّحيم

الحمد لله حمدًا كثيرًا طيِّبًا مباركًا فيه، كما يحبُّ ربُّنا ويرضى، والصَّلاة والسَّلام على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وسلَّم.
أمَّا بعدُ
فبعد أن كتَب الشَّريف فرُّوج الخنشليُّ هذه العبارة: "اللَّهمَّ ثبَّتك عبدك محمَّد بن حزامٍ" وهي خطأٌ إملائيٌ، بدليل لا حق الكلام، "على الحقِّ اللَّهمَّ لا تُرِنا فيه ما يسوؤنا اللَّهمَّ اجمع كلمة السَّلفيِّين وألّف بين قلوبهم .
قولوا -بصدقٍ- آمين". نبَّهته على ذلك، ثُمَّ تبادر إلى ذهني ما في المناسبة بين الخطإ الإملائيِّ، والخطإ المنهجيِّ فنبَّهت على ذلك أيضًا. فزيادة حرفٍ وإن كان مِن غير قصدٍ؛ نتج عنه معنًى كفريٌِّ، فكيف بمن يلوي أعناق النُّصوص، والقواعد والأصول السَّلفيَّة لنصرة مبطلٍ، فهذا يخشى عليه والله. وذلك أنَّ التَّعصب قد يؤدي إلى الكفر، كما حدث مع أبي طالبٍ عمِّ النَّبي صلَّى الله عليه وعلى آله وسلَّم(1). مع أنَّ العبارة لا تستقيم؛ لأنَّ المقام مقام دعاءٍ بالتَّوفيق للرُّجوع عن الخطأِ، فعلى ما يثبِّته الله؟! على ما بدر منه مِن أخطاءٍ. فكتَب على صفحته في فيسبوك هذا الكلام الهزيل:
"يا لغلظة قلوبهم وحقدهم وفرحهم بالزَّلَّات! ما أعجبهم الدعاء للشَّيخ ابن حزامٍ.
راسلني بعضهم فقال معلِّقًا على الدعاء : التَّعصب يؤدي إلى الكفر. هل الدُّعاء تعصُّبٌ يؤدي إلى الكفر؟.
المؤمن يدعو للكفَّار لليهود للنَّصارى للملحدين ولغيرهم بأن يهديهم الله تعالى إلى الإسلام ويفرح إذا اهتدوا أشدَّ مِن فرحه بالماء البارد في اليوم الصَّائف . قال مَن بُعث رحمةً للعالمين عليه الصَّلاة والسلَّام: (الحَمْدُ لِلَّهِ الذي أنْقَذَهُ مِنَ النَّارِ )(2).
كيف بالدُّعاء لشيخ سلفيٍّ داعٍ إلى الله قائمٌ على دعوةٍ له تصانيف وتآليف سلفيَّة، أليس أحقَّ بها وأهلها؟
أم أنَّهم ما يريدون أوبته ورجوعه إلى إخوانه لمقاصد لا تخفى على الله منها ما ظهرت قرائنه: أن يبقى لهم ـ السَّبق الصُّحُفيُّ ـ وأنَّهم ردُّوا عليه ردودًا قويَّهً أفحمته، وتحقَّق فيه ما تفرَّسوه ـ بل تمنَّوه وتلمَّسوه واشرأبَّت إليه أعناقهم ـ . هذا الصِّنف بلاءٌ على الدعوة السَّلفيَّة وعلى السَّلفيِّين. وبعض مَن أعرف واقعهم هنا مِن مضيِّعي الفرائض، غارقين في المعاصي والمخالفات لكن غرَّهم سِتر الله وحِلمه عليهم، ولن يدوم سيَّما وحالهم ما أسلفت ذكره". اهـ
فكما هو ملاحظٌ استهلَّ هذا المعتوه كلامه بالطَّعن في النِّيات والسَّرائر، مع أنَّ أمرها إلى الله تعالى، وقد نبَّه النَّبيُّ صلَّى الله عليه وعلى آله وسلَّم، أسامة بن زيدٍ رضي الله عنهما، لمَّا قتَل ذلك المشرك الذي قال: لا إله إلَّا الله، بقوله: (أَفَلَا شَقَقْتَ عَنْ قَلْبِهِ حَتَّى تَعْلَمَ أَقَالَهَا أَمْ لَا)(1). ويشهَد الله أنَّنا نُساء؛ لانحراف أصغر طالبٍ، فضلًا عن رجلٍ عاش زمنًا، يقرِّر أحكام الإسلام وينشرها.
وتعصُّب المعني لابن حزامٍ واضحٌ لا غبار عليه، فتارةً يَنتصر له بمنهج الموازنات، وتارةً يفنِّد ما ينسَب إليه جملةً وتفصيلًا. فيذكر حسناته في مقابل النَّقد، وأنَّه شيخٌ سلفيٌّ داعٍ إلى الله قائمٌ على دعوةٍ له تصانيف وتآليف سلفيَّةٌ، وأنَّه خدَم الإسلام والسُّنَّة، وأنَّه على ثغرٍ مِنَ الثُّغور، وإلى غيرذلك. ويردُّ الأخبار الثَّابتة عنه؛ بحجَّة أنَّها تُنشر في مواقع التَّواصل. وهذا الكلام في الحقيقة حجَّةٌ عليه؛ لأنَّه يعتمِد هذه المواقع في النَّشر. وإلى غير ذلك مِن هذه الأساليب الحزبيَّة، التي لا يخفى عوارها عن صغار طلبة العلم. وقد أخرَج منشورًا، يتبرَّأ فيه مِنَ أخطاء ابن حزامٍ، وهو ماضٍ في ذكر حسناته، شاهدًا بذلك على نفسه بمنهج الموازنات المبتدَع. وكأنَّ الرَّجل لا يعرِف السُّنَّة مِنَ البدعة، ثُمَّ يأتي ليتكلَّم في دين الله، فاللَّهمَّ لا تَجعل مصيبتنا في ديننا.
فإن كنت لا تدرى فتلك مصيبةٌ ... وإن كنت تدرى فالمصيبة أعظم.
وقياسك لابن حزامٍ على محمَّدٍ المهديِّ؛ يدلُّ على انحرافه عندك، فلماذا هذا العويل والتَّهويل والتَّخبُّط؟!.
ثمَّ ذهَب يلبِّس وأنَّ الدُّعاء ليس بتعصُّبٍ، وأنَّه يجوز الدُّعاء لليهود والنَّصارى. فأقول: أنت تعلم جيِّدًا ماذا أقصد وأنكِر وهو تعصُّبك الفاضح له، وقد سبَق ذكر الأساليب التي استعملت في ذلك.
واتهامك لنا بإرادة إحراز السَّبق الصُّحفيِّ، تهمةٌ باطلةٌ، فلم يدُر ذلك في أذهاننا والله المطَّلع، فنحن نفرح بالحقِّ، سُبقنا أو سَبقنا. ويتَّضح مِن أسلوبك مَن هو الصحفيُّ حقًّا؛ فما وفِّقت في الكتابة ولا في المعنى ولا في الردِّ، والله المستعان.
وما ذكرتَه مِنَ الفراسة ثُمَّ أضربت عنها إلى التَّمني، مع أنَّ التَّمني مِنَ أعمال القلوب، كما سبَق ذكر ذلك والردُّ عليه. فيقال: نحن لم نتفرَّس فيه، وإنَّما كان ردُّ أخينا العربيِّ البسكريِّ عليه؛ بناءً على صوتيَّةٍ له فيها غلوٌّ في العلماء. والذي تفرَّس فيه ذلك بحقٍّ هو الشَّيخ سعيدٌ رحمه الله، وحكَم بضعفه؛ لأنَّه ليس له جهودٌ في الردِّ على أهل الأهواء، وهو مقياسٌ سلفيٌّ فذٌّ، يعرف به السَّلفيُّ مِن غيره. قال الشُيخ سعيدٌ رحمه الله في "ضرورة التَّأهلِّ في الحكم على أهل الأهواء" المطبوع بذيل "ضوابط الحكم بالابتداع" ط/دار الحديث بدمَّاج (ص147): "أَو مُتَفقِّهٌ، لا يُحسنُ إلَّا جَمعَ أقوَال الفُقهَاءِ وحفظِهَا، أو مُتعَالمٌ مُقمِّشٌ، أخذَ مِن كُلِّ فَنٍّ بِنُتَفٍ يَسِيرَةٍ، لا تُسمِنُ ولا تُؤَهِّلُ، فَراحَ يَخبِطُ ذاتَ اليَمينِ وذاتَ الشِّمالِ خَبطَ عشواءٍ، بالآراءِ الشَّاذَّة، والشَّطحَاتِ الـمُستَغرَبةِ، وهوَ يَظنُّ أنَّهُ عَلى جانبٍ مِنَ العِلمِ مكَينٍ". اهـ 
والغرض مِن كُلِّ هذه الشوشرة، هو أن لا يظهَر الحقُّ مع غيرك، تحجيرًا على فضل الله، قال الله تعالى: {بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنفُسَهُمْ أَن يَكْفُرُوا بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ بَغْيًا أَن يُنَزِّلَ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ عَلَىٰ مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ ۖ فَبَاءُوا بِغَضَبٍ عَلَىٰ غَضَبٍ ۚ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُّهِينٌ} [البقرة: 90]. 
وإخبارك عن بعض السَّلفيين، أنَّهم عندهم معاصي ويضيِّعون الفرائض، إن كان بسب إنكار ما تدعو إليه مِن باطلٍ، فهو مقاضاة أغراضٍ. وكعادتك في التَّهويل على المخالف، وكأنَّك أحد المعصومين؛ لأنَّهم لو كانوا مِنَ الموافقين، لبرزت أدلَّة السِّتر واستُقصيت، وكتَبت في ذلك الدواوين. وإن كان العاصي أفضل حالًا مِن صاحب الشُّبهات والمحدثات؛ لأنَّه لا يقرِّها ولا يعتبرها دينًا، أمَّا أنت فأصبحت تتعبَّد لله بالأصول الفاسدة. قال الإمام أحمد رحمه الله: "قبور أهل السُّنَّة مِنَ أهل الكبائر روضةٌ وقبور أهل البدعة مِنَ الزُّهَّاد حفرةٌ فسَّاق أهل السُّنَّة أولياء اللَّه وزهَّاد أهل البدعة أعداء اللَّه"(4). اهـ 
وننصح أنفسنا وكلُّ مَن وقع فيها بالتَّوبة والإنابة، عملًا بقوله تعالى: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [النور: 31]. 
وبهذا يتَّضح جليًّا للقارئ المنصف، مَن هو الشَّر على السَّلفيَّة والسَّلفيِّين، وذلك بشهادة الموافق قبل المخالف. فقد وصفك موافقوك بالحرباء، وقد بيَّنت كذبك وتلوُّنك في ردٍّ سابقٍ. أمن يبيِّن حكْم الله وحكْم رسوله صلَّى الله عليه وعلى آله وسلَّم، في هذا الباب هو الشَّر، أم مَن يكتمه ويلبسه بالباطل، أحرى بهذا الوصف. قال الله تعالى: {فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ ۖ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ } [الأنعام: 81]. 
وفي الختام أسأل الله العظيم أن يقينا شرَّ كلِّ ذي شرٍّ، ومنهم هذا المحتال القابع خلف الحاسوب والجوَّال؛ لنشر الغيِّ والضَّلال. إنَّه وليُّ ذلك والقادر عليه، وآخر دعوانا أنِ الحمد لله ربِّ العالمين.
         كتبه أبو عبد الله إبراهيم بن خالدٍ التبسيُّ الجزائريُّ
       تمَّ الفراغ منه صبيحة الأحد 22 ذو الحجة عام 1442 هجريٍّ.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 إشارةً إلى ما أخرجه البخاريُّ- فتحٌ- (ج3-1360)، و(ج7-3884)، و(ج8-4675-4772) ط/ دار الفيحاء، ومسلمٌ- نوويٌّ- (ج1-24) ط/ دار الفيحاء، من حديث المسيَّب بن حزنٍ رضي الله عنه.
2 طرفٌ مِن حديثٍ أخرجه البخاريُّ- فتحٌ- (ج3-1356)، مِن حديث أنس بن مالكٍ رضي الله عنه.
3 أخرجه البخاريُّ- فتحٌ- (ج7-4269)، و(ج12-6872)، ومسلمٌ- نوويٌّ- (ج2-96)، واللَّفظ له.
4 أخرجه ابن أبي يعلى في "طبقات الحنابلة" (ج1ص148) ط/ دار المعرفة.

الأحد، 6 ديسمبر 2020

بذل النصيحة الوفية قبل حلول المنية

   بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله وكفى وصلى الله على نبينا المجتبى وعلى آله وصحبه ومَنِ اهتدى بهداه، أمَّا بعدُ:             
فيقول الله تعالى: {وَمَا تُغْنِي الْآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ} [يونس: 101]. فهذا المُكنى بأبي عبد الباري (عبد الحميد العربيُِّ الجزائريُّ) ممن بدَّل الذي أدنى بالذي هو خير، و... و... و... هذا وليعلم القاصي والداني ـ كما بيَّنته في ثنايا هذا البيان ــ أني كنتُ أودُ أن تكون هذه النصيحة سرِّيةً فيما بيني وبينه فقط؛ لأنَّ الإنسان مجبول على الأنفة والكبر، وستر المساوئ والفضائح، وقد هاتفته شخصيًا بأن يُرسل لي (رقم بريده الخاص) حتى أُرْسلها إليه، ووعدني بأن يرسله إليَّ، ولكن للأسف الشديد، صرتُ أهاتفه مراتٍ وكراتٍ ولا يرفع عليَّ الجوال، فعلى ماذا يدلُّ هذا يا أولي الألباب (؟(!، فتبيَّن لي بعدها، أنَّ وراء الأكمة ما وراءها، وأنَّه راغبٌ عن قبول النصيحة، كـ(الشَّقِيِّ قِيْلَ لَهُ هَلُمَّ إِلَى السَّعَادَةِ، فَقَالَ حَسْبِي مَا أَنَا فِيْهِ) (!) وتبيَّن لي أيضًا أنَّ هذا الرجل ـ هدى الله قلبه إلى السنَّة وردَّه ردًا جميلًاـ ِصار غير مستحيي مِن بوائقه، وفعلته الشنعاء، فانطبق عليه ذلك الأثر المشهور: (أترغبون عن ذكر الفاجر (؟) أذكروه بما فيه يحذره الناس). قال شيخ الإسلام رحمه الله كما في مجموع الفتاوى (28/ 219 - 220): (فمن أظهر المنكر وجب عليه الإنكار وأن يهجر ويذمُّ على ذلك. فهذا معنى قولهم: (مَن ألقى جلباب الحياء فلا غيبة له). بخلاف مَن كان مستترًا بذنبه مُستخفيًا فإنَّ هذا يُستر عليه؛ لكن ينصح سرًا ويهجره مَن عرف حاله حتى يتوب ويذكر أمره على وجه النَّصيحة). اهــ  
 فكان مِن باب النصيحة أن أنشر البيان، حتى لا يُظن بنا أننا ساكتون، أو غير قادرين أو أننا مُتهيبين مِن بيان انحرافه وتحزبه، وحتى نبرأ إلى الله مِن معرة كتمان الحق. اللهمَّ انفعْ به، واجعلْه في ميزانِ حسناتِي يوم لقاكَ يا ربِّ يا كريم.
                                للتنزيل أو التَّصفُّح مِن هنا

الخميس، 28 مايو 2020

فك القيد عن المتعصبين للجابري عبيد

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رَب العالمين ولا عدوان إلا على الظالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله قائد الغُر المحجلين، وعلى آله وصحابته أجمعين، أمَّا بعدُ:
فإنَّ مِن أعظم الجهاد في سبيل الله تعالى هو استفراغ الجهد وبذل الوسع في صيانة الشريعة، والنفاح عن منهج دين رب العالمين مِن انتحال المبطلين، وعبث أعداء الدين وملاحقتهم، امتثالًا لقوله تعالى: {فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ} [الأنفال: 57]. غير أنه ـ ولله الحمد ـ مهما وضع أهل الأهواء في طريق الحق العقبات، وابتغوا له العثرات فإن الله ناصره، ومُعليه، ومؤيده، {وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ}[الحج: 40]. يقول شيخنا العلامة النقاد سعيد بن دعاسٍ رحمه الله في خاتمة كتابه: "ضوابطُ الحكم بالابتداع" في أثناء رده على بعض الشبهات: "فواجب كل ناصحٍ أن ينتبه لهذه المقاصد والأهداف الفاسدة، وأن يُدرك أبعادها الوَخيمة، لاسيما آخرها التي شغب بها أهل التحزب والتميع مِن زمنٍ، ويتسللون بها لواذًا، ويدسون بها السم في العسل، ولا زالت تتجدد مِن حينٍ إلى حينٍ بلباسٍ جديدٍ {كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا} [المائدة: 64]. وأن يسدوا دون أرباب هذه المقاصد باب الحيلة والخديعة..." اهـ. ومِن أجل هذا الذي أشار إليه الشيخ رحمه الله قُمنا ـ بعد توفيق الله تعالى ـ بكتابة هذا الرد على سَبت الحزبية الجديدة ألا وهو: عُبيد الجابري، وليس الغرض مِن ذلك سوى مشاركة أهل الحق في تصديهم لأهل الباطل، وإسكات أفواه المتعصبين المرضى، والمتخرصين الجهَلة، والمُغرضين البطلة.
ونسأل الله تعالى أن ينفع به كلَّ مَن ضلَّ عن الحق في هذه الفتنة، وكما أسأله سبحانه أن يُثقل به ميزاني يوم لقاه، والحمد لله رَب العالمين . 
                                 للتنزيل أو التصفح من هنا

الأحد، 17 مايو 2020

مدواة النفوس المهيضة وجبر القلوب الجامحة المريضة

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعدُ:  
ففي هذه العجالة ـ إن شاء الله ـ سأقوم برد ما تفوه به بعض الجهلة الأغمار، حتى لا يُظن بنا أننا سكتنا عن عجز رد ما تفوهوا به أو غير ذلك. 
وحتى لا يُغتر بما ذكروه مِن باطلٍ مَن يجهل حالهم. إذ هذه هي الثمرة المرجوة مِنَ الردود على أهل الباطل والانحراف، وهي رد كل ما يُنسب إلى الحق وأهله ما هم منه براءٌ، والله أسأل أن يهدي كل ضال إلى الحق، والحمد لله لا رب سواه.  للتنزيل أو التصفح  من هنا

الخميس، 12 ديسمبر 2019

تقريب المأمول بالتعليق على البرهان المنقول

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله عظيم المنن، أحمده سبحانه على ما أكرم وامتن، وأصلي وأسلم على رسوله الكريم، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أمَّا بَعْدُ
فهذه قاصمة الظهر، لمن يطبل لسلفية العدني والوصابي ومَن معهم، كالغرباني والمشوري، مِن يراع شيخنا سعيدٍ رحمه الله. فقد قمت بحمد الله بالعناية بأحد مؤلفاته النقدية، وهي: "البرهان المنقول". لكن العجب كُل العجب، ممن ينكِر على الغرباني والمشوري، ونسي أو تناسى، أنَّ كبيرهم الشيخ يحيى وفقه الله هو نفسه مهزوزٌ في هذه النقطة. فقد قال للإخوة السودانيين لمَّا ألزموه بتبديع عبد الكريم الحجوري؛ لأنه بدَّع عبد الرحمن العدني بأقل مِن ذلك، قال: "هب أنني أخطأت". فبالله عليكم، ما الفرق بين هذا وما يدنن حوله المشوري والغرباني والبرعي، إلا إذا كان الشيخ يريد التهرب مِن إلزامه تبديع عبد الكريم، والله المستعان. 
                              للتنزيل أو التصفح من هنا

خبر وفاة والدة أخينا العربي

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله المميت المحيي، والصلاة والسلام على رسوله خير الأنام، وعلى آله وصحبه الكرام.
أمَّا بَعْدُ 
فقد بلغني خبَر وفاة والدة أخينا الداعي إلى الله العربي بن الهلالي البسكري حفظه الله، وقد توفيت رحمها الله منتصف ليلة الثلاثاء 6 ربيع الآخر سنة 1441 هجري؛ لذا أرجو مِنَ الله تبارك وتعالى أن يرحمها، ويصبِّر ذويها. كما أوصي أخانا العربي بالصبر والإحتساب على هذا المصاب الجلل، فلله ما أخذ وله ما أعطى، وكُل شيءٍ عنده بأجلٍ مُسمى.

الاثنين، 11 نوفمبر 2019

الحق المستبين في نقض كلمة الشيخ الحطيبي حسين

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رَب العالمين والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين كالمبتدعة والحزبيين، وصلى الله على نبينا محمدٍ الصادق الأمين، وعلى آله وصحابته الغُر الميامين، أمَّا بَعْدُ:
 فهذا ردٌ ونقضُ لدفاعٍ هزيلٍ مِنَ الشيخ حُسين الحطيبي عن محمد بن حزامٍ البعداني يزعم أنه على خيرٍ ولا شيء يُنتقد عليه، وهو خلاف الواقع المشهود، وقد هرَع إلى المدح والثناء عليه، وكان أجدر به نصيحته له، فيما انتقدناه عليه سابقًا في "تنبيه النجباء"، ورجوعه عن تلك التقعيدات الباطلة التي شابه فيها أهل الأهواء، والتي لا تزال الدعوة السلفية تئنُ مِن وطأتها، ولكن قد قمتُ ـ بفضل الله تعالى ـ ببيان أنَّ هذا الدفاع لا ينفع عند الناظر البصير المتجرد مِن ذوق العواطف الهوجاء، والثابت أمام هزات عواصف الأهواء، وأسأل الله أن يهدي بهذا البيان مَن التبست عليه بعض تلك الخُدع، التي راج سوقها بين أوساط كثير مِن المُنتسبين إلى السُّنة، والله المستعان وعليه التكلان. للتنزيل أو التصفح من هنا

الخميس، 31 أكتوبر 2019

النزعة الحركية وأثرها على العقيدة الإسلامية

                                    بسم الله الرحمن الرحيم 
الحمد لله ولي المتقين، والصلاة والسلام على قائد الغُر المحجلين، وعلى آله وصحبه الميامين. 
أمَّا بَعْدُ،
فقد انتشر في أوساط المسلمين انتشار النار في الهشيم، ما يُسمى بالحركات الإسلامية والتي تستقي أفكارها مِنَ اليهود والنصارى، وغيرهم مِن أهل الكفر والضلال. كما أخبر بذلك الصادق المصدوق صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (لَتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ مَنْ قَبْلَكُمْ شِبْرًا بِشِبْرٍ، وَذِرَاعًا بذِرَاعٍ، حَتَّى لَوْ سَلَكُوا جُحْرَ ضَبٍّ لَسَلَكْتُمُوهُ)، قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ: اليَهُودَ، وَالنَّصَارَى قَالَ: (فَمَنْ؟).(1) وهي علامةٌ مِن علامات نبوته صلى الله عليه وعلى آله وسلم وظاهر دعوى هذه الجماعات، تحكيم الدين، وإرساء العدالة الاجتماعية. وباطنها السُّم الزعاف؛ الذي يرجِع على سلوك ومعتقد المسلم بالخزي والبوار. قال الله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ} [إبراهيم: 28]. وقد تستروا بدعوى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ كي يتسنى لهم الخروج على ولاة أمور المسلمين، ونشْر الفوضى في أوساطهم، وتعبئتهم ضد أوطانهم بشتى الوسائل. وفي هذا الصدد وقفْت على كلامٍ خطيرٍ جدًّا، لأحد المنظرين المتواجدين في الخارج، وبالضبط في بريطانيا. ألا وهو المدعو محمدًا العربي زيطوط، وإن كان الرجل لايصِّرح بانتمائه لهاته الحركات، لكنه يدعمها ويثني على رءؤسها. والمرء مع مَن أحب، كما أخبر بذلك رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم.(2) وقد وقفت له على ثلاث نقاطٍ، تضمنت باطلًا وقولًا على الله بغير علمٍ وجب التنبيه عليه. وإلى نقد ماحوت مِنَ المخالفة لمعتقد أهل السُّنة والجماعة. 
النقطة الأولى: ثناؤه على الإخواني صادقٍ الغرياني، ووصفه بأنه مِن أفقه وأعلم أهل الإسلام، في صفحته في الفيسبوك. ونقَل فتواه أنَّ مازاد على الحَجة والعمرة الواحدة حرامٌ؛ لأنَّ آل سعود يتقوون بذلك المال الذي ينفقه الحجاج والمعتمرون، وقال: "هي حرامٌ على رقبتي". اهـ يقصد مازاد على الحج والعمرة الواحدة. والناظر في هذه الفتوى، يجِد فيها مشاقةً لله ورسوله. فكيف يستحب الله تعالى، ما فوق الحَجة والعمرة الواحدة، وعلى قولٍ العمرة الأولى وغيرها مستحبٌّ. عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما قَالَ: خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ، كُتِبَ عَلَيْكُم الْحَجُّ)، فَقَامَ الْأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ فَقَالَ: أَفِي كُلِّ عَامٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَقَالَ: (لَوْ قُلْتُهَا لَوَجَبَتْ، وَلَوْ وَجَبَتْ لَمْ تَعْمَلُوا بِهَا، أَوَلَمْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْمَلُوا بِهَا الْحَجُّ مَرَّةً، فَمَنْ زَادَ فَهُوَ تَطَوُّعٌ).(3) ثُم يأتي لُكع ابن لُكعٍ، ويحرِّم ما أحل الله لعباده؛ بحجةٍ واهيةٍ، ولو كان بها أدنى متعلقٍ؛ لوجد أصله في الشريعة. وقد اعتمر رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم أربع مراتٍ، منها اثنتان ومكةُ تحت حُكم المشركين. عن أنسٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ  وَسَلَّمَ اعْتَمَرَ أَرْبَعَ عُمَرٍ، كُلُّهُنَّ فِي ذِي الْقَعْدَةِ إِلَّا الَّتِي مَعَ حَجَّتِهِ: عُمْرَةً مِنَ الْحُدَيْبِيَةِ- أَوْ زَمَنَ الْحُدَيْبِيَةِ- فِي ذِي الْقَعْدَةِ، وَعُمْرَةً مِنَ الْعَامِ الْمُقْبِلِ، فِي ذِي الْقَعْدَةِ، وَعُمْرَةً مِنَ الْجِعْرَانَةَ، حَيْثُ قَسَمَ غَنَائِمَ حُنَيْنٍ فِي ذِي الْقَعْدَةِ، وَعُمْرَةً مَعَ حَجَّتِهِ.(4) قال النووي رحمه الله في"شرح مسلمٍ"(ج8ص250ـ251) ط/ دار الفيحاء: "وفي الرواية الأخرى: (حجَّ حجَّة واحدةً واعتمر أربع عمرٍ) هذه رواية أنسٍ. وفي رواية ابن عمر: (أربع عمر إحداهنَّ في رجبٍ) (5) وأنكرت ذلك عائشة (6)، وقالت: لم يعتمر النبيُّ صلى الله عليه وسلم قطُّ في رجبٍ. فالحاصل مِن رواية أنسٍ وابن عمر اتفاقهما على أربع عمرٍ، وكانت إحداهنَّ في ذي القَعدة عام الحديبية سنة ستٍّ مِنَ الهجرة وصُدُّوا فيها، فتحلَّلوا وحُسبت لهم عمرةً. والثانية: في ذي القَعدة وهي سنة سبعٍ وهي عمرة القضاء. والثالثة: في ذي القَعدة سنة ثمانٍ وهي عام الفتح. والرابعة: مع حجته وكان إحرامها في ذي القَعدة وأعمالها في ذي الحجة. وأمَّا قول ابن عمر: (أنَّ إحداهنَّ في رجبٍ) فقد أنكرته عائشة وسكت ابن عمر حين أنكرته، قال العلماء: هذا يدلُّ على أنه اشتبه عليه أو نسي أو شكَّ ولهذا سكت عن الإنكار على عائشة ومراجعتها بالكلام، فهذا الذي ذكرته هو الصَّواب الذي يتعين المصير إليه". اهـ 
فكما تَرى، فقد اعتمر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم عمرتين ومكةَ بيد المشركين؛ فلو كان ذلك غير جائزٍ لاكتفى بعمرةٍ واحدةٍ. وكيف يقال هذا الكلام ومكةُ الآن بيد مسلمين، ينشرون توحيد الله، ويحاربون الشرك. وصاحب هذه المقالة على شفا حفرةٍ مِنَ الكفر، وكذا المقر لها؛ خاصة إذا بلغهما الدليل، والذي أوقعهما في ذلك هو التأويل الفاسد. وتذكرني هذه المقالة، بكلام رئيس حكومتنا السابق أحمد أويحيى: "فوائد صندوق النقد الدولي حلالٌ على رقبتي". اهـ يقصد بذلك الفوائد الربوية. وبالتالي يتضح أنَّ حال دعاة الإخوان المسلمين، أكثر سوءًا مِنَ الحكام الموجودين في بلادنا، وغيرها مِن بلدان المسلمين. لأنَّ هؤلاء الحكام معروفون عند القاصي والداني بجهلهم للشريعة، ولا يدَّعون تطبيقها، وأمَّا الإخوان فيستعطفون الناس بالعودة إلى الدين؛ فيسهل التلبيس عليهم. ومؤخرًا بفضل الله تعالى، ثُم الناصحين، بدأ يتضح أمرهم للمسلمين، وأنهم مجرد معاول هدمٍ، لعقائد ومعاملات المسلمين.
النقطة الثانية: قوله في كلمةٍ له في موقع يوتيوب،- ما معناها-: أنه لأجل إنجاح الحَراك في الجزائر؛ يجب إلغاء الفوارق العرقية واللسانية والدينية. وقد جاء الشرع بإلغاء الفوارق العرقية واللسانية، قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} [الحجرات: 13]. وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِنَّ اللَّه لَا يَنْظُر إِلَى صُوَرِكُمْ، وَأَمْوَالِكُمْ وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ وَأَعْمَالِكُمْ).(7) وعن أبي نضرة رضي الله عنه قال: "حَدَّثَنِي مَنْ سَمِعَ خُطْبَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي وَسَطِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ فَقَالَ: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ، أَلَا إِنَّ رَبَّكُمْ وَاحِدٌ، وَإِنَّ أَبَاكُمْ وَاحِدٌ، أَلَا لَا فَضْلَ لِعَرَبِيٍّ عَلَى أَعْجَمِيٍّ وَلَا لِعَجَمِيٍّ عَلَى عَرَبِيٍّ، وَلَا لِأَحْمَرَ عَلَى أَسْوَدَ وَلَا أَسْوَدَ، عَلَى أَحْمَرَ إِلَّا بِالتَّقْوَى، أَبَلَّغْتُ؟) قَالُوا: بَلَّغَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ قَالَ: (أَيُّ يَوْمٍ هَذَا؟) قَالُوا: يَوْمٌ حَرَامٌ. ثُمَّ قَالَ: (أَيُّ شَهْرٍ هَذَا؟) قَالُوا: شَهْرٌ حَرَامٌ، ثُمَّ قَالَ: (أَيُّ بَلَدٍ هَذَا؟) قَالُوا: بَلَدٌ حَرَامٌ، قَالَ: (فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ حَرَّمَ بَيْنَكُمْ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ،- قَالَ: وَلَا أَدْرِي قَالَ: أوَأَعْرَاضَكُمْ أَمْ لَاـ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِي شَهْرِكُمْ، هَذَا فِي بَلَدِكُمْ هَذَا، أَبَلَّغْتُ؟) قَالُوا: بَلَّغَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (لِيُبَلِّغْ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ)(8)
وأمَّا الفوارق الشرعية، فقد أثبتها الشارع، قال الله تعالى: {أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ} : 28]. وقال تعالى: {أَفَمَن كَانَ مُؤْمِنًا كَمَن كَانَ فَاسِقًا ۚ لَّا يَسْتَوُونَ[السجدة: 18]. وقال تعالى:{أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ} [القلم: 35]. وقال تعالى: {أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَن نَّجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَّحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ ۚ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ[الجاثية: 21]. قال ابن كثيرٍ رحمه الله في تفسيره (ج7ص171) ط/دار ابن الجوزي: "يقول تعالى: لا يستوي المؤمنون والكافرون، كما قال: {لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ ۚ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُونَ[الحشر: 20]، وقال هاهنا: {أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِأي: عملوها وكسبوها {أَن نَّجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَّحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ} أي: نساويهم بهم في الدنيا والآخرة! {سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ} أي: ساء ما ظنوا بنا وبعدلنا أن نساوي بين الأبرار والفجار في الدار الآخرة، وفي هذه الدار". اهـ 
ورتَّب تعالى على ذلك أحكامًا فقال: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّىٰ يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ[التوبة: 29]. قال ابن كثيرٍ رحمه الله في تفسيرها (ج4 ص85): "... فلهذا لا يجوز إعزاز أهل الذمة ولا رفعهم على المسلمين، بل هم أذلاءٌ صغرةٌ أشقياءٌ، كما جاء في صحيح مسلمٍ، عن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تَبْدَؤُوا اليَهُودَ ولا النَّصارَى بالسَّلامِ، فإذا لَقِيتُمْ أحَدَهُمْ في طَرِيقٍ، فاضْطَرُّوهُ إلى أضْيَقِهِ).(9) ولهذا اشترط عليهم أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه تلك الشروط المعروفة في إذلالهم وتصغيرهم وتحقيرهم، وذلك ممَّا رواه الأئمة الحفاظ، مِن رواية عبد الرحمن بن غنمٍ الأشعري قال: "كتبت لعمر بن الخطاب رضي الله عنه حين صالح نصارى مِن أهل الشام: بسم الله الرحمن الرحيم، هذا كتابٌ لعبد الله عمر أمير المؤمنين مِن نصارى مدينة كذا وكذا، إنكم لما قدمتم علينا سألناكم الأمان لأنفسنا وذرارينا وأموالنا وأهل ملتنا وشرطنا لكم على أنفسنا ألا نحدث في مدينتنا ولا فيما حولها ديرًا ولا كنيسةً، ولا قلايةً ولا صومعة راهبٍ، ولا نجدد ما خرِب منها، ولا نحيي منها ما كان خططًا للمسلمين، وألا نمنع كنائسنا أن ينزلها أحدٌ مِنَ المسلمين في ليلٍ ولا نهارٍ، وأن نوسع أبوابها للمارة وابن السبيل، وأن ينزل مَن مر بنا مِنَ المسلمين ثلاثة أيامٍ نطعمهم، ولا نئوي في كنائسنا ولا منازلنا جاسوسًا  ولا نكتم غشًّا للمسلمين، ولا نعلم أولادنا القرآن، ولا نظهر شركًا، ولا ندعو إليه أحدًا ولا نمنع أحدًا مِن ذوي قرابتنا الدخول في الإسلام إن أرادوه، وأن نوقر المسلمين  وأن نقوم لهم مِن مجالسنا إن أرادوا الجلوس، ولا نتشبه بهم في شيءٍ مِن ملابسهم في قلنسوةٍ، ولا عمامةٍ، ولا نعلين، ولا فرق شعرٍ، ولا نتكلم بكلامهم، ولا نكتني بكناهم، ولا نركب السروج، ولا نتقلد السيوف، ولا نتخذ شيئًا مِنَ السلاح، ولا نحمله معنا، ولا ننقش خواتيمنا بالعربية، ولا نبيع الخمور، وأن نجُز مقاديم رءوسنا، وأن نلزم زينا حيثما كنا، وأن نشد الزنانير على أوساطنا، وألا نظهر الصليب على كنائسنا وألا نظهر صلبنا ولا كتبنا في شيءٍ مِن طرق المسلمين ولا أسواقهم، ولا نضرب نواقيسنا في كنائسنا إلا ضربًا خفيفًا، وألا نرفع أصواتنا بالقراءة في كنائسنا في شيءٍ مِن حضرة المسلمين، ولا نخرج شعانين ولا باعوثًا، ولا نرفع أصواتنا مع موتانا، ولا نظهر النيران معهم في شيءٍ مِن طرق المسلمين ولا أسواقهم، ولا نجاورهم بموتانا ولا نتخذ مِنَ الرقيق ما جرى عليه سهام المسلمين، وأن نرشد المسلمين، ولا نطلع عليهم في منازلهم. قال: فلما أتيت عمر بالكتاب، زاد فيه: ولا نضرب أحدًا مِنَ المسلمين، شرطنا لكم ذلك على أنفسنا وأهل ملتنا، وقبلنا عليه الأمان، فإن نحن خالفنا في شيءٍ ممَّا شرطناه لكم وَوَظَفْنا على أنفسنا، فلا ذمة لنا، وقد حل لكم منا ما يحل مِن أهل المعاندة والشقاق". اهـ
ثُم يأتي هذا المعتوه ويريد أن يسوي بين المسلم والكافر، سبحانك هذا بهتان عظيم. وقد شارك منشورًا في فيسبوك، لأحد السفهاء، ذهَب فيه صاحبه إلى أنَّ غلق الحكومة لكنيسةٍ في ولاية تيزي وزو، واعتقال مَن يقوم بالتنصير، ليست بقضيتنا. فإذا كنت محاربة الكفر أمرٌ لا يعنينا ولا يهمنا؛ فعلى عقائدنا السلام!. وهؤلاء الخوارج لا بارك الله فيهم، كلَّما وجدوا سيئةً أشاعوها، وكلَّما راءوا حسنةً طمسوها. فلا حول ولا قُوة إلا بالله العلي العظيم. 
النقطة الثالثة: كتَب في صفحته في فيسبوك، أنَّ الزحف إلى العاصمة للتظاهر فيها واجبٌ لمن استطاع إليه سبيلًا. وبالتالي فقد جمَع بين إقرار تحريم ما أحل الله، وإيجاب ما لم يوجبه الله بل حرمه!. فمن المعلوم حرمة هاته المظاهرات؛ لما فيها مِن خروجٍ على ولاة أمور المسلمين، وتقليدٍ للكفار، ومنكرات كالتبرج والاختلاط والسرقة والإفساد. وقد تصدى أهل العلم لمن يروِّج لها؛ وكتبوا في ذلك الرسائل وأصدروا الفتاوى، وهذه بعض مقالتهم وفتاواهم.
1- فتوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء: الفتوى رقم (19936): "السؤال: مَر بعضٌ مِنَ الأعوام في مدينتنا مظاهراتٌ، وكانت تلك المظاهرات مصحوبةً بتخريب المؤسسات والشركات، فكانوا يأخذون كُل شيءٍ في المؤسسات وأنا أيضًا شاركت في تلك المظاهرات، وأخذت مِن بعض المؤسسات كتبًا ومصحفًا، وحينما التزمت عرفت أنَّ ذلك لا يجوز، وأريد مِن سماحتك أن تفيدني بماذا أفعل بهذه الكتب وخاصةً المصحف؟ وشكرًا، وجزاكم الله خيرًا. الجواب: يجب عليك أن ترد ما أخذته مِن أشياءٍ بغير حقٍّ، ولا يجوز لك تملكه أو الانتفاع به، فإن عرفت أصحابه وجب رده إليهم  وإن لم تعرف أصحابه ولم تستطع التوصل إليهم فإنك تتخلص منه بجعل هذه الكتب والمصاحف في مكانٍ يستفاد منه كمكتبات المساجد أو المسجد أو المكتبات العامة ونحو ذلك، ويجِب عليك التوبة النصوح، وعدم العودة لمثل هذا العمل السيء، مع التوجه لله سبحانه وحده، والاشتغال بطاعته، والتزود مِن نوافل العبادة، وكثرة الاستغفار؛ لعل الله أن يعفو عنك، ويقبل توبتك، ويختم لك بصالح أعمالك، كما ننصحك وكُل مسلمٍ ومسلمةٍ بالابتعاد عن هذه المظاهرات الغوغائية التي لا تحترم مالًا ولا نفسًا ولا عرضًا، ولا تمت إلى الإسلام بصلةٍ، ليسلَم للمسلم دينه ودنياه، ويأمن على نفسه وعرضه وماله. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم". اهـ 
الأعضاء: الشيخ بكر بن أبو زيدٍ، والشيخ الفوزان، والشيخ عبد الله غديان. نائب الرئيس: الشيخ عبد العزيز آل الشيخ. الرئيس: سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن بازٍ.
2- فتوى الشيخ عبد العزيز بن بازٍ رحمه الله: "السؤال: هل المظاهرات الرجالية والنسائية ضد الحكام والولاة، تعتبر وسيلة مِن وسائل الدعوة؟، وهل مَن يموت فيها يعتبر شهيدًا؟. الجواب: لا أرى المظاهرات النسائية والرجالية مِنَ العلاج، ولكني أرى أنها مِن أسباب الفتن، ومِن أسباب الشرور، ومِن أسباب ظلم بعض الناس، والتعدي على بعض الناس بغير حقٍّ ولكن الأسباب الشرعية المكاتبة والنصيحة، والدَّعوة إلى الخير بالطرق السليمة الطرق التي سلكها أهل العلم، وسلكها أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وأتباعهم بإحسانٍ بالمكاتبة والمشافهة مع الأمير ومع السلطان والاتصال به، و مناصحته والمكاتبة له دون التشهير في المنابر وغيرها بأنه فعَل كذا وصار منه كذا، والله المستعان". وقال أيضًا رحمه الله: "فالأسلوب الحسن مِن َأعظم الوسائل لقبول الحق؛ والأسلوب السيئ العنيف مِن أخطر الوسائل في رد الحق، وعدم قبوله أو إثارة القلاقل والظلم والعدوان والمضاربات. ويلحق بهذا الباب ما يفعله بعض الناس مِنَ المظاهرات التي تسبب شرًا عظيمًا على الدُّعاة، فالمسيرات في الشوارع والهتافات والمظاهرات ليست هي الطريق للإصلاح والدعوة، فالطريق الصحيح بالزيارة والمكاتبة هي أحسن فتنصح الرئيس والأمير وشيخ القبيلة بهذا الطريق لا بالعنف والمظاهرة، فالنبي صلى الله عليه وسلم مكَث في مكة ثلاث عشرة سنةً لم يستعمل المظاهرات ولا المسيرات ولم يهدد الناس بتخريب أموالهم واغتيالهم. ولا شك أنَّ هذا الأسلوب يضر بالدعوة والدعاة، ويمنع انتشارها ويحمل الرؤساء والكبار على معاداتها و مضادتها بكل ممْكنٍ فهم يريدون الخير بهذا الأسلوب ولكن يحصل به ضده، فكون الداعي إلى الله يسلك مسلك الرسل وأتباعهم ولوطالت المدة أولى به مِن عملٍ يضر بالدعوة ويضايقها، أو يقضي عليها، ولا حول ولا قوة إلا بالله". (10) اهـ
3- رَد الإمام محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله على المتظاهرين في استدلالهم: بحديث (ما أنت بمنتهٍ يا عمر؟!) رقم (6531) مِنَ "الضعيفة" وفيه: فأخرجناه في صفين، حمزة في أحدهما وأنا في الآخر، له كديدٌ ككديد الطحين حتى دخلنا المسجد فنظرت إلى قريشٍ وإلى حمزة، فأصابتهم كآبةٌ لم يصبهم مثلها ... وهو حديث منكرٌ. فيه إسحاق ابن أبي  فروة وهومتروكٌ.   
وفيه قال الألباني: "ولعل ذلك كان السبب أو مِن أسباب استدلال بعض إخواننا الدعاة على شرعية "المظاهرات" المعروفة اليوم، وأنها كانت مِن أساليب النبي صلى الله عليه وسلم في الدعوة! ولا تزال بعض الجماعات الإسلامية تتظاهر بها، غافلين عن كونها مِن عادات الكفار وأساليبهم التي تتناسب مع زعمهم أنَّ الحكم للشعب، وتتنافى مع قوله صلى الله عليه وسلم: (خير الهدى هدى محمدٍ صلى الله عليه وسلم). أقول: فالمظاهرات منبثقةٌ مِن رحم الديمقراطية، وهي وسيلةٌ مِن وسائل تطبيقها، وهذا يفسِّر تلك الشعارات المشبوهة التي ترفع في هذه المظاهرات مثل الحرية والمساواة والعدالة الإجتماعية وتداول السلطة وغيرها، مع التأكيد على الديمقراطية أولًا وأخيرًا فكيف يصح وصف هذه المهاترات بالمباركة مِن بعض الغلاة في الحاكمية ؟ وما هذا إلا بمنزلة مَن يزيل نجاسةً بأخرى أعظم منها". اهـ
4- فتوى فضيلة الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله: "السؤال: ابتلينا في بلادنا بمن يرى بجواز المظاهرات في إنكار المنكر، فإذا رأوا منكرًا معينًا تجمعوا وعملوا مظاهرة ويحتجون أنَّ ولي الأمر يسمح لهم بمثل هذه الأمور؟ الشيخ: أولا: إنَّ المظاهرات لا تفيد بلا شكٍّ، بل هي فتح بابٍ للشر والفوضى، فهذه الأفواج ربَّما تمر على الدكاكين وعلى الأشياء التي تُسرق وتَسرق، وربَّما يكون فيها اختلاطٌ بين الشباب المردان والكهل، وربَّما يكون فيها نساءٌ أحيانًا فهي منكرٌ ولا خير فيها، ولكن ذكَروا لي أنَّ بعض البلاد النصرانية الغربية لا يمكن الحصول على الحق إلا بالمظاهرات، والنصارى والغربيون إذا أرادوا أن يفحموا الخصومة تظاهروا فإذا كان مستعملًا وهذه بلاد كفارٍ ولا يرون بها بأسًا ولا يصل المسلم إلى حقه أو المسلمون إلى حقهم إلا بهذا فأرجو ألا يكون به بأسٌ، أمَّا في البلاد الإسلامية فأرى أنها حرامٌ ولا تجوز، وأتعجب مِن بعض الحكام إن كان كما قلت حقًّا أنه يأذن فيها مع ما فيها مِنَ الفوضى، ما الفائدة منها، نعم ربَّما يكون بعض الحكام يريد أمرًا إذا فعله انتقده الغرب مثلًا وهو يداهن الغرب ويحابي الغرب، فيأذن للشعب أن يتظاهر حتى يقول للغربيين: "انظروا إلى الشعب تظاهروا يريدون كذا، أو تظاهروا لا يريدون كذا"، فهذه ربَّما تكون وسيلةً لغيرها ينظر فيها، هل مصالحها أكثر أم مفاسدها؟. السائل: كذا منكرٌ حصَل، فعملت المظاهرة فنفع. الشيخ: لكنها تضر أكثر، وإن نفعت هذه المرة ضرت المرة الثانية". اهـ (11)  
سؤالٌ آخر: "بالنسبة إذا كان حاكمٌ يحكُم بغير ما أنزل الله ثُم سمح لبعض الناس أن يعملوا مظاهرةً تسمى عصامية مع ضوابط يضعها الحاكم نفسه ويمضي هؤلاء الناس على هذا الفعل، وإذا أنكِر عليهم هذا الفعل، قالوا: نحن ما عارضنا الحاكم ونفعَل برأي الحاكم، هل يجوز هذا شرعًا مع وجود مخالفة النص؟" الجواب: "عليك بإتباع السَّلف، إن كان هذا موجودًا عند السلف فهو خيرٌ، وإن لم يكن موجوداً فهو شرٌّ، ولا شك أنَّ المظاهرات شرٌّ؛ لأنها تؤدي إلى الفوضى مِنَ المتظاهرين ومِن الآخرين  وربَّما يحصل فيها اعتداءٌ؛ إمَّا على الأعراض، وإمَّا على الأموال، وإمَّا على الأبدان لأنَّ الناس في خضم هذه الفوضوية قد يكون الإنسان كالسكران لا يدري ما يقول ولا ما يفعل، فالمظاهرات كلها شرٌّ سواء أذَن فيها الحاكم أو لم يأذن. وإذن بعض الحكام بها ما هي إلا دعايةٌ، وإلا لو رجعت إلى ما في قلبه لكان يكرهها أشد كراهةٍ، لكن يتظاهر بأنه كما يقول: ديمقراطي وأنه قد فتَح باب الحرية للناس، وهذا ليس مِن طريقة السلف".اهـ (12)
5- فتوى الشيخ مقبل بن هادي الوادعي  رحمه الله : "السؤال: ما حكم المظاهرات في الإسلام؟ ألها أصلٌ شرعيٌّ أم أنها بدعةٌ اقتبسها المسلمون مِن أعداء الإسلام؟ الجواب: "لا، هي بدعة ٌوقد تكلمنا على هذا في مقدمة "الإلحـاد الخميني في أرض الحرمين" وذكرنا أنَّ الآيات القرآنية تدل على أنَّ التظاهر يكون على الشر، وهناك آيةٌ وهي قوله تعالى: {وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ} (13) هي نعرةٌ جاهليةٌ اقتدى المسلمون بأعداء الإسلام، وصدق الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم إذ يقول: (لتتبعن سَنن مَن كان قبلكم حذو القذة حتى لو دخلوا جحر ضبٍّ لدخلتموه) . وإنني أحمد الله سبحانه وتعالى فما تجد سنيًّا يحمِل لواء هذه المظاهرة، ولا يدعو إلى هذه المظاهرات إلا الهمج الرعاع، وماذا يستفيد المجتمع ؟ فالعراق يقصف بالطائرات والمظاهرات في شوارع اليمن أو غيره، ولقد أحسن محمد بن سالمٍ البيحاني إذ يقول: 
        هيهات لا ينفع التصفيق ممتلأً      به الفضاء ولا صوت الهُتَافَـات 
        فَلْيَحْيَ أو فليمت لا يستقيم بها      شعبٌ ولا يسقط الجبار والعاتي 
        يا أسكت الله أفواهًا تصيح لــه      فكـم بُلينـا بِتَصْفِيْــقٍ وأصــوات 
        وكم خطيبٍ سمعنا وهو مندفعٌ      ومــا لــه أثـــر مـــاضٍ ولا آت".(14) اهـ 
وقال أيضًا: "والمظاهرات طاغوتيةٌ في شوارع صنعاء فو الله لقد أهانوا الإسلام".(15) اهـ 
وقال أيضًا: "ينبغي أن تعلم أنَّ التظاهر بهذه الكيفية ليس إسلاميًا، فلا نعلمه ورد عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أن يَخرج جماعةً يهتفوا بشعارٍ واحدٍ، وليس إلا تقليدًا لأعداء الإسلام وتشبهًا بهم، والرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: (مَنْ تشبَّهَ بِقَومٍ فَهُوَ مِنْهُمْ)".(16) اهـ وقال أيضًا: "أمَّا التمكين فالنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان يَمر بالصاحب مِن أصحابه يُضْرَبُ ويأمره بالصبر، ولا يَخرج النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ولا أصحابه مظاهرةً مِن هذه المظاهرات الجاهلية".(17) اهـ .
وختامًا أريد أن أنبه على أنه منذ بداية هذا الحَراك المشئوم، انصرف كثيرٌ مِنَ الناس إلى حفظ مواد الدستور والعمل بها، وكان عليهم أن يحفظوا كتاب رَبهم، وسنَّة نبيهم صلى الله عليه وعلى آله وسلم. وأصبح هذا الحَراك- الذي لا بارك الله فيه- يُسمى عنهم مباركًا، وكيف تكون البركة في خلاف ما شرع الله لعباده. {فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَٰكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ[الحج: 46]. وبهذا اختلت كثيرٌ مِن عقائد الناس؛ فأمورٌ مِنَ المفروض أن يكفروا بها، أصبحوا ينادون بها. والله تعالى يقول: {فَمَن يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىٰ لَا انفِصَامَ لَهَا ۗ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}[البقرة:256]. وقال: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَالآية [النحل: 36]. وبهذا يتضح زيف كثيرٍ مِنَ الدعوات البراقة كالدعوة إلى الدولة المدنية، والعدالة الاجتماعية، والرُقي والتحضر. وأنها مِن باب دَس السم في الدسم، كفانا الله وإياكم شرها، {وَمَن يَعْتَصِم بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ} [آل عمران: 101]. والحمد لله رَب العالمين.
                      تم الفراغ منه 2 ربيع الأول 1441 هجري
                       كتبه أبو عبد الله إبراهيم بن خالدٍ التبسي    
                                في الرباح وادي سوف

والمقال بصيغة bdf من هنا


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1أخرجه البخاري- فتحٌ- (ج2ـ 4356)، و(ج13ـ 7320) واللفظ له. ومسلمٌ- نووي- (ج16ـ 2669)، مِن حديث أبي سعيدٍ الخذري رضي الله عنه وأخرجه البخاري- فتحٌ- (ج13ـ 7319)، مِن حديث أبي هريرة رضي الله عنه وفيه: فارسٌ والروم بدل الهود والنصارى. 

أخرجه البخاري- فتحٌ- (ج7ـ 3688)، و(ج10ـ 6167ـ 6171)، و(ج13ـ 7153)، ومسلمٌ- نووي- (ج16ـ 2639)، مِن حديث أنس بن مالكِ رضي الله عنه وأخرجه البخاري- فتحٌ- (ج10ـ 6168ـ 6169)، ومسلمٌ- نووي- (ج16ـ 2640)، مِن حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه وأخرجه البخاري- فتحٌ- (ج10ـ6170)، مِن حديث أبي موس الاشعري رضي الله عنه. 

3 أخرجه أحمد (2304ـ 2642) ط/ بيت الأفكار الدولية، من طريق سليمان بن كثير الواسطي، عن الزهري وهو ضعيفٌ فيه. وأخرجه أحمد (3303) اللفظ له، وأبو داود (1721)، وابن ماجة (2886)، مِن طريق سفيان بن حسينٍ، وهو ضعيفٌ في الزهري أيضًا، وتابعهما محمد بن أبي حفصة، وزمعة بن صالحٍ عند أحمد (3510ـ 3520). وأخرجه النسائي (2620) ط/ مكتب المطبوعات الإسلامية، وفي إسناده: موسى بن سلَمة المصري مجهول حالٍ، وهو صحيحٌ بمجموع طرقه. وقد أخطأ الشيخ محمد بن حزامٍ في "فتح العلام" (ج2 ص 790) ط/مكتبة ابن تيمية، في تصحيح إسناده؛ لأنَّ كُل طرقه لا تخلوا مِن ضعفٍ. وصححه العلامة الوادعي رحمه الله في "الجامع الصحيح" (ج2 ص381) ط/ دار الآثار، وأصله في مسلمٍ- نووي- (ج9ـ 1337)، مِن حديث أبي هريرة رضي الله عنه. 

أخرجه البخاري- فتحٌ- (ج3ـ 1778ـ 1779ـ 1780)، و(ج6ـ 3066) مختصرًا، و(ج7ـ 4148)، ومسلمٌ- نووي- (ج8ـ 1253). 

5 أخرجها البخاري- فتحٌ- (ج3ـ 1775)، و(ج7ـ 4243).

أخرجها البخاري- فتحٌ- (ج3ـ 1776ـ 1777)، و(ج7ـ 4254)، ومسلمٌ- نووي- (ج8ـ 1255).

7 أخرجه مسلمٌ- نووي- (ج16ـ 2564ـ 34).

أخرجه أحمد (23885)، بإسنادٍ صحيحٍ. وأخرجه البزار- كشفٌ- (3583)، مِن طريق جعفر بن سليمانٍ الضُبعي، عن الجريري، عن أبي نضرة، عن أبي سعيدٍ رضي الله عنه. وقال البزار"ولا نعلمه يروى عن أبي سعيد إلا من هذا الوجه". اهـ وجعفر حسن الحديث، وله شاهدٌ عند أحمد (21736)، في إسناده محمد بن سليمٍ الراسبي ضعيفٌ، ولفظه: (انظر فإنك لست بخیرٍ مِن أحمر ولا أسود إلا أن تفضله بتقوى). والحديث صححه العلامة الوادعي رحمه الله في "الجامع الصحيح" (ج6 ص156ـ157).

9 نوويٌّ (ج14ـ2167).

10 مجموع فتاوى ابن بازٍ (ج27 ص164) بعناية الشويعر.

11 لقاء الباب المفتوح (203).

12 لقاء الباب المفتوح (179).

13 التحريم: 4. 

14 غارة الاشرطة (ج2 ص451) ط/ دار الحرمين.

15 غارة الاشرطة (ج2 ص452). 

16 الإلحاد الخميني في أرض الحرمين (ص57).

17 غارة الاشرطة (ج1 ص224).

الثلاثاء، 1 أكتوبر 2019

النكت المليحة على القصيدة المسماة بالنصيحة

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أمَّا بعدُ: فهذه أبياتٌ شعريةٌ منهجيةٌ بعيدةُ الغوْر تُثلج صدر كُل سلفيٍّ ثابتٍ على الحق لشيخنا المجاهد سعيد بن دعاسٍ ـ رحمه الله ـ فقمتُ ــ بعون الله وتوفيقه ــ، بإخراجها مِن الرف إلى الكف، مع التعليق عليها ببعض التعليقات المختصرة، رجاء التقريب لمضمونها، والإفصاح عن مكنونها، لا سيما وهي تتكلم عن أمرٍ عظيمٍ في دين الله ألا وهو (النصيحة). فأسأل الله تعالى بمنه وكرمه أن ينفع المسلمين بها وبسائر كتبه ـ رحمه الله ـ ومؤلفاته ومسموعاته، والحمد لله رب العالمين. 
للتنزيل أو التصفح من هنا