الجمعة، 3 أغسطس 2018

منتقى الأخبار من در علماء السلف والآثار

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين، أمَّا بعدُ : فهذه جملةٌ عطرةٌ تفوحُ بالمسك والريحان مِن أخبار سلفنا الصالح ـ عليهم مِنَ الله الرحمة والرضوان ـ جمعتُها ثُم رتبتها رجاءَ أن تكون لي ولإخواني نبراسًا، ولطريقنا إلى الله تعالى هديًا وأساسًا ولدحض شُبه أهل الباطل نقْضًا وإفلاسًا، ودكِّ عروشهم نسْفًا وإرْهاصًا . فيا أيها الناظر فيها لك غُنمُها، وعلى جامعها غُرمها، ولك صفْوها، وعليَّ كدرها  وهذه بضاعتي المزجاة تُعرض بين يديك، فإن أصبتُ كبد الصواب، فذالك محضُ امتنان الوهاب، وإن كان فيها ما يُنتقد أو يُعاب، فذالك مِن نفسي والشيطان، والله ـ أسأل أن يُؤتيني خيرًا مِن نيَّتي، وأن يأجُرني أعظم مِن عملي، وأن يجعلنا مِن حزبه المفلحين، وجنده الغالبين، والحمد لله رب العالمين . للتنزيل أو التصفح من هنا

السبت، 21 يوليو 2018

نيل العلا بتخريج حديث «اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ عِلْمًا نَافِعًا، وَرِزْقًا طَيِّبًا، وَعَمَلًا مُتَقَبَّلًا»

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، ولي الأولين والآخرين، والصلاة والسلام على نبيه الأمين،وعلى آله وصحبه أجمعين، أمَّا بعدُ :     
فإِنَّ مِنَ أفْضَلِ حال العبد المسلم، ذكره للرب ـ عز وجل ـ صباحًا ومساءً، واشتغاله بما صحَّ مِنَ الأذكار الواردة عن رسول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ والبعد والحذر مِنَ الأذكار الضعيفة والوضوعة عنه ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ ففي صحيح ما ثبت عنه ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ غُنية عن سقيمه ومعلوله .  
ولذا رأيتُ أن أقوم بتخريجٍ مُختصرٍ لحديث: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ عِلْمًا نَافِعًا، وَرِزْقًا طَيِّبًا، وَعَمَلًا مُتَقَبَّلًا )وهو مِن جوامع كلِمه ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ  وهذا العمل أعني به تخريج الأحاديث، كما قال النووي : " فإنه ممَّا يَفتقر إلى معرفته جميعُ الناس إلا النادر مِنَ المحدّثين، وهذا أهمّ ما يجب الاعتناء به، وما يُحقِّقهُ الطالبُ مِن جهة الحفاظ المتقنين، والأئمة الحُذَّاق المعتمدين. اهـ (الأذكار ص/4) .   أسأل الله أن ينفع به، ويرزقنا الإخلاص في القول والعمل لله عز وجل .
 للتنزيل أو التصفح من هنا

السبت، 14 يوليو 2018

التعقيب السلفي على نقل الحطيبي

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ذي النعم،واسع الجود والكرم،أحمده سبحانه على عظيم فضله وامتنانه . وأصلي وأسلم على خير أصفيائه وذروة أوليائه،محمد بن عبد الله القرشي،وعلى آله وأصحابه،ومَنِ اتبع هداه .
أمَّا بَعْدُ 
فقد أوقفني أخونا العربي البسكري،على كلمةٍ لحسينٍ الحَطيبي،منشورةٌ في موقعه،بتاريخ 4 جمادى الأولى 1439 هجري . ذكَر فيها نقلًا عن خالد بن عبودٍ الحَضرمي،أنَّ عبد الكريم الحجوري اتصل بهذا الأخير،واعتذر له عن الطعونات التي صدَرت في حقه،ثُم عقَّب بقوله : " جزاه الله خيرًا على رجوعه واعتذاره على هذا الخطإ،وهذا هو الواجب على السُّني السَّلفي أنه لا يقع في الظلم والخطإ،وأنَّ رجوعه إلى الحق والصواب هو الواجب على كل مسلمٍ،ونحن ما تكلَّمنا بتلك الكلمة إلا أنَّا بينا أنَّ ذلك خطأٌ لا يجوز السكوت عنه " . اهـ ولي مع هذا النَّقل مآخذٌ وهي كالتالي : 
أولًا أنَّ أخبار خالد بن عبودٍ،فيها نظرٌ؛لأنه أنكَر وقائع في دار الحديث بدماج،تتمثل في تخبطه في الفتن . وقد كذَّب أبو بلالٍ الغرباني في ذلك،لكن هذه الوقائع ثابتةٌ،ولست اعتمد في ذلك على نقل الغرباني،لكن على نقل أخينا أبي موسى . 
ثانيًا لو سلمنا بصحةالرواية،لكان ذلك ممَّا يضاف لمخازي عبد الكريم الحجوري،فكيف يقول في صوتيته : أنه عفا عن خالد بن عبودٍ،وأنه ترَك قوله؛بسبب شفاعة الشيخ يحيى،ثُم يصدُر منه هذا الكلام . وقد ردَدت عليه في حينها،بَردي المسمى " بيان ضابط التراجع الشرعي " وهو منشورٌ ولله الحمد . 
والوقفة الأخيرة مع الحَطيبي؛لأنَّ كلامه هذا وواقعه تضمَّن مغالطاتٍ،فقد كان يحُث الإخوة السودانيين سابقًا،على الرد على عبد الكريم الحجوري والشيخ يحيى؛وهذا ممَّا يشعِر بتخطئته لأبي عمرٍو،بل أصرح مِن هذا فقد كان يقول : أنَّ أباعمرٍو لا يستطيع أن يقيم دعوة في السودان . وهذا كلام حقٍّ؛لأنَّه شرذَم الدعوة ولم يقمها،والواقع يشهَد بذلك . فكيف يختزل أخطاء عبد الكريم الحجوري،في الطعن في أبي بلالٍ ؟! فحتى لو كان هذا مِن أخطائه،فعليه التراجع عما أفسَد في السودان . وأنصح الحَطيبي بتعلم منهج السَّلف،والبعد عن منهج القصاصين والوعاظ،وله صوتيةٌ في ذلك لحبذا لو اتعظ بها . ويذكرني هذا بمنهج مَن كان معنا؛ فهو خيرنا وابن خيرنا،ومَن كان ضدنا؛فهو شرنا وابن شرنا . عن أنسٍ ـ رضي الله عنه ـ  أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَلَامٍ بَلَغَهُ مَقْدَمُ النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ الْمَدِينَةَ،فَأَتَاهُ يَسْأَلُهُ عَنْ أَشْيَاءٍ فَقَالَ : " إِنِّي سَائِلُكَ عَنْ ثَلَاثٍ لَا يَعْلَمُهُنَّ إِلَّا نَبِيٌّ مَا أَوَّلُ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ،وَمَا أَوَّلُ طَعَامٍ يَأْكُلُهُ أَهْلُ الْجَنَّةِ،وَمَا بَالُ الْوَلَدِ يَنْزِعُ إِلَى أَبِيهِ أَوْ إِلَى أُمِّهِ ؟ قَالَ : ( أَخْبَرَنِي بِهِ جِبْرِيلُ آنِفًا ) .  قَالَ ابْنُ سَلَامٍ : " ذَاكَ عَدُوُّ الْيَهُودِ مِنْ الْمَلَائِكَةِ " .  قَالَ : ( أَمَّا أَوَّلُ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ فَنَارٌ تَحْشُرُهُمْ مِنْ الْمَشْرِقِ إِلَى الْمَغْرِبِ. وَأَمَّا أَوَّلُ طَعَامٍ يَأْكُلُهُ أَهْلُ الْجَنَّةِ فَزِيَادَةُ كَبِدِ الْحُوتِ. وَأَمَّا الْوَلَدُ فَإِذَا سَبَقَ مَاءُ الرَّجُلِ مَاءَ الْمَرْأَةِ نَزَعَ الْوَلَدَ،وَإِذَا سَبَقَ مَاءُ الْمَرْأَةِ مَاءَ الرَّجُلِ نَزَعَتِ الْوَلَدَ ) . قَالَ : " أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ " .  قَالَ : " يَا رَسُولَ اللَّهِ،إِنَّ الْيَهُودَ قَوْمٌ بُهُتٌ فَاسْأَلْهُمْ عَنِّي قَبْلَ أَنْ يَعْلَمُوا بِإِسْلَامِي " . فَجَاءَتْ الْيَهُودُ؛فَقَالَ النَّبِيُّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ : ( أَيُّ رَجُلٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ فِيكُمْ ؟ ) . قَالُوا : " خَيْرُنَا وَابْنُ خَيْرِنَا وَأَفْضَلُنَا وَابْنُ أَفْضَلِنَا " . فَقَالَ النَّبِيُّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ : ( أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَسْلَمَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ ؟ ) قَالُوا : " أَعَاذَهُ اللَّهُ مِنْ ذَلِكَ " . فَأَعَادَ عَلَيْهِمْ فَقَالُوا مِثْلَ ذَلِكَ فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ فَقَالَ : " أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ " . قَالُوا : " شَرُّنَا وَابْنُ شَرِّنَا " وَتَنَقَّصُوهُ قَالَ : " هَذَا كُنْتُ أَخَافُ يَا رَسُولَ اللَّهِ " . أخرجه البخاري ـ فتح ـ (ج6 ـ 3329)،و(ج7 ـ 3911 ـ 3938)،و(ج8 ـ 4480) ط/دار الفيحاء . وأمَّا دعواك أنَّ الذي صنَعه عبد الكريم الحجوري ـ إن ثبت ذلك ـ هو صنيع السَّلفي،مجازفةٌ؛لأنَّ الرجل يروغ روغان الثعلب،ويَتمشى مع أغراضه نحو القذة بالقذة . إنَّ مجرد تراجع أبي عمرٍو، عن كلامه في خالد بن عبودٍ ـ وإن كان ذلك التراجع ليس بشرعيٍّ ـ لا يعني إدخاله في زمرة السلفيين،بعدما خرَج منها ببراهين واضحةٍ . وقولك : " لا يجوز السكوت عن الخطإ " اهـ لا تُشم منه رائحة الصدق؛فأين إنكارك لأخطاء خالد بن عبودٍ التي ملَئت السهل والجبل . وبالتالي يتضِّح أنَّ الأمر مجرد عصبيةٍ جاهليةٍ،لا كتابٌ ولا سنةٌ ولا أصول السَّلف . وهذا هو ما آل إليه حال الدعوة في الديار اليمنية الآن وللأسف،تقليدٌ وتعصبٌ وتحكمٌ بغير دليلٍ،فلله المشتكى وهو حسبنا ونعم الوكيل . ختامًا أحمد المولى تعالى،على ما أنعَم وأكرَم،وأن هيئنا لدحر الشبه والضلالات،واعلم ياطالب العلم،أنَّ النفاح عن الدين مِن أفضل القربات؛فعض عليه بالنواجذ،واجتنب الجمود والتقليد والتعصب . وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين . 
للاستماع أو تحميل صوتية الحَطيبي من هنا
             تَم الفراغ منه بتاريخ 1 ذو القعدة عام 1439 هجري              كتبه أبو عبد الله إبراهيم بن خالدٍ التبسي الجزائري
                         في الرباح وادي سوف  

الجمعة، 15 يونيو 2018

الإشارة إلى عدم وجوب الزكاة في عروض التجارة

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله،وصلى الله وسلم على نبينا محمدٍ،وعلى آله وصحبه وسلم .
أمَّا بَعْدُ
فهذا بحثٌ لطيفٌ،يخص مسألة زكاة عروض التجارة،وبيان الراجح مِنَ المرجوح فيها . اسأل الله تعالى أن يكتُب لي الثواب فيها،وينفع بها القراء،للتنزيل أوالتصفح 
من هنا

الثلاثاء، 12 يونيو 2018

من علم حجة على من لم يعلم

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله هادي عباده الصادقين طريق الرشد والسداد، وزاجر ذوي العناد عن أسباب ‏التهلكة والفساد، صلاة ربي وسلامه على رسوله محمدٍ الذي اجتبى، ‏وعلى آله وصحبه أهل الفضل والصفا.‏ أمَّا بَعْدُ: فهذه عنايةٌ متواضعةٌ بأحد رسائل شيخنا سعيدٍ- رحمه الله- قد ضَبطت نصها، وخرَّجت أحاديثها، ونقَلت بعض أقوال أهل العلم المؤيدة لذلك. سائلًا المولى- عز وجل- أن يجعل لها القَبول، ويثيب مؤلفها والمعتني بها وناشرها، إنه جواد كريم. للتنزيل أو التصفح من هنا

الخميس، 10 مايو 2018

بيان ضابط التراجع الشرعي من البدعي رد على الحزبي الكريم الحجوري

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ولي المتقين،والصلاة والسلام على نبيه قائد الغُر المحجلين،وعلى آله وصحبه ومَن اتبع هداه إلى يوم الدين .
أمَّا بَعْدُ 
فإنَّ لأهْل الباطل شُبهٌ وتلبيساتٌ،قد حذَّرنا منها رَب البريات،وبيَّن أتم البيان حال أصحاب المكر والمخادعات . فقال تعالى مخبرًا عنهم : {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَٰذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ }[فصلت : 26 ]. ومِن هذا القبيل ما تكلم به أبو عمرٍو عبد الكريم الحجوري ـ هداه الله ـ في كلمته التي ذَم فيها أبا بلالٍ خالد بن عبودٍ الحضرمي،ووصفه بالتقليد والتخبط،وأنه ليس مِن أهْل الجرح والتعديل . وهذا كلام حقٍّ ّّّّوقد سُبق إليه؛لأنَّ أي أحدٍ مِن أهْل الإنصاف،يَسمَع مقالات هذا الرَّجل؛فسيكون حكمه هكذا . لكن الدافع له على هذا الكلام؛هوأنَّ أبا بلالٍ لم يجاريه على باطله مِن أول وهلةٍ . ثُم ذهَب يََخبط خبط عشوءٍ في الرد على ما يُتنقد عليه،فكان ممَّا دَندن عليه،أنَّ الأعلمية وكثرة المؤلفات والدروس تساوي الحق وهذه دعوةٌ عريضةٌ،دونه خرط القتاد لإثباتها . قال الحافظ ابن رجب ـ رحمه الله ـ في " فضل علم السَّلف "  (ص5) : " وقد فُتن كثيرٌ مِنَ المتأخرين بهذا؛ فظنوا أنَّ مَن كَثُر كلامه وجداله و خصامه في مسائل الدين فهو أعلم ممَن ليس كذلك،وهذا جهلٌ محضٌ . وانظر إلى أكابر الصحابة وعلمائهم كأبي بكرٍ وعمر وعليٍّ ومعاذٍ وابن مسعودٍ وزيد بن ثابتٍ كيف كانوا. كلامهم أقل مِن كلام ابن عباسٍ وهم أعلم منه،وكذلك كلام التابعين أكثر مِن كلام الصحابة، والصحابة أعلم منهم، وكذلك تابعوا التابعين كلامهم أكثر مِن كلام التابعين، والتابعون أعلم منهم . فليس العلم بكثرة الرواية ولا بكثرة المقال ولكنه نورٌ يُقذف في القلب يفهم به العبد الحق ويميز به بينه وبين الباطل، ويُعبِّر عن ذلك بعباراتٍ وجيزةٍ مُحصلِّةٍ للمقاصد " . اهـ وقال  أبو العباس المبرد ـ رحمه الله ـ  في " الكامل في اللغة والأدب " (ج1ص28 )ط/دار الفكر العربي القاهرة : " وليس لقدم العهد يُفضل القائل، ولا لحدثان عهدٍ يُهتضم المصيب، ولكن يُعطى كل ما يستحق " . اهـ 
وقال الشيخ سعيد بن دعاسٍ ـ رحمه الله ـ في الدرس السادس والأربعين مِنَ التعليق على شرح الواسطية للهراس ـ رحمه الله ـ : " وفي أيامنا هذه،إذا حُوجج الإنسان بحُجةٍ شريعةٍ،وذكِّر بأصلٍ شرعيٍّ،أو رُد عليه باطلٌ وانتقِد،كما فعَل أيضًا صاحب " الإبانة " . يقول : وهذا الفهم يخالف فهْم مَن هو أكبر سنًّا،وأكثرعلمَا،مع أنَّ هذا ليس ميزانًا؛لمعرفة الراجح مِنَ المرجوح،والصواب مِنَ الخطإ . بل الميزان هو حُكم الشرع،ودليل الشرع؛ولهذا الله ـ عز وجل ـ يقول : وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِن شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ } . ما قال : إلى مَن هو أكبر سنًّّا،أو أكثر علمًا . ثُم كبَر السن ليس له تأثيرٌ في فهم الحق،ولا أيضًا في معرفة الصواب في دين الله ـ عز وجل ـ بل كثرة العلم لا تقتضي أنَّ مَن كثُر علمه عند الاختلاف مع غيره يكون مصيبًا فيما قال . وقد اختلف عددٌ مِنَ الصحابة فيما بينهم،وكان الحق عند المحاققة في جانب مَن هو أقل علمًا . اختلف أبو سلمة بن عبد الرحمن مع ابن عباسٍ ـ رضي الله عنهما ـ في بعض مسائل الحج،فكان الصواب مع أبي عبد الرحمن بن سلمة وهو تابعيٌّ،وابن عباسٍ حَبر الأمة . وهكذا أيضًا عليٌّ ـ رضي الله عنه ـ خالف عمر في بعض المسائل،وعمر لا شك ولا ريب أنه أرفع وأفضل وأعلم،ومع هذا كان الحق حليفًا لعليٍّ ـ رضي الله عنه ـ وكما يختلف بعض أزواج النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ مع بعض الصحابة،ممَن هم في العلم أرفع منزلةً،ومع هذا لم يكن كثرة العلم ميزانًا؛لمعرفةالراجح مِنَ المرجوح،والصواب مِنَ الخطإ " . اهـ وقد صحَّح الشيخ سعيدٍ ـ رحمه الله ـ اسم التابعي في آخر الدرس ـ أقصدأبا سلمة بن عبد الرحمن ـ بعدما ذكَره في المرة الثانية باسم أبي عبد الرحمن بن سلمة؛بتنبيهٍ مِن أحد الطلاب جزاه الله خيرًا .
وهذا الكلام وهو وصفه أحد الإخوة السودانيين،أنه لايُحسِن تدريس الأصول الثلاثة،ولا يفْهم كشف الشبهات،هو في الحقيقة حيدةٌ عن موضع النزاع . فكما هو معلومٌ،أنه لو تنازع مع رجلٍ مِنَ العوام،فضلًا عن طالبٍ مِن طلاب العلم،فإنه لا يَصلح أن يستعمل معه هذه الطريقة؛وإلا لاعُد ذلك تهربا منه . وهل يُعقل أن يأتي شخصٌ ويقول لك،أنت عندك كذبٌ وتسولٌ،وغيرها ممَّا يُنتقد عليك؛فتذهب تدلل على جهله،أو أنه يحسِن أو لا يحسِن ليست هذه القضية،ولا يصلح ذلك . وهذه الطريقة يستعملها أهْل الباطل للهروب،والتمترس فهنيئًا لك أساليبهم . وأمَّا طلبك التثبت في أخبار الإخوة السودانيين،ووصفهم بالفسقة؛فمردودٌ عليك . لثبوث عدالتهم فيقال لك اثبت العرش ثُم انقش،وهذا مِنَ التثبت المبتدع الذي ينادي به روءس أهْل البدع في الوقت الحاضر . وهاهو الشيخ يحيى ـ وفقه الله ـ لم يَرد مِن أخبارهم شيئًا،وإنما هوَّن مِن شأنها،ورأى أنها لا تصل إلى درجة وصمك بالحزبية والانحراف . والذي يظهر أنَّ هذه الأمورلا مساغ لتأويلها،فهل يقال كذََب وحرَّش،أو تسول باجتهادٍ منه،والشيخ يحيى بشرٌ يخطئ ويصيب . ونقلك عن الشيخ محمد مانع ـ حفظه الله ـ أنَّ أحد الإخوة السودانيين اتصل به فأخبره أنه ما رضي تخطئتك،وأرشده إلى التحاكم،ثُم عندما أغلق الهاتف،قال : " احذروا هذا اللئيم " . فأقول : إنَّ أخبارك الأحرى أن يتوقف فيها،بعد ركوبك الصعب والذلول،وعلى اعتبار صحة الرواية؛فلا يُقبل هذا مِنَ الشيخ محمد مانع؛لأنَّ الرضى مِن عدمه يكون وفقًا للدليل . ثُم كيف يتكلم في ظهره،كان الأولى أن ينصحه إذا اعتقد خطأه ثُم يَحكم بعد ذلك . وما ادعيته مِن طلب الاحتكام إلى الكتاب والسُّنة،وكذا طلب الصلح،ورفض الإخوة السودانيين لذلك،في النفس منه شيءٌ؛لأنَّ دعواك هذه كاذبةٌ بلسان الحال؛لما قررته ولا زالت تقرره مِن أباطيلٍ في كلمتك الأولى،وما سياتي في الثانية إن شاء الله تعالى . وهناك أمرٌ ثانٍ وهو أنَّ الإخوة السودانيين عندما علموا بقدومك على الشيخ يحيى ـ وفقه الله وحفظه ـ طلبوا مِنَ الشيخ الجلوس معك؛لأجل تجلية ما حصَل بينهم وبينك مِن أمورٍ،لكن الشيخ يحيى رفَض؛لما يَعلم مِن ضعف حُجتك  . وعند انتهاء الكلمة الأولى سارعت إلى حفظها؛لما غلَب على ظني مِن عدم ثبات الرَّجل على ما قَرره مِنَ الحق،وإن مشوبًا بباطلٍٍ . 
وإذا به بعْد مُدة يصدِر الكلمة الثانية وكان ممَّا قاله في مطلعها : " ما جرى بيني وبين الشيخ أبي بلالٍ ـ حفظه الله ـ فقد اتصل علي شيخنا يحيى ـ حفظه الله ورعاه ـ وقال أسألك بالله،أن تحذف الكلام الذي تكلمت به حول أبي بلالٍ . والحقيقة أنَّ طلَب شيخنا يحيى ـ حفظه الله ـ يقبل في أكبر مِن هذا،وفي أعظم منه،وربَّما لو شفَع في مسائلٍ فيها قطع رءؤسٍ،أنَّ طلبه يُقبل،فكيف وقد أمَر . وطلبه وأمره مقبولٌ عندنا،وله علينا مِنَ الفضل والمنة بعد الله،ما الله به عليمٌ " . اهـ ويجاب عن هذا،بأنَّ هذه الأمور حقٌّ محضٌ لدين الله ـ عز وجل ـ ولا تصْْلح فيها الشفاعة . وإلا لقبلها شيخك ِمن قَبل،وقد عُرضت عليه في فتنة أبي الحسن المأربي،وفتنة عبد الرحمن العدني؛فالعجب مِنَ الشيخ يحيى كيف يطالب غيره بما لم يرتضيه مِن قبل ! . والعجب منك كيف تقبل هذا الطلب ! أتقبل طلبًا أوأمرًا مخالفًا لكتاب الله وسُنة رسوله ـ صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ـ وقد عَد الشارع طاعة الأمراء والعلماء،في تحليل ما حرَّم الله،وتحريم ما أحل الله عبادةً . قال الله تعالى : اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللَّهِ } [التوبة : 31] . ومِنَ التناقض قوله : والحقيقة أنَّ طلَب شيخنا يحيى ـ حفظه الله ـ يُقبل في أكبر مِن هذا،وفي أعظم منه،وربَّما لو شفَع في مسائلٍ فيها قطْع رءؤسٍ،أنَّ طلبه يُقبل،فكيف وقد أمَر " . اهـ لأنَّ مسألة قطْع الرءؤس،تُقبل فيها الشفاعة بقيد كون القتل ليس غيلةً،وقَبل رفْع الحدود إلى السلطان . وهذا تسويةٌ منه بين المختلفات . وقوله " وله علينا مِنَ الفضل والمنة بعد الله،ما الله به عليمٌ " . اهـ يَصب في مصبٍّ واحدٍ مع قول شيخنا الحميد الحجوري ـ وفقه الله ـ أنَّ مَن صنَع لك معروفًا؛لا تتكلم فيه ولا تُحذر منه . وقد وفَّق الله لرد خطئه،مني أنا وكذلك أخونا العربي البسكري . فليس اسداء المعروف؛مبررًا لترك الإنكار على المخطئ،ولا قبول الشفاعة الباطلة كما قرراه . 
وقال أيضًا : " وما حصَل بناءً على ما حصَل مِن ثنائه على بعض الذين ظلمونا وأفتروا علينا وأدخلونا السجون،ظلمًا وزورًا،وما حصَل مِن بعض الصوتيات التي فيها مِنَ الغمز واللمز . وقد توسطت ببعض الفضلاء عند الشيخ أبي بلالٍ ـ حفظه الله ـ ووعد بالتراجع ولم يحصل،ولكن الذي حصل عفا الله عما سلف " . اهـ  فيقال له : هل كلامك هذا يُعفي خالد بن عبودٍ الحضرمي،مِن تبعات تقريراته الفاسدة،وخوضه في ما لا يحسن ؟! . أم أنَّ السبيل لذلك ما ذكَره الله تعالى في كتابه : إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا } الآية [ البقرة : 160] . لأنَّ الله ـ عز وجل ـ علَّق انتفاء التبعات،على التوبة والبيان والإصلاح،في هذه الأمور وليس؛لتدخل فلانٍ،وسحْب علانٍ لكلامه . وهب أنك سحَبت كلامك وسكتت وسكت غيرك،فهل سيسكت الجميع ؟! . لا؛لأن هذا الأمر منتفٍ . وقد ثبََت عن عبد الله بن مسعودٍ ـ رضي الله عنه ـ أنه قال : " إنَّ الله لا يَجمع أمة محمدٍ على ضلالةٍ " . أخرجه ابن أبي شيبة (ج 7ص 1456)ط/مكتبة الرشد بالرياض،والبيقهي في " الشعب "(7111)ط/مكتبة الرشد،بإسنادٍ صحيحٍ . و أبو بلالٍ معروفٌ بكِبْره وعدم تراجع،عند العام والخاص . وأمَّا دعواك وشاية الإخوة السودانيين بك،وإدخالك السجن،فلا أظنها تصح . فقد نقلوا عنك خلاف ذلك،وأنك تهرول إلى المسئولين،مِن أهْل الأهواء وتنقل إليهم أقوال أهل السُّنة فيهم . قال الشيخ أبو عكرمة ـ وفقه الله ـ في " التبيان لإثبات ما نفاه عبد الكريم الحجوري في البيان " (ص3) : " وقد قلتَ عند أحد كبار المسئولين،مِنَ الإخوان المسلمين : هؤلاء يقولون عنكم أنكم حزبيون،فماذا تقول أنت في الإخوان ؟! ".اهـ 
وقوله في الختام : " فهو أخونا ونحن إخوانه،ونحن جميعًا تربطنا العقيدة الواحدة،والطريقة الواحدة،والمنهج الواحد . يربطنا كتاب الله ـ عز وجل ـ وسنة رسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ على فهم السَّلف وبيننا التحابب والتآخي ..." . اهـ نعم هو أخوك وأنت أخوه،على قاعدة التعاون والمعذرة،وأفيحية المنهج،أمَّا الكتاب والسُّنة على فهم السَّلف،ففيه نظرٌ؛لما سبَق بيانه . 
ثُم وقَفت له على كلمةٍ أخرى،هي عبارةٌ عن جواب سؤال أحد المتعصبين له،والذي وصف الرادين على عبد الكريم الحجوري ـ هداه الله ـ بالسفهاء . فأجاب بما حاصله،أنَّ السائل أجاب نفسه،ثُم أخذ يلبِّس ببعض الشبهات المذكورة آنفًا،مِن تحقير للأمور التي تنتقد عليه،وذكَر أنََّ الإخوة السودانيين ذهبوا وعرفهم الداني والقاصي،وأنَّ الشيخ عدنان المصقري كتَب مؤلفًا في الدفاع عنه،ثُم اتفقا على إهمالهم . وقد تقَدم الجواب على بعضها،وقوله عن الإخوة السودانيين ذهبوا وعرفهم الداني والقاصي . فيقال : أنَّ ما تنازعتم فيه الحق في جانبهم،وإن كان هناك ما يُنتقد فأبرز دليلك،وكل يُؤخد مِن قوله ويُرد عدا صاحب الرسالة ـ عليه الصلاة والسلام ـ أمَّا اتفاقك مع المصقري ـ هداه الله ـ على تهميش الحق الذي أدنت به،فليس بغريبٍ عنه ولا عنك؛فهو معروفٌ بالتخذيل والتحذير مِن أهْل النُصح،حتى في دار الحديث بدماج،أخبرني بذلك أخونا الثبت أبو موسى العربي البسكري . ولو كان معكما شيءٌ واضحٌ لصرختم به صراخًا،ماهي إلا شبهاتٌ مكررةٌ،لا تنطلي على أصحاب الإنصاف والتجرد للحق . ولا حبذا لو أخْرَج المصقري مؤلفه هذا؛كي يراه الناس،وصنيعكما هذا يذكرني بالمثل القائل : كان عندي جدٌّ ومات . 
هذا ما تيسر لي بيانه،وأسال المولى تعالى مزيد فضله وامتنانه،وأن يجنبنا الفتن ما ظهَر منها وما بطن،والحمد لله رب العالمين . 
للاستماع أو تنزيل صوتيات عبد الكريم الحجوري من هنا
              تَم الفراغ منه بتاريخ 24 رجب سنة 1439 هجري
               كتبه أبو عبد الله إبراهيم بن خالدٍ التبسي الجزائري
                            في الرباح وادي سوف

الخميس، 29 مارس 2018

تحذير القاصي والداني من ضلالات الغرباني

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رَب العالمين،والعاقبة للمتقين،ولاعدوان إلا على الظالمين،وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له،وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله،صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسَلم .
أمَّا بَعْدُ
فقد قال الله تعالى : لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا }[الأحزاب : 21] .
قال ابن كثيرٍ ـ رحمه الله ـ في تفسيرها (ج6 ص199) ط/دار ابن الجوزي : " هذه الآية الكريمة أصلٌ كبيرٌ في التأسي برسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ في أقواله وأفعاله وأحواله؛ولهذا أمِر الناس بالتأسي بالنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يوم الأحزاب،في صبره ومصابرته ومرابطته ومجاهدته وانتظاره الفرج مِن ربه،عز وجل،صلوات الله وسلامه عليه دائمًا إلى يوم الدين؛ولهذا قال تعالى للذين تقلقوا وتضجروا وتزلزلوا واضطربوا في أمرهم يوم الأحزاب : لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ } أي : هلا اقتديتم به وتأسيتم بشمائله ؟! ولهذا قال : لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا } ". اهـ
ومِنَ التأسي برسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ تَرْك الانتقام للنفس،والانتقام لدين الله تعالى . عن عائشة أم المؤمنين ـ رضي الله عنها ـ قالت : " مَا خُيِّرَ رَسُولُ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ بَيْنَ أَمْرَيْنِ إِلَّا أَخَذَ  أَيْسَرَهُمَا،مَا لَمْ يَكُنْ إِثْمًا،فَإِنْ كَانَ إِثْمًا كَانَ أَبْعَدَ النَّاسِ مِنْهُ،وَمَا انْتَقَمَ رَسُولُ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ لِنَفْسِهِ إِلَّا أَنْ  تُنْتَهَكَ حُرْمَةُ اللَّهِ،فَيَنْتَقِمَ لِلَّهِ بِهَا " أخرجه البخاري ـ فتح ـ (ج6 ـ 3560)،و(ج10ـ 6126) ،و(ج12 ـ 6786 ـ 6853)،وهذا الأخير فيه موضع الشاهد فقط،ومسلمٌ ـ نووي ـ (ج15ـ2327 )،و(2328) بنحوه واللفظ للبخاري . قال الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ في " شرح رياض الصالحين " ط/دار الآثار : "... وهذا مِن كرمه  ـ  صلى الله عليه وسلم ـ ،أنه لا يَضرب أحدًا على شيءٍ مِن حقوقه الخاصة به؛لأنَّ له أن يعفو عن حقه،وله أن يأخذ بحقه . ولكن إذا انتهكت محارم الله فإنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ لا يرضى بذلك،ويكون أشد ما يكون أخذا بها؛لأنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ لايُقر أحدًا على ما يُغضب الله ـ سبحانه وتعالى ـ وهكذا ينبغي للإنسان أن يحرص على أخذ العفو،وما عفى مِن أحوال الناس وأخلاقهم ويُعرض عنهم،إلا إذا اتهكت محارم الله،فإنه لا يُقر أحدًا على ذلك ". اهـ   وممَن سار على هذا الخلق الذميم،مخالفًا بذلك هدي نبينا الكريم،عليه أفضل الصلاة وأزكي التسليم،خالد بن محمدٍ الغرباني . فبعد أن كان يقلد،ويَقبَل الغث والسمين،أصبح بعد أن أوذي في نفسه، يكر على بعض الأصول السَّلفية بالهدم؛فنادى على نفسه بالذم واللطم،فلم أجد بدًّا مِن رد أباطيله،ودحرها نصحًا لأهل السُّنة،فاقول وبالله التوفيق .
إنَّ أسباب الضلا ل كثيرةٌ ومتنوعةٌ،ومنها : نقص الإخلاص لله تعالى،وترك الاتباع للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وإثار الخلق على الحق،أو إيثار دنيا عليه . وهذا الغرباني أوتِي مِن قبل جهله ونفسه الأمارة بالسوء التواقة للانتقام،وإلا فقد كان يَفعل ويقول كثيرًا ممَّا ينكر الآن،فما الدافع له على ذلك يا ترى؟ وإلى بيان بعض أباطيله .
 التقليد
وهو باب غوايةٍ وضلالٍ قال الله تعالى مخبرًا عن المشركين :وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا } الأية [البقرة : 170] . وقال ـ عز وجل ـ أيضًا : { وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَىٰ مَا أَنزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قَالُوا حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا } الأية [المائدة : 104] . قال ابن كثيرٍ ـ رحمه الله ـ في تفسيره (ج3ص139) : " أي : إذا دعوا إلى دين الله وشرعه وما أوجبه وتَرْك ما حرمه،قالوا : يكفينا ما وجدنا عليه الآباء والأجداد مِنَ الطرائق والمسالك ". اهـ المراد
ومِن أمثلته 
- أنَّ خالدًا الغرباني،كان لا يَقبَل ما ينتقد على يوسف العنابي،مع أنه بُين له . لكنه أبى إلا التقليد،فما دام الشيخ يحيى لم يتكلم فيه؛فهو عدلٌ عنده،وعندما صادمه حكَم عليه بالانحراف . 
ـ كان يطعن في سليمٍ الهلالي،ويرميه بالتقصير في الدفاع عن الشيخ الألباني ـ رحمه الله ـ وعندما نزَل زيارةً عند الشيخ يحيى في السعودية،رُفعت صوتيته عنده في الشبكة . وقد بينت ذلك في حينها وهو منشورٌ على المنتديات . 
- عندما حدَثت الفتنة في السودان،كان الغرباني يَنشُر لكلا الطرفين،للشيخ أبي عمرو الحجوري،والشيخ وليد بن فضل المولى . مقلدًا في ذلك الشيخ يحيى في قوله : " كلهم أهل سُنة " مع أنه غير مُسلمٍ للشيخ - وفقه الله - هذا الكلام؛لأنه كان ينكره على مشايخ اليمن،البرعي والوصابي والإمام،حينما قالوا ذلك،في نزاعه مع عبد الرحمن العدني؛لقيام الدليل على حزبيته عنده . ويلزمه ما ألزم به غيره؛لأنَّ الإخوة السودانيين أقاموا الدليل على حزبية عبد الكريم الحجوري،فلزم في هذه ما لزم في تلك . وعندما سُحبت منه الشبكة،أصبح يتكلم في عبد الكريم الحجوري،فقال في " الشبكة العلمية شبكةٌ مسروقةٌ مِن شبكة العلوم السلفية " (ص9) يخاطب المشايخ الذين أصدروا ضده بيانات : " وأين بياناتكم على أبي عمرٍو الحجوري ؟! وهو يُمزق الدعوة السَّلفية في السودان التي قامت على أيدي الشرفاء السلفيين ". اهـ ويقال له : أين بيانك أنت ؟! أم أنك أخرته إلى وقت الحاجة .
ـ كَتب في صفحته في فيسبوك،بتاريخ 15 شوال 1438 هجري  أنه كانت له علاقةٌ طيبةٌ بالشيخ سعيد ـ رحمه الله ـ وكان يَنزل عنده في صنعاء،وتكلم عنده في خالد بن عبودٍ الحضرمي،فنهاه عن ذلك . والظن أنَّ الشيخ سعيد لا يتكلم إلا بدليل،لكن منعك التقليد مِن موافقته،ثُم ما هو هذا الكلام الذي قاله لك،ولم يئن الوقت لإخراجه،أما تدعو إليه الحاجة إليه الآن ؟! . وأظن أنَّ سبَب عدم إخراجه؛كونه حُجةً عليك،وأنك كنت ملزمًا به في وقته،لكن الحامل لك على عدم العمل به هوالتقليد .
الثناء والدفاع عن أهل الأهواء
وقد جاء النهي عنه في قوله ـ تعالى ـ {‏‏وَلاَ تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنفُسَهُمْ إِنَّ الله لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا}‏‏‏[‏النساء‏:‏ 107‏]‏ .
ـ فقد أثنى على عبد الرحمن العدني،ووصفه بفقيه اليمن،في مقالٍ منشورٍ في شبكة العلوم السَّلفية،بتاريخ 9 ذي القعدة 1439هجري،بعنوان " رَحم الله فقيه اليمن " . كتبه دفاعًا عن عبد القوي الحزمي،وليس الإشكال في الترحم عليه لجواز ذلك،لكن الأشكال في وصفه بالفقيه،وهل مِنَ الفقه في الدين السعي في تشتيت شمل أهل السُّنة؟! ولا يغني عنه استشهاده بتزكية الشيخ مقبلٍ ـ رحمه الله ـ ؛لأنَّ الرجُل غيَّر وبدَّل بعده . ومع ذلك فقد ذهَب يلبِّس في صفحته في فيسبوك،بأنَّ مراده الإنكار على مَن أنكر الترحم عليه،وكلامه صريحٌ في الثناء عليه لا يحتمل هذا التأويل . ودافع وأثنى على المخذول علي بن ناصرٍ العدني، في مقالٍ منشورٍ على شبكة العلوم السَّلفية، بتاريخ 19 ذي القعدة 1438 هجري، بعنوان "أبو مصعب علي بن ناصرٍ بين الثناء والمدح". وفي بعض ما قاله حقٌّ، ولكن أراد به باطلًا؛ لأنَّ الكثير مِنَ المحيطين بالشيخ يحيى مقلدةٌ ومتعصبةٌ. لكن في شأن علي بن ناصرٍ الأمر يختلف؛ لأنه بغى وقلب الحقائق، فلا يُنكر على مَن أنكَر عليه. والدافع لك على مناصرته هو المشاكلة، أي: أنك تقول بما يقول، لكنك جبان في بداية الأمر، فلمَّا وصل الأذى إليك أفصحت.
التلبيس وتقليب الحقائق
مِن أمثلته
ـ ما قال في مقاله " زجر المخذل المخالف والدفاع عن قوات التحالف " (ص2) : " وبتوفيقٍ وفضلٍ مِنَ الله كان لي خُطبة جمعةٍ بعنوان وجوب الوقوف مع التحالف العربي ضد الحوثي بتاريخ 3جمادى الأولى1437هـجري وهي منشورةٌ في شبكة العلوم السَّلفية ". اهـ هذه الخُطبة التي يشيد بها كان يرفعها تارةً ويحذفها تارةً،يجُس بها النبض،فإن رضي الناس حذفها،وإن غضبوا رفعها،اقصد الشيخ يحيى ومَن معه مِنَ المشايخ والطلاب . ومع ذلك يَدعي أنه يساند قوات التحالف،ولوكان صادقًا في دعواه لما قايض بها،وعندما كَر عليه الطلاب وطالبوه بتسليم الشبكة،واجههم بتزكيات الشيخ يحيى وسليمٍ الهلالي،وعندما أَخرج الشيخ يحيى كلاما لا يخدمه،افصح عمَّا في نفسه؛واتضح أنَّ الأمر اخدمني اخدمك،والله المستعان .
- وما قال في المصدر السابق  (ص2) : " قال معافى - وفقه الله - : " حتى صار كثيرٌ منهم متعلقٌ بالدنيا " . أقول : " أعوذ بالله مِنَ الدخول في النيات،هذا سلاحٌ خبيثٌ في الطعن في أولياء الله والتشكيك فيهم " .اهـ
وهذه مِن شبهات الحزبيين،التي يكرون بها على مَن تَبين له شيءٌ فأنكره . والظن بالأخ معافى أنه رأى أو سَمع ما يُنكر؛لأنَّ هذه المعسكرات إلا ما رَحم الله،فيها هذه الأمور . ويقال له : ما الذي دفعك على الحكم عليهم بأنهم أولياء لله،أليس الظاهر؟! فكيف تنكر على غيرك الحكم به ؟! .
ـ وما قال في المصدر السابق ( ص5 ) : " ولماذا سلِمت منكم جميع المعسكرات ولم يسلم منكم معسكر الفتح؟! ولماذا سلِم الحوثي وعفاش وزمرتهم مِن بياناتكم ولم تسلم الثغور والمعسكرات مِن بياناتكم ماذا وراء الأكمة ". اهـ 
وهذه أيضًا شبهةٌ حزبيةٌ وكلامه هذا يعود بالنقض على ما قبله،وقد يقول : " أنَّ ظاهر قولهم التثبيط والتخذيل عن الجهاد "،فأقول : ظاهر هذا الأنكار هو الأصلاح؛لما عُلم مِن حال هذه المعسكرات . قال الله تعالى مخبرًا عن شعيب ـ عليه الصلاة والسلام ـ  : { إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ ۚ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ ۚ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ}[هود : 88 ] . قال الشيخ عبد الرحمن السعدي ـ رحمه الله ـ في تفسيرها (ص387)ط/دار الرسالة : " { إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ ْ} أي : ليس لي مِنَ المقاصد إلا أن تصلح أحوالكم وتستقيم منافعكم،وليس لي مِنَ المقاصد الخاصة لي وحدي شيءٌ بحسب استطاعتي .
ولمَّا كان هذا فيه نوع تزكيةٍ للنفس،دفَع هذا بقوله : { وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ } أي : وما يحصل لي مِنَ التوفيق لفعل الخير والانفكاك عن الشر إلا بالله تعالى،لا بحولي ولا بقوتي .
{ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ } أي : اعتمدت في أموري ووثقت في كفايته،{ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ } في أداء ما أمرني به مِن أنواع العبادات،وفي هذا التقرب إليه بسائر أفعال الخيرات .
وبهذين الأمرين تستقيم أحوال العبد،وهما الاستعانة بربه والإنابة إليه،كما قال تعالى: { فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ } وقال : { إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ } ". اهـ وأمَّا الباطن فعلمه إلى مَن لا تخفى عنه السرائر،ولسان حالك كما قال الشاعر
                              لا تنه عن خلقٍ وتأتي مثله *** عارٌ عليك إذا فعلت عظيم . 
وكلامك هذا فيه طعنٌ شديدٌ،على مَن نصَح لعباد الله،مِن علماءٍ وطلاب علمٍ . ويوهم أنَّ هؤلاء لم ينصحوا لبقية المعسكرات مِنَ المسلمين،وكذا الكفار مِنَ الرافضة ومَن والاهم؛لأنَّ الواقع يشهد بخلاف ذلك،ودونك خرط القتاد لإثبات دعواك . كما أعْلمك وأظن أنه لا يخفى عليك،أنَّ المتمسح بالسُّنة وليس منها،أشد ضررًا على أهْل السُّنة مِن غيره؛لذا كانت الأولوية لبيان ضرره . قال شَيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ كما في مجموع الفتاوى (ج23 ص231) : "  ومِثل أئمة البدع مِن أهْل المقالات المخالفة للكتاب والسُّنة أو العبادات المخالفة للكتاب والسُّنة فإنَّ بيان حالهم وتحذير الأمة منهم واجبٌ باتفاق المسلمين حتى قيل لأحمد بن حنبل : الرجل يصوم ويصلي ويعتكف أحب إليك أو يتكلم في أهل البدع ؟ ، فقال : إذا قام وصلَّى واعتكف فإنما هو لنفسه،وإذا تكلَّم في أهْل البدع فإنما هو للمسلمين هذا أفضل؛فبيَّن أنَّ نفع هذا عامٌّ للمسلمين في دينهم مِن جنس الجهاد في سبيل الله؛إذ تطهير سبيل الله ودينه ومنهاجه وشرعته ودفْع بغي هؤلاء وعدوانهم على ذلك واجبٌ على الكفاية باتفاق المسلمين،ولولا مَن يقيمه الله لدفع ضرر هؤلاء لفسد الدين وكان فساده أعظم مِن فساد استيلاء العدو مِن أهْل الحرب فإنَّ هؤلاء إذا استولوا لم يفسدوا القلوب وما فيها مِنَ الدين إلا تبعًا وأمَّا أولئك فهم يفسدون القلوب ابتداءً " . اهــ 
ـ ودندنتك على سرِّية نصح ولاة الأمور،أو نوابهم،كما في (ص3 ـ 4) مِنَ المصد السابق،فليس على إطلاقه،فمنهم مَن يُرد عليه علنًا . قال الشيخ عبد المحسن العباد ـ حفظه الله ـ في مقاله " وأنا أريد الزين لبلاد الحرمين حكومةً وشعبًا وسائر بلاد المسلمين أيها الشيخ العنجري " : " بسم الله الرحمن الرحيم 
الحمد لله وحده،وصلى الله وسلَّم وبارك على مَن لا نبي بعده،نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه .
أمَّا بَعْدُ،فقد اطلعت على مقالٍ نُشر في شبكة المعلومات بتاريخ 3 صفر 1439هـجري،بعنوان: " أريد زينك " جاء في آخره : " كتبه الشيخ محمد بن عثمان العنجري " ذكر في أوله أنه دفعه إلى كتابته قراءتُه لمقالٍ لي بعنوان: " وزير التعليم والتغريبيون يسعون بضراوة لتدمير بلاد الحرمين " ، نشر في 19 محرم 1439هـجري، وقد ذكَر في مقاله أنَّ الوزراء وأمثالهم لا يُنتقدون علنًا،ومِنَ المعلوم أنَّ الوزير إذا كان تغريبيًّا يعلن ما فيه إفساد التعليم فإنه يستحق إظهار الرد عليه،وسبَق أن كتبت كلمةً بعنوان : " نحب لدولتنا السعودية دوام عزها ونبغض التغريبيين الساعين بمكرهم لإضعافها " نُشرت بتاريخ 20 شعبان 1431هـجري، وكلمةً بعنوان : " لا يليق بأهل المجد أن يكونوا مستندًا للتغريبيين الماكرين بمجدهم "  نُشرت في 7 صفر 1432هـجري، وكلمةً بعنوان : " بلاد الحرمين وخطر أعدائها الثلاثة " نُشرت في 8 ربيع الأول1431هـجري، ذكَرت فيها أنَّ التغريبيين قتلة الأخلاق هم أخطر أعداء هذه البلاد " . اهـ المراد وقد يقول :  إنَّ هذا القياس مع الفارق فأقول : لا فارق؛لأنَّ التغربيين يسعون في إفساد التعليم في بلاد الحرمين،وهؤلاء يسعون في تضييع طلاب العلم في تلك البلاد؛بحُجة الجهاد وغيره مِن أعمال البر . وهنا عندنا في الجزائر،عندما ننكر على الحزبيين الجدد مسارعتهم إلى المساجد،على ما فيها مِن بلاءٍ،يتهموننا بالتخذيل وعدم نُصرة الدعوة،وهم المخذلون في الحقيقة للدعوة السَّلفية؛بنشر الشقاق في أوساطها؛لأنه لا يستقيم نصرة دين الله بمعصيته . ولا حُجة في كلام الشيخ،لمن أراد إسقاطه على واقع التعليم في الجزائر؛لأنَّ التعليم هنا تغريبيٌ مِن أصله . فلا فائدة في إثارة القلاقل،ومحاولة الإصلاح مِنَ الداخل كما يزعمون،وإنما ينصح الناس بالابتعاد عنه،كما بين ذلك أهْل العلم وكفى . 
ـ خلطه بين الإنكار العلني،على الولاة أونوابهم،وبين الخروج عليهم،كما في مقاله " تعزيز الدفاع عن معسكرات التحالف وبيان أنَّ طاعة الأمراء والقادة مِن طاعة ولي الأمر " (ص 1ـ 2) فأقول : ثبَت عن بعض السلف الإنكار على على الولاة أونوابهم،علنًا في حضورهم . كما فعَل أبو سعيدٍ الخُذري ـ رضي الله عنه ـ مع مروان بن الحكم،حينما أراد أن يبدأ بالخطبة قبل الصلاة،يوم العيد كما في الصحيحين البخاري ـ فتح ـ (ج 2 ـ 956)،ومسلمٍ ـ نووي ـ (ج 6 ـ 889) . وأنكَر ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ على الحجاج،إدخاله السلاح إلى الحرم كما في صحيح البخاري ـ فتح ـ (ج 6 ـ 966 ـ 967) . وأنكر أبو شريحٍ العدوي على عمرو بن سعيدٍ الأشدق،إرسال البعوث إلى مكة؛لمحاربة عبد الله بن الزبير ـ رضي الله عنهما ـ كما في في الصحيحين البخاري ـ فتح ـ (ج 1 ـ 104)،و (ج 4 ـ 1832)،و (ج 8 ـ 4295 )،و مسلمٍ ـ نووي ـ (ج 9 ـ 1354) . وأخرَج مسلمٌ ـ نووي ـ (ج6 ـ 864)،عن أبي عبيدة،عن كعب بن عجرة قال : " دَخَلَ الْمَسْجِدَ،وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ ابْنُ أُمِّ الْحَكَمِ يَخْطُبُ قَاعِدًا،فَقَالَ : " انْظُرُوا إِلَى هَذَا الْخَبِيثِ يَخْطُبُ قَاعِدًا،وَقَالَ اللهُ تَعَالَى : {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا} [ الجمعة: 11] " . قال النووي ـ رحمه الله ـ في الشرح (ج6 ص171 ـ 172) : " هذا الكلام يتضمن إنكار المنكر،والإنكار على ولاة الأمور إذا خالفوا السُّنة،ووجه استدلاله بالآية : أنَّ الله تعالى أخبر أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ  كان يخطب قائمًا،وقد قال تعالى :{ لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ } [الأحزاب : 21 ] . مع قوله تعالى : {فَاتَّبِعُوهُ[الأنعام : 153] . وقوله تعالى : {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ[الحشر : 7 ] . مع قوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : (صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي) " . اهـ وعن أبي سعيدٍ الخُذري ـ رضي الله عنه ـ أنَّ النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- قَالَ ( إِنَّ مِنْ أَعْظَمِ الْجِهَادِ كَلِمَةَ عَدْلٍ عِنْدَ سُلْطَانٍ جَائِرٍ ) . أخرجه أبو داود (4344)،والترمذي ـ تحفة ـ (ج 6ـ 2174)ط/دار الحديث بالقاهرة،واللفظ له وقال : " حديثٌ حسنٌ غريبٌ مِن هذا الوجه ". اهـ وابن ماجة (4011)،وفي إسنادة عطية العوفي، قال الحافظ في " التقريب "(4616 ص541) ط/ دار الرسالة : " صدوقٌ يخطئ كثيرًا،وكان شيعيًا مدلسًا " . اهـ وله شاهدٌ أخرجه أحمد (11160)ط/بيت الأفكار الدولية،والحاكم(8590)ط/دار المعرفة وقال : " هذا حديثٌ تفرد بهذه السياقة علي بن زيد بن جدعان القُرشي،عن أبي نضرة . والشيخان ـ رضي الله عنهما ـ لم يحتجا بعلي بن زيدٍ ". اهـ وهو ضعيفٌ يصلح في الشواهد والمتابعات . وأخرجه ابن ماجة (4012)،مِن طريق الوليد بن مسلمٍ،وقد خالف يزيد بن هارون وعفان بن مسلمٍ عند أحمد،وعلي بن عثمان اللاحقي وموسى بن إسماعيل عند الحاكم،وهم أرجح منه،فرواه عن حماد ابن سلمة عن أبي غالبٍ عن أبي أمامة مرفوعًا،وهم رووه عن حماد عن علي بن زيد عن أبي نضرة عن أبي سعيد . وأخرجه النسائي(4209)ط/دار العلوم والحكم بنحوه،وصحَّح إسنادة العلامة الوادعي ـ رحمه الله ـ  في " الجامع الصحيح " (3173)ط/دار الآثار،وخلاصة القول أنَّ الحديث صحيحٌ . وقال الشيخ مقبل ـ رحمه الله ـ في " تحفة المجيب " (ص151)ط/دار الآثار : " والعندية لا تقتضي السِّرية وأن يكون مع السلطان وحده ". اهـ
وجاء عن شريح بن عبيدٍ الحضرمي قال : " جَلَدَ عِيَاضُ بْنُ غَنْمٍ صَاحِبَ دَارِيَا حِينَ فُتِحَتْ،فَأَغْلَظَ لَهُ هِشَامُ بْنُ حَكِيمٍ الْقَوْلَ حَتَّى غَضِبَ عِيَاضٌ،ثُمَّ مَكَثَ لَيَالِيَ فَأَتَاهُ هِشَامُ بْنُ حَكِيمٍ فَاعْتَذَرَ إِلَيْهِ،ثُمَّ قَالَ هِشَامٌ لِعِيَاضٍ : أَلَمْ تَسْمَعْ النَّبِيَّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ  يَقُولُ : ( إِنَّ مِنْ أَشَدِّ النَّاسِ عَذَابًا أَشَدَّهُمْ عَذَابًا فِي الدُّنْيَا لِلنَّاسِ) .  فَقَالَ عِيَاضُ بْنُ غَنْمٍ : يَا هِشَامُ بْنَ حَكِيمٍ قَدْ سَمِعْنَا مَا سَمِعْتَ وَرَأَيْنَا مَا رَأَيْتَ أَوَلَمْ تَسْمَعْ رَسُولَ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ :(مَنْ أَرَادَ أَنْ يَنْصَحَ لِسُلْطَانٍ بِأَمْرٍ فَلَا يُبْدِ لَهُ عَلَانِيَةً،وَلَكِنْ لِيَأْخُذْ بِيَدِهِ فَيَخْلُوَ بِهِ،فَإِنْ قَبِلَ مِنْهُ فَذَاكَ وَإِلَّا كَانَ قَدْ أَدَّى الَّذِي عَلَيْهِ لَهُ ) وَإِنَّكَ يَا هِشَامُ لَأَنْتَ الْجَرِيءُ،إِذْ تَجْتَرِئُ عَلَى سُلْطَانِ اللَّهِ، فَهَلَّا خَشِيتَ أَنْ يَقْتُلَكَ السُّلْطَانُ،فَتَكُونَ قَتِيلَ سُلْطَانِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى . أخرجه أحمد (15408) ط/بيت الأفكار الدولية،وابن أبي عاصمٍ في " السُّنة " (1096)ط/المكتب الإسلامي،والطبراني في " مسند الشاميين "(977) ط/دار الرسالة،وفي إسنادة بقية بن الوليد مدلسٌ وقد عنعن،لكنه صرَّح بالتحديث عند ابن أبي عاصمٍ . قال الهيثمي في " مجمع الزوائد " ط/مكتبة القدسي تحت حديث (9161) : " قلت : في الصحيح طرفٌ منه مِن حديث هشامٍ فقط . رواه أحمد،ورجاله ثقاتٌ إلا أني لم أجد لشريحٍ مِن عياضٍ وهشامٍ سماعًا وإن كان تابعيًا ". اهـ ووصله ابن أبي عاصمٍ في " السُّنة " (1097)،مِن طريق محمد بن إسماعيل بن عياشٍ،وهو ضعيفٌ يعتبر به، وقد خالفه عبد الحميد بن إبراهيم ،عند ابن أبي عاصمٍ " السُّنة " وفي" الآحاد والمثاني "   فرواه عن عبد الله بن سالمٍ عن الزبيدي عن الفضيل بن فضالة عن ابن عائذٍ عن جبير بن نفيرٍ عن عن عياض بن غَنمٍ به،ورواية إسماعيل أرجح . وأخرجه أبو نعيمٍ في " معرفة الصحابة " كما في " معاملة الحكام في ضوء الكتاب والسنة " ط/الدار الأثرية بالجزائر،للشيخ عبد السلام بن برجسٍ ـ رحمه الله ـ (ص59) مِن طريق عبد الوهاب بن الضحاك،عن إسماعيل بن عياشٍ،وعبد الوهاب قال عنه الحافظ في " التقريب " (4257 ص502) : " متروكٌ كذبه أبو حاتمٍ " . اهـ وقال أبو نعيم عقبه " رواه بقية عن صفوان بن عمرٍو عن شريحٍ عن جبيرٍ" .اهـ وقال الشيخ عبد السلام : " وبقية قد صرَّح بالتحديث عند ابن أبي عاصمٍ " . اهـ قلت إنما صرَّح بالتحديث في الطريق المنقطعة،وقد خالفه أبو المغيرة عبد القدوس بن الحجاج الحِمصي،وهو ثقةٌ،فرواه منقطعا كما مَرعند أحمد ،وقد رواه بقية على الصواب،عند ابن أبي عاصمٍ في " السُّنة " والطبراني في " مسند الشاميين " والعَجب مِنَ الشيخ عبد السلام،كيف جَزم بسماع شريحٍ لهذا الحديث مِن جبير بن نفيرٍ . وللحديث شاهدٌ أخرجه الحاكم (5269)ط/دار الكتب العلمية،وقال : " صحيح الإسناد ولم يخرجاه " اهـ ومِن طريقه البيهقي (16150)ط/دار المعرفة والطبراني في " الكبير"(1007)،وفي إسناده إسحاق بن إبراهيم بن زبريقٍ،ضعيفٌ يصلح في الشواهد والمتابعات،وعمرو بن الحارث الحِمصي مجهول حالٍ . وفي إسناد الطبراني عمرو بن إسحاق مجهول حالٍ،وهو متابعٌ عنده بعمارة بن وثيمة المصري مجهول حالٍ ،و عبد الرحمن بن معاوية العتبي مجهول حالٍ أيضًا. وبالتالي فإنَّ العلة تنحصر في إسحاق بن إبراهيم،وعمرو بن الحارث الحِمصي،وفي النفس شيءٌ مِن سماع جبير بن نفيرٍ مِن عياض بن غنمٍ ـ رضي الله عنه ـ فقد أفادني أخونا الفاضل العربي البسكري أنه سَمع مِن معاذ بن جبلٍ ـ رضي الله عنه ـ بواسطة رجلٍ وهو قريب الوفاة مِن عياض بن غنمٍ توفي سنة سبع عشرة وأخرجه ابن أبي عاصمٍ في " السُّنة "(1098)،وفي " الآحاد والمثاني " (872)ط/دار الراية،وفي إسناده عبد الحميد بن إبراهيم الحِمصي،شديد الضعف . وأصل الحديث في مسلمٍ ـ نووي ـ (ج16ـ 2613)،مِن طرقٍ عن عروة بن الزبير،عن هشام بن حكيمٍ ـ رضي الله عنها ـ مرفوعًا وليس فيه قصته مع عياض بن غنمٍ ـ رضي الله عنه ـ والزيادة المذكورة (مَنْ أَرَادَ أَنْ يَنْصَحَ لِسُلْطَانٍ ) الحديث . وزاد أحمد (15411)،والطبراني في " الكبير" (440)مِن طريق يعقوب بن إبراهيم بن سعد ابن أخي الزهري عن عمه،أنَّ عياض بن غنمٍ كان حاضرًا مع هشام بن حكيمٍ ــ رضي الله عنهم ـ  حينما أنْكر على والي حِمص عمير بن سعدٍ،ويشهد لهذه الزيادة،ما أخرجه أحمد (15409)، عن عروة بلاغًا،وفيه أنَّ عياض بن غنمٍ أنكر على والي حِمص أيضًا . ويشترط لقبول هذه الزيادة،أن تكون مِن طريقٍ أقوى أو مساويةٍ لمن روى أصْل الحديث،كما قرَّر ذلك الإمام الوادعي ـ رحمه الله ـ في " تحفة المجيب"(ص152) . وأخرجه أحمد (15410)،مِن طريق شعيبٍ عن الزهري،كرواية مسلمٍ لكن خالف في كون أمير حِمص عمير بن سعدٍ،فذكر أنه عياض بن غنمٍ،وخالفه يونس بن يزيد الأيلي عند مسلمٍ،ويعقوب بن إبراهيم عند أحمد،وجاء مِن طرقٍ عن هشام بن عروة عن أبيه،عند مسلمٍ،وليس فية ما ذُكر في رواية شعيبٍ . نعم قد تابعه معاوية بن يحيى عند الطبراني في " الكبير "(441)،وهو صدوقٌ له أوهامٌ كما في " التقريب "(6773ص763)،وهذه المتابعة مِن طريق عبد الله بن صالحٍ ضعيفٌ يصلح في الشواهد والمتابعات،وقد اضطرب فيه فرواه في هذا الموضع عن الهقل بن زيادٍ،عن معاوية بن يحيى به،ورواه أيضًا عند الطبراني في " الكبير "(437)،عن الليث بن سعدٍ،عن هشام بن عروة،عن أبيه بنحو رواية مسلمٍ . والحاصل أنَّ هذه الرواية لا تثبت والله تعالى أعلم . وقد اعترَض الغرباني على مَن واجهه بكلام الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ في جواز الإنكار العلني على السلطان،جمعًا بين الأدلة،بكون الشيخ قيَّد ذلك في حضرة السلطان . ولاشك أنَّ الهدف مِنَ الإنكار؛هو خَشية فُشو المنكر،فإن تعذر على العالم الوصول إلى السلطان،أو إيصال النصيحة له مع غيره،وخاصة إذا كان في بلدٍ آخرفله الإنكار علنًا . كما هو صنيع علمائنا ـ رحم الله أمواتهم وحفظ أحياءهم ـ فقد كفَّروا صدام حسين،والقذافي وأبو رقيبة وحافظ الأسد،وحذروا مِن ضلالات الحكام في بلاد المسلمين شرقًا وغربًا . قال النووي ـ رحمه الله ـ في " شرح صحيح مسلمٍ "(ج18ص114 ـ 115) ط/دار الفيحاء ـ عند الكلام على أثرأسامة رضي الله عنه في قصة مناصحة عثمان رضي الله عنه ـ : " وفيه الأدب مع الأمراء واللطف بهم،ووعظهم سرًّا وتبليغهم ما يقول الناس فيهم لينكفوا عنه،وهذا كلُّه إذا أمكن ذلك،فإن لم يمكن الوعظ سرًّا والإنكار،فليفعله علانيةً لئلا يضيع أصل الحقِّ". اهـ 
والذي يظهر أنَّ هذا الشرط ليس على إطلاقه والله تعالى أعلم . ولا يلزم مِنَ الإنكار العلني الخروج على الحكام،قال الشيخ الوادعي ـ رحمه الله ـ في " تحفة المجيب " (ص152ـ 153) : " وفَرقٌ بين أن تقوم وتُنكر على المنبر أعمال الحاكم المخالفة للكتاب والسُّنة،وبين أن تستثير الناس على الخروج عليه،فالاستثارة لا تجوز إلا أن نَرى كفرًا بواحًا،كما في حديث عبادة بن الصامت :  بَايَعْنَا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ - عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ،فِي الْيُسْرِ وَالْعُسْرِ،وَالْمَنْشَطِ وَالْمَكْرَهِ،وَعَلَى أَثَرَةٍ عَلَيْنَا،وَعَلَى أَلَّا نُنَازِعَ الْأَمْرَ أَهْلَهُ إِلَّا أَنْ تَرَوْا كُفْرًا بَوَاحًا عِنْدَكُمْ فِيِهِ مِنَّ اللهِ بُرْهَانٌ،وَأَنْ نَقُولَ بِالْحَقِّ أَيْنَمَا كُنَّا لَا نَخَافُ فِي اللَّهِ لَوْمَةَ لَائِمٍ . 
والنبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - يأمر أبا ذرٍ أن يقول الحق ولو كان مرًّا. رواه أحمد في" مسنده ". كما أمَره أن يسمع ويطيع وإن تأمَّر عليه عبدٌ حبشيٌّ، فجَمع بين الأمرين أبوذرٍ، فيسمع ويطيع لعثمان - رضي الله عنه - .
فإذا رأينا كفرًا بواحًا فهل يجب الخروج أم لا ؟ يجب النظر في أحوال المسلمين هل لديهم القدرة على مواجهة الكفر البواح أم أنَّهم سيقدمون أنفسهم أُضحية ؟ وهل عندهم استغناءٌ ذاتيٌ أم سيمدون أيديهم لأمريكا وغيرها مِنَ الحكومات تتركهم حتى تُسْفَكَ دماؤهم ثُم ينصبون لهم علمانيًّا بدل العلماني الأول أو شيوعيًّا بدل العلماني أو نصرانيًا بدلا عن المسلم،فلا بد أن يكون هناك استغناءٌ ذاتيٌّ .
ثُم بعد ذلك هل أعدوا ما تحتاج إليه الحرب مِن قواتٍ،ولا يشترط أن تكون مماثلةً لقوات العدو فإن الله ـ عز وجل ـ يقول في كتابه الكريم : وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ } . 
وهل أعدوا ما تحتاج إليه الحرب مِن أطباءٍ ومستشفياتٍ أم ربَّما يتركون الشخص ينتهي دمه مِنَ الجرح، وكذلك ما تحتاج إليه الحرب مِن تغذية،فالناس ليسوا مستعدين أن يصبروا كما صبَر صحابة رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - على الاستضعاف وعلى الخروج مِنَ الأوطان،وعلى المرض وعلى الفقر عند أن خرَج الصحابة وهاجروا إلى المدينة،فالناس الآن محتاجون إلى أن يدربوا أنفسهم على ما كان عليه الصحابة رضوان الله عليهم .
فعٌلم الفرق بين أن يقول الشخص كلمة الحق،وبين أن يستثير الناس على الخروج على الحاكم والحق أنَّ الحكام هم الذين لوَّثوا أنفسهم ، يقول الله ـ عز وجل ـ  : وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ } 
يقول الشاعر :
مَن يهن يسهل الهوان عليه ***  ما لجرح بميِّتٍ إيلام
ويقول الشاعر :
ومَن دعا الناس إلى ذمه *** ذموه بالحق وبالباطل
فننصح الحكام أن يرجعوا إلى الله سبحانه وتعالى،وأن يصدقوا مع شعوبهم،وأنا أكره أن أختلف أنا وبعض أصحابي مِن أجل الحاكم،ولسنا عنده إلا مِثل الذباب فليس لنا عنده قيمةٌ ". اهـ
ـ عدَّه الردود العلمية سوء أدبٍ مع العلماء،ويقصد بذلك ربيعًا المدخلي،مع أنه كان يقول أنه بغى على أهْل السنة باليمن . ثُم سحَب كلامه بحُجة عدم التدخل بين العلماء،وهذا الكلام في الحقيقة؛لسد لباب نصرة المظلوم . وقد جاء الأمر بنصرة المظلوم على لسان الصادق المصدوق،فقال صلى الله عليه وعلى آله وسلم :انْصُرْ أَخَاكَ ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا ) قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا نَنْصُرُهُ مَظْلُومًا ،فَكَيْفَ نَنْصُرُهُ ظَالِمًا ؟ قَالَ : ( تَأْخُذُ فَوْقَ يَدَيْهِ . ) رواه البخاري ـ فتح ـ (ج5 ـ 2243 ـ 2444)،و(ج12ـ 6952) مِن حديث أنسٍ ـ رضي الله عنه ـ ،و مسلمٌ ـ نووي ـ (ج16 ـ 2584) من حديث جابرٍ ـ رضي الله عنه ـ بنحوه . وعن البراء بن عازب ـ رضي الله عنهما ـ قال : " أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسَبْعٍ " وذكَر منها نصرة المظلوم . أخرجه البخاري ـ فتح ـ (ج3 ـ 1239)،(ج5 ـ 2445)،(ج9 ـ 5175 )،(ج10 ـ 5635 ـ 5863 ـ 6222)،(ج11 ـ 6235)،ومسلمٌ ـ نووي ـ (ج14 ـ 2066) ويتبجح بقوله أنه استمتع بالردود،بين الشيخين يحيى وربيعٍ،وهذا الكلام لا يقوله عاقلٌ،فضلًا عمن يَدعي اتباع السُّنة،وينتسب إلى طلب العلم.  فكيف يُعد البغي متعة،أليس هذا مِنَ الرضى به،ومَن رضي بشيءٍ كان كفاعله،قال الله ـ تعالى ـ إِنَّكُمْ إِذًا مِّثْلُهُمْ } [ النساء : 140] . 
ـ ومِنَ العجب ما قرره في مقاله " وجوب البراءة والتوبة مِنَ الآلية الرئاسية التي وقعها السلفييون والحوثيون في صنعاء وغيرها " . مع إقراره بكون السلفيين وقعوا على ذلك مكرهين،حيث قال في (ص2) : " وكان مِن أسوء تلك الوثائق التي أبرمت بين الجانبين،ما يسَمى بالآلية الرئاسية التي وقَّع عليها أهْل السُّنة مضطرين؛للخروج مِن أجل سلامة طلبة العلم،والخروج بمخرج الخير والنصر". اهـ وقوله (ص5) : " فهل يُعذر أهْل السُّنة؛في ابرامهم لتلك الوثائق،والتي تضمنت شروطًا وأمورًا لمعتقدات فاسدةٍ وباطلةٍ ؟ الجواب : ولاشك أنَّ قوة الحوثي،وضعف أهْل السُّنة هو الذي جعلهم يرضخون حفاظًا على الدم والعرض . ومع أنَّ هذا منكرٌ عظيمٌ،إلا أنه يعتذر لهم في اضطرارهم،كما قال تعالى : { إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ } [النحل : 106] . والتراجع مطلوبٌ عند الأمان والقُدرة ". اهـ فيقال له : مادمت مقرًّا بأنهم مكرهون؛فلما تطالبهم بالتوبة والتراجع عند الأمان والقُدرة . وهذا الكلام لم تُسبق إليه ـ في حدود علمي ـ لأنَّ المكره لم يتلبس بذنبٍ؛حتى يخرُج منه . وقد أَمن أصحاب رسول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ لمَّا هاجروا إلى المدينة،فلم يأمر أحدًا منهم بتوبةٍ ولا تراجعٍ،وهذا يعني أنَّ المُكره لا يشمله قوله تعالى : إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولَٰئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ ۚ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ } [البقرة : 160] . وحديث (التَّائِبُ مِنَ الذَّنْبِ،كَمَنْ لاَ ذَنْبَ لَهُ )اللذان استدللت بهما في (ص6).وإن كان الحديث ضعيفًا أخرحه ابن ماجة(4250)،من طريق أبي عبيدة ابن عبد الله بن مسعودٍ ـ رضي الله عنه ـ عن أبيه ولم يسمع منه .  فكيف تطالب الناس بما لم يطالبهم به ربهم ـ عز وجل ـ ولا رسوله  ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ أليس هذا مِنَ القول على الله بغير علمٍ،والتحكم بغير دليلٍ،الذي نهى عنه في قوله : {وَأَن تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ}[الأعراف : 33] . قال الشيخ عبد الرحمن السعدي في تفسيرها : " { وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ } في أسمائه وصفاته وأفعاله وشرعه،فكل هذه قد حرمها اللّه،ونهى العباد عن تعاطيها؛لما فيها مِنَ المفاسد الخاصة والعامة؛ولما فيها مِنَ الظلم والتَجري على اللّه،والاستطالة على عباد اللّه،وتغيير دين اللّه وشرعه ". اهـ وقوله : {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌالآية [الإسراء : 36 ] . ويجاب عن اعتذارك على عدَم أنكار ذلك الفعل في وقته؛بسبب ضيق الوقت،ومحاولة البحث عن مخرجٍ سريعٍ لفك الحصار،وغير ذلك كما ذكَرت في (ص3) . بأنه لمَّا كانت فيك بقية خيرٍ،لم تنكر ما قام به أهْل السُّنة في حال الإكراه،والآن لمَّا انطمست فطرتك،أصبحت تتلقف شُبه البرامكة،وتتكلم بألسنتهم؛لأنَّ الدافع لك على إخراج هذا الكلام،هو ما أثاره بعض طلبة محمدٍ الإمام،كما ذكَرت في الصفحة سالفة الذكر مِنَ المقال . وكان الواجب على طلبة الإمام إنكار فضائح شيخهم،الذي فاحت رائحة إرجائه في أنحاء المعمورة،وإن كان إخواننا وقَّعوا على تلك الوثائق مكرهين،فهو يَرى موالاة الرافضة تدينًا . هذا ما يسَّر لي الله ـ سبحانه وتعالى ـ الوقوف عليه مِن مخازي هذا الرَّجل المنحرف حقًّا،وقانا الله شَره وشَر كل ذي شرٍّ آمين والحمد لله رَب العالمين . 
والمقال بصيغة بي دي أف من هنا
       تَم الفراغ منه بتاريخ10رجب عام1439هجري
       كتبه ابو عبد الله إبراهيم بن خالد التبسي الجزائري 
                   في الرباح وادي سوف 

الأربعاء، 7 مارس 2018

كشف القناع عن رويبضة الصراع

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدُ لله الذي علاَ على عرشه المجيد فوق السماء، وجلّىَ باليقين قلوب صفوته الأتقياء، وهدى أهْل الحق فكشفوا زيفَ المبطلين والأشقياء، ورزقهم الفطنة فتفطنوا لخزيِّ أهْل التحزب والأدْعياء، فنفضوا أيديهم منهم، وكشفوا باطلهم بنصوص الكتاب والسنة الغراء، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له شهادة مؤمن بالحشر واللقاء، ومُوقنٌ بأنَّ قولَ الحق يعقُبُ بالبلاء، وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله، الشهيد على الأمة الشهداء، والمبعوث بالشريعة السمحة الغراء، وصلى الله عليه وعلى آله وسلم ما دامت الأرض والسماء،وعلى آله وأتباعه الشجعان الشُرفاء، أمَّا بَعْدُ : فقد قُمتُ ـ بحمد الله ـ بضبطِ وتشكيلِ قصيدةٍ قويةٍ، بعنوان : (كشف القناع عن رويبضة الصراع) فأخْرجتُها مِنَ الرفِ إلى الكفِ، وهي لأحد شعراء وفُرسان الدعوة السَّلفية والمنافحين عن حياضها ـ بالحق وبكل جِدِّية ـ ألاَ وهو شيخنا المجاهد الصنديد والشاعر المُجيد سعيد بن دعاسٍ بن عبد الرب المشوشي اليافعي ـ رحمه الله ـ  نَظمَها قديمًا ردًّا ـ كما ستراهُ في هذا الفيْلق ـ على الوَغْد المُفتري (محمد بن مهيوبٍ الخُوخي) وهو أحد أبواق وأذناب أبي الحسن المأربي الحزبي الكنود والفاجر الحقُود، عند أن أجْلبَ بخيْله ورَجْله وحرْبه الضَّرُوس على دعوة أهْل السُّنة ومنهجها المحروس، فاسْتمال جملةً من ضِعاف النفوس بشبهاته المُتهافتة، وحججه المُتفالتة، فتصدى لها الجهابذة مِن أهْل الحق وعلى رأس مَنِ انبرى له ـ بفضل الله ـ الناقد سعيد بن دعاسٍ فنقضَ ـ بنثره وشعره ـ قواعده البائرة مِنَ الأساس، ورفَع كُومًا هائلاً مِنَ الغُبن على فئامٍ مِنَ الناس، وبيَّن ضلاَلها بما لم يدع لمُنصفٍ شبهةً ولا التباسٍ، وهو في هذا وفيما قبلهُ مجاهدٌ بنفسه ومُنافحٌ بقلمه، ومُناصرٌ للحق بلسانه، وبمواقفه السَّلفية، وردوده العلمية، وأشعاره الجزلة القوية، فحطَّم بها ـ رحمه الله ـ قيود أهل التحزب والمكر، وفَضحَ دعاة الوشاية والغدر، وكان جادًا في البحث عن ميتةِ الأعزاء الشُرفاء، وحياة الأبطال الشهداء ــ فيما نحسبه والله حسيبه ــ فنرجو الله أن يكون قد نال مُبتغاه، وذاق حلاوة مُناه، وسكَن جنة مولاه، فنسأل الله جل في عُلاه أن يرحمه ويغفر لنا وإياهُ والحمد لله لا رب سواه . كتبهُ الفقير إلى عفو ربه الكبير : أبو موسى العربي بن الهلالي الجزائري .                                                      
                                لتنزيل أوتصفح القصيدة من هنا            

الثلاثاء، 27 فبراير 2018

التعقب البديع على من جعل لازم القول يقتضي التبديع

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ، وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه .
أمَّا بَعْدُ
فهذا بحثٌ حول عدَم لزوم لازم القول التبديع ، وهو ردٌّ على الغلاة الذين شنَّعوا على الأئمة ، الذين حصَلت منهم زلاتٌ في أمورٍ مقطوعٍ بها بهذه القاعدة المبتدعة ؛ للتوصل إلى الحط مِن شأنهم وتبديعهم بغير حقٍّ  . للتنزيل أو التصفح من هنا