بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه كما يحبّ ربّنا ويرضى والصّلاة والسّلام على نبيّه المجتبى وخليله المصطفى وآله وسلم تسليمًا كثيرًا
أمّا بعد
فقد جرى حوار بيني وبين أحد المستقيمين حديثا بيّنت له فيه بعض أحوال من يركن إليهم ممن يرتاد مسجد التقوى في مدينة تبسة فأظهر دفاعًا غير موّفق عنهم والسّبب في ذلك يعود إمّا لتعصّبه أو سوء فهمه فرأيت أن أكتب كلمة أبيّن فيها حال هؤلاء المنحرفين ممتثلا قول الله تعالى:{وَكَذَٰلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ}[الأنعام:55]قال ابن كثير رحمه الله في تفسيره(ج3ص172) عند كلامه على هذه الآية: يقول تعالى وكما بيّننا ما تقدّم بيانه من الحجج والدّلائل على طريق الهداية والرّشاد وذمّ المجادلة والعناد (وَكَذَٰلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ) أي: التي يحتاج المخاطبون إلى بيانها (وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ) أي: ولتظهر طريق المجرمين المخالفين للرسل وقرئ (وليستبين سبيل المجرمين) أي: وليستبين يا محمّد– أو يا مخاطب– سبيل المجرمين.اهـ
وهذا هتك منه سبحانه وتعالى لأستار أهل الباطل وعلى هذا سارنبيّنا محمّد صلى الله عليه وسلم وسلفنا الصالح رضي الله عنهم ومن سلك سبيلهم فبيان أحوال أهل الباطل منهج ربّاني وإليك بعض أدلة الكتاب والسنة المطهّرة وأثار الصحابة رضي الله عنهم وأقوال الأئمّة رحمهم الله.
من أدلة الكتاب العزيز
قوله تعالى: {يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَان اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُون مُحِيطًا}َ [النساء:107]
قال ابن كثير رحمه الله تعالى في تفسيره (ج2 ص268): وقوله: (يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ) الآية هذا إنكار على المنافقين في كونهم يستخفون بقبائحهم من الناس لئلا ينكروا عليهم ويجاهرون الله بها لأنه مطلع على سرائرهم وعالم بما في ضمائرهم ولهذا قال (وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَان اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُون مُحِيطًا) تهديد لهم ووعيد.اهـ
واستدلّ النوويّ رحمه الله بهذه الآية في باب ذمّ ذي الوجهين من كتابه ريّاض الصالحين.
وقوله تعالى: {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ} الآية [المائدة:17] قال الشيخ يحي حفظه الله في الأدلة الزكيّة في بيان أقوال الجفري الشركيّة (ص5) عن هذه الآية وما بعدها: "فأبان الله عز وجل أن هذه تعتبر من أهل الكتاب عبادة لغير الله سبحانه هذا الغلوّ الذي غلوه في عيسى عليه الصلاة والسلاميعتبر عبادة من دون الله". وقوله تعالى:{الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لا يَجِدُونَ إِلا جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [التوبة:79]
قال ابن كثير رحمه الله في تفسيره (ج4 ص118ـ119): وهذه أيضا من صفات المنافقين لا يسلم أحد من عيبهم ولمزهم في جميع الأحوال حتى ولا المتصدّقون يسلمون منهم إن جاء أحدهم بمال جزيل قالوا هذا مراء وإن جاء بشيء يسير قالوا إن الله لغنيّ عن صدقة هذا كما قال البخاري: حدّثنا عبيد الله بن سعيد حدّثنا أبو النعمان البصري حدّثنا شعبة عن سليمان عن أبي وائل عن أبي مسعود قال: لمّا نزلت آية الصدقة كنا نتحامل على ظهورنا فجاء رجل فتصدّق بشيء كثير فقالوا مرائي وجاء رجل فتصدق بصاع فقالوا إن الله لغنيّ عن صاع هذا فنزلت (الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لا يَجِدُونَ إِلا جُهْدَهُمْ) الآية وقد رواه مسلم أيضا في صحيحه من طريق شعبة به.([1])
ومن أدلة السنة المطهرة
ما جاء عن عائشة رضيّ الله عنها: أن رجلا استأذن على النبيّ صلى الله عليه وسلم فقال: (ائْذَنُوا لَهُ بِئْسَ أخٌو الْعَشِيرَةِ)([2]) قال الإمام النوويّ رحمه الله في رياض الصالحين (ص376): احتجّ به البخاري في جواز غيبة أهل الفساد وأهل الرّيبة
وعنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مَا أَظُنُّ فُلاََنًا وَفُلاَنًا يَعْرِفَانِ مِنْ دِينِنَا شَيْئًا)([3]) قال النوويّ رحمه الله في ريّاض الصالحين (ص376): قال الليّث بن سعد([4]) أحد رواة هذا الحديث: هذان الرجلان كانا من المنافقين.
ومن آثار الصحابة رضوان الله عليهم
ما جاء عن سعيد بن جبير قال قلت لابن عبّاس إن نوفا البكالي يزعم أن موسى ليس بموسى بني إسرائيل إنمّا هو موسى آخر فقال: كذب عدوّ الله حدثنا أبيّ بن كعب عن النبيّ صلى الله عليه وسلم وذكر الحديث.([5])
قال الحافظ في الفتح (ج1 ص289) قوله: (كذب عدوّ الله) قال ابن التين: لم يرد ابن عبّاس إخراج نوف عن ولاية الله ولكن قلوب العلماء تنفر إذا سمعت غير الحق فيطلقون أمثال هذا الكلام لقصد الزجر والتحذير منه وحقيقته غير مرادة قلت: ويجوز أن يكون ابن عبّاس اتهم نوفا في صحّة إسلامه فلهذا لم يقل في حقّ الحرّ بن قيس هذه المقالة مع تواردهما عليها وأمّا تكذيبه فيستفاد منه أن العالم إذا كان عنده علم بشيء فسمع غيره يذكر فيه شيئا بغير علم أن يكذبه ونظيره قوله صلى الله عليه وسلم: (كذب أبو السنابل) أي أخبر بما هو باطل في نفس الأمر. اهـ
وما جاء عن حميد بن عبد الرحمن سمع معاويّة يحدّث رهطا من قريش بالمدينة وذكر كعب الأحبار فقال: إن كان من أصدق هؤلاء المحدثين الذين يحدّثون عن أهل الكتاب وإن كنا ـ مع ذلك لَنَبلو عليه الكذب ([6]).
قال الحافظ في الفتح (ج13 ص409): أي يقع بعض ما يخبرنا عنه بخلاف ما يخبرنا...وقال ابن الجوزي المعنى أن بعض الذي يخبر به كعب عن أهل الكتاب يكون كذبًا لا أنه يتعمّد الكذب وإلا فقد كان كعب من أخيار الأحبار. اهـ
وهذا في حق من لا يتعمّد فما بالك بمن يتعمّد فالبيان في حقه من باب أولى.
ومن أقوال الأئمة رحمة الله عليهم
ما جاء عن أبي بكر بن عيّاش قال: سمعت المغيرة يقول: لم يكن يصدق على عليّ في الحديث عنه إلا من أصحاب عبد الله بن مسعود([7]).
وما جاء عن عليّ بن شقيق قال: سمعت عبد الله بن المبارك يقول على رؤوس الناس: دعوا حديث عمرو بن ثابت فإنه كان يسبّ السلف([8]).
وما جاء عن الشعبي قال:حدّثني الحارث الأعور الهَمْداني وكان كذابًا.([9])
وما جاء عن محمّد بن عمرو الرّازي قال: سمعت جريرًا يقول: لقيت جابر بن يزيد الجعفي فلم اكتب عنه كان يؤمن بالرجعة.([10])
وأمر سبحانه وتعالى بالعدل والإنصاف فقال:{وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى} [الأنعام:152]
قال ابن كثير رحمه الله في تفسيره (ج3ص239): وقوله: (وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَذَا قُرْبَى) كما قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ) [المائدة:8]
وكذا الذي تشبهها في سورة النساء [الآية:135] يأمر تعالى بالعدل في الفعال والمقال على القريب والبعيد والله تعالى يأمر بالعدل لكلّ أحد في كلّ وقت. اهـ
وإني سالك بحول الله وقوته مسلك العدل والإنصاف مع هذه الجماعة فأقول بالله مستعينا هذه الجماعة قائمة على البغي والاستفزاز والإيذاء والكذب والتلبيس والبهتان والولاء والبراء الضيق والغلوّ.
أولا: البغي
وفيه من الوعيد قوله عزّ من قائل: {فَلَمَّا أَنْجَاهُمْ إِذَا هُمْ يَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ ۗ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَىٰ أَنْفُسِكُمْ ۖ مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ ثُمَّ إِلَيْنَامَرْجِعُكُمْ فَنُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ}[يونس:23] قال النوويّ رحمه الله في ريّاض الصالحين (ص392): قال أهل اللغة: البغي التعدّي والاستطالة.
وقال القرطبي رحمه الله في تفسيره: (فَلَمَّا أَنْجَاهُمْ إِذَا هُمْ يَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرالْحَقِّ ِۗ) أي: يعملون في الأرض بالفساد والمعاصي والبغي الفساد والشرك من بغى الجرح أي: فسد وأصله الطلب أي: يطلبون الاستعلاء بالفساد (بغير الحق) أي: بالتكذيب.
وقال البغويّ رحمه الله في تفسيره: (فَلَمَّا أَنْجَاهُمْ إِذَا هُمْ يَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْر الْحَقِّ ِۗ) يظلمون ويتجاوزون إلى غير أمر الله عزّ وجل في الأرض( بِغَيْر الْحَقِّ )ِۗ أي: بالفساد.([11])
وما جاء عن أبي بكرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(مَامِنْ ذَنْبٍ أَجْدَرَ أَنْ يُعَجِّلَ اللَّهُ لِصَاحِبِهِ العٌقٌوبَة فِي الدُّنْيَا مَعَ مَا يَدِّخِرُ لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْبَغْيِ، وَقَطِيعَةِ الرَّحِمِ).([12])
من أمثلته
ـ بغي جلال رزق الله على ضيّاء جعريري حيث أن هذا الأخير تاب من الدراسة الاختلاطيّة وذهب إلى مسجد التقوى وأعلن توبته بعدما بلغه أنهم يتكلمون فيه بسبب ذلك كي يزول اللبس لكنه لم يغيّر موقفه منه.
ـ أخبرني جلال رزق الله في الدورة العلميّة ببنت لمكوشر أن ضيّاءً يتحرّج من النقد فطالبته بذكر المواضع التي يتحرج منها فقال لي هكذا عموما فوقع في قلبي أنه يتحرّج من النقد كمنهج ثم اتضح لي أن النزاع معه كان بسبب كلمتين وهما "عائق"و"حاشاك"والحق مع ضيّاء لأن كلمة عائق تطلق عندنا وقد يراد بها العّاق لوالديه وقد يراد بها غير ذلك كمشاغب مثلا وكلمة حاشاك ليست خاصة بأصحاب المخدرات كما يدّعي جلال وإنما يستعملها العامة عندنا لتنزيه الشخص عمّا لا يليق به إذا قدّم لهم معروفا وكان سفيان بوطرفة ينكر هذا على جلال وعندما دافعت على ضيّاء أنكر مصطفى زغدودي ذلك عليّ وقال لي أنت تدافع عن ضيّاء وقد تظاهر بالتوبة من الاختلاط بعد أن نال الشهادة فقلت له وأنت تظاهرت بالتوبة بعد أن نلت التقاعد وقد كان يعمل في مكان مليء بالمحاظير وفيه الشرك الأصغر أيضًا والعياذ بالله مع علمه بذلك لكنه لم ينسحب حتى نال غرضه ودافع العلمي عزّاز بن المكيّ على جلال بالباطل ثم هو أمامي يدافع وأمام الآخرين يقرّ بأخطائه فأيّ الفرقين أحق بالأمن إن كنتم تعلمون.
ـ في الدورة العلميّة ببنت لمكوشر كنت أنام بعض النهار لأنني مريض أقضي معظم الليل مستيقضًا فعدّ جلال ذلك مأخذا عليّ مع علمه بذلك.
ـ بغي جلال عليّ ورميِ بالكذب والضلال وعندما طالبته بالدليل لم ينطق ببنت شفة.
ـ بغي سفيان عليّ ورميه لي بالكذب والتحريش وفي الحقيقة هو الكذاب والمحرّش ويشهد عليه الموافق فضلا عن المخالف أخبرني أخونا هشام خلادي أن جلالاً كان يقول سفيان كذاب وسأحذر أصهاره منه ـ يقصد من أراد مصاهرتهم بوادي سوف ـ فقد اعترض طريقي ذات ليلة حينما كنت بصحبة أخينا رضا دليل وقال لي كيف تصاحبه وقد وصفته بالكذب وهو الذي كان يعرّض بكذبه في الدورة العلمية ببنت لمكوشر حيث أنه آتاني وقال أن رضا لم يأتي إلى الدورة فقلت له أخبرني بالهاتف أنه مريض قال إنه بصحّة جيّدة قلت إن كان الأمر هكذا فالله المستعان ثمّ اتضح لي عند رجوعي لمدينة تبسة أنه كان مريضًا وذلك بشهادة أخينا بلال لأنهما ذهبا سويّا إلى مدينة عين البيضاء وتناولا طعامًا هناك سبّب لهما إسهالا ومن عجيب أمر سفيان أنه قال لي تباهل فباهل وانطلق بدرّاجته وبعد أيّام كاد يلقى حتفه بسبب ضربة تلقاها من عامي بعد أن استفزّه
ثانيا: الاستفزاز والإيذاء
وفيه قوله تعالى:{وَإِنْ كَادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الْأرْضِ لِيُخْرِجُوكَ مِنْهَاۖ وَإِذًا لاَ يَلْبَثُونَ خِلاَفَك َإِلاَّ قَلِيلاً} [الإسراء:76]
قال الطبريّ رحمه الله في تفسيره: يقول عزّ وجل: وإن كاد هؤلاء القوم ليستفزونك من الأرض: يقول: ليستخفونك من الأرض التي أنت بها ليخرجوك منها(وَإِذًا لاَ يَلْبَثُونَ خِلاَفَك َإِلاَّ قَلِيلاً)يقول: ولو أخرجوك منها لم يلبثوا بعدك فيها إلا قليلا حتى أهلكهم بعذاب عاجل([13]).
وقوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَد احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا} [الأحزاب:58] استدلّ النوويّ رحمه الله بهذه الآية في باب النهي عن الإيذاء من كتابه ريّاض الصّالحين .
ـ وقد عانيت كثيرا أنا وبعض إخواني من استفزازاتهم ممّا اضطرني إلى تغيير مسجد التقوى اجتنابا للفتنة وهذا بمشورة أحد إخواني جزاه الله خيرا وأحيانا يكون استفزاز جلال لي بمرأى من بعض أتباعه وأنا أقول أتباعه مع أنه لا يجوز اتباع شخص مطلقا غير النبيّ صلى الله عليه وسلم لأنهم يتابعونه على الغثّ والسمين ولسان حالهم كما قال الشاعر:
ـ ذكر لي أخونا رضا دليل استفزاز سفيان بوطرفة وأذيّته بالكلام له ولبعض العّامة ومؤخرا عندما كان مع أخينا سامي بكاكرة مر بهما سفيان على الدراجة وهو يميّل رأسه يستهزئ بهما.
ثالثا: الكذب
الذي ذمّه الله تعالى في كتابه قائلا:{وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} [الإسراء:36] استدلّ النوويّ رحمه الله بهذه الآية في باب تحريم الكذب من كتابه ريّاض الصّالحين.
وأمر بالصدق فقال:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِين}[التوبة:119]قال ابن كثيررحمه الله في تفسيره(ج4ص149) عند الكلام على هذه الآية..أي:اصدقوا والزموا الصدق تكونوا مع أهله وتنجوا من المهالك ويجعل لكم فرجًا من أموركم ومخرجًا.اهـ
وبوب عليه البخاري رحمه الله في كتاب الأدب من صحيحه باب قول الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِين} وما ينهى عن الكذب.
والكذب هو الإخبار عن الشيء على خلاف ما هو عليه عمدًا أو سهوًا قال النوويّ رحمه لله في شرح صحيح مسلم (ج1 ص126): وأمّا الكذب: فهو عند المتكلمين من أصحابنا الإخبار عن الشيء على خلاف ما هو عمدًا كان أو سهوًا هذا مذهب أهل السنة. اهـ
وقال الحافظ في الفتح(ج1 ص265): في تمسّك الزبيّر بهذا الحديث ـ يقصد حديث من كذب عليّ فليتبؤ مقعده من النارـ([14]) على ما ذهب إليه من اختيّار قلة التحديث دليل للأصحّ في أن الكذب هو الإخبار بالشيء على خلاف ما هو عليه سواءًً كان عمداً أم خطأ والمخطيء وأن كان غير مأثوم بالإجماع لكن الزبيّر خشيّ من الإكثار أن يقع في الخطأ وهو لا يشعر. اهـ المراد
وذمّه رسوله الكريم وأمر بضدّه عن ابن مسعود رضيّ الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الصدق يهدي إلى البرّوإن البرّ يهدي إلى الجنة وإن الرّجل ليصدق حتىّ يكتب عند الله صدّيقا وإن الكذب يهدي إلى الفجور وإن الفجور يهدي إلى النار وإن الرّجل ليكذب حتى يكتب عند الله كذابًا ).([15])
وعدّه خصلة من خصال النفاق عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضيّ الله عنهما أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: (أرْبَعٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ كَانَ مُنَافِقًا خَالِصًا، وَمَنْ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْهُنَّ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنَ النِّفَاقِ حَتَّى يَدَعَهَا إِذَا اؤْتُمِنَ خَانَوَإِذَا حَدَّثَ كَذَبَ وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ، وَإِذَا خَاصَمَ فَجَرَ) .([16])
من أمثلته
ـ دعوى أحمد خالدي أنني هجرته وأشهد الله أنه بدأ بالجفاء في الدورة العلمية ببنت لمكوشر وعندما ذهبت إلى مسجد التقوى رفقة أخينا بلال جعريري والتقينا بالعلمي عزّازبن المكي وعبد الكريم خالدي جاء وسلم على الجميع ولم يسلم عليّ وبلال شاهد على ذلك.
ـ ويدخل في الكذب أيضا التحديث بحديث يعلم أو يظنّ أنه كذب لما جاء عن المغيرة بن شعبة وسمرة بن جندب رضيّ الله عنهما قالا: قال رسول الله صلى اللهعليه وسلم:(مَنْ حَدَّثَ عَنِّي بِحَدِيثٍ يُرَى أَنَّهُ كَذِبٌ فَهُوَ أَحَدُ الْكَاذِبِينَ)أخرجه مسلم ـ نووي ـ في مقدمة صحيحه(ج1ص119)وبّوب عليه النوويّ رحمه الله بباب وجوب الرواية عن الثقات وترك الكذابين والتحذير من الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال في الشرح (ج1 ص122):... ذكر بعض الأئمّة جواز فتح الياء من ''يرى" وهو ظاهر حسن فأمّا من ضّم الياء فمعناه يظنٌّ وأما من فتحها فظاهر ومعناه: وهو يعلم ويجوز أن يكون بمعنى يظنٌّ أيضا فقد حٌكيَ رأى بمعنى: ظنّ َوقيد بذلك لأنه لا يأثم إلا بروايته ما يعلمه أو يظنٌّه كذبا أمّاما لا يعلمه ولا يظنٌّه فلا إثم عليه في روايته وإن ظنَّهٌ غيره كذبًا أو علمه وأمّا فقه الحديث فظاهر ففيه تغليظ الكذب والتعرض له وان من غلب على ظنّه كذب ما يرويه فرواه كان كاذبًا وكيف لا يكون كاذبًا وهو مخبر بما لم يكن .اهـ
ومثال ذلك أن سفيانًا بوطرفة قبل فيّ خبر فاسق وأنني قلت له زنديق مخالفًا بذلك قول الله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ}[الحجرات:6] قال ابن كثير رحمه الله في تفسيره (ج3 ص236) عند كلامه على هذه الآية :يأمر تعالى بالتثبت في خبر الفاسق ليٌحتاط له لئلا يحكم بقوله ـ فيكون في نفس الأمرـ كاذباً أو مخطئا فيكون الحاكم بقوله قد اقتفى وراءه وقد نهى الله عن اتباع سبيل المفسدين. اهـ المراد
وعندما واجه أخونا هشام خلادي جلالا بصنيع سفيان هذا وما كان يقول فيه من أنه كذاب وأنه سيحذر أصهاره بوادي سوف منه ـ يقصد من أراد مصاهرتهم ـ وقد مرّ في أمثلة البغي قال له: ما وجدتم غير هذه عليه على طريقة عنزة ولو طارت وهذا يدل دلالة قطعيّة على أن القوم لا يهمّهم الحق بقدر ما يهمّهم نصرة أنفسهم لأن سفيانًا يعلم علم اليقين بأن من نقل عنه فاسق وهذا في أقل أحواله وإلا فالرجل تارك صلاة ويعمل في محل لبيع الخمور وجلال يعلم أن سفيانًا كذاب وهذا بشاهدته عليه ويعلم أن من نقل عنه فاسق لكن الأمر كما قال الله عز وجل:{ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ}[النور:40]
ـ عندما ذهب أخونا زهير صميدة إلى جلال رزق الله يدعوه للنصح والصلح اتصلا بالشيخ عبد الحميد الحجوري حفظه الله تعالى فأفتاهما بالجلوس والتناصح وضربا موعدًا لذلك غير أن جلالا أخلفه وعندما مرّ بجانبي في المسجد بعدها بيوم قال الجلسة التمييعيّة وعندما انتشر الكلام أنكر ذلك وأنا أقول له إن كنت شجاعًا فلم لم ترد على من أفتى بذلك ـ أقصد شيخنا أبا محمد عبد الحميد الحجوري حفظه الله تعالى وهذا طعن مبطن منك في الشيخ ولكن الأمر كما قال أبوحاتم الرازي رحمه الله: من علامات أهل البدع الوقيعة في أهل الأثر([17]) وأنا مستعدّ لمباهلته على ذلك وقد تمت الجلسة والحمد لله ولم يكن هناك تمييع واستفدنا جميعًا وطبعًا لم يأتي أحد من أتباعه.
ـ عندما استفزّني جلال ذات يوم ووقعت بيني وبينه مناوشة ورماني بالكذب والضّلال كمامرّ في أمثلة البغي قلت له: لما لم تأتي إلى الجلسة وتدافع عن نفسك ما دمت محقاّ قال لي: جلسة فساق تريدون أن تلعبوا لي 538 وهي لفظة يستعملها الفساق لمن أراد أن يدبّر لهم مكيدة وطبعا عندما وٌجِهَ بذلك أنكر وأنا مستعدّ لمباهلته أيضًا فانظروا كيف يفسّق النّاس بدون مبرّر ثم هو يتأسّى بالفساق.
رابعاً: التلبيس
وقد جاء النهي عنه في قوله تعالى: {وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [البقرة:42]
قال ابن كثير رحمه الله في تفسيره(ج1 ص131): يقول تعالى ناهيًا لليهود عما كانوا يتعمّدونه من تلبيسهم الحقّ بالباطل وتمويهه به وكتمانهم الحقّ وإظهارهم الباطل (وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) فنهاهم عن الشيئين معاً وأمرهم بإظهار الحقّ والتصريح به. اهـ
من أمثلته
ـ تلبيس العلمي عزّاز بن المكيّ على أخينا بلال جعريري بأنّني أكفّر بعض العوام والقضيّة وما فيها أنني قلت هذا في حق من صدر منه سبّ الله عزّ وجلّ أو سبّ الإسلام.
ـ عندما ناصحت منير بن الطيّب وهو الأخ الذي أقصد في بداية الردّ ألزمته برفضهم للجلوس وعندما سألهم عن ذلك لبّسوا عليه بأنني عندي أخطاء ويجب أن أتوب منها ولا داعي للجلوس فقلت له هل بيّنوا لك أخطائي حتّى أتوب منها أو يحذرني الناس قال: لا وهذه الإجمالات ديدن أهل البدع وحجّتهم في ذلك أنّهم أرادوا أن لا يفضحوني وهو عذر أقبح من ذنب ولو كانت لديهم عليّ أخطاء واضحة لصرخوا بها صراخاً والكنّه التلبيس على الأحداث وعلى من يجهل حالهم.
ـ أخبرني أخونا زين العابدين جعريري أنه التقى بسفيان وواجهه بكذبه فقال إني تبت منه وأخبرني منير بن الطيب أنه تاب من أذيّة الناس لكن يعكّر عليه أنّه مرّ على أخويّ رضا وسامي وهو يميّل رأسه يستهزئ بهما كما مرّ في أمثلة الاستفزاز والإيذاء وبقي هناك أمر وهو وإن تاب من الإيذاء فعليه بردّ المظالم والاعتذار ممن ظلمهم وهو عين ما ينتقده مشايخنا على عبيد الجابري لمّا تراجع عن قوله في الشيخ يحي إبليس اليمن وأنه لا يكفي التراجع وعليه بالاستسماح من صاحب الشأن.
خامسًا: البهتان
وفيه قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَد احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا} [الأحزاب:58]
قال ابن كثير رحمه الله في تفسيره(ج6 ص252): وقوله: (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ الْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا) أي: ينسبون إليهم ما هم برآء منه لم يعملوه ولم يفعلوه (فَقَد احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا) وهذا هو البهت البيّن أن يحكي أو ينقل عن المؤمنين والمؤمنات ما لم يفعلوه على سبيل العيب والتنقّص لهم. اهــ المراد
قال النوويّ رحمه الله في شرح صحيح مسلم (ج16 ص152): عند شرح حديث أبي هريرة مرفوعاً(أَتَدْرُونَ مَا الْغِيبَةُ) الحديث وفيه (قَالَ إِنْ كَانَ فِيهِ مَا تَقُولُ فَقَدِ اغْتَبْتَهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ فَقَدْ بَهَتَّهُ)([18]) يقال: بهته بفتح الهاء مخفّفة قلت فيه البهتان وهو الباطل والغيبة ذكر الإنسان في غيبته بما يكره وأصل البهت: أن يقال الباطل في وجهه.
من أمثلته:
ـ قول جلال أنّ أخانا بلالاً خرج من دمّاج فرارًا من الحرب وعندما انتشر الكلام تارة ينكر وتارة يقول أنّ بلالاً أخبره بذلك وعندما جلس معه قال إني قلت ذلك لكنني أقصد به أنك لم تأتي إلى الدورة العلميّة ببنت لمكوشر خشية أن يقول الإخوة أنك فررت من الحرب وهذا تأويل فاسد للفظ صريح وهي قاعدة خلفيّة يتستر خلفها كلّ مبطل يريد أن يتنصّل ممّا نسب إليه وجلال معروف بهذا فقديما عندما نقل عنه مصطفى زغدودي أنه قال نفضت يديّ من سفيان قال أقصد أنني سأتفرّغ لشأني.
ـرمي سفيان إيّاي بالكذب والتحريش وقد تقدّم في أمثلة البغي.
ـ قول جلال أنني كذاب وضال وقد تقدّم في أمثلة البغي وصنيعهما من باب من كسب إثمًا ثمّ رمى به غيره كما قال الله تعالى: {وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْماً ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئاً فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَاناً وَإِثْماً مُبِيناً}[النساء:112] وأنتما أحقّ بهذا الوصف مني ّ وقد دللت على هذا والحمد لله.
سادسًا: الولاء والبراء الضيّق
وفيه قوله تعالى:{وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ}
[الروم:31ـ32] قال الشيخ يحي حفظه الله: في هذه الآية النهي عن الحزبيّة. اهـ
والنهي عن الحزبيّة يستلزم النهي عمّا يِؤدّي إليها من تكتيل وولاء وبراء ضيّق وكذب وتلبيس.
من أمثلته
ـ قول جلال عندما كان في الدورة العلميّة ببنت لمكوشر سأحذر من سفيان وإبراهيم عند رجوعي إلى مدينة تبسة أخبرني بذلك أخونا زهير صميدة وعندما رجع حذر مني فقط والسّبب في ذلك أن سفيان شايعه في باطله.
ـ في إحدى الولائم أشاع مصطفى زغدودي أنّ اللحم المفروم لحم مجمّد مستورد من بلاد الكفر ولمّاردّ أخونا هشام خلادي خبره أقاموا الدنيا ولم يقعدوها ولمّا واجه العلمي عزّاز بن المكيّ بكلامه فيه وهو أنه خطر على السلفيّين قال لا أقصد ذلك وكلامه لا يحتمل هذا التأويل وقد كان يشكو لي منه تلميحًا.
سابعًا: الغلوّ
وفيه قوله عزوجلّ:{ قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلاَ تَتَّبِعُواْ أَهْوَاء قَوْمٍ قَدْ ضَلُّواْ مِن قَبْلُ وَأَضَلُّواْ كَثِيراً وَضَلُّواْ عَن سَوَاء السَّبِيلِ } [المائدة:77] قال ابن كثير رحمه الله في تفسيره (ج3 ص105):... ثمّ قال: (قُلْ يَا أَهْلَالْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ) أي: لا تجاوزوا الحدّ في اتباع الحقّ ولا تطروا من أمرتم بتعظيمه فتبالغوا فيه حتى تخرجوه عن حيّز النبوّة إلى مقام الإلهيّة كما صنعتم في المسيح وهو نبيّ من الانبيّاء فجعلتموه إلهًا من دون الله وما ذاك إلا لاقتدائكم بشيوخ الضّلال الذين هم سلفكم ممن ضّل قديمًا (وَأَضَلُّواْ كَثِيراًوَضَلُّواْ عَن سَوَاء السَّبِيلِ) أي: وخرجوا عن طريق الاستقامة والاعتدال إلى طريق الغواية والضّلال.
من أمثلته:
ـ قول مصطفى زغدودي في وادي سوف أنني حزبي ّ أخبرني بذلك أخونا هشام وأنكره عليه والرّجل جاهل لا يعرف شرطي قبول العبادة فماله يخوض فيما لا يحسن.
ـ قول جلال أنني وضياء ندّعي السلفيّة وأننا حزبيّة وعندما أنكر عليه قال أنا أقصد أنهما على خطى الحزبيّة أخبرني بذلك أخونا بلال جعريري.
ـ عندما حاجّ رضا وهشام سفيانًا وأثبتا خطأه في ركونه لجلال ومن معه أرسل رسالة بالجوّال إلى رضا يرميه بالحزبيّة وقد اطلعت عليها أنا وأخونا سامي.
ـ أخبرني أخونا زين العابدين أن سفيانًا قال له أن هشامًا ليس من أهل السنة.
وفي الختام أرجو أن أكون قد وفقت لبيان الحقّ من الباطل في هذا النزاع مقتفيًا أثر قوله تعالى: {وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً}[الإسراء:81]وقوله:{بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ}[الأنبيّاء:18] قال الطبريّ رحمه الله تعالى في تفسيره ـ عندالكلام على هذه الآية ـ :يقول تعالى ذكره: ولكن ننزل الحقّ من عندنا وهو كتاب الله وتنزيله على الكفر به وأهله، فيدمغه يقول: فيهلكه كما يدمغ الرّجل الرّجل بأن يشجّه على رأسه شجّة تبلغ الدماغ وإذا بلغت الشجّة ذلك من المشجوج لم يكن له بعدها حياةوقوله: (فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ) يقول: فإذا هو هالك مضمحل([19]) .اهـ
ونصيحتي لهؤلاء هي ترك العصبيّة وحميّة الجاهليّة ولأن يكونوا أذناباً في الحقّ خيرا لهم من أن يكونوا رؤوسًا في الباطل والعزّة كلّ العزّة في اتباع الحقّ فمن ابتغى العزّة في غيره أذله الله
سبحانك اللهمّ وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت استغفرك وأتوب إليك.
كتبه أبو عبد الله إبراهيم بن خالد التبسي الجزائري.
تمّ الفراغ منها صبيحة الأربعاء الرابع من رمضان سنة خمس وثلاثين وأربعمائة وألف للهجرة.
[1] أخرجه البخاري ـ فتح ـ (ج3ـ1415) و(ج8ـ4668) ومسلم ـ نووي ـ (ج 7ـ1018) والواحدي في أسباب النزول (ص224) المطبوع مع مختصر تفسير الطبري ط دار الفجر الإسلامي ووقع فيه ابن مسعود وهو خطأ مطبعي وغيرهم والحديث في الصحيح المسند من أسباب النزول للإمام الوادعي رحمه الله (ص 127 ـ 128)
2 أخرجه البخاري ـ فتح ـ(ج10ـ6032ـ6054ـ6131) ومسلم ـ نووي ـ(ج16ـ2591) وأخرجه مالك في الموطأ (1673) ط دار الفكر عن عائشة رضي الله عنها بلاغا وغيرهم
3 أخرجه البخاري ـ فتح ـ (ج10ـ6067ـ6068)
4 الإمام قال الحافظ في التقريب (5684ص649): ثقة ثبت فقيه إمام مشهور
[5] أخرجه البخاري ـ فتح ـ (ج1ـ122) و(ج6ـ3401) و(ج8ـ4725ـ4726) ومسلم ـ نووي ـ (ج15ـ2380) وغيرهما
[6] أخرجه البخاري ـ فتح ـ (ج13ـ7361)
[7] أخرجه مسلم ـ نووي ـ في مقدمة صحيحه(ج1ص142)والمغيرة هو ابن مقسم الضبي أبو هشام قاله النوويّ
[8] أخرجه مسلم ـ نووي ـ في مقدمة صحيحه(ج1ص149)
[9] أخرجه مسلم ـ نووي ـ في مقدمة صحيحه(ج1ص158)
[10] أخرجه مسلم ـ نووي ـ في مقدمة صحيحه(ج1ص162ـ163)
[11] منقول من موقع إسلام ويب
[12] قال محقق تفسير ابن كثير ط دار ابن الجوزي بالقاهرة(ج4ص165) أخرجه أبوداود (4902) والترمذي(2511) وابن ماجة(4211) وصححه الألبانيّ رحمه الله في الصحيحة (918)
[13] منقول من موقع إسلام ويب
[14] أخرجه البخاري ـ فتح ـ (ج1ـ107)
[15] أخرجه البخاري ـ فتح ـ (ج10ـ6094)ومسلم ـ نووي ـ (ج16ـ2607) واللفظ له وغيرهما
[16]أخرجه البخاري ـ فتح ـ (ج1ـ34)وهذا لفظه ومسلم ـنووي ـ (ج1ـ58) وغيرهما
[17] أخرجه أبو القاسم الطبري اللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة (321 ص176 إلكتروني) عن محمّد بن المظفر المقري ثنا الحسين بن محمد بن حبش المقري قال حدّثنا أبو محمّد عبد الرحمن بن أبي حاتم عن أبيه به وهذا إسناد صحيح رجاله ثقات
[18]أخرجه مسلم ـ نووي ـ (ج16ـ2589) وغيره
[19] منقول من موقع إسلام ويب.
الحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه كما يحبّ ربّنا ويرضى والصّلاة والسّلام على نبيّه المجتبى وخليله المصطفى وآله وسلم تسليمًا كثيرًا
أمّا بعد
فقد جرى حوار بيني وبين أحد المستقيمين حديثا بيّنت له فيه بعض أحوال من يركن إليهم ممن يرتاد مسجد التقوى في مدينة تبسة فأظهر دفاعًا غير موّفق عنهم والسّبب في ذلك يعود إمّا لتعصّبه أو سوء فهمه فرأيت أن أكتب كلمة أبيّن فيها حال هؤلاء المنحرفين ممتثلا قول الله تعالى:{وَكَذَٰلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ}[الأنعام:55]قال ابن كثير رحمه الله في تفسيره(ج3ص172) عند كلامه على هذه الآية: يقول تعالى وكما بيّننا ما تقدّم بيانه من الحجج والدّلائل على طريق الهداية والرّشاد وذمّ المجادلة والعناد (وَكَذَٰلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ) أي: التي يحتاج المخاطبون إلى بيانها (وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ) أي: ولتظهر طريق المجرمين المخالفين للرسل وقرئ (وليستبين سبيل المجرمين) أي: وليستبين يا محمّد– أو يا مخاطب– سبيل المجرمين.اهـ
وهذا هتك منه سبحانه وتعالى لأستار أهل الباطل وعلى هذا سارنبيّنا محمّد صلى الله عليه وسلم وسلفنا الصالح رضي الله عنهم ومن سلك سبيلهم فبيان أحوال أهل الباطل منهج ربّاني وإليك بعض أدلة الكتاب والسنة المطهّرة وأثار الصحابة رضي الله عنهم وأقوال الأئمّة رحمهم الله.
من أدلة الكتاب العزيز
قوله تعالى: {يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَان اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُون مُحِيطًا}َ [النساء:107]
قال ابن كثير رحمه الله تعالى في تفسيره (ج2 ص268): وقوله: (يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ) الآية هذا إنكار على المنافقين في كونهم يستخفون بقبائحهم من الناس لئلا ينكروا عليهم ويجاهرون الله بها لأنه مطلع على سرائرهم وعالم بما في ضمائرهم ولهذا قال (وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَان اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُون مُحِيطًا) تهديد لهم ووعيد.اهـ
واستدلّ النوويّ رحمه الله بهذه الآية في باب ذمّ ذي الوجهين من كتابه ريّاض الصالحين.
وقوله تعالى: {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ} الآية [المائدة:17] قال الشيخ يحي حفظه الله في الأدلة الزكيّة في بيان أقوال الجفري الشركيّة (ص5) عن هذه الآية وما بعدها: "فأبان الله عز وجل أن هذه تعتبر من أهل الكتاب عبادة لغير الله سبحانه هذا الغلوّ الذي غلوه في عيسى عليه الصلاة والسلاميعتبر عبادة من دون الله". وقوله تعالى:{الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لا يَجِدُونَ إِلا جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [التوبة:79]
قال ابن كثير رحمه الله في تفسيره (ج4 ص118ـ119): وهذه أيضا من صفات المنافقين لا يسلم أحد من عيبهم ولمزهم في جميع الأحوال حتى ولا المتصدّقون يسلمون منهم إن جاء أحدهم بمال جزيل قالوا هذا مراء وإن جاء بشيء يسير قالوا إن الله لغنيّ عن صدقة هذا كما قال البخاري: حدّثنا عبيد الله بن سعيد حدّثنا أبو النعمان البصري حدّثنا شعبة عن سليمان عن أبي وائل عن أبي مسعود قال: لمّا نزلت آية الصدقة كنا نتحامل على ظهورنا فجاء رجل فتصدّق بشيء كثير فقالوا مرائي وجاء رجل فتصدق بصاع فقالوا إن الله لغنيّ عن صاع هذا فنزلت (الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لا يَجِدُونَ إِلا جُهْدَهُمْ) الآية وقد رواه مسلم أيضا في صحيحه من طريق شعبة به.([1])
ومن أدلة السنة المطهرة
ما جاء عن عائشة رضيّ الله عنها: أن رجلا استأذن على النبيّ صلى الله عليه وسلم فقال: (ائْذَنُوا لَهُ بِئْسَ أخٌو الْعَشِيرَةِ)([2]) قال الإمام النوويّ رحمه الله في رياض الصالحين (ص376): احتجّ به البخاري في جواز غيبة أهل الفساد وأهل الرّيبة
وعنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مَا أَظُنُّ فُلاََنًا وَفُلاَنًا يَعْرِفَانِ مِنْ دِينِنَا شَيْئًا)([3]) قال النوويّ رحمه الله في ريّاض الصالحين (ص376): قال الليّث بن سعد([4]) أحد رواة هذا الحديث: هذان الرجلان كانا من المنافقين.
ومن آثار الصحابة رضوان الله عليهم
ما جاء عن سعيد بن جبير قال قلت لابن عبّاس إن نوفا البكالي يزعم أن موسى ليس بموسى بني إسرائيل إنمّا هو موسى آخر فقال: كذب عدوّ الله حدثنا أبيّ بن كعب عن النبيّ صلى الله عليه وسلم وذكر الحديث.([5])
قال الحافظ في الفتح (ج1 ص289) قوله: (كذب عدوّ الله) قال ابن التين: لم يرد ابن عبّاس إخراج نوف عن ولاية الله ولكن قلوب العلماء تنفر إذا سمعت غير الحق فيطلقون أمثال هذا الكلام لقصد الزجر والتحذير منه وحقيقته غير مرادة قلت: ويجوز أن يكون ابن عبّاس اتهم نوفا في صحّة إسلامه فلهذا لم يقل في حقّ الحرّ بن قيس هذه المقالة مع تواردهما عليها وأمّا تكذيبه فيستفاد منه أن العالم إذا كان عنده علم بشيء فسمع غيره يذكر فيه شيئا بغير علم أن يكذبه ونظيره قوله صلى الله عليه وسلم: (كذب أبو السنابل) أي أخبر بما هو باطل في نفس الأمر. اهـ
وما جاء عن حميد بن عبد الرحمن سمع معاويّة يحدّث رهطا من قريش بالمدينة وذكر كعب الأحبار فقال: إن كان من أصدق هؤلاء المحدثين الذين يحدّثون عن أهل الكتاب وإن كنا ـ مع ذلك لَنَبلو عليه الكذب ([6]).
قال الحافظ في الفتح (ج13 ص409): أي يقع بعض ما يخبرنا عنه بخلاف ما يخبرنا...وقال ابن الجوزي المعنى أن بعض الذي يخبر به كعب عن أهل الكتاب يكون كذبًا لا أنه يتعمّد الكذب وإلا فقد كان كعب من أخيار الأحبار. اهـ
وهذا في حق من لا يتعمّد فما بالك بمن يتعمّد فالبيان في حقه من باب أولى.
ومن أقوال الأئمة رحمة الله عليهم
ما جاء عن أبي بكر بن عيّاش قال: سمعت المغيرة يقول: لم يكن يصدق على عليّ في الحديث عنه إلا من أصحاب عبد الله بن مسعود([7]).
وما جاء عن عليّ بن شقيق قال: سمعت عبد الله بن المبارك يقول على رؤوس الناس: دعوا حديث عمرو بن ثابت فإنه كان يسبّ السلف([8]).
وما جاء عن الشعبي قال:حدّثني الحارث الأعور الهَمْداني وكان كذابًا.([9])
وما جاء عن محمّد بن عمرو الرّازي قال: سمعت جريرًا يقول: لقيت جابر بن يزيد الجعفي فلم اكتب عنه كان يؤمن بالرجعة.([10])
وأمر سبحانه وتعالى بالعدل والإنصاف فقال:{وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى} [الأنعام:152]
قال ابن كثير رحمه الله في تفسيره (ج3ص239): وقوله: (وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَذَا قُرْبَى) كما قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ) [المائدة:8]
وكذا الذي تشبهها في سورة النساء [الآية:135] يأمر تعالى بالعدل في الفعال والمقال على القريب والبعيد والله تعالى يأمر بالعدل لكلّ أحد في كلّ وقت. اهـ
وإني سالك بحول الله وقوته مسلك العدل والإنصاف مع هذه الجماعة فأقول بالله مستعينا هذه الجماعة قائمة على البغي والاستفزاز والإيذاء والكذب والتلبيس والبهتان والولاء والبراء الضيق والغلوّ.
أولا: البغي
وفيه من الوعيد قوله عزّ من قائل: {فَلَمَّا أَنْجَاهُمْ إِذَا هُمْ يَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ ۗ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَىٰ أَنْفُسِكُمْ ۖ مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ ثُمَّ إِلَيْنَامَرْجِعُكُمْ فَنُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ}[يونس:23] قال النوويّ رحمه الله في ريّاض الصالحين (ص392): قال أهل اللغة: البغي التعدّي والاستطالة.
وقال القرطبي رحمه الله في تفسيره: (فَلَمَّا أَنْجَاهُمْ إِذَا هُمْ يَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرالْحَقِّ ِۗ) أي: يعملون في الأرض بالفساد والمعاصي والبغي الفساد والشرك من بغى الجرح أي: فسد وأصله الطلب أي: يطلبون الاستعلاء بالفساد (بغير الحق) أي: بالتكذيب.
وقال البغويّ رحمه الله في تفسيره: (فَلَمَّا أَنْجَاهُمْ إِذَا هُمْ يَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْر الْحَقِّ ِۗ) يظلمون ويتجاوزون إلى غير أمر الله عزّ وجل في الأرض( بِغَيْر الْحَقِّ )ِۗ أي: بالفساد.([11])
وما جاء عن أبي بكرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(مَامِنْ ذَنْبٍ أَجْدَرَ أَنْ يُعَجِّلَ اللَّهُ لِصَاحِبِهِ العٌقٌوبَة فِي الدُّنْيَا مَعَ مَا يَدِّخِرُ لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْبَغْيِ، وَقَطِيعَةِ الرَّحِمِ).([12])
من أمثلته
ـ بغي جلال رزق الله على ضيّاء جعريري حيث أن هذا الأخير تاب من الدراسة الاختلاطيّة وذهب إلى مسجد التقوى وأعلن توبته بعدما بلغه أنهم يتكلمون فيه بسبب ذلك كي يزول اللبس لكنه لم يغيّر موقفه منه.
ـ أخبرني جلال رزق الله في الدورة العلميّة ببنت لمكوشر أن ضيّاءً يتحرّج من النقد فطالبته بذكر المواضع التي يتحرج منها فقال لي هكذا عموما فوقع في قلبي أنه يتحرّج من النقد كمنهج ثم اتضح لي أن النزاع معه كان بسبب كلمتين وهما "عائق"و"حاشاك"والحق مع ضيّاء لأن كلمة عائق تطلق عندنا وقد يراد بها العّاق لوالديه وقد يراد بها غير ذلك كمشاغب مثلا وكلمة حاشاك ليست خاصة بأصحاب المخدرات كما يدّعي جلال وإنما يستعملها العامة عندنا لتنزيه الشخص عمّا لا يليق به إذا قدّم لهم معروفا وكان سفيان بوطرفة ينكر هذا على جلال وعندما دافعت على ضيّاء أنكر مصطفى زغدودي ذلك عليّ وقال لي أنت تدافع عن ضيّاء وقد تظاهر بالتوبة من الاختلاط بعد أن نال الشهادة فقلت له وأنت تظاهرت بالتوبة بعد أن نلت التقاعد وقد كان يعمل في مكان مليء بالمحاظير وفيه الشرك الأصغر أيضًا والعياذ بالله مع علمه بذلك لكنه لم ينسحب حتى نال غرضه ودافع العلمي عزّاز بن المكيّ على جلال بالباطل ثم هو أمامي يدافع وأمام الآخرين يقرّ بأخطائه فأيّ الفرقين أحق بالأمن إن كنتم تعلمون.
ـ في الدورة العلميّة ببنت لمكوشر كنت أنام بعض النهار لأنني مريض أقضي معظم الليل مستيقضًا فعدّ جلال ذلك مأخذا عليّ مع علمه بذلك.
ـ بغي جلال عليّ ورميِ بالكذب والضلال وعندما طالبته بالدليل لم ينطق ببنت شفة.
ـ بغي سفيان عليّ ورميه لي بالكذب والتحريش وفي الحقيقة هو الكذاب والمحرّش ويشهد عليه الموافق فضلا عن المخالف أخبرني أخونا هشام خلادي أن جلالاً كان يقول سفيان كذاب وسأحذر أصهاره منه ـ يقصد من أراد مصاهرتهم بوادي سوف ـ فقد اعترض طريقي ذات ليلة حينما كنت بصحبة أخينا رضا دليل وقال لي كيف تصاحبه وقد وصفته بالكذب وهو الذي كان يعرّض بكذبه في الدورة العلمية ببنت لمكوشر حيث أنه آتاني وقال أن رضا لم يأتي إلى الدورة فقلت له أخبرني بالهاتف أنه مريض قال إنه بصحّة جيّدة قلت إن كان الأمر هكذا فالله المستعان ثمّ اتضح لي عند رجوعي لمدينة تبسة أنه كان مريضًا وذلك بشهادة أخينا بلال لأنهما ذهبا سويّا إلى مدينة عين البيضاء وتناولا طعامًا هناك سبّب لهما إسهالا ومن عجيب أمر سفيان أنه قال لي تباهل فباهل وانطلق بدرّاجته وبعد أيّام كاد يلقى حتفه بسبب ضربة تلقاها من عامي بعد أن استفزّه
ثانيا: الاستفزاز والإيذاء
وفيه قوله تعالى:{وَإِنْ كَادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الْأرْضِ لِيُخْرِجُوكَ مِنْهَاۖ وَإِذًا لاَ يَلْبَثُونَ خِلاَفَك َإِلاَّ قَلِيلاً} [الإسراء:76]
قال الطبريّ رحمه الله في تفسيره: يقول عزّ وجل: وإن كاد هؤلاء القوم ليستفزونك من الأرض: يقول: ليستخفونك من الأرض التي أنت بها ليخرجوك منها(وَإِذًا لاَ يَلْبَثُونَ خِلاَفَك َإِلاَّ قَلِيلاً)يقول: ولو أخرجوك منها لم يلبثوا بعدك فيها إلا قليلا حتى أهلكهم بعذاب عاجل([13]).
وقوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَد احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا} [الأحزاب:58] استدلّ النوويّ رحمه الله بهذه الآية في باب النهي عن الإيذاء من كتابه ريّاض الصّالحين .
ـ وقد عانيت كثيرا أنا وبعض إخواني من استفزازاتهم ممّا اضطرني إلى تغيير مسجد التقوى اجتنابا للفتنة وهذا بمشورة أحد إخواني جزاه الله خيرا وأحيانا يكون استفزاز جلال لي بمرأى من بعض أتباعه وأنا أقول أتباعه مع أنه لا يجوز اتباع شخص مطلقا غير النبيّ صلى الله عليه وسلم لأنهم يتابعونه على الغثّ والسمين ولسان حالهم كما قال الشاعر:
إذا قالت حذام فصدقوها **** فالقول ما قالت حذام
وقال آخر: وهل أنا إلا من غزيّة إن غـوت **** غويت وإن ترشد غزيـّة أرشد
وقد يرون ظلمه لي وهم لا يحركون ساكنا أعماهم التعصّب وعندما واجهه أخونا سامي بكاكرة بذلك أقرّ وقد يقولون أننا ناصحناه في هذا فأقول لهم الرّجل لا يرتدع وهو عار على الدعوة فكيف تجيزون لأنفسكم البقاء معه وهو دائم الأذى لي أينما لقيته في المسجد أو الشارع أوفي محل استعاذ بالله مني وكأني شيطان مما سبّب لي مزيد مرض لأنني مصاب بداء القولون العصبي.ـ ذكر لي أخونا رضا دليل استفزاز سفيان بوطرفة وأذيّته بالكلام له ولبعض العّامة ومؤخرا عندما كان مع أخينا سامي بكاكرة مر بهما سفيان على الدراجة وهو يميّل رأسه يستهزئ بهما.
ثالثا: الكذب
الذي ذمّه الله تعالى في كتابه قائلا:{وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} [الإسراء:36] استدلّ النوويّ رحمه الله بهذه الآية في باب تحريم الكذب من كتابه ريّاض الصّالحين.
وأمر بالصدق فقال:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِين}[التوبة:119]قال ابن كثيررحمه الله في تفسيره(ج4ص149) عند الكلام على هذه الآية..أي:اصدقوا والزموا الصدق تكونوا مع أهله وتنجوا من المهالك ويجعل لكم فرجًا من أموركم ومخرجًا.اهـ
وبوب عليه البخاري رحمه الله في كتاب الأدب من صحيحه باب قول الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِين} وما ينهى عن الكذب.
والكذب هو الإخبار عن الشيء على خلاف ما هو عليه عمدًا أو سهوًا قال النوويّ رحمه لله في شرح صحيح مسلم (ج1 ص126): وأمّا الكذب: فهو عند المتكلمين من أصحابنا الإخبار عن الشيء على خلاف ما هو عمدًا كان أو سهوًا هذا مذهب أهل السنة. اهـ
وقال الحافظ في الفتح(ج1 ص265): في تمسّك الزبيّر بهذا الحديث ـ يقصد حديث من كذب عليّ فليتبؤ مقعده من النارـ([14]) على ما ذهب إليه من اختيّار قلة التحديث دليل للأصحّ في أن الكذب هو الإخبار بالشيء على خلاف ما هو عليه سواءًً كان عمداً أم خطأ والمخطيء وأن كان غير مأثوم بالإجماع لكن الزبيّر خشيّ من الإكثار أن يقع في الخطأ وهو لا يشعر. اهـ المراد
وذمّه رسوله الكريم وأمر بضدّه عن ابن مسعود رضيّ الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الصدق يهدي إلى البرّوإن البرّ يهدي إلى الجنة وإن الرّجل ليصدق حتىّ يكتب عند الله صدّيقا وإن الكذب يهدي إلى الفجور وإن الفجور يهدي إلى النار وإن الرّجل ليكذب حتى يكتب عند الله كذابًا ).([15])
وعدّه خصلة من خصال النفاق عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضيّ الله عنهما أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: (أرْبَعٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ كَانَ مُنَافِقًا خَالِصًا، وَمَنْ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْهُنَّ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنَ النِّفَاقِ حَتَّى يَدَعَهَا إِذَا اؤْتُمِنَ خَانَوَإِذَا حَدَّثَ كَذَبَ وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ، وَإِذَا خَاصَمَ فَجَرَ) .([16])
من أمثلته
ـ دعوى أحمد خالدي أنني هجرته وأشهد الله أنه بدأ بالجفاء في الدورة العلمية ببنت لمكوشر وعندما ذهبت إلى مسجد التقوى رفقة أخينا بلال جعريري والتقينا بالعلمي عزّازبن المكي وعبد الكريم خالدي جاء وسلم على الجميع ولم يسلم عليّ وبلال شاهد على ذلك.
والدعاوي ما لم يقيموا عليها **** بيّنات أصحابها أدعيّاء
ومثال ذلك أن سفيانًا بوطرفة قبل فيّ خبر فاسق وأنني قلت له زنديق مخالفًا بذلك قول الله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ}[الحجرات:6] قال ابن كثير رحمه الله في تفسيره (ج3 ص236) عند كلامه على هذه الآية :يأمر تعالى بالتثبت في خبر الفاسق ليٌحتاط له لئلا يحكم بقوله ـ فيكون في نفس الأمرـ كاذباً أو مخطئا فيكون الحاكم بقوله قد اقتفى وراءه وقد نهى الله عن اتباع سبيل المفسدين. اهـ المراد
وعندما واجه أخونا هشام خلادي جلالا بصنيع سفيان هذا وما كان يقول فيه من أنه كذاب وأنه سيحذر أصهاره بوادي سوف منه ـ يقصد من أراد مصاهرتهم ـ وقد مرّ في أمثلة البغي قال له: ما وجدتم غير هذه عليه على طريقة عنزة ولو طارت وهذا يدل دلالة قطعيّة على أن القوم لا يهمّهم الحق بقدر ما يهمّهم نصرة أنفسهم لأن سفيانًا يعلم علم اليقين بأن من نقل عنه فاسق وهذا في أقل أحواله وإلا فالرجل تارك صلاة ويعمل في محل لبيع الخمور وجلال يعلم أن سفيانًا كذاب وهذا بشاهدته عليه ويعلم أن من نقل عنه فاسق لكن الأمر كما قال الله عز وجل:{ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ}[النور:40]
ـ عندما ذهب أخونا زهير صميدة إلى جلال رزق الله يدعوه للنصح والصلح اتصلا بالشيخ عبد الحميد الحجوري حفظه الله تعالى فأفتاهما بالجلوس والتناصح وضربا موعدًا لذلك غير أن جلالا أخلفه وعندما مرّ بجانبي في المسجد بعدها بيوم قال الجلسة التمييعيّة وعندما انتشر الكلام أنكر ذلك وأنا أقول له إن كنت شجاعًا فلم لم ترد على من أفتى بذلك ـ أقصد شيخنا أبا محمد عبد الحميد الحجوري حفظه الله تعالى وهذا طعن مبطن منك في الشيخ ولكن الأمر كما قال أبوحاتم الرازي رحمه الله: من علامات أهل البدع الوقيعة في أهل الأثر([17]) وأنا مستعدّ لمباهلته على ذلك وقد تمت الجلسة والحمد لله ولم يكن هناك تمييع واستفدنا جميعًا وطبعًا لم يأتي أحد من أتباعه.
ـ عندما استفزّني جلال ذات يوم ووقعت بيني وبينه مناوشة ورماني بالكذب والضّلال كمامرّ في أمثلة البغي قلت له: لما لم تأتي إلى الجلسة وتدافع عن نفسك ما دمت محقاّ قال لي: جلسة فساق تريدون أن تلعبوا لي 538 وهي لفظة يستعملها الفساق لمن أراد أن يدبّر لهم مكيدة وطبعا عندما وٌجِهَ بذلك أنكر وأنا مستعدّ لمباهلته أيضًا فانظروا كيف يفسّق النّاس بدون مبرّر ثم هو يتأسّى بالفساق.
رابعاً: التلبيس
وقد جاء النهي عنه في قوله تعالى: {وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [البقرة:42]
قال ابن كثير رحمه الله في تفسيره(ج1 ص131): يقول تعالى ناهيًا لليهود عما كانوا يتعمّدونه من تلبيسهم الحقّ بالباطل وتمويهه به وكتمانهم الحقّ وإظهارهم الباطل (وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) فنهاهم عن الشيئين معاً وأمرهم بإظهار الحقّ والتصريح به. اهـ
من أمثلته
ـ تلبيس العلمي عزّاز بن المكيّ على أخينا بلال جعريري بأنّني أكفّر بعض العوام والقضيّة وما فيها أنني قلت هذا في حق من صدر منه سبّ الله عزّ وجلّ أو سبّ الإسلام.
ـ عندما ناصحت منير بن الطيّب وهو الأخ الذي أقصد في بداية الردّ ألزمته برفضهم للجلوس وعندما سألهم عن ذلك لبّسوا عليه بأنني عندي أخطاء ويجب أن أتوب منها ولا داعي للجلوس فقلت له هل بيّنوا لك أخطائي حتّى أتوب منها أو يحذرني الناس قال: لا وهذه الإجمالات ديدن أهل البدع وحجّتهم في ذلك أنّهم أرادوا أن لا يفضحوني وهو عذر أقبح من ذنب ولو كانت لديهم عليّ أخطاء واضحة لصرخوا بها صراخاً والكنّه التلبيس على الأحداث وعلى من يجهل حالهم.
ـ أخبرني أخونا زين العابدين جعريري أنه التقى بسفيان وواجهه بكذبه فقال إني تبت منه وأخبرني منير بن الطيب أنه تاب من أذيّة الناس لكن يعكّر عليه أنّه مرّ على أخويّ رضا وسامي وهو يميّل رأسه يستهزئ بهما كما مرّ في أمثلة الاستفزاز والإيذاء وبقي هناك أمر وهو وإن تاب من الإيذاء فعليه بردّ المظالم والاعتذار ممن ظلمهم وهو عين ما ينتقده مشايخنا على عبيد الجابري لمّا تراجع عن قوله في الشيخ يحي إبليس اليمن وأنه لا يكفي التراجع وعليه بالاستسماح من صاحب الشأن.
خامسًا: البهتان
وفيه قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَد احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا} [الأحزاب:58]
قال ابن كثير رحمه الله في تفسيره(ج6 ص252): وقوله: (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ الْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا) أي: ينسبون إليهم ما هم برآء منه لم يعملوه ولم يفعلوه (فَقَد احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا) وهذا هو البهت البيّن أن يحكي أو ينقل عن المؤمنين والمؤمنات ما لم يفعلوه على سبيل العيب والتنقّص لهم. اهــ المراد
قال النوويّ رحمه الله في شرح صحيح مسلم (ج16 ص152): عند شرح حديث أبي هريرة مرفوعاً(أَتَدْرُونَ مَا الْغِيبَةُ) الحديث وفيه (قَالَ إِنْ كَانَ فِيهِ مَا تَقُولُ فَقَدِ اغْتَبْتَهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ فَقَدْ بَهَتَّهُ)([18]) يقال: بهته بفتح الهاء مخفّفة قلت فيه البهتان وهو الباطل والغيبة ذكر الإنسان في غيبته بما يكره وأصل البهت: أن يقال الباطل في وجهه.
من أمثلته:
ـ قول جلال أنّ أخانا بلالاً خرج من دمّاج فرارًا من الحرب وعندما انتشر الكلام تارة ينكر وتارة يقول أنّ بلالاً أخبره بذلك وعندما جلس معه قال إني قلت ذلك لكنني أقصد به أنك لم تأتي إلى الدورة العلميّة ببنت لمكوشر خشية أن يقول الإخوة أنك فررت من الحرب وهذا تأويل فاسد للفظ صريح وهي قاعدة خلفيّة يتستر خلفها كلّ مبطل يريد أن يتنصّل ممّا نسب إليه وجلال معروف بهذا فقديما عندما نقل عنه مصطفى زغدودي أنه قال نفضت يديّ من سفيان قال أقصد أنني سأتفرّغ لشأني.
ـرمي سفيان إيّاي بالكذب والتحريش وقد تقدّم في أمثلة البغي.
ـ قول جلال أنني كذاب وضال وقد تقدّم في أمثلة البغي وصنيعهما من باب من كسب إثمًا ثمّ رمى به غيره كما قال الله تعالى: {وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْماً ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئاً فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَاناً وَإِثْماً مُبِيناً}[النساء:112] وأنتما أحقّ بهذا الوصف مني ّ وقد دللت على هذا والحمد لله.
سادسًا: الولاء والبراء الضيّق
وفيه قوله تعالى:{وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ}
[الروم:31ـ32] قال الشيخ يحي حفظه الله: في هذه الآية النهي عن الحزبيّة. اهـ
والنهي عن الحزبيّة يستلزم النهي عمّا يِؤدّي إليها من تكتيل وولاء وبراء ضيّق وكذب وتلبيس.
من أمثلته
ـ قول جلال عندما كان في الدورة العلميّة ببنت لمكوشر سأحذر من سفيان وإبراهيم عند رجوعي إلى مدينة تبسة أخبرني بذلك أخونا زهير صميدة وعندما رجع حذر مني فقط والسّبب في ذلك أن سفيان شايعه في باطله.
ـ في إحدى الولائم أشاع مصطفى زغدودي أنّ اللحم المفروم لحم مجمّد مستورد من بلاد الكفر ولمّاردّ أخونا هشام خلادي خبره أقاموا الدنيا ولم يقعدوها ولمّا واجه العلمي عزّاز بن المكيّ بكلامه فيه وهو أنه خطر على السلفيّين قال لا أقصد ذلك وكلامه لا يحتمل هذا التأويل وقد كان يشكو لي منه تلميحًا.
سابعًا: الغلوّ
وفيه قوله عزوجلّ:{ قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلاَ تَتَّبِعُواْ أَهْوَاء قَوْمٍ قَدْ ضَلُّواْ مِن قَبْلُ وَأَضَلُّواْ كَثِيراً وَضَلُّواْ عَن سَوَاء السَّبِيلِ } [المائدة:77] قال ابن كثير رحمه الله في تفسيره (ج3 ص105):... ثمّ قال: (قُلْ يَا أَهْلَالْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ) أي: لا تجاوزوا الحدّ في اتباع الحقّ ولا تطروا من أمرتم بتعظيمه فتبالغوا فيه حتى تخرجوه عن حيّز النبوّة إلى مقام الإلهيّة كما صنعتم في المسيح وهو نبيّ من الانبيّاء فجعلتموه إلهًا من دون الله وما ذاك إلا لاقتدائكم بشيوخ الضّلال الذين هم سلفكم ممن ضّل قديمًا (وَأَضَلُّواْ كَثِيراًوَضَلُّواْ عَن سَوَاء السَّبِيلِ) أي: وخرجوا عن طريق الاستقامة والاعتدال إلى طريق الغواية والضّلال.
من أمثلته:
ـ قول مصطفى زغدودي في وادي سوف أنني حزبي ّ أخبرني بذلك أخونا هشام وأنكره عليه والرّجل جاهل لا يعرف شرطي قبول العبادة فماله يخوض فيما لا يحسن.
ـ قول جلال أنني وضياء ندّعي السلفيّة وأننا حزبيّة وعندما أنكر عليه قال أنا أقصد أنهما على خطى الحزبيّة أخبرني بذلك أخونا بلال جعريري.
ـ عندما حاجّ رضا وهشام سفيانًا وأثبتا خطأه في ركونه لجلال ومن معه أرسل رسالة بالجوّال إلى رضا يرميه بالحزبيّة وقد اطلعت عليها أنا وأخونا سامي.
ـ أخبرني أخونا زين العابدين أن سفيانًا قال له أن هشامًا ليس من أهل السنة.
وفي الختام أرجو أن أكون قد وفقت لبيان الحقّ من الباطل في هذا النزاع مقتفيًا أثر قوله تعالى: {وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً}[الإسراء:81]وقوله:{بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ}[الأنبيّاء:18] قال الطبريّ رحمه الله تعالى في تفسيره ـ عندالكلام على هذه الآية ـ :يقول تعالى ذكره: ولكن ننزل الحقّ من عندنا وهو كتاب الله وتنزيله على الكفر به وأهله، فيدمغه يقول: فيهلكه كما يدمغ الرّجل الرّجل بأن يشجّه على رأسه شجّة تبلغ الدماغ وإذا بلغت الشجّة ذلك من المشجوج لم يكن له بعدها حياةوقوله: (فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ) يقول: فإذا هو هالك مضمحل([19]) .اهـ
ونصيحتي لهؤلاء هي ترك العصبيّة وحميّة الجاهليّة ولأن يكونوا أذناباً في الحقّ خيرا لهم من أن يكونوا رؤوسًا في الباطل والعزّة كلّ العزّة في اتباع الحقّ فمن ابتغى العزّة في غيره أذله الله
سبحانك اللهمّ وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت استغفرك وأتوب إليك.
كتبه أبو عبد الله إبراهيم بن خالد التبسي الجزائري.
تمّ الفراغ منها صبيحة الأربعاء الرابع من رمضان سنة خمس وثلاثين وأربعمائة وألف للهجرة.
[1] أخرجه البخاري ـ فتح ـ (ج3ـ1415) و(ج8ـ4668) ومسلم ـ نووي ـ (ج 7ـ1018) والواحدي في أسباب النزول (ص224) المطبوع مع مختصر تفسير الطبري ط دار الفجر الإسلامي ووقع فيه ابن مسعود وهو خطأ مطبعي وغيرهم والحديث في الصحيح المسند من أسباب النزول للإمام الوادعي رحمه الله (ص 127 ـ 128)
2 أخرجه البخاري ـ فتح ـ(ج10ـ6032ـ6054ـ6131) ومسلم ـ نووي ـ(ج16ـ2591) وأخرجه مالك في الموطأ (1673) ط دار الفكر عن عائشة رضي الله عنها بلاغا وغيرهم
3 أخرجه البخاري ـ فتح ـ (ج10ـ6067ـ6068)
4 الإمام قال الحافظ في التقريب (5684ص649): ثقة ثبت فقيه إمام مشهور
[5] أخرجه البخاري ـ فتح ـ (ج1ـ122) و(ج6ـ3401) و(ج8ـ4725ـ4726) ومسلم ـ نووي ـ (ج15ـ2380) وغيرهما
[6] أخرجه البخاري ـ فتح ـ (ج13ـ7361)
[7] أخرجه مسلم ـ نووي ـ في مقدمة صحيحه(ج1ص142)والمغيرة هو ابن مقسم الضبي أبو هشام قاله النوويّ
[8] أخرجه مسلم ـ نووي ـ في مقدمة صحيحه(ج1ص149)
[9] أخرجه مسلم ـ نووي ـ في مقدمة صحيحه(ج1ص158)
[10] أخرجه مسلم ـ نووي ـ في مقدمة صحيحه(ج1ص162ـ163)
[11] منقول من موقع إسلام ويب
[12] قال محقق تفسير ابن كثير ط دار ابن الجوزي بالقاهرة(ج4ص165) أخرجه أبوداود (4902) والترمذي(2511) وابن ماجة(4211) وصححه الألبانيّ رحمه الله في الصحيحة (918)
[13] منقول من موقع إسلام ويب
[14] أخرجه البخاري ـ فتح ـ (ج1ـ107)
[15] أخرجه البخاري ـ فتح ـ (ج10ـ6094)ومسلم ـ نووي ـ (ج16ـ2607) واللفظ له وغيرهما
[16]أخرجه البخاري ـ فتح ـ (ج1ـ34)وهذا لفظه ومسلم ـنووي ـ (ج1ـ58) وغيرهما
[17] أخرجه أبو القاسم الطبري اللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة (321 ص176 إلكتروني) عن محمّد بن المظفر المقري ثنا الحسين بن محمد بن حبش المقري قال حدّثنا أبو محمّد عبد الرحمن بن أبي حاتم عن أبيه به وهذا إسناد صحيح رجاله ثقات
[18]أخرجه مسلم ـ نووي ـ (ج16ـ2589) وغيره
[19] منقول من موقع إسلام ويب.
ترفع في وجوه هؤلاء المنحرفين الذين يحسبون أنهم بخير وعافية لأن الخير والعافية ليسا بالتمني بل ببذل أسبابهما قال الله تعالى {لَّيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَن يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ وَلاَ يَجِدْ لَهُ مِن دُونِ اللّهِ وَلِيّاً وَلاَ نَصِيراً} [النساء: 123] وكيف يحصل لهم الخير والعافية وفي صفوفهم الذي يدرس أولاده في الاختلاط والمؤذي لعباد الله تعالى والكذاب وغيرهم هذه هي الحزبية بعينها قال أخونا الشاعر أبو جرير إن لم تكن هذه حزبية ظهرت *** فليس يخلق إنسان من العلق
ردحذفوقد يقول قائل إن ما ذكر معاصي فأقول هم يوالون عليها ويعادون وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أن من عقد الولاء والبراء على جزئية من الجزئيات يعتبر خارج دائرة أهل السنة والجماعة وأقول للمخذلة المتعاطفين معهم لو صدر منا عشر هذه التصرفات لاشتد النكير وكانت المواقف الحازمة وقد حدث هذا فعلا فتجد أحدهم يركض سنوات وراء أهل الأهواء رجاء رجوعهم إلى الحق بزعمه وإذا وقع له مشكل مع أخيه السني أزبد وأرعد وقد يكون هو السبب فيه
وقد يقول قائل قد اكتفيت بالتلميح دون التصريح فأقول هذا من باب الصبر ورجاء الأوبة والإنابة كما فعلت مع سابقيهم وإلا فإن عندي من الأدلة ما يبين تخذيلهم الواضح وميلهم الفاضح لأهل الشر وبشهادة أحدهم عليهم بأنهم شقوا الصف ويحكمون أهواءهم وينتصرون لأنفسهم وقد وقفت بنفسي على تلاعب أحدهم وإن لم ينتهوا عما هم فيه فسيكون البيان ليحيى من حيي عن بينة ويهلك من هلك عن بينة والله المستعان وهو حسبنا ونعم الوكيل.