بسم الرحمن الرحيم
الحمد لله العظيم المنان،واسع الجود والامتنان،والصلاة والسلام على نبينا سيد بني الإنسان،وعلى آله وصحبه وسلَّم .
أمَّا بَعْدُ
فقد يَسر الله ـ عز وجل ـ أن ردَدت على تخليطات حُسين الحطيبي،في مقالي المسمى "التعقيب السَّلفي على نقل الحطيبي" . وبعده بأيامٍ صدَرت كلمةً لخالد بن عبودٍ الحضرمي،وأظنها مفْتعلةً،منشورةٌ في منتديات الحامي بتاريخ 10 ذي القعدة 1439 هجري . والصراخ على قدْر الألم كما يقال،أجاب فيها على سؤالٍ عن حال الدعوة في عدن،وعن حال حُسين الحطيبي . فذهَب يتخبط خبط عشواءٍ،ويأصل ويفصِّل مِن زبالة أفكاره . ومِن دعاويه التي لا أساس لها مِنَ الصحة في هذا الجواب،قوله : "الدعوة في عدنٍ ولله الحمد قويةٌ". اهـ ويقال له : إنَّ الدعوى غير مطابقةٍ للواقع؛فقد اتصل أخونا العربي البسكري بالشيخ أحمد بن عثمان العدني،وأبلغه بما يُنتقد على مشايخ اليمن،في عدنٍ وغيرها،في رسالته " رسالة إلى المشايخ والدعاة اليمنيين " . لكن الشيخ لم يجب بشيءٍ وبدأ يتهرب،وأحاله على أبنائه . فما كان مِن أبنائه إلا التهرب،وإعطاء المواعيد الكاذبة،وإخلاف الوعد . كما قال الشاعر :
وعَدت وكان الخُلف منك سجيةً … مواعيد عرقوب أخاه بيثرب .
وقد كتَب له أخونا العربي نصيحةً أخرى،ولا أدري هل أرسلها له أم لا ؟ . فدعوة هذه حالها،لايستطيع أصحابها الإجابة عما يُنتقد عليهم قويةٌ،أجيبوني بالله عليكم ؟! . دعوة يلجأ أصحابها،إلى القواعد الخلفية،كالتلبيس والإجمالات والمغالطات والحيدة عن مواطن النزاع قويةٌ،أترك الجواب للقارئ المنصف .
ثُم قوله : "وإياك أن تُشيع بعض الأمورالتي ربَّما تضر الدعوة؛فتأخذ كلمةً مِن كلمات العلماء في بعض الناس،فتشيعها في أوساط الناس". اهـ وهذا الكلام فيه سدٌّ لباب النقد؛لما عرِف مِن منهج أبي بلالٍ،وكُل نزاعنا معه في الأمور التي تضر الدعوة،كالتقليد والتعصب والإجمالات والتلبيس . وهذا الكلام ما هو إلا تقعيدٌ منه لحماية نفسه ومَن معه مِنَ المقلدة والمتعصبة؛فإذا ترَك الناس نقل كلام أهل العلم في المنحرفين،خلا له الجو وبَث ما شاء مِنَ القواعد الخلفية . وصدَق الإمام الوادعي ـ رحمه الله ـ حينما قال : "المجروح يخاف مِنَ الجرح". اهـ وهذا التأصيل العليل منه،نحو القذة بالقذة مع أصحاب الحزب العدني،وأتباع الجابري والمدخلي .
ثُم قوله : "نحتاج إلى أن نصبر نتناصح،ويكون الرفق هو السائد". اهـ لم يبين الحضرمي حَد الصبر والتناصح الشرعي،وللأسف هذه القاعدة المطاطة،هي ديدن كل مَن ثقل عليه منهج الله تعالى،وركن إلى التعصب؛والهدف منها هو التملص . تَجد الرجل عنده الضلالات،وعندما يُنصح لا يتراجع،مع أنه قد بين له،ثُم تتعالى أصوات المدافعين عنه بالباطل،الصبر النصح . والذي خبَرناه مِن حال القوم هو،الليونة في حق موافقيهم،ومجاوزة الحد الشرعي فيه،أمَّا مخالفوهم فهم،فرغٌ أصحاب فتنٍ،ليس عندهم دعوة . وسياتي ذلك مِن كلامه ـ إن شاء الله تعالى ـ وقد جاءت آثارٌ عن السلف،تبين هذا الحد . قال الخلال في السنة (871) : "سألت أبا عبد الله ـ يقصد الإمام أحمد ـ عن القدري،فلم يكفره إذا أقر بالعلم". اهـ وكفر الإمام الشافعي حفص الفرد،في مجلسٍ واحدٍ،عند والي مصر؛بسبب قوله أنَّ القرآن مخلوقٌ،كما في الشريعة (176)ط/دار الوطن للآجري ـ رحمه الله ـ بإسنادٍ حسنٍ . وحاصل هذه الآثار أنَّ مَن قامت عليه الحجة وعاند واستمر في غيه؛حكِم عليه بمقتضى مخالفته،كما هوحالك أنت ومَن معك . والدافع لهتك أستاركم؛هو تماديكم في الباطل،فمن أيام دار الحديث بدماج،وأنتم ترمون إخوانكم الثابتين على الحق بالغلو والمجازفة . وبعد الخروج مِنَ الدار،ازداد شركم؛بالدعوة إلى التقليد،والتزام أقوال المشايخ مسَّلمةً بدون عرضها على الكتاب والسُّنة،مع دعواكم التجرد للحق والعبرة بالدلائل العلمية . ومع ذلك نُصحتم بالتي هي أحسن،وصُبر عليكم،فما زادكم ذلك إلا إصرارًا على الباطل،فما ما بقي إلا تطبيق ما تقتضيه الشريعة المحمدية عليكم،وبالله التوفيق . و قوله "ويكون الرفق هو السائد" تعميمٌ غير سليمٍ؛لأنَّ فيه إهمالًا لجانب الشدة في منهج النبي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ فقَد هجَر النبي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ كعب بن مالكٍوصاحبيه؛لتخلفهم عن غزوة تبوكٍ . أخرجه البخاري ـ فتح ـ (ج8 ـ 4418)،ومسلمٌ ـ نووي ـ (ج17 ـ 2769)،مِن حديث كعب بن مالكِ ـ رضي الله عنه ـ وقال للذي أبى أن ياكل بيمينه،(لَا اسْتَطَعْتَ،مَا مَنَعَهُ إِلَّا الْكِبْرُ)،أخرجه مسلمٌ ـ نووي ـ (ج13 ـ 2020) مِن حديث سلمة بن الأكوع ـ رضي الله عنه ـ وزجَر ابن عمرٍ ـ رضي الله عنهما ـ مَن أراد منع النساء مِنَ المسجد،كما في مسلمٍ ـ نووي ـ (ج4 ـ 442 ـ 135 ـ 138 ـ 139)،وتبرأ ـ رضي الله عنه ـ مِنَ القدرية؛لمَّا بلغه ما يقولون،أخرجه مسلمٌ ـ نووي ـ (ج1 ـ 8) . وإلى غير ذلك مِنَ الأدلة المتكاثرة،وعمل السَّلف،كلها يتجاهلها الحضرمي وشلته الفارغة المميعة . اللين اللين حتى يُقضى على دعوة أهل السُّنة والجماعة في اليمن،وهي أمورٌ تضر الدعوة فعلًا،وكل الأدلة الشرعية على ذَم أصحابها،ونبذهم والتحذير منهم .
ثُم قوله : "ولو عولج سرًّا،ولا سيما في هذه الأيام؛كان أحسن وأفضل". اهـ مِن أين لك أنَّ كُل الأخطاء،سِريها وعلانيها،تعالج سرًّا،وكذا تقييدها بهذه الأيام . قال الله تعالى :{وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ۚ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَٰئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا}[الإسراء : 36] . وقال : {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُم مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ اللَّهُ} الآية [ الشورى : 21 ] . وقد فرَّق الشارع بين طريقة إنكار الأخطاء،ولم يقيدها بزمنٍ . قال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ كما في "مجموع الفتاوي" (ج28ص217 ـ 218) : "مَن فعَل شيئًا مِنَ المنكرات،كالفواحش،والخمر،والعدوان،وغير ذلك، فإنه يجب الإنكار عليه بحسب القدرة،كما قال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ : (مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ،فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ،فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ،وَذَلِكَ أَضْعَفُ الْإِيمَانِ)،فإن كان الرجل متسترًاً بذلك،وليس معلنًا له أُنكر عليه سرًّا وسُتر عليه،كما قال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ : (مَنْ سَتَرَ عَبْدًا سَتَرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ) على أن لا يتعدى ضرره،والمتعدي لابد مِن كف عدوانه،وإذا نهاه المرء سرًّا فلم ينته فُعل ما ينكف به مِن هجرٍ وغيره،إذا كان ذلك أنفع في الدين . وأمَّا إذا أظهَر الرجل المنكرات،وجب الإنكار عليه علانيةُ،ولم نُبق له غيبة،ووجب أن يعاقب علانيةً بما يردعه عن ذلك مِن هجرٍ وغيره،فلا يسلَّم عليه،ولا يُرد عليه السلام". اهـ ولا فرق في ذلك بين المخالفات الخلقية،والمخالفات الدعوية،كما بَينه الشيخ المجاهد سعيد بن دعاسٍ ـ رحمه الله ـ في " تنزيه السلفية " (ص208 ـ 216) . وفاقرة الفواقر،تقييده لهذا الفعل بهذا الزمن،قال تعالى : {قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِندَ اللَّهِ عَهْدًا فَلَن يُخْلِفَ اللَّهُ عَهْدَهُ ۖأَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} [ البقرة : 80 ] .
ثُم قوله : "فأبوهريرة سمِع مِنَ النبي جرابين،ونشَر واحدًا رأى هذا لابد أن يُنشر،ممَّا يتعلق بالخير بالعبادات والعقائد. ورأى أنَّ ذاك الجراب ما فيه الآن مصلحةً لنشره فأخره". اهـ ليس في هذا الأثر ما ذهَب إليه هذا المدْبر؛لأنَّ السلف ـ رضوان الله عليهم ـ لم يتركوا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر،ويدخل فيه تصويب المصيب،وتخطئة المخطئ . وقد ذكَرت جملةٌ مِن ذلك في ردي على الغرباني، المعنون "بتحذير القاصي والداني مِن ضلالات الغرباني"( ص6)، فليراجعه مَن شاء. وهذا الكلام في الحقيقة ردٌّ عليه؛ لأنه ذكر أنَّ أبا هريرة بيَّن العقائد، ومِن أصول ديننا وجوب الرد على المخالف. وقد ذكَر أهل العلم، أنَّ هذه الأمور لو تضمنت حكمًا شرعيًا ما وسعه كتمانه، وبيان حكم المخالف مِن فسقٍ وبدعةٍ وكفرٍ؛ هو حكمٌ شرعيٌّ منوطٌ بأسبابه. قال الحافظ في "الفتح" (ص286) ط/ دار الفيحاء: "حمَل العلماء الوعاء الذي لم يبثه على الأحاديث التي فيها تبيين أسامي أمراء السوء وأحوالهم وزمنهم،وقد كان أبو هريرة يكنِي عن بعضه ولا يصرح به خوفًا على نفسه منهم،كقوله : أعوذ بالله مِن رأس الستين وإمارة الصبيان، يشير إلى خلافة يزيد بن معاوية؛ لأنها كانت سنة ستين مِنَ الهجرة .... وقال ابن المنير :وإنما أراد أبو هريرة بقوله : "قُطع" أي : قطَع أهل الجور رأسه إذا سمعوا عيبه لفعلهم وتظليله لسعيهم،ويؤيد ذلك أنَّ الأحاديث المكتومة لو كانت مِنَ الأحكام ما وسعه كتمانها لما ذَكره في الحديث الأول مِنَ الآية الدالة على ذم كتم العلم،وقال غيره : يحتمل أن يكون أراد مع الصنف المذكور ما يتعلق بأشراط الساعة وتغير الأحوال والملاحم في آخر الزمان،فينكِر ذلك مَن لم يألفه،ويعترض عليه مَن لا شعور له به". اهـ ولا شك أنَّ النقد، وبيان الخطإ مِنَ الصواب، والحكم على الأشخاص بما يقتضيه حالهم،مِنَ الأحكام الشرعية؛التي ينتج عن تأخيرها ضررٌ أكبرٌ،وماكان ضرره أكبرًا لايجوز تأخيره،كما حذَّر النبي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ مِنَ الخوارج . وقد سبَق لي نحو هذا الكلام،في ردي عليه المسمى "التأملات السلفية"،وكنت استشهدت بالأثر،على عدم جواز كتم العلم الذي يتضمن ضررًا أكبرًا أو تأخيره. ثُم يأتي بعد هذا، ويقرر أنَّ هذا منهج السَّلفِ، والسَّلفُ في شقٍّ وهو في شقٍّ آخر. والغريب في الأمر هو نسبة هذا الفعل لأبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ سبحانك هذا بهتان عظيم ؟!.
ثُم قوله : "وإياك أن تُشيع بعض الأمورالتي ربَّما تضر الدعوة؛فتأخذ كلمةً مِن كلمات العلماء في بعض الناس،فتشيعها في أوساط الناس". اهـ وهذا الكلام فيه سدٌّ لباب النقد؛لما عرِف مِن منهج أبي بلالٍ،وكُل نزاعنا معه في الأمور التي تضر الدعوة،كالتقليد والتعصب والإجمالات والتلبيس . وهذا الكلام ما هو إلا تقعيدٌ منه لحماية نفسه ومَن معه مِنَ المقلدة والمتعصبة؛فإذا ترَك الناس نقل كلام أهل العلم في المنحرفين،خلا له الجو وبَث ما شاء مِنَ القواعد الخلفية . وصدَق الإمام الوادعي ـ رحمه الله ـ حينما قال : "المجروح يخاف مِنَ الجرح". اهـ وهذا التأصيل العليل منه،نحو القذة بالقذة مع أصحاب الحزب العدني،وأتباع الجابري والمدخلي .
ثُم قوله : "نحتاج إلى أن نصبر نتناصح،ويكون الرفق هو السائد". اهـ لم يبين الحضرمي حَد الصبر والتناصح الشرعي،وللأسف هذه القاعدة المطاطة،هي ديدن كل مَن ثقل عليه منهج الله تعالى،وركن إلى التعصب؛والهدف منها هو التملص . تَجد الرجل عنده الضلالات،وعندما يُنصح لا يتراجع،مع أنه قد بين له،ثُم تتعالى أصوات المدافعين عنه بالباطل،الصبر النصح . والذي خبَرناه مِن حال القوم هو،الليونة في حق موافقيهم،ومجاوزة الحد الشرعي فيه،أمَّا مخالفوهم فهم،فرغٌ أصحاب فتنٍ،ليس عندهم دعوة . وسياتي ذلك مِن كلامه ـ إن شاء الله تعالى ـ وقد جاءت آثارٌ عن السلف،تبين هذا الحد . قال الخلال في السنة (871) : "سألت أبا عبد الله ـ يقصد الإمام أحمد ـ عن القدري،فلم يكفره إذا أقر بالعلم". اهـ وكفر الإمام الشافعي حفص الفرد،في مجلسٍ واحدٍ،عند والي مصر؛بسبب قوله أنَّ القرآن مخلوقٌ،كما في الشريعة (176)ط/دار الوطن للآجري ـ رحمه الله ـ بإسنادٍ حسنٍ . وحاصل هذه الآثار أنَّ مَن قامت عليه الحجة وعاند واستمر في غيه؛حكِم عليه بمقتضى مخالفته،كما هوحالك أنت ومَن معك . والدافع لهتك أستاركم؛هو تماديكم في الباطل،فمن أيام دار الحديث بدماج،وأنتم ترمون إخوانكم الثابتين على الحق بالغلو والمجازفة . وبعد الخروج مِنَ الدار،ازداد شركم؛بالدعوة إلى التقليد،والتزام أقوال المشايخ مسَّلمةً بدون عرضها على الكتاب والسُّنة،مع دعواكم التجرد للحق والعبرة بالدلائل العلمية . ومع ذلك نُصحتم بالتي هي أحسن،وصُبر عليكم،فما زادكم ذلك إلا إصرارًا على الباطل،فما ما بقي إلا تطبيق ما تقتضيه الشريعة المحمدية عليكم،وبالله التوفيق . و قوله "ويكون الرفق هو السائد" تعميمٌ غير سليمٍ؛لأنَّ فيه إهمالًا لجانب الشدة في منهج النبي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ فقَد هجَر النبي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ كعب بن مالكٍوصاحبيه؛لتخلفهم عن غزوة تبوكٍ . أخرجه البخاري ـ فتح ـ (ج8 ـ 4418)،ومسلمٌ ـ نووي ـ (ج17 ـ 2769)،مِن حديث كعب بن مالكِ ـ رضي الله عنه ـ وقال للذي أبى أن ياكل بيمينه،(لَا اسْتَطَعْتَ،مَا مَنَعَهُ إِلَّا الْكِبْرُ)،أخرجه مسلمٌ ـ نووي ـ (ج13 ـ 2020) مِن حديث سلمة بن الأكوع ـ رضي الله عنه ـ وزجَر ابن عمرٍ ـ رضي الله عنهما ـ مَن أراد منع النساء مِنَ المسجد،كما في مسلمٍ ـ نووي ـ (ج4 ـ 442 ـ 135 ـ 138 ـ 139)،وتبرأ ـ رضي الله عنه ـ مِنَ القدرية؛لمَّا بلغه ما يقولون،أخرجه مسلمٌ ـ نووي ـ (ج1 ـ 8) . وإلى غير ذلك مِنَ الأدلة المتكاثرة،وعمل السَّلف،كلها يتجاهلها الحضرمي وشلته الفارغة المميعة . اللين اللين حتى يُقضى على دعوة أهل السُّنة والجماعة في اليمن،وهي أمورٌ تضر الدعوة فعلًا،وكل الأدلة الشرعية على ذَم أصحابها،ونبذهم والتحذير منهم .
ثُم قوله : "ولو عولج سرًّا،ولا سيما في هذه الأيام؛كان أحسن وأفضل". اهـ مِن أين لك أنَّ كُل الأخطاء،سِريها وعلانيها،تعالج سرًّا،وكذا تقييدها بهذه الأيام . قال الله تعالى :{وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ۚ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَٰئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا}[الإسراء : 36] . وقال : {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُم مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ اللَّهُ} الآية [ الشورى : 21 ] . وقد فرَّق الشارع بين طريقة إنكار الأخطاء،ولم يقيدها بزمنٍ . قال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ كما في "مجموع الفتاوي" (ج28ص217 ـ 218) : "مَن فعَل شيئًا مِنَ المنكرات،كالفواحش،والخمر،والعدوان،وغير ذلك، فإنه يجب الإنكار عليه بحسب القدرة،كما قال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ : (مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ،فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ،فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ،وَذَلِكَ أَضْعَفُ الْإِيمَانِ)،فإن كان الرجل متسترًاً بذلك،وليس معلنًا له أُنكر عليه سرًّا وسُتر عليه،كما قال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ : (مَنْ سَتَرَ عَبْدًا سَتَرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ) على أن لا يتعدى ضرره،والمتعدي لابد مِن كف عدوانه،وإذا نهاه المرء سرًّا فلم ينته فُعل ما ينكف به مِن هجرٍ وغيره،إذا كان ذلك أنفع في الدين . وأمَّا إذا أظهَر الرجل المنكرات،وجب الإنكار عليه علانيةُ،ولم نُبق له غيبة،ووجب أن يعاقب علانيةً بما يردعه عن ذلك مِن هجرٍ وغيره،فلا يسلَّم عليه،ولا يُرد عليه السلام". اهـ ولا فرق في ذلك بين المخالفات الخلقية،والمخالفات الدعوية،كما بَينه الشيخ المجاهد سعيد بن دعاسٍ ـ رحمه الله ـ في " تنزيه السلفية " (ص208 ـ 216) . وفاقرة الفواقر،تقييده لهذا الفعل بهذا الزمن،قال تعالى : {قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِندَ اللَّهِ عَهْدًا فَلَن يُخْلِفَ اللَّهُ عَهْدَهُ ۖأَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} [ البقرة : 80 ] .
ثُم قوله : "فأبوهريرة سمِع مِنَ النبي جرابين،ونشَر واحدًا رأى هذا لابد أن يُنشر،ممَّا يتعلق بالخير بالعبادات والعقائد. ورأى أنَّ ذاك الجراب ما فيه الآن مصلحةً لنشره فأخره". اهـ ليس في هذا الأثر ما ذهَب إليه هذا المدْبر؛لأنَّ السلف ـ رضوان الله عليهم ـ لم يتركوا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر،ويدخل فيه تصويب المصيب،وتخطئة المخطئ . وقد ذكَرت جملةٌ مِن ذلك في ردي على الغرباني، المعنون "بتحذير القاصي والداني مِن ضلالات الغرباني"( ص6)، فليراجعه مَن شاء. وهذا الكلام في الحقيقة ردٌّ عليه؛ لأنه ذكر أنَّ أبا هريرة بيَّن العقائد، ومِن أصول ديننا وجوب الرد على المخالف. وقد ذكَر أهل العلم، أنَّ هذه الأمور لو تضمنت حكمًا شرعيًا ما وسعه كتمانه، وبيان حكم المخالف مِن فسقٍ وبدعةٍ وكفرٍ؛ هو حكمٌ شرعيٌّ منوطٌ بأسبابه. قال الحافظ في "الفتح" (ص286) ط/ دار الفيحاء: "حمَل العلماء الوعاء الذي لم يبثه على الأحاديث التي فيها تبيين أسامي أمراء السوء وأحوالهم وزمنهم،وقد كان أبو هريرة يكنِي عن بعضه ولا يصرح به خوفًا على نفسه منهم،كقوله : أعوذ بالله مِن رأس الستين وإمارة الصبيان، يشير إلى خلافة يزيد بن معاوية؛ لأنها كانت سنة ستين مِنَ الهجرة .... وقال ابن المنير :وإنما أراد أبو هريرة بقوله : "قُطع" أي : قطَع أهل الجور رأسه إذا سمعوا عيبه لفعلهم وتظليله لسعيهم،ويؤيد ذلك أنَّ الأحاديث المكتومة لو كانت مِنَ الأحكام ما وسعه كتمانها لما ذَكره في الحديث الأول مِنَ الآية الدالة على ذم كتم العلم،وقال غيره : يحتمل أن يكون أراد مع الصنف المذكور ما يتعلق بأشراط الساعة وتغير الأحوال والملاحم في آخر الزمان،فينكِر ذلك مَن لم يألفه،ويعترض عليه مَن لا شعور له به". اهـ ولا شك أنَّ النقد، وبيان الخطإ مِنَ الصواب، والحكم على الأشخاص بما يقتضيه حالهم،مِنَ الأحكام الشرعية؛التي ينتج عن تأخيرها ضررٌ أكبرٌ،وماكان ضرره أكبرًا لايجوز تأخيره،كما حذَّر النبي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ مِنَ الخوارج . وقد سبَق لي نحو هذا الكلام،في ردي عليه المسمى "التأملات السلفية"،وكنت استشهدت بالأثر،على عدم جواز كتم العلم الذي يتضمن ضررًا أكبرًا أو تأخيره. ثُم يأتي بعد هذا، ويقرر أنَّ هذا منهج السَّلفِ، والسَّلفُ في شقٍّ وهو في شقٍّ آخر. والغريب في الأمر هو نسبة هذا الفعل لأبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ سبحانك هذا بهتان عظيم ؟!.
ثُم قوله: "الشيخ حسين نفع الله به،يكاد كُل خميسٍ دعوة، خميسٍ وجمعةٍ دعوةٌ، وأمكنةً كثيرةً ذهَب إليها. كم ينفع الله بهم هؤلاء ؟ ويأتي مخذولٌ مِنَ المخاذيل ويطعن فيه، وهم لا يقَرون ولا يجلسون دعوة في سبيل الله سبحانه. في مركزهم دعوة، وهكذا خروجهم دعوة، حياتهم كلها دعوة. ويأتي واحدٌ فارغٌ مِنَ الفَرغ، ما هو حول شيءٍ، غير الطعن في السلفيين، والكلام في السلفيين حسدًا وبغيًا ويتكلم فيهم". اهـ قد تقدم الرد على مثل هذا الكلام الفارغ، في مقالي "بيان ضابط التراجع الشرعي مِنَ البدعي" في الرد على عبد الكريم الحجوري- هداه الله- بجملةٍ مِن كلام العلماء، ومنهم الشيخ سعيدٍ- رحمه الله- فيها تقريرهم أنَّ كثرة الرواية والعلم لا تعني الحق. ثُم ماهذه الإجمالات والتهويل، عند وضْع دعوتكم في المِحك، لا تغدوا سوى دعوةٍ للتقليد والتعصب، والكذب والتلبيس على عباد الله. وقد يسَّر الله تعالى رد بغيكم وعدوانكم على دينه، بمن شاء أن يقيضه. وأمَّا قولك "وياتي واحدٌ فارغٌ مِنَ الفَرغ، ما هو حول شيءٍ، غير الطعن في السلفيين، والكلام في السلفيين حسدًا وبغيًا، ويتكلم فيهم". قد سبَق مِنَ النصوص الشرعية، مِنَ الكتاب والسنة، وكلام العلماء؛ أنكم مخالفون للسُّنة، فأثبت العرش ثُم انقش. ودعوى الحسد والبغي، هذا ممَّا سنقف نحن وأنت عليه بين يدي المولى- عز وجل- وقد جاء الوعيد الشديد على ذلك، قال الله تعالى: {وَمَن يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مبِينًا}[النساء: 112]. وقوله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: (مَنْ قَالَ فِي مُؤْمِنٍ مَا لَيْسَ فِيهِ،أَسْكَنَهُ اللَّهُ رَدْغَةَ الْخَبَالِ حَتَّى يَخْرُجَ مِمَّا قَالَ) . وهوطرفٌ مِن حديثٍ أخرجه أحمد (5385)ط/بيت الأفكار الدولية،وأبوداود (3597) بإسناد صحيحٍ،مِن حديث ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ والرواية الثانية لأبي داود بمعناها،في إسنادها المثنى بن يزيد،قال الحافظ في "التقريب" (6473ص732)ط/دار الرسالة : "مجهول". اهـ ومطر الوراق فيه ضعفٌ،وأخرجها البيهقي (17061) بنحوها عن سعيد بن بشيرٍ عن مطر،وسعيدٌ ضعيف وهذا إسنادٌ يصلح في الشواهد . ومِن هذه الطريق أخرجه الحاكم(7133)مختصرًا وقال : "هذا حديثٌ صحيح الإسناد ولم يخرجاه". اهـ وفي إسناده محمد بن موسى بن حاتمٍ،متكلمٌ فيه كما فيه "الميزان"(ج5ص453)،وعطاء الخرساني ضعيفٌ؛وبالتالي يتضح خطأ الحاكم في حكمه على الإسناد بالصحة . وأخرجه الحاكم (2269)،وقال : "هذا حديثٌ صحيح الإسناد ولم يخرجاه". اهـ والبيهقي (11122) . وله شواهدٌ وهي ما أخرجه الطبراني في "الأوسط"(6487)،وقال : "لم يروي هذا الحديث،عن عطاءٍ عن حمران إلا القاسم بن أبي بزة،ولا رواه عن القاسم بن أبي بزة إلا فطرٌ،ولا رواه عن فطرٍ إلا عمار بن زريقٍ،تفرد به أبو الجواب". اهـ وفي إسناده محمد بن عيسى بن شيبة،مقبول في الشواهد والمتابعات،وعطاء الخرساني ضعيفٌ . وأخرجه الطبراني في "الكبير"(13084)،والحاكم (8218)،مِن طريق عبد الله بن عامر بن ربيعة،عن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ مرفوعًا مختصرًا،وفي إسناده عبد الله بن جعفرٍ المديني ضعيفٌ . وخلاصة القول أنَّ الحديث صحيحٌ،والله تعالى أعلم .
ثُم قوله : "وهؤلاء لو سُيدوا وجعلوا الواجهة،وأنت يا شيخ يا شيخ؛لرضوا،والله لرضوا بهذا الحال . لكن لمَّا رأو أنهم همشوا،وما أحدٌ حولهم؛قاموا حنقًا،ما قاموا لله،والله ما قاموا لله،قاموا حنقًا وبغيًا على السلفيين". اهـ قد ذكَر قبل هذا الكلام،عباراتٍ تصف مَنِ انبرى للدفاع عن منهج السَّلف،بصفات المنافقين والعياذ بالله . لكني أعرضت عنها،وهي داخلةٌ في عموم قوله السابق الطعن في السلفيين،وقد رُد عليها . وهذا هو شأن الجاهل الحاقد،الذي لا يقيم للخير ولا لأهله وزنًا . كما أخبرك بأننا لا نرضى بغير كتاب الله ـ عَز وجَل ـ وسنَّة رسوله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ على فهم السلف الصالح . وأما الرفعة والوضع،والتقدم والتأخر فبيد الله تعالى،ولهم أسباب . قال الله سبحانه : {وَلَٰكِن كَرِهَ اللَّهُ انبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ} [التوبة : 46] . وقوله عَز مِن قائلٍ : {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ} [المجادلة : 11] .وفي صحيح مسلمٍ ـ نووي ـ (ج4 ـ 438)ط/دار الفيحاء،عن أبي سعيدٍ الخُذري أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ رَأَى فِي أَصْحَابِهِ تَأَخُّرًا فَقَالَ لَهُمْ : (تَقَدَّمُوا فَأْتَمُّوا بِي،وَلْيَأْتَمَّ بِكُمْ مَنْ بَعْدَكُمْ،لَا يَزَالُ قَوْمٌ يَتَأَخَّرُونَ حَتَّى يُؤَخِّرَهُمْ اللَّهُ) . قال النوري ـ رحمه الله ـ في الشرح(ج4ص175) : "وقوله - صلى الله عليه وسلم - : (لا يزال قومٌ يتأخرون) أيْ : عن الصفوفِ الأُوَل،حتى يؤخِّرَهم الله تعالى عن رحمته،أو عظيم فضلِه ورفيعِ المنزلة،وعن العلمِ ونحوِ ذلك". اهـ وتهميش الحق هو الغالب في هذا الزمان،وأنت ومَن معك لكم نصيب الأسد في ذلك . ولقد ختَمت كلامك هذا،بالأيمان الفاجرة والطعن في النيات . وإلا فما هو دليلك على أننا قمنا حنقًا وبغيًا،إلا الظن والتخرص قال الله تعالى : {إِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا} الآية [يونس : 36] . ولو كان حالنا كما تقول؛لكان الوقوف في صفكم،وترك الحقائق؛يدُر علينا التزكيات والثناءات،خاصة مع وجود السواد الأكبر مِنَ المغفلين معكم . لكان هذا يجعلنا رءوسًا،لكن لأن يكون الرجل ذنبًا في الحق،خير له مِن أن يكون رأسًا في الباطل . هذا ما تيسر لي بيانه،وقد أعرضت عن كثيرٍ مِن عباراته الفاجرة،ومنها ما تقدم الرد عليه في غير ما مناسبة . وهذا الرَّجل في الحقيقة؛بحاجة إلى التأدب بأدب عباد الله الصالحين،لا يجوز الكذب والتلبيس في أمور الدنيا،فكيف بمن اتخذه دينًا . رحماك يا أرحم الراحمين،وآخر دعوانا أن الحمد لله رَب العالمين .
للاستماع لكلمته أو تنزيلها من هنا
تم الفراغ منه مساء الإثنين 11 ربيع الأول عام 1440 هجري
كتبه أبو عبد الله إبراهيم بن خالدٍ التبسي الجزائري
في الرباح وادي سوف
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق