الثلاثاء، 23 مايو 2017

القول المرضي في رد دفاع الشيخ عبد الغني العمري عن يوسف العنابي

  بسم الله الرحمن الرحيم
الحَمد لله رَبِّ العالمين،وَلِِِي المتقين،والصلاة والسلام على نبيه الأمين،خَير خَلقه أجمعين،وعلى آله وصحبه والتابعين بإحسانٍ إلى يوم الدين.
أمَّابَعدُ
فقد نَهى الله ـ تعالى ـ عن الدفاع عن أهل الباطل فقال جَلَّ ذِكره:{وَلَا تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنفُسَهُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَن كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا*يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا*هَا أَنتُمْ هَٰؤُلَاءِ جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَمَن يُجَادِلُ اللَّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَم مَّن يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا [النساء:107ـ 109].
قال الشَّيخ عبد الرحمن السَّعدي ـ رحمه الله ـ في تفسيره(ص190)ط/دار ابن حزم:"{وَلَا تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنفُسَهُمْ}"الاختيان" و"الخيانة" بمعنى الجناية،والظلم،والإثم،وهذا يشمل النهي عن المجادلة،عن مَن أذنب وتُوجه عليه عقوبة،مِن حدٍّ أو تعزيرٍ،فإنه لا يجادل عنه بدفع،ما صَدر منه مِنَ الخيانة،أو بدفع ما ترتب على ذلك مِنََ العقوبة الشرعية.
{إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَن كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًاأي: كثير الخيانة والإثم.
وإذا انتفى الحُب،ثبت ضده وهو البُغض،وهذا كالتعليل، للنهي المتقدم. 
ثم ذَكر عن هؤلاء الخائنين أنهم {يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ}.
وهذا مِن ضُعف الإيمان،ونقصان اليقين،أن تكون مخافة الخلق عندهم،أعظم مِن مخافة الله فيحرصون بالطرق المباحة والمحرمة
،على عدم الفضيحة عند النَّاس،وهُم ـ مع ذلك ـ قد بارزوا الله بالعظائم،ولم يبالوا بنظره واطلاعه عليهم. 
وهو معهم بالعلم،في جميع أحوالهم،خصوصًا في حال تبييتهم ما لا يُرضيه مِنَ القول،مِن تبرئة الجاني، ورمي البريء بالجناية، والسعي في ذلك للرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ ليفعل ما بيتوه. 
فقد جمعوا بين عدة جناياتٍ،ولم يراقبوا رَبَّ الأرض والسماوات،المطلع على سرائرهم وضمائرهم،ولهذا توعدهم ـ تعالى ـ بقوله:{وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا}أي: قد أحاط بذلك علما.
ومع هذا لم يُعاجِلهم بالعقوبة بل استأنى بهم،وعرض عليهم التوبة وحذرهم من الإصرار على ذنبهم،الموجب للعقوبة البليغة. 
{هَا أَنتُمْ هَٰؤُلَاءِ جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَمَن يُجَادِلُ اللَّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَم مَّن يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا} أي: هبكم جادلتم عنهم في هذه الحياة الدنيا، ودفع عنهم جدالكم بعض ما يحذرون مِنَ العار والفضيحة،عند الخلق.
فماذا يغني عنهم وينفعهم؟ ومَن يجادل الله عنهم يوم القيامة حين تتوجه عليهم الحُجَّة وتشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون؟" .اهـ
وهذا الكلام في حق مَن تَبين له حال أَهل الباطل،ثُم استمر في الدفاع عنهم،وأمَّا مَن لم يَتبين له ذلك فهو معذور.
مِن هذا الباب أردت التنبيه على خطإٍ وَقَع مِنَ الشيخ عبد الغني العمري - حفظه الله - يَتمثل في دفاعه عن يوسف العنابي،وذلك بَعد نَشر أذناب يوسف لكلمةٍ له،في صفحة دروس يوسف في الفيسبوك بتاريخ 12جمادى الآخرةسنة 1438هجري،ذََكر فيها :" أنَّ يوسف مِن أهل السُنَّة الأفاضل،وأنَّ قول مَن قال أنه يطعن في الشيخ الألباني،كلامٌ ما يعلمه يصح،ونََصح الإخوة أن يتقوا الله - تبارك وتعالى - في هذا،وأن يجمعوا كلمتهم.
وقال أيضًا:إذا وُجِد طالب علمٍ بَرز،وحَصل على يديه خيرٌ،قاموا إليه قومة رجلٍ واحدٍ يدقدقوه حتى ينهوه،وأنَّّ يوسف ليس بمعصومٍ،لا بأس أن يستفيد مِن نصائح إخوانه وتوجيهاتهم،لكن في الجملة أخٌ فاضلٌ صادعٌ بالحق قوالٌ به ".اهـ بتصرفٍ
وعلى هذا الكلام مآخذ وهي:
أولاً:يتضح لمن عَرف يوسف وخَبر ألاعيبه،أنه مِن أَهل الأهواء الأراذل،الذين اتخذوا الكذب والتلبيس منهجًا لهم،وقد بينت كذبه وتلبيسه،في دعواه أنَّ الشيخ يحي - حفظه الله - قَرأ أغلب كتابه"الحُجج السَّلفية".
وكذا تلبيسه أنَّ الأخ يونس المغربي يطعن في الشيخ الفوزان - حفظه الله -؛بسب إلزامه بتبديع الشيخ الفوزان كما بَدَّع ربيعًا المدخلي؛لأنَّ عنده أخطاءً أيضًا،وذلك في" القطف الداني "،وبَينت كذبه في قوله،أنه حُكِم عليه بالسجن الاحتياطي بالجزائر،وذلك في" إتحاف الأحباب ".
ثانيًا:قد ثَبت عن يوسف الطعن في الشيخ الألباني - رحمه الله - إقرارًا،وذلك بالثناء على بعض مَن يطعن فيه كحسام البُوعزي التونسي.
ولمَّا انتقد أمورًا على منتديات الآفاق،لم يُعرج البتة على طعن بعضهم في الشيخ الألباني - رحمه الله - ويتضح ذلك مِمَّا قاله في" الحُجج السَّلفية على ركنية العمل في الإيمان"(ص6 -7) نسخة مصورة :" وممَن رَد عليه أيضًا أصحابُ شبكة الآفاق،وقد كنت سُئلت مرارًا عن حال هذه الشبكة ؛ فكان أن أجبت بقولي : الذي لفت انتباهي مِن خلال اطلاعي على شبكة الآفاق،أنَّ لها مخالفاتٍ للمنهج السَّلفي والولاء والبراء اتجاه المخالفين مِن أَهل التحزب والتمييع؛ فمِن ذلك:  
1ـ أنك تجدهم يثنون على مَن وافقهم في مسألة الإيمان والعذر بالجهل وينشرون مقالاتهم وإن كانوا قطبيين أو سروريين أو حزبيين أو مميعين ومَن عُرِف بالدفاع عن الحزبيين، كالجبرين والغنيمان والخضير وفركوس والطويل والعبيلان وإبراهيم الرحيلي ومندكار وغيرهم.
وكونهم وافقوا السَّلف مِن حيث الجملة في هاتين المسألتين،لا يعني ذلك أنهم على جادة السَّلفية،ولهم مِنَ الانحرافات ماهو معلومٌ؛ إذ السُنِّي مَن اجتمعت فيه خصال السُنَّة لا بعضها.
قال الإمام البربهاري ـ رحمه الله ـ :" ولا يَحِل لرجلٍ أن يقول:  فلانٌ صاحب سُنَّةٍ حتى يَعلم أنه قد اجتمعت فيه خصال السُنَّة؛ فلا يقال له صاحب سُنَّةٍ حتى تجتمع فيه السُنَّة كلها"،"شرح السُنَّة".
قال الشيخ النجمي ـ رحمه الله ـ معلقًّا:" إنَّ صاحب السُنَّة هو مَن سلَّمه الله عز وجل مِن هذه الأهواء،وكان آخذًا بالسُنن التي جاءت عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وعن أصحابه على طريقة المُحَدثين،ومَن قلدهم مِنَ العوام، وقد ذَكر البربهاري ـ رحمه الله ـ أنَّ صاحب السُنَّة هو:" مَنِ اجتمعت فيه خصال السُنَّة " بأن يكون سليمًا مِنَ الأهواء المذكورة جميعًا"،"إرشاد الساري إلى توضيح شرح السُنَّة للإمام البربهاري".
2ـ أنَّ في الساحة كثيرًا مِنَ الحزبيين ـ ممَن الحاجة مُلِحة لبيان فتنتهم مِن أصحاب الحزبية المغلفة - لم نسمع منهم بيانًا لحالهم، ولا نصرةً لمَن صدع بالحق في شأنهم، كحزبية الجابري،والعدني،وقواعد "إبانة" محمد الإمام ... وغير ذلك مِنَ الفتن وأصحابها الذين ينشرون الانحرافات في أوساط المنهج السَّلفي باسم السَّلفية وانتشرت فتنتهم في أكثر البلدان ويحاربون مَن نَصح ببيان فتنتهم.
3 ـ رضاهم بالبقاء في عضوية هذه الشبكة مع وجود المبهمين والمجاهيل والمتسترين بالكنى والألقاب غير المعروفة الذين يسلكون مسلك الحزبيين بتخفِّيهم مخالفين بذلك أصلاً أصيلاً للمنهج السَّلفي سعى في تحقيقه أَهلالسُنَّة سلفاً وخلفاً ولاقوا مِن أجله أشد العناء ورحلوا وطافوا البلدان وعادوا أعز الناس في سبيله ألا وهو منهج التصفية والتميز.
 وشبكةٌ يكتب فيها مثل هذه الأصناف،يَجِب هجرانها،وفي البقاء فيها إقرارٌ لهذا المسلك الحزبي المشين. و" الرضا بالفعل كالفعل إثابةً وإثمًا وإن تجرد عن العمل".
4 ـ إشادتهم ببعض المجاهيل وبكتاباتهم،ونقلهم عنهم،ولا يخفى مافي ذلك مِن تمكينهم لهؤلاء المجهولين مِن أمور الدعوة في أصعب مجالاتها وهو الردود العِلمية،وما في ذلك مِن تكدير صفاء الدعوة،وتكثير سوادهم ولا مبرر شرعي لذلك غير كونهم
يوافقونهم.
5 ـ وهم بقبولهم ونشرهم لردود المجهولين يصادمون نصوص الشرع القطعية الموجبة للتوقف في أخبار أَهل الفسق وما يَلحق بهم كالمجهولين بجامع عدم تحقق وصف العدالة فيهم،ومُؤدى هذا التوقف الرد كما هو معلومٌ،وفي هذا جنايةٌ على التثبت الشرعي ومنهج السَّلف في تلقي الأخبار،قال تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ} والله الموفق".اهـ
وهذا الكلام حُجَّةٌ عليه في الحقيقة؛لأنه يثني ويخالط بعض الطاعنين في الشيخ الألباني - رحمه الله -، كحسام البُوعزي التونسي ،وساكتٌ عن بعض كتاب الآفاق،الطاعنين فيه أيضًا،وحقيقة منهج القوم الطعن في جميع علماء السُنَّة، الذين أخطأؤا في بعض هاته المسائل. 
وقد يقول قائلٌ : قد فاته ذلك،فأقول:كَيف يفوته ذلك،وهو الناقد البصير،وهذا الكلام مستفيضٌ عن القوم،لكن الأمر كما قال الله تعالى:{تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ ۗ} [البقرة:118].
فهذه القرائن تدل على رِضى يوسف بهذه الطعون الفاجرة،التي رَدها أَهل العِلم،ومِن ذلك أيضًا مِمَن كانت الحاجة ماسةٌ لبيان باطله في شرق البلاد،أقصد التكفيري بدر الدين مناصرة،وهو مِن أشد الناس طعنًا في المجدد الألباني - رحمه الله -،ولم يتكلم فيه ولو بكلمة.
وقد يَسَّر الله تعالى عليَّ برد تخرصاته في" التنبيهات الجلية "،و " تراجعٌ مشبوهٌ مِن متعالمٍ معتوهٍ "،ولله الحمد.
ثالثًا: أنَّ اجتماع الكلمة يكون على الحق،كما أمرنا الله تعالى:{وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا} الآية.[ آل عمران:103]،فكيف نجتمع مع مَن هذه حاله ؟! أنجتمع معه على الكذب والتلبيس،والطعن في علماء السُنَّة .
فإمَّا أن يترك هو باطله،فنجتمع على الحق،أو نَترُك نحن الحق - عياذا بالله - ونجتمع معه على الباطل،وهذا لن يحدث بإذن الله،وحتى إن اجتمعنا معه على الباطل ،فإنَّ الله سيُقيِّض مَن يَكشف باطلنا جميعًا،قال الله تعالى:{فَإِن يَكْفُرْ بِهَا هَٰؤُلَاءِ فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْمًا لَّيْسُوا بِهَا بِكَافِرِينَ}[ الأنعام:89].
ولأنََّ النَّبي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ أَخبَر أنَّ أُمَّته لا تجتمع على ضلالة.
رابعًا:ينبغي إحسان الظن بالإخوة الناصحين،خصوصًا إذا أقاموا البراهين والحُجج،على المخالفين؛لما في ذلك مِن الخير،المتمثل في قَبول الحق وظهوره.
وإذا تَبين الغلو والشطط،وإسقاط النَّاس بدون حق،مِن شخصٍ أو جماعةٍ بأسرها،فإنهم ينصحون بترك ذلك،وإلا يُحَذر منهم؛لما في ذلك مِن البَغي،وضياع الحق وانطماسه.
والمصادمون ليوسف مِن أَهل الحق،قد أقاموا البراهين على انحرافه وزيغه،فيجب قَبول ذلك لمَن بُيِّن له.
خامسًا:عدم العصمة مُسِّوغٌ للحكم على يوسف بما يستحقه،ولا يعني ذلك التَّمترس خَلف هذه العبارة،للتملص والتهوين مِن شأن هذه الأخطاء،فهي والله جِدُّ خطيرةٍ؛لانها تفضي إلى الطعن في علماء السُنَّة الذين أخطاؤا في بعض مسائل الإيمان.
قال الشيخُ علاءُ الدين، علي بن إسماعيل القونوي كما ذَكره العلاَّمة البقاعي في مصرع التصوف (2/66) كما في "تنزيه السلفية"(ص 40) ط/ مكتبة دار الحديث بدماج:" إنما نؤوِّلُ كلام مَن ثبتت عصمتُهُ، حتى نَجمع بين كلاميه، لعدم جواز الخطإ عليه، وأمَّا مَن لم تثبتْ عصمتُه، فجائزٌ عليه الخطأ، والمعصية، والكفر، فنؤاخذه بظاهر كلامه، ولا يُقبل منه ما أوَّلَ كلامه عليه، ممَّا لا يحتمله، أو ما يخالف الظاهر وهذا هو الحقُّ". اهـ
سادسًا:قد تَقدم الكلام على فضل يوسف العنابي،فلا حاجة لإعادته،وأمَّا الصدع بالحق فيكون مع الموافق والمخالف سواءً،فهو يثني على خالد بن عَبُّودٍ الحَضرمي على ماعنده مِن أخطاءٍ،ويقول أنه على خيرٍ،والكلام منشورٌ في صفحة دروسه في الفيسبوكبتاريخ 19محرم عام 1483هجري.
وكان عليه أن يَلزَم قول الله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَىٰ أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ ۚ إِن يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَىٰ بِهِمَا ۖ فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَىٰ أَن تَعْدِلُوا ۚ وَإِن تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا}[ النساء:135]
قال ابن كثير ـ رحمه الله ـ في تفسير هذه الآية(ج2 ص283) ط/دار ابن حزم:" يَأمُر تعالى عباده المؤمنين أن يكونوا قوامين بالقسط ،أي بالعدل،فلا يعدلوا عنه يمينًا ولا شمالاً ولا تأخذهم في الله لومة لائمٍ،ولا يصرفهم عنه صارفٌ،وأن يكونوا متعاونين متساعدين متعاضدين متناصرين فيه .
وقوله :{شُهَدَاءَ لِلَّهِ} كمَا قَالَ:{وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ[الطلاق:2] أي : ليكن أداؤها ابتغاء وجه الله،فحينئذٍ تكون صحيحةً عادلةً حقًّا، خاليةً مِنَ التحريف والتبديل والكتمان؛ولهذا قال:{وَلَوْ عَلَىٰ أَنفُسِكُمْ } أي : اشهد الحق ولو عاد ضررها عليك وإذا سُئلت عن الأمر فقل الحق فيه،وإن كان مَضرة عليك،فإنَّ الله سَيضجعل لمَن أطاعه فرجًا ومخرجصا مِن كُلِّ أمرٍ يضيق عليه .
وقوله:{أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَأي:وإن كانت الشهادة على والديك وقرابتك،فلا تُراعهم فيها،بل اشهد بالحق وإن عاد ضررها عليهم، فإنَّ الحق حاكمٌ على كُلِّ أحدٍ،وهو مقدم على كُلِّ أحد .
وقوله:{إِن يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَىٰ بِهِمَاأي:لا ترعاه لغناه،ولا تشفق عليه لفقره،الله يتولاهما،بل هو أولى بهما منك،وأَعلم بما فيه صلاحهما.
وقوله:{فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَىٰ أَن تَعْدِلُوا} أي:فلا يحملنكم الهوى والعصبية وبغْضَة الناس إليكم،على ترك العدل في أموركم وشئونكم،بل الزموا العدل على أي حالٍ كان،كما قال تعالى:{وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَىٰ أَلَّا تَعْدِلُوا} [ المائدة : 8 ].
ومِن هذا القبيل قول عبد الله بن رواحة،لمَّا بعثه النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يَخْرِص على أَهل خيبر ثمارهم وزروعهم،فأرادوا أن يُرْشُوه ليرفق بهم،فقال:والله لقد جئتكم مِن عند أحب الخلق إليَّ،ولأنتم أبغض إليَّ مِن أعدادكم مِنَ القردة والخنازير،وما يحملني حُبي إياه وبغضي لكم على ألا أعدل فيكم .
 فقالوا:بهذا قامت السماوات والأرض .
 وسيأتي الحديث مسندًا في سورة المائدة،إن شاء الله تعالى .
وقوله:{وَإِن تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا} قال مجاهدٌ وغير واحدٍ مِنَ السَّلف:{تَلْوُوا} أي: تحرفوا الشهادة وتغيروها،"واللَّي"هو:التحريف وتعمد الكذب،قال الله تعالى:{وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقًا يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ}[ آل عمران : 78 ].

و"الإعراض"هو: كتمان الشهادة وتركها،قال الله تعالى:{وَمَن يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ} [ البقرة : 283 ]،وقال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ :(خَيْرُ الشُّهَدَاءِ الَّذِي يَأْتِي بِشَهَادَتِهِ قَبْلَ أَنْ يُسْأَلَهَا) .

 ولهذا توعدهم الله بقوله:فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا} أي:وسيجازيكم بذلك ." اهـ

وقوله جَلَّ ذِكره:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ ۖ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَىٰ أَلَّا تَعْدِلُوا ۚ اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ}[المائدة:8].
قال الشَّيخ عبد الرحمن السَّعدي ـ رحمه الله ـ في تفسيرها(ص218):"أي:{ يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} بما أُمِرُوا بالإيمان به،قوموا بلازم إيمانكم،بأن تكونوا { قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ }،بأن تنشط للقيام بالقسط ،حركاتكم الظاهرة والباطنة.
وأن يكون ذلك القيام،لله وحده،لا لغرضٍ مِنَ الأغراض الدنيوية، وأن تكونوا قاصدين للقسط،الذي هو العدل،لا الإفراط ولا التفريط، في أقوالكم ولا أفعالكم.
وقوموا بذلك،على القريب والبعيد، والصديق والعدو.
{وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ} أي: لا يحملنكم {شَنَآنُ قَوْمٍ} أي: بغضهم،{عَلَى أَلا تَعْدِلُوا} كما يفعله مَنْ لا عَدل عنده ولا قسط .
بل كما تشهدون لوليكم،فاشهدوا عليه،وكما تشهدون على عدوكم فاشهدوا له،ولو كان كافرًا أو مبتدعًا،فإنه يجب العدل فيه،وقبول ما يأتي به مِنَ الحق؛لأنه حق لا لأنه قاله.
، ولا يَرد الحق لأجل قوله،فإن هذا ظلمٌ للحق.
{اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} أي: كلما حرصتم على العدل،واجتهدتم في العمل به،كان ذلك أقرب لتقوى قلوبكم،فإن تم العدل،كملت التقوى.
{إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَاتَعْمَلُونَ} فمجازيكم بأعمالكم،خيرها،وشرها،صغيرها،وكبيرها،جزاءً عاجلاً وآجلاً ".اهـ
وكيف فاته ذلك وهو الناقد الذي لا يشق له غبار،وإلا فالأمر كما قال الله - عز وجل - {وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ[القلم:9]
قال ابن كثيرـ رحمه الله ـ في تفسيره(ج8ص122):"قال ابن عباسٍ: لو تُرخِّص لهم فيُرخِّصون،وقال مجاهدٌ: تركن إلى آلهتهم وتترك ما أنت عليه من الحق".اهـ
وأمَّا قوله في مقالته تلك،أنَّ الطعن في طلبة الشَّيخ طعنٌ في الشَّيخ،ليس بلازمٍ؛لأنَّ مِن طلبة الشَّيخ مَن يَحمِل دعوته،ومنهم مَن يسئ إليها،وهو أكبر مثالٍ على ذلك،والله المستعان.
والشَّيخ يحي ـ حفظه الله ووفقه ـ نفسه مُقِّرٌ بأنه حصل ضَعف بعد الخروج مِن دار الحديث بدماج،وأمَّا قوله الأخير حَول مراكز أهل السُّنة باليمن،أنَّها على خيرٍ وعلى قوةٍ،فيه نظرٌ؛لمَا أبنته أنا وأخونا العربي البسكري،مِن تخبطات أبي بلالٍ الحَضرمي،ودفاع الشَّيخ محمد بن حزامٍ عنه بدون حقٍّ،مع علم الشَّيخ محمد بن عبد الله باجمال بأخطاء أبي بلالٍ.
وأظن أنَّ في هذا القدر كفايةٌ،لمَن أراد الله تبصيره بحال هذا المنحرف عن الجادة السَّلفية،وهو وحده الموفق لاجتناب سبيل المجرمين،وهو حسبنا ونعم الوكيل،والحمد لله رب العالمين.
للاستماع لكلمة العمري أو التنزيل من هنا
                تم الفراغ منه مساء الثلاثاء 27 شعبان سنة 1438هجري
                   كتبه أبو عبد الله إبراهيم بن خالد التبسي الجزائري
                                  في الرباح وادي سوف                                                                   

الأربعاء، 17 مايو 2017

الجامع لخطب ومحاضرات الشيخ سعيد بن دعاس رحمه الله

بسم الله الر حمن الرحيم
الحمد لله رَبِّ العالمين،والصلاة والسلام على نبيه المجتبى،وحبيبه المصطفى،وعلى آله وصحبه ومَن تَلَى.
أمَّا بَعدُ
فهذا جمعٌ لخُطب ومحاضرات الشيخ سعيد ـ رحمه الله ـ،مأخوذٌ مِن شبكة العلوم السَّلفية؛لأجل سهولة الرجوع إليها،والاستفادة منها،أسأل الله تعالى أن ينفع بها،للتنزيل من هنا

كونوا قوامين بالقسط

بسم الله الرحمن الرحيم 
الحمد لله رَبِّ العالمين،والعاقبة للمتقين،ولا عدوان إلا على الظالمين،وصلى الله وسَلَّم على نبينا الأمين ،وعلى آله وصحبه أجمعين.
أمَّا بَعدُ
فقد أَرسَل إليَّ أخونا عَلَم السوداني ـ حفظه الله ـ،هذه الخُطبة للشيخ الفاضل وليد بن فَضل المَولى ـ حفظه الله ـ،وهي عبارةٌ عن خُطبة جُمعةٍ بعنوان "كونوا قوامين بالقسط"،ألقيت بتاريخ 22 ربيع الثاني سنة 1438هجري، أسأل الله أن ينفع بها، للاستماع أو التنزيل من هنا

الخميس، 27 أبريل 2017

مسائل شرعية في الاحتفال بالأعياد غير الإسلامية

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده،والصلاة والسلام على مَن لا نَبي بعده،وعلى آله وصحبه وسَلَّم تسليمًا كثيرًا
أمَّا بَعدُ
فقد أرسَل إلي أخونا عَلم السُّوداني،هذه الرسالة الطيبة للشيخ مُحمد بن إبراهيم المصري ـ حفظه الله ـ،وهي بعنوان:" مسائلٌ شرعيةٌ في الاحتفال بالأعياد غَير الإسلامية "،فرأيت إعادة نشرها؛لما فيها مِنَ الفائدة والله الموفق،للتنزيل أو التصفح من هنا

السبت، 22 أبريل 2017

الرد القويم على مخالفات أبي عمرو عبد الكريم

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رَبِّ العالمين،والصلاة والسلام على نبيه الأمين، وعلى آله وصحبه الغُر الميامين،وعلى التابعين بإحسانٍ إلى يوم الدين.
أمَّا بَعدُ
فهذا تعزيزٌ لمَا بينه أخونا الفاضل وليد بن فضل المولى السُّوداني ـ حفظه الله ـ، لمَّا رأيت اللغط قد كَثُر، حَول هذه المسألة وهي بيان حِزبية عبد الكَريم الحجوري،والنَّاس فيها بين مُشتبهٍ عليه الأمر وبين مُلبِسٍّ،راجيًّا مِنَ الله تعالى أن أكون قد وُفِّقت لوضع الأمور في نِصابها،للتنزيل أو التصفح من هنا

الاثنين، 17 أبريل 2017

إتحاف الأحباب بزجر يوسف بن العيد العنابي الكذاب

بسم الله الرحمن الرحيم

الحَمد لله الكَريم،رَبِّ العرش العظيم،والصلاة والسلام على نبيه محمدٍّ،وعلى آله وصحبه وسلم.

أمَّا بَعدُ
فقد أفادني أخي سَعدان المَسعدي الجلفاوي - حفظه الله -،بمنشورٍ وهو عبارةٌ عن سؤالٍ وُجِّه ليوسف بن العيد العنابي،يَتعلق بخَبَر سجنه في الجزائر،وهو منشورٌ في صفحة التَّيمي أبي عبد الرحمن في الفيسبوك،بتاريخ 28جمادى الآخر عام 1438هجري،وهذا نصه ونص جواب يوسف.
سئل أبو حاتمٍ الجزائري:سَمِعنا أنك ستسجن يوم الأحد فهل هذا صحيحٌ؟
فأجاب:يقول الله تعالى:{وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ}
ويقول سبحانه:{الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ}.
فإنا لله وإنا إليه راجعون،وحَسبُنا الله ونِعم الوكيل. 
ولسنا أَوَّل مَن سُجن أو أوذي في الله؛فهذه سنة الله تعالى أنه يبتلي عباده حتى يعلم الصابر ممَن يعبده على حرفٍ.
{الم * أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ۖ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ}.
فأسأل الله أن يجعلنا ممَن إذا ابتلي صَبر ورَضي بقضاء الله وأقبل عليه سبحانه،وأن يَجعل سجننا خلوة تزيدنا إلى الله قربة،وأن يجعلنا في عافية في ديننا وصحتنا. 
فقد اتُّهمنا بما نحن منه براءٌ،ثُم حُكم علينا بالحبس الاحتياطي إلى حين يصدر الحكم النهائي،وسيتم تنفيذ الحكم بالسجن يوم الأحد قبل الظُّهر.
والحمد لله على كل حالٍ،راضون بقضاء الله سبحانه،وأدعو إخواني أَهل السُنة أن يقبلوا على الله الذي بيده ملكوت السموات والأرض بالدعاء أن يحفظ هذه الدعوة وأهلها،وأن يفرج عنا ويكشف كربنا،وأن ينتقم ممَن مَكر بي مِنَ الحزبيين وممَن كان ينقل أخباري كذبا ومَن آواه على فتنته عليَّ،{وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ}.
ونسأل الله الذي بيده قلوب العباد يُصِّّرفها كيف شاء،أن يُظهر الحق ويحفظ أهله،وأن يصرف عنا هذا السجن وظلمته؛فهو على كل شيءٍ قديرٍ وبيده الأمر كله (فإن الأُمَّةَ لَوْ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ،وَلَوْ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَضُرُّوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ،رُفِعَتِ الأَقْلَامُ وَجَفَّتْ الصُّحُفُ)
وندعو أهل السُنة بالثبات على السُنة وطلب العلم النافع والدعوة إلى سبيل الله،والصبر على الأذى فيه؛فإن ذلك سبيل الفلاح في الدنيا والآخرة،قال تعالى:{وَالْعَصْرِ * إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ}.
ونحن - معشر أهل السنة - وإن سَجننا ولاة الأمور؛فإننا لا نعصي الله فيهم ولانجعل ذلك سببا لإثارة الفتن،بل نعتقد طاعة ولاة الأمور المسلمين في المعروف،وندعو الله أن يبصرهم بالحق فيدركوا بأنه لادعوة أحرص على أمن البلاد والعباد من دعوة أهل السُنَّة التي قامت على الكتاب والسُنَّة وما كان عليه السَّلف الصالح،والحَمد لله رَبِّ العالمين. 
كتبه:أبو حاتمٍ يوسف بن العيد الجزائري - فَرَّج الله عنه -
وقد لفت انتباهي وانتباه أخي سَعدان،قول السائل:"سَمِعنا أنك ستسجن يوم الأحد فهل هذا صحيحٌ"،وجواب يوسف:"فقد اتُّهمنا بما نحن منه براءٌ ثُم حُكِم علينا بالحبس الاحتياطي،إلى حين يَصدر الحُكم النهائي،وسيتم تنفيذ الحُكم بالسجن يوم الأحد قبل الظُّهر".اهـ
ومعلومٌ أنَّ الحََبس الاحتياطي،لا يَعلم به صاحبه إلاَّ بعد مُثوله أمام وكيل الجمهورية،فيقرر إمَّا حبسه احتياطيًّا إلى غاية محاكمته،أو يوجه له استدعاءً مباشرًا لحظور جلسة المحاكمة.
وهذا استخفافٌ منه بعقل السائل،فكيف يُخبِره بأنه في السِّجن الاحتياطي،وهو أمامه يجيبه،إن لم يكن هو الذي صاغ هذا السؤال وأجاب عنه.
وتأمل قوله:"ولسنا أول مَن سُجن"وكأن الرَّجل يتكلم مِن داخل السجن،وإذا كان يَتكلم مِن السجن،فكيف وَصل إليه السائل؟وهذا تهويلٌ منه وتضخيمٌ للأمر،واستعطافٌ للنَّاس كعادته،وأظن أنَّ الأمر لا يعدو أن يكون قَد استُدعي لحضور جلسة المحاكمة،فقد يُحكَم عليه وقد يُبرأ.
وكذا قوله في آخر المنشور:"كتبه أبو حاتمٍ"ويتضح منه أنه ليس سؤالاً شفويًّا،وإلا لقال صاحبه:"أملاه أبو حاتمٍ"،وهذا ممَّا يُقَّوي الخَلل في هذه الحكاية،وعلى القول بأنه سُئِل كتابيًّا،فمِن أين دخل إليه السؤال؟وِِمِِن أين خََرج مِن عنده الجَواب؟.
وأقول مجددًّا،أنَّ الرَّجل بَلغ به الاستخفاف بعقول النَّاس مبلغًا كبيرًا،في تصرفاتٍ لا تنطلي على أغبياء النَّاس فضلاً عن نُبهائهم،بدون حياءٍ ولا خوفٍ مِنَ الله - عَزَّ وجَلَّ -،وقد تَخفى هاته الأمور عن بعض إخواننا خارج الجزائر؛بسبب عدم  علمهم بالإجراءات القضائية هنا.
وما هذا إلا دليلٌ على بواره وكساد سِلعته،ويُعتَبر هذا شرحٌ لدعوته.
أسأل الله - تعالى - أن يقينا مزالق السُّوء،وأن يصرف عنا الفتن ما ظهر منها وما بطن،وصلى الله على نبينا مُحمدٍّ وعلى آله وصحبه وسلم.
                     تم الفراغ منه يوم الإثنين20رجب عام1438هجري
                       كتبه أبو عبد الله إبراهيم بن خالد التبسي الجزائري 
                                في الرباح وادي سوف

الأربعاء، 12 أبريل 2017

تحذير السلفي من تلبيسات خالد بن عبود الحضرمي

بسم الله الرحمن الرحيم
الحَمد لله العَلي الأقوى،جَاعِل سَطوة الحق فوق كل شيءٍ أقوى،والصلاة والسلام على نبيه المُجتبى،وحبيبه المُصطفى، وعلى آله وصحبه،ومَن تلى.
أمَّا بَعدُ
فقد قال الله تعالى ناهيًا لليهود:{وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقّ وَأَنتُم تَعْلَمُونَ}[البقرة:42]قال ابن كثيرـ رحمه الله ـ في تفسيره (ج1ص131)ط/دار ابن الجوزي:"يقول تعالى ناهيًا لليهود عمََّا كانوا يتعمدونه،من تلبيسهم الحق بالباطل،وتمويهه به وكتمانهم الحق وإظهار الباطل:( ولا تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق وأنتم تعلمون ) فنهاهم عن الشيئين معًا،وأمرهم بإظهار الحق والتصريح به".اهـ
وقال الشيخ عبد الرحمن السَّعدي ـ رحمه الله ـ في تفسيره (ص33ـ 34)ط/دار ابن حزم:"....(ولا تلبسوا)،أي: تخلطوا (الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ)،فنهاهم عن شيئين،عن خلط الحق بالباطل،وكتمان الحق؛لأنَّ المقصود مِن أهل الكتب والعلم،تمييز الحق،وإظهار الحق،ليهتدي بذلك المهتدون،ويَرجِع الضالون،وتقوم الحُجَّة على المعاندين؛لأنَّ الله فَصَّل آياته،وأوضح بيناته،ليُميِّز الحق مِن الباطل،ولتستبين سبيل المهتدين مِن سبيل المجرمين،فمن عَمِل بهذا مِن أهل العلم،فهو مِن خلفاء الرسل وهداة الأمم.
ومَن لَبِسَ الحق بالباطل،فلم يُميِّز هذا مِن هذا،مع علمه بذلك،وكَتَم الحق الذي يعلمه،وأُمِرَ بإظهاره،فهو مِن دعاة جهنم،لأنَّ النَّاس لا يقتدون في أَمر دينهم بغير عُلمائهم،فاختاروا لأنفسكم إحدى الحالتين".اهـ
ويُذكَر عن سُفيان بن عُيينة أنه قال:"مَن فَسَدَ من عُلمائنا ففيه شَبَهٌ من اليهود، ومَن فَسَد مِن عُبَّادنا ففيه شبه مِنَ النصارى".اهـ
في هذا الصدد وَقَفت على صوتية لخالد بن عَبُّود الحَضرمي(أبوبلالٍ)،منشورةٌ على منتديات الحامي بتاريخ1جمادى الأولى1438هجري،عنوانها:"مُحمدٌ العَمودي العَدني صار في حيز أهل الأهواء"،ألقاها بمناسبة قُدوم بعض أَهل حَجَر عليه ذَهَب يَخلط فيها بين تَرصد الأخطاء وبين رَدِّها،ويصف بعض مَنِ انبرى للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بأنه لا يَخاف الله ولا يبذل النُّصح،ويتألَّى على الله تعالى في شأن المُسِئ بأنه لا يفلح، ويَستشهِد بزيغ مُحمدٍّ العَمودي على تصحيح أخطائه وتخبطاته،وأنَّ ما وَقَع له كان نتيجة ظلمه له هو وبعض المشائخ،وإلى تفصيل ما أَجملت ورَدِّ أباطيله،سائلاً مِنَ المولى عزَّ وجلَّ السَّداد والتوفيق والإعانة.
1) قوله:"...أمَّا مع وجود بغضاءٍ وشحناءٍ في الصَّف،ومع خلافٍ في الصَّف،وكُل واحدٍ يمكر بالثاني،وكُل واحدٍ يترصد أخطاء الآخر،إيش قال إيش فَعل، يَحضُر الدرس وهو يُسجِّل،ها إيش قال اليوم الرَّجال هذا،اكتب اتصل اليوم صاحبنا قال كذا وكذا،دونوا دونوا الأولى والثانية والثالثة،فإذا به يُخرِج فيك رسالةً ما تدري مِن أين جابها،فإذا به واحدٌ مِن هؤلاء الذين لا يخافون الله، ولا يَعرِفون النُّصح،ولا يبذلون النُّصح لأحدٍ، همه تَرصد الأخطاء فقط ليس له هَمٌٌّ إلا هذا".اهـ
ويتضح مِن حال هذا الرَّجُل أنَّ عنده خَلطٌ بين رَد الأخطاء وتَرصد الأخطاء،وهذا الأسلوب مِن أساليب أهل الأهواء؛الغرض منه هو رَد الحق،فكُلما قام ناصحٌ لدين الله تعالى يُنكر المنكرات،ويَرُد الأخطاء،كانوا له بالمرصاد وشوهوه،فتارةً يقولون فُضُولي،وتارةً يتهمونه بتتبع العثرات والسقطات،وليس نقد الأخطاء مِن هذا القَبيل.

قال الشيخ سَعيد بن دعَّاس ـ رحمه الله ـ في "تنزيه السلفية"ط/مكتبة دار الحديث بدماج(ص222ـ223):"والمقصودُ من هذا كلِّهِ التوصلُ إلى سدِّ باب نقدِ الأخطاءِ، التي تمسُّ منهجَ الحقِّ،وجرح من يستحقُّ الجرحَ من المخالفِينَ،وإلباس ذلكَ لباسَ ـ تتبُّعِ العورات!ـ ،وذكر الناسِ الذي هو ـ داءٌـ، وهذاـ كما تشهدُ العادةُ الجاريةُ!!ـ يكثرُ جريانُهُ على لسانِ من ضاقت نفسُهُ ـ ذرعًا ـ بنقدِ الأخطاءِ والأشخاص،و الكلُّ يتوافقون في سوقِ أدلةِ البابِ،وكلام أهل العلم،في غير موضعِها كما ستراهُ ـ إن شاء الله ـ . وليسَ هذا من تتبُّعِ العَثراتِ والعَورَاتِ،ولا من ذكرِ الناسِ بغير حقٍّ واغتيَابِهم الذي هو (دَاءٌ)،لأن المقصوُدَ بالنهي عن تتبُّعِ العَوراتِ والعثَراتِ كما قال الطَّيبي في شرح "المشكاة"(10/ 3216)عند حديث رقم(5044) في معنى قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم:( ولا تتبعوا عوراتهم)،قال:في ما يُظنُّ،أي:لا تجسسوا ما ستروا عنكم من الأفعالِ والأقوالِ.اهـ
وكذا فسَّرهُ القاري في"المرقاة"(8/ 775)،و صاحبُ"عون المعبود"(13/ 153).
ولذا ذكر أبو داود حديث:(إنك إن تتبعتَ عورات الناس أفسدتهم،أوكدتَ)،تحتَ بابِ النهي عن التجسس،من كتاب(الأدب)و كذا شيخُنا الوادعي في"الجامعِ الصحيح"في كتاب(الأدب). 
فعُلمَ أن المقصودَ بتتبُّعِ العوراتِ المحظور،تَلمُّسُ الاطِّلاعِ على ما خفيَ واستترَ،ولم يُعرف،ولم يُطَّلع عليه،فيتكلَّف المتتبعُ والمتجسِّسُ البحثَ والتنقيبَ،كي يجدَ خطأً لا يُعرفُ عن صاحبِهِ ليشينَهُ به.
قال ابن الأثيرِ في"النهاية"،و القاضي في"المشارق"(1/ 251):التجسُّسُ التفتيشُ عن بواطن الأمور.اهـ و عزاهُ القاضي للحربي.
 فالمذموم ُـ إذًاـ من التتبُّعِ ما هو بمعنى التجسُّسُ،وهو التَّفتيشُ،وتكلُّفُ البحث عن خطإٍ وزلَّةٍ،لا تُعرفُ عن صاحبها،والأصلُ عدمُها،وعدمُ نظائِرها في منهجِ الإنسانِ وعقيدته، و طريقتهِ.
 وأمَّا مَن بدَت منهُ أخطاءٌ ومخالفاتٌ،في عقيدته،أو منهجِهِ،أو دعوتِهِ،أو علمِهِ،و بثَّها في الناس و نشرَها،و يخشى أن يكونَ عنده نظائرُ من جنسها،مما يضرُّ الناسَ في دينهم،فليس نقدُ أخطاءهِ،وتتبُّعُها،والتحذيرُ منها،والتنبيهُ،عليها ـ نصحًا للدين،وللمسلمين ـ مِنَ المحظور في شيءٍ بل هذا من النُّصحِ.

ولذا قال القاري في"المرقاة"(8/ 775)في معنى النهي عن طلب عورة المسلم،قال:أي يطلب عورةَ أخيه المسلم،أي ظهور عيبِ أخيِه المُسلمِ،أي:الكامل،ـ بخلاف!الفاسقِ فإنهُ يجبُ الحذر والتحذير منه!! .اهـ المراد
وأخطاؤك مِن هذا القَبيل منشورةٌ على الشَّبكات ومبثوثهٌ في النَّاس،أم أنك تشترط النُّصح سرًّا كما يَظهر مِن قولك "ولا يَعرِفون النُّصح ولا يبذلون النُّصح"،فليس لك ذلكَ؛للأدلة التي ذكرها الشيخ سَعيد ـ رحمه الله ـ فتنبه لهذا وافهمه يا مَن تَصدرت للدعوة وتعليم النَّاس.
وما دُمت مُقرًّا بأنَّ هذه أخطاءٌ،فلما لا تَرجِع عنها صراحةً،وتَترُك الروغان الذي هو مِن أساليب أهل الأهواء.
وإذا قام المرء بما أُمِر به مِن قَبول الحق ورَدِّ الباطل،لا يضره ما نَتج عن ذلك مِن شحناءٍ وتباغضٍ وتدابرٍ،وإنما يَتحمل وِزر ذلكَ مَن رَدَّ الحق وأعرض عنه،قال الإمامُ المُعلِّميُّ اليمانيُّ في "القائد إلى تصحيح العقائد"(ص242)كما في "ظوابط الحكم بالابتدع"(ص58)ط/مكتبة دار الحديث بدماج للشيخ سعيد بن دعَّاس ـ رحمه الله ـ :"فإن الآياتِ تحضُّ على إقامةِ الدِّين،والثباتِ عليهِ،والاعتصامِ به،واتِّباعِ السراطِ المستقيم،بل هذا هو المقصُودُ منها،-فالثَّابتُ على السراطِ لم يُحدثْ شيئاً!!،ولَم يقعْ بفعلهِ تفرُّقٌ ولا اختلافٌ!!،وإنما يَحدثُ ذلك بخروجِ من يخرُجُ عن السراطِ!!،وهو منهيٌ عن ذلكَ،فَعليهِ التَّبعةُ؟!!"-.اهـ

وقال العلامة أبو إسحاقَ الشَّاطبيُّ في "الاعتصام" (1/120 ط – المعرفة) كما في المصدر السابق(ص59):" فإنَّ فرقةَ النَّجاةِ،وهم أهلُ السُّنةِ،مأمورُونَ بعداوةِ أهل البدعِ، والتَّشريدِ بهم،والتَّنكيلِ بمن انحاشَ إلى جِهتِهم،بالقتلِ فما دونَه،وقد حذَّر العلماءُ من مصاحبتِهم ومجالستِهم،حسبَما تقدَّمَ،-وذلكَ مظنَّةُ إلقاءِ العَداوةِ والبَغضاءِ!،لكنِ الدَّركُ فيهَا على مَن تَسَبَّبَ فِي الخُروجِ عنِ الجَماعةِ؟!،بِما أحدَثهُ مِن اتِّباعِ غيرِ سبيلِ المُؤمنينَ!!!،لا عَلى التَّعادي مُطلَقاً،كيفَ ونحنُ مأمُورونَ بمُعاداتِهم،وهُم مأمُورونَ بموالاتِنا،والرُّجوعِ إلى الجماعةِ!!!-".اهـ

وقال الشيخ سعيد ـ رحمه الله ورَفع درجته في عليين ـ (ص60ـ61):"وإنَّما ينشأ ـ يقصد التباغض والشحناء ـ ذلكَ عن تَمادي المُخطئِ في باطلِهِ،وإعراضِهِ عنِ النُّصحِ والحقِّ، ونصبِ المُعاداةِ لمَن نصحَ ووضحَ الحقَّ،فإليهِ تُنسبُ الفُرقةُ والفتنةُ،وإليهِ تضافُ التَّبعاتُ،لأنهُ خرجَ عن السبيلِ،وضلَّ الطريقَ.

وأمَّا المُحقُّ فإنَّما فعل ما أمرَهُ الله به،فلا لومَ عليهِ ولا عتْبَ،لا كما ظنَّهُ صاحبُ "الإبانة" ـ أصلحهُ الله -،وغيرُهُ ممن لا عنايةَ لهم بضبطِ المسائل العمليَّةِ،والقواعدِ الشَّرعيَّةِ،أو ممَّن تضيقُ نفوسُهم ـ ذرعاً - بالتزامِ الأصولِ السَّلفيَّةِ،وتطبيقِ القواعدِ الشَّرعيَّةِ،وهم كثيرٌ - لا كثَّرهمُ الله -،لكِن تَبدوا دلائِلُ هذهِ الآفاتِ فيهم على صَفحاتِ الأوجُهِ،وطَوالعِ الأَنظارِ،وفَلتاتِ الألسنةِ،عندَ نقدِ الأخطاءِ والزَّلاتِ،والتَّحذيرِ من جناياتِ المخالفِ على الحقِّ وأهلِهِ،ومن تبصَّرَ ورضيَ بصَّرهُ الله وأرضَاهُ،ومن تَعامَى وتجاهلَ،واتَّبعَ هواهُ،ضلَّ وتخبَّطَ،وأسخطَ مولاهُ،وحسبُنا اللهُ ونعم والوكيل".اهـ

وأنت يا خالد بن عَبُّود على خُطى صاحب الإبانة في هاته النقطة وغيرها مِنَ النقاط.

2) قوله:"هذا لا يُفلِح والله لا يُفلِح؛لأننا قد جَربناه ولأنه يخالف النُّصوص،و يخالف الأدلة الشَّرعِية،هذا لا يُفلِح يا إخوان وقَد رأينا أناسًا كانوا يُتعِبون إخوانهم جدًّا أين هُم ما أعلََم فيهم رجلاً رشيدًا بقي على ما كان عليه هناك".اهـ

في هذا الكلام تألِّي على الله ـ تعالى ـ،وقَد جاء الوعيد الشَّديد في ذلك،عن جُندب ـ رَضي الله عنه ـ أنَّ رسول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ حَدَّث:(أنَّ رجلاً قال:وَاللَّهِ لا يَغْفِرُ اللَّهُ لِفُلانٍ،وإنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ: مَنْ ذَا الَّذِي يَتَأَلَّى عَلِيَّ أنْ لا أَغْفِرَ لِفُلانٍ ، فَإِنِّي قَدْ غَفَرْتُ لِفُلانٍ وَأَحْبَطْتُ عَمَلَكَ) أو كما قال أخرجه مسلم - نووي - (ج16-2621).

قال الشيخ صالح الفوزان - حفظه الله - في"الملخص في شرح كتاب التوحيد" (ص346)ط/المكتبة الإسلامية بالقاهرة :" يخبرُ النبيُّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ،على وجه ِ،التحذير مِن خطر اللسانِ،أنَّ رجلاً حَلفَ أنَّ اللهَ لا يغفرُ لرجلٍ مذنِبٍ،فكأنه حكم على الله وحجرَ عليه لما؛اعتقد لنفسِهِ عندَ الله مِنَ الكرامةِ والحظِّ والمكانةِ،ولذلكَ المذنب مِنَ الإهَانةِ،وهذا إدلالٌ على اللهِِ و سوءُ أدبٍ مَعَهُ،أوجبَ لذلكَ الرجل الشقاءَ والخسرانَ في الدنيا والآخرةِ".اهـ
وهذا جهلٌ منكََ بجانبٍ مِن جوانب عَقِيدة أهل السُّنة والجماعة في المُسىء،وهو الخوف عليه وعدم الجزم له بشيءٍ،وصرت لا أَعجب مِن جهلك أكثر مِمَّا أعجَب مِن جَهل المحيطين بك،أليس منهم رَجلٌ رشيدٌ ينكر هذه المنكرات،وبهذا يتَّضح للقارىء الكريم مَن الذي يصادم النصوص الشرعية .
وقولك:"ما أعلَم فيهم رجلاً رشيدًا بقي على ماكان عليه هناك"،يَنقُض بعضه بعضًا؛لأنك لم تثبت لهم رشدًا أصلاً حتى تنفيه،فهم لا يخافون الله ـ تعالى ـ،و يترصدون الأخطاء و العثرات،ولا يبذلون النُّصح،واتعبوا إخوانهم جدًًّا،فانتبه لما يَخرج مِن رأسك هَداك الله.
3) قوله عن الشيخ ياسر الدُّبعي:"إنما جاءنا كثيرٌ مِنَ الخير عن طريق هذا الرَّجل الصبور،صبر على مرارة بعض أَهل المُكَلا وما كانوا يتحالفون عليه و يتكالبون عليه ويجعلونه كأنه ماله شأنٌ،وهُم الذين يديرون الدعوة،وهُم الذين يقومون بشئون الدعوة وهو صابرٌ عليهم حتى جاء اليوم الذي يستطيع أن يَتكلَّم فيه ويقول كلمة الحق والتف إخوانه حوله".اهـ
والسؤال الموجه إليك هل ما فعله الشيخ ياسر الدُّبعي،تأخيرٌ للبيان عن وقت الحاجة؟!،أم هو تأخيرٌ للبيان إلى وقت الحاجة؟!،أم هو انتظارٌ لذهاب زمن الخوف؟!،وعلى كل حالٍ يعتبر هذا خطأٌ منه فضلاً على أن يكون منقبةً؛لأنَّ هذا العِلم الذي كتمه،ليس مِنَ العِلم الذي يَجُوز كتمانه؛لأنَّ مَفسدة كتمه أكبر مِن مصلحة التصريح به؛لتضمنه لحكمٍٍ شرعيٍّ،وما كان مِن باب الأحكام لا يسع المرء إلا تبليغه.
وقَد جاء الوعيد على كتمانه في قوله تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَىٰ مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَٰئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ}[البقرة:159] قال ابن كثيرـ رحمه الله - في تفسيره( ج1ص297)عند هذه الآية:"هذا وعيدٌ شديدٌ لمن كَتمَ ماجاءت به الرسلُ مِنَ الدلالات البينة على المقاصد الصحيحة والهدي النافع للقلوب،مِن بعد ما بينه الله ـ تعالى - لعباده في كتبه،التي أنزلها على رسله".اهـ
وفي الحديث عن أبي هُريرة ـ رَضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ :(مَنْ سُئِلَ عَنْ عِلْمٍ فَكَتَمَهُ أَلْجَمَهُ اللَّهُ بِلِجَامٍ مِنْ نَارٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ)،أخرجه أحمد(7561)،وأبوداود(3658)،بإسناد حسن والترمذي- تحفة -(ج7-2649)،وابن ماجة(261)،وفي إسناده علي بن زاذان الصَّيدلاني،قال الحافظ في التقريب(4847ص564):صدوقٌ كثير الخطأ،وأخرجه ابن ماجة(266)من طريق ابن سيرين، أبي هريرة - رضي  الله عنه -،وأَعله العُقيلي بالوقف،كما في تحرير تقريب التهذيب(ص86)،وأخرجه ابن ماجة(264)،من حديث أنس- رضي الله عنه -،وفي إسناده،يوسف بن إبراهيم التَّيمي،شديد الضعف،والحديث حَسنه الشيخ مُقبل- رحمه الله - في "الجامع الصحيح"(ج1ص36).
وقد تَكلَّمت عن هاته المسألة،بشيءٍ مِنَ التفصيل في"التأمُّلات السَّلفية".
4) قوله: "بعد هذا نسمع مِن بعض البلدان مَن يدافع عنه،ويُقِيم العداء لإخوانه،مِن أجل هذه الأشكال وهذه الأصناف".اهـ
إن كنتَ تقصدني أنا،فأنا لم أدافع عنه،وإنَّما أنكرت خطأً،وَقَع فيه الشيخ حُسين الحَطيبي - حفظه الله - ؛لعوده على دعوة أَهل السُّنة ودعوة الشيخ يحي - حفظه الله - بالضَّرر؛لأنَّ القول بوجود مجازفاتٍ في بعض ملازم العَمودي السابقة،يستلزم الطعن في الدعوة آنذاك،وأنَّ مَنِ اطلع على تلك الملازم راضٍ بذلك،وإذا كان الأمر كذلك،فلما لَم يُنكر في حينها؛ولأنَّ رُبَّ كلمة لو يدري قائلها إلى ما ستؤول ما قالها،مِن هذا الباب نَبَّهت على ذلك،وهو عَين ما تقوم به أنت الآن.
وإن كان الكلام نُقِل لك فقد غُلِّطت،وإن كنت قد اطَّلعت عليه بنفسك فهو تلبيسٌ منك.
5) قوله:"ولقد حَصَل لي موقفٌ معه في دماج يفوح غلوًّا،مِن هذا الرجل،حَصَل لي موقفٌ مريرٌ جدًّا،وما كنت أريد أن أذهب إليه،لكن قلنا ننصح ولعله يَحصُل خير،فإذا بالرَّجل يقول لي:ابعد ابعد اترك التميع اترك التميع".اهـ
الشيخ يحي - حفظه الله ـ كان يصرخ ما عندنا غلوٌّ في الدار،ومَن وَجد شيئًا مِن ذلك فليعنا عليه،فلما لم تَفعل ذلك.
النَّاس فَرغُوا مِن مُحمَّدٍّ العَمُودي منذ سنوات،وعندما وَصَل الأمر إلى الأشخاص والذوات انتفضت،وهذا أَمرٌ غير طيبٍّ،يَجعل في النفس شيىءٌ مِن دعوتك.
وتَميُّعك لا يخفى على الخاص والعام في تلك الفترة،وقد كَذَّبت الغرباني،حينما انتقد عليك ذلك وأنت الكاذب.
6) قوله:"وهذا كُلُّه آثار الظلم،فليحذر كُلُّ امرئٍ على نفسه مِنَ الظلم،هذا الذي وَقَع فيه هذا المخذول وَقَع؛بسبب آثار الظلم،كم ظلم؟أخونا الشيخ كمال العدني مظلومٌ منه،مات مقهورًا مِن هذي الأصناف- رحمه الله وغفر له -،وهكذا أخونا عبد الحَميد الحجوري مظلومٌ منه،وأخونا الشيخ جميل مظلومٌ منه،وكم نعدد؟ونحن ظُلمنا منهم،والآن آثار نلتمسها فيهم".اهـ
يتباكى مِنَ الظلم وهو واقعٌ فيه،واعلم أنَّ ما وَقَع لمحمدٍّ العَمُودي،ليس بسبب ظُلمك أنت والمشائخ المذكورين،كما تزعم؛لأنه ومَن معه كانوا مُحقِّين في نزاعهم معكم،بل رُبَّما كان ذلك؛بسبب ضُعف إخلاصه،كما جاء في الحديث عن سهل بن سعد الساعدي- رضي الله عنه - أنَّ النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - قال:(إِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ عَمَلَ أَهْلِ الْجَنَّةِ فِيمَا يَبْدُو لِلنَّاسِ،وَهُوَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ)طرف من حديث أخرجه البخاري-فتح-(ج6-2898)،و(ج7-4203-4207)،و(ج11-6493-6607)،ومسلمٌ- نووي -(ج3-112).
وهذا طعنٌ مِن طَرَفٍ خفيٍّ في الشيخ سَعِيد دعَّاس- رحمه الله -،وفي مَن كان معه مِن أهل الحق في تلك الفترة،فقد أدان كمال العَدني - رحمه الله -،بأمورٍ واضحةٍ لا غبار عليها.
ولمعرفة حقيقة النِّزاع،فإني أنصح بقراءة ما كتبه أخونا العربي البسكري - حفظه الله -،في رَدِّه المُسمى"كلمة حق وإنصاف في خالد بن عبود الحضرمي وبيان حاله مع منهج الأسلاف  ".
هذا ما تيسر لي بيانه،وأسأل الله تعالى مزيد فضله وتوفيقه،وصلى الله على نبينا مُحمدٍّ وعلى آله وصحبه وسلم.
للاستماع أو تنزيل كلمة خالد بن عبود من هنا
والمقال منسق بصيغة بي دي أف من هنا
                   تم الفراغ منه يوم الثلاثاء 14 رجب 1438 هجري
                   كتبه أبو عبد الله إبراهيم بن خالد التبسي الجزائري 
                                          في الرباح وادي سوف

السبت، 25 فبراير 2017

كلمة حق وإنصاف في خالد بن عبود الحضرمي وبيان حاله مع منهج الأسلاف

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه كما يُحِّب رَبُّنا،ويرضى وأشهَد أن لا إله إلا لله وحده لا شريك له،وأنَّ محمدًا عبده ورسوله،صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم. 
أما بعد:
فإنَّ خالد بن عَبود الحَضرمي قد تفاقم شَّره،وكَثُرت تلبيساته وتخبطاته،ووَصَل به الأمر إلى الطعن في دعوة أهل السُنَّة و الجماعة أيام كانت في ذروتها في دار الحديث بدماج من طَرَف خَفِّي،لذا رأيت أن أصد بَغيه وعُدوانه ما أستطعت دفاعًا عن هذه الدعوة المباركة؛لأنَّ مقالاته هذه تعود عليها بالنقض،وتَفتَح باب شَرِّ،بهذا الرد نصحًا لإخواني السَّلفيين ولكُلِّ المنصفين للتحميل أو التصفح من هنا

الثلاثاء، 7 فبراير 2017

تحذير الرجال من خطورة الإسبال

بسم الله الرحمن الرحيم
الحَمد لله رب العالمين، ولا عُدوان إلا على الظالمين،وأشهد أن لاإله إلا الله وَحده لاشريك له، وأن محمدًاعبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصَحبه وسلم .
أمَّابعد:
فهذا بيانٌ مختصرٌ لبعض الشبهات التي يُدندن بها بعض الفسقة لتبرير جواز الإسبال للرجال للتنزيل أوالتصفح أوالتنزيل من هنا

الأحد، 29 يناير 2017

الضياء اللامع الشارق بتوضيح من التبس عليه الفجر الكاذب بالفجر الصادق

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين،ولي المتقين وصلاةً وسلامًا على نبيه الأمين،وعلى آله وصحبه الميامين.
أما بعد
فهذا توضيحٌ للفُروق الحاصلة بَين الفجرين الصادق والكاذب،كتبتُه نُصحًا لمن جَمد على رأي الأكثرين في متابعة المواقيت الفلكية على ما فيها من خَللٍ،والأدهى من ذلك أنه ذَهب يُنافح عنها فالتبس عليه الأمر والله المستعان،للتنزيل أو التصفح من هنا

السبت، 14 يناير 2017

زجر أولياء البنات والبنين بإدخالهم المدارس المُختلطة بحجة أنهم غير مكلفين

بسم الله الرحمن الرحيم 
الحمد لله رب العالمين،وأشهد أن لا إله إلا الله ولي المتقين،وأن محمدًا عبده ورسوله الآمين،صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم.
أما بعد
فهذا رد لشبهات مَن زَعم أنَّ عدم التكليف مُسَّوغ لإدخال البنات والبنين إلى المدارس المختلطة للتنزيل أوالتصفح من هنا 

الأحد، 1 يناير 2017

تنبيه القاصي والداني على مغالطة في تراجع الغرباني

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدُ لله رب العالمين،والعَاقبة للمتقين،ولا عُدوان إلا على الظالمين،كالمبتدعة والكُفَّار المارقين،والصلاة والسلام على نبينا الأمين وعلى آله وصحبه الطاهرين وعلى مَن اتبع هداهم إلى يوم الدين.
أمَّا بعدُ
فقد اطلعت على الردود التي جَرت بين خالد بن محمد الغِرباني و خالد بن عبود الحَضرمي، على ما وَقع فيها مِنَ الشَّطط مِن كلا الطرفين،ثُمَّ نَقلوا أنَّ الغِرباني زار الشيخ  يحي ـ حفظه الله ـ واعتذر عمَّا بَدر منه في حَقِّ إخوانِه المشائخ،وكان قَبل ذلك قد وَضع مَجالس الشَّبكة في عُطلة لمدة معيَّنة لا أدري بالضبط،وبعدها سَحب خالد بن عبود الحَضرمي ردوده من منتديات الحامي،وأضاف الغِرباني مجلسًا جديدًا في الشَّبكة جَمع فيه شَتات ثناء بعض أهل السُنَّة عليها من التزاكي القديمة التي لن تغني عنه شيئًا؛لأنه غَيَّر وبَدَّل،ولعلَّ السَّبب في ذهاب الغِرباني إلى الشيخ يحي ـ والله أعلم ـ لِمَا يَعلم مِن احترام المشائخ له وهذا التصرف منه غيرُ كافٍ ؛لأنه يَلزمُه إخراجُ بيانٍ صريحٍ يعلن فيه توبته من طُعونه في بعض مشائخ أهل السُنَّة،عملاً بقوله تعالى :{إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ وَأَصْلَحُواْ وَبَيَّنُواْ فَأُوْلَـئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} [البقرة:160].
قال ابن كثير رحمه الله في تفسيره (ج1ص298)ط/دار ابن الجوزي: {إلا الذين تابوا وأصلحوا وبينوا } أي: رجعواعمَّا كانوا فيه وأصلحوا أعمالهم وأحوالهم وبينوا للناس ماكانوا كتموه {فأولئك أتوب عليهم وأنا التواب الرحيم} وفي هذا دلالة على أنَّ الداعية إلى كفر،أو بدعة إذا تاب إلى الله تاب الله عليه.اهـ
لمَّا كَفَّر الشيخ ابن بازـ رحمه الله ـ أبو رَقيبة أحدُ رؤساء تونس السابقين؛بسبب طعنه في بعض مناسك الحَجِّ أَرسَل إليه بوزير خارجيته يعتذر فلم يَقبل منه الشيخ ذلك وقال له قل له يُخرج بيانًا يعلن فيه توبته فانظرواـ بارك الله فيكم ـ إلى فقه العلامة ابن باز  فلو كان يكفي الاعتذار لقَبل ذلك منه لكنَّ الأمر شاع وانتشر ولا بد من بيان يَخرُج به صاحبه ممَّا وقع فيه.
وللتذكير فإنَّ صورة رده توضيح المقاصد لا تزالُ منشورة على موقعي التواصل الاجتماعي فيسبوك وتويتر،مع إمكانه حذفها،فهذه التصرفات تَجعل في النفس شيء من تراجعه،وأخشى أن يكون ذلك بسبب خوفه من النقد وقبول الناس للحق الذي أُدِين به والأيام حُبلى وكما قال الشاعر
سَتُبْدِي لَكَ الأَيَّامُ مَا كُنْتَ جَاهِلا *** وَيَأْتِيكَ بِالأَخْبَارِ مَنْ لَمْ تُزَوِدِ
وليس هذا إساءة ظن بالغِرباني لأنَّ مرد السرائر إلى الله تعالى لكنَّ القرائن تدل على ذلك،وعلى خالد بن عبود أن يُلزمه بذلك كما ألزم محمدًا الإمام ببيان صريح يَخرج فيه من طعنه في الأخوة المجاهدين في عدن ولم يَقبل رواغانه.
وصلى الله وسلم على نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرا
  كتبه أبوعبد الله إبراهيم بن خالد التبسي الجزائري
 في الرباح وادي سوف صبيحة الجمعة1ربيع الثاني سنة 1438هجري