الجمعة، 7 يوليو 2017

رفع الملامة بدفع جهالات سعيد باسلامة

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ربِّ العالمين،والعاقبة للمتقين،ولا عدوان إلا على الظالمين،وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له،وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله،صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
أمَّا بَعْدُ
فقد وقَفت على كلمةٍ للمدعو سعيد باسلامة،ألقاها في دار الحديث بالحامي،بتاريخ 4 رجب سنة 1483 هجري،وهي منشورةٌ في منتديات الحامي،بتاريخ 5 رجب سنة 1438 هجري.
تكلم فيها على محدثات شهر رجب،لكنه أتَى في آخرها بالعجب،أثنى على خالد بن عَبُّودٍ الحضرمي،وذكَر أنه بَشرٌ يصيب ويخطىء،وأنه يحكم بما ظهَر له،وذكر دليلاً مِنَ السُنَّة على الحُكم بالظاهر.
ثُم قال : إنَّ الطاعنين في دار الحديث بالحامي،حقيقة أمرهم الطعن في الشيخ يحي - حفظه الله - واستلزم أنَّ الطعن في خالد بن عَبُّودٍ،يعني كذلك الطعن في الشيخ مقبل - رحمه الله - بمعنى أنَّ مَن طعَن في أبي بلالٍ،طعَن في الشيخ يحي،ومَن طعَن في الشيخ يحي،طعَن في الشيخ مقبل،إذًا الطعن في أبي بلالٍ طعَنٌ في الشيخ مقبلٍ.
ثُم قال : الأيام هي هي،والأفراد هُم هُم،والدعوة هي هي،مَن الذي تغير ومَن الذي تنكر.
ثُم قال : هذه الأمور التي تحصل خطيرةٌ،مراجعنا مازالت موجودةً،الشيخ يحي - حفظه الله - موجودٌ يسأل فيما أَشكل،ممَن لا يرتضون بفلانٍ أو فلانٍ على حَد زعمهم الذي يظهرون .
ثم قال : بالله عليكم أيهم أسلم،مَن يخوض في النوازل دون مرجعٍ علميٍّ،أم مَن يخوض في النوازل والمرجع العلمي موجودٌ،واستدل بقول الله تعالى :{وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ ۖ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَىٰ أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ ۗ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا } .اهـ بتصرف
 وفي طيات هذا الكلام أباطيلٌ،سيأتي تفنيدها بحول الله وقوَّته،فأقول مستعينًا بالله.
1 ـ لقَد أجمل الرجُّل النقاط المنتقدة على خالد بن عَبُّودٍ الحضرمي،وكان عليه أن يفَصل ويبين المواضع التي حكم فيها أبو بلالٍ بالظاهر؛لأنَّ هذه النقاط موضع انتقاد،وإلاجمال في موضع التفصيل منتقدٌ.ولعل الحامل له على ذلك هو التملص؛لأنه وجَد أنَّ تلك المآخذ قوية،ولا جواب عنده،أو خَشي أن يفتضح أمره إن استرسل في الدفاع عنه،فآثر الإجمال؛كي يتفلت ويضَخم الأمر شأنه شأن أَهل الأهواء،وقد ذَم أهل العلم هذا السبيل وبينوا عواره،وإليك أقوال بعضهم.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - كما في "مجموع الفتاوى"(12/ 114)،كما في"تنزيه السلفية" ط/مكتبة دار الحديث بدماج،للشيخ سعيد ـ رحمه الله ـ (ص7):"فإنَّ كثيرًا مِن نِزاعِ الناسِ سبَبُهُ ألفاظٌ مجملةٌ".اهـ
وقال في"الاستقامة"(2/ 522)،كما في المصدر السابق:"هذه العبارة - يعني : المجملة - إذا عنَى بها المتكلم معنىً صحيحًا،وهو يعْلم أنَّ المستمعَ يفهمُ منها معنىً فاسدًا،لم يكن لهُ أن يُطلِقها،لما فيه مِنَ التلبيس،إذ المقصودُ مِنَ الكلام البيان،دون التلبيسِ".اهـونقل العلامة البقاعيُّ في"مَصرعِ التَّصوُّفِ"(ص138)،كما في المصدر السابق(ص6)،عن الإمام أبي عليٍّ ابن خليلٍ السكوني،أنه قال : "وكلُّ كلامٍ،وإطلاقٍ يوهمُ الباطلَ،فهو باطلٌ بالإجماعِ،فأحرى،وأولى بطلانه إذا كان صريحًا في الباطل".اهـ
وقال الشيخ سعيد ـ رحمه الله ـ :"ولذا عدَّ أهْل العلم العبارات والألفاظَ المجملة،المحتملةِ،مِن أساليب أهْل الأهواء،ومِن أسباب الخلاف والضلال".اهـ
والذي يظهر أنَّ خالد بن عَبُّودٍ،يحْكم بخلاف الظاهر إذا كان له هوىً في ذلك،تقليدًا للشيخ يحي ـ حفظه الله ـ ،وهذا بحسب ما وقَفت عليه،وإليك التفصيل.
عندما تكَلم في صوتيته،ترْك الخوض في مسائل الإيمان،كان يعَرض بيوسف بن العيد العنابي؛لأنَّ مُؤدى الخوض في هذه المسائل على غير طريقة أهْل العلم،هو الغلو والتكفير،كما هو ملاحظٌ مِن حال يوسف،مع أنَّ أبا بلالٍ نفسه لم يسلك فيها سبيل العلماء،فزَهَّد في دراستها وبيان الراجح مِنَ المرجوح فيها.
وقد رَد عليه أخونا العربي البسكري،في "توضيح المقال" فجزاه الله خيرًا.
ومع ما يعلمه مِن حال يوسف في دار الحديث بدماج،وما يُنتقد عليه مِن انحرافات،بنَى على أخبار بعض أتباعه،ووجَّه نصيحةً لدولة الجزائر،وقد يكون الأمر الذي نقِل إليه مكذوبًا،مخالفًا بذلك قول الله تعالى :{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ} [الحجرات:6].
قال ابن كثيرٍ ـ رحمه الله ـ في تفسيره (ج7ص236)ط/دار ابن الجوزي:"يأمر تعالى بالتثبت في خبر الفاسق ليُحتَاط له، لئلا يحكم بقوله فيكون ـ في نفس الأمر ـ كاذبًا أو مخطئًا،فيكون الحاكم بقوله قد اقتفى وراءه،وقد نهى اللّه عن اتباع سبيل المفسدين،ومِن هاهنا امتنع طوائفٌ مِن العلماء مِن قبول رواية مجهول الحال، لاحتمال فسقه في نفس الأمر،وقبلها آخرون لأنَّا إنَّما أمرنا بالتثبت عند خبر الفاسق،وهذا ليس بمحقق الفسق لأنه مجهول الحال . 
وقد قررنا هذه المسألة في كتاب العلم مِن شرْح البخاري،ولله الحمد والمنة ".اهـ
وهناك أمرٌ ثانٍ وهو عندما حدَثت الفتنة في السودان،اتصل به الشيخ وليد بن فضل المولى الخالدي - حفظه الله - ،وأخبره بأخطاء عبد الكريم الحجوري - هداه الله -،فقال له أبو بلالٍ : "إنَّ الذي أرسله دعوةً إلى السودان غَشَّ الإخوة "،أخبرني بذلك أخونا العربي عن إهاب السوداني عن أبي عكرمة.
وعندما خاض طلابه في ذلك،ألقى كلمةً،ذكر فيها أنَّ أَمر هذا النزاع غامضٌ،وأنه لا يدخل تحت رايةٍ عمية،لكن سرعان ما سحَب كلمته تلك تقليدًا للشيخ يحي،والكلمة موجودةٌ عندي.
فهل يعقل بعد هذا أن يقال أنه اجتهد فاخطأ أو أصاب؟! أو حكَم بالظاهر؟! أم أنه تعَمد الخطأ؟!.هذه أمثلةٌ مِن حكم أبي بلالٍ بالظاهر،أضعها بين يدي القارئ الكريم،خاصة ونحن في زمنٍ كثر فيه تقليب الحقائق،والله المستعان.
2 ـ وأمَّا استلزامك أنَّ الطعن في خالد بن عَبُّود الحضرمي طعنٌ في الشيخ يحي،والطعن في الشيخ يحي،طعنٌ في الشيخ مقبلٍ - رحمه الله -،وأنَّ الطعن في أبي بلالٍ،طعنٌ في الشيخ مقبلٍ،ليس بلازمٍ؛لأنَّ خالد بن عَبُّود الحضرمي،ليس على طريقة الشيخين،فهو داعيةٌ إلى التقليد،والتميع،وتقليب الحقائق،والكذب،مع الجهل المركب.
الشيخ مقبلٍ - رحمه الله - كان يقول:"لا يقلدني إلا ساقطٌ"،ونقَل ابن عبد البر - رحمه الله - الإجماع على أنَّ المقلد ليس مِن أهْل العلم.
وتقليد أبي بلالٍ للشيخ يحي،ليس بخافٍ على مَن بصره الله،تجده يَتكلم في الشخص،ثُم يَسحب كلامه لا لشيءٍ إلا،أنَّ الشيخ يحي يخالفه.
وقد تقدم سحبه لكلامه على فتنة السودان،وسحَب كلامه في الغرباني،وفي الشاعر باغوث،ويَسحب كلامه،بدون بيان السبب،ويترك النَّاس في حيص بيص.وقد كان هو في شق،والشيخ يحي في شق،في دار الحديث بدماج،ولم يكن على منهجه،وقد كان يطعن في المُحقين الذين زكاهم الشيخ يحي،ويدافع عن المبطلين.
فأين هو مِن منهج الشيخ يحي،القائم على  الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر،فقد  أنكر على الشيخ مقبلٍ - رحمه الله -،عدَم تحريمه للقات،ولم يسكت عن ضلالات أبي الحسن المأربي،بالرغم مِن طلب بعض العلماء منه السكوت،وكذا تصدى لمخالفات الحزب العدني،رغم التخذيل الواضح،حتى مٍن بعض الكبار.
وأمَّا أبو بلالٍ فيريد أن يكون التلميذ مع شيخه،كالميت بين يدي مُغسله.وهذا الكلام إلى وقتٍ قريبٍ،أمَّا الآن فالشيخ يحي - وفقه الله -،نلحظ منه تغيرًا وتراجعًا عما كان عليه قبْل،ويَشهد لذلك طريقة معالجته لبعض الفتن الدائرة حاليا في الساحة.
مثال ذلك : ما حدَث بين الإخوة السودانيين،والشيخ أبي عمرو الحجوري - هداه الله -،مع أنَّ الشيخ يحي لا ينكر شيئًا،ممَّا أتى به الإخوة،مِنَ البراهين على حزبية أبي عمرٍو،لكنه يهون مِن شأن هذه الأخطاء،مع أنه حزَّب بعضهم بأقل مِن هذا.
وكذا أخطأ جدًّا في تزكيته ليوسف العنابي الكذاب الغالي،مع قيام البراهين والحُجج على انحرافه.
وقد أَرسل إليه أخونا العربي البسكري نصيحةً،وإلى الآن لم نجد منه ردًّا.
3 ـ وقولك : "الدعوة هي هي،والأفراد هُم هُم،مَنِ الذي تغير،ومَنِ الذي تنكر"،مغالطةٌ واضحةٌ،التغير حاصلٌ،والضعف موجودٌ،والشيخ يحي نفسه مقرٌ بذلك،لكنه اضطرب،كما بينت ذلك في الرد على العُمَري.
وهل يَرضى الشيخ مقبلٍ - رحمه الله -،بالتقليد والتحجير على طلبة العلم،وبالتأصيلات الفاسدة،التي تشبه تأصيلات المأربي،والحلبي،والإمام؟.
4 - وأمَّا دندنتك حول المرجعية،فشنشنة أعرفها مِن أخزم،وهذا يذكرني بمقولة أصحاب الحزب العدني،خلونا مع الأكابر،لما يعلمون مِن كون هؤلاء الذين يحيلون إليهم،معهم ويدورون في فلَكهم.
فهل قبَل أهل السُنَّة تزكية الشيخ عبد المحسن العباد - حفظه الله -،لأبي الحسن المأربي؟،وهل قبلوا تزكية الشيخ ربيع للحزب العدني؟،حتى تلزمني أنت بقبول تزكية الشيخ يحي لأبي بلالٍ،بحجة المرجعية،أم أنَّ المرجعية عندكم فوق الحقائق العلمية؟.
فأفيدك أنَّ المرجعية لكتاب الله تعالى،ولسُنَّة رسوله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - ولأهل العلم،فيما وافقوا فيه هذين الأصلين.
كما دلنا على ذلك قوله تعالى :{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً }[النساء: 59].
وسبب نزولها،ما أخرجه الإمام البخاري - فتح- (ج 8-4340)،و(ج 13-7145-7257)،عن عليٍّ - رضي الله عنه - قال : بَعَثَ النَّبِيُّ ـ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ سَرِيَّةً فَاسْتَعْمَلَ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ، وَأَمَرَهُمْ أَنْ يُطِيعُوهُ فَغَضِبَ فَقَالَ : أَلَيْسَ أَمَرَكُمْ النَّبِيُّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ  أَنْ تُطِيعُونِي ؟ قَالُوا : بَلَى قَالَ فَاجْمَعُوا لِي حَطَبًا،فَجَمَعُوا فَقَالَ أَوْقِدُوا نَارًا فَأَوْقَدُوهَا. فَقَالَ : ادْخُلُوهَا،فَهَمُّوا وَجَعَلَ بَعْضُهُمْ يُمْسِكُ بَعْضًا ،وَيَقُولُونَ فَرَرْنَا إِلَى النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ مِنَ النَّارِ،فَمَا زَالُوا حَتَّى خَمَدَتْ النَّارُ، فَسَكَنَ غَضَبُهُ،فَبَلَغَ النَّبِيَّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ فَقَالَ : (لَوْ دَخَلُوهَا مَا خَرَجُوا مِنْهَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ الطَّاعَةُ فِي الْمَعْرُوفِ).
ذهَب الإمام الوادعي - رحمه الله - في"الصحيح المسند مِن أسباب النزول"(ص78-79)ط/دار الامام مالك،إلى أنه عبد الله بن حذافة السَّهمي بن قيس بن عدي؛لحديث عبد الله بن عباسٍ - رضي الله عنها - عند البخاري - فتح -(ج 8- 4584)،
وذهَب الحافظ في"الفتح"(ج8ص73-74)إلى تعدد القصة،وأنَّ الأنصاري غير السهمي؛بسبب اختلاف السياق،واسم الأمير،وسبب الأمر بالدخول إلى النار،وذكرأنَّ ابن القيم - رحمه الله - قال بالتعدد،وخلاف ابن الجوزي - رحمه الله - في ذلك.
وهنا أمرٌ ينبغي التنبيه عليه،وهو : أنه يجب التفريق بين الرجوع إلى العلماء،وسؤلهم عمَّا أَشكل،والاستفادة منهم،وبين التعصب لهم،ومتابعة أخطائهم،وهذا الأخير هو مبتغى القوم،وبالتالي يتضح أنها كلمة حقٍّ أريد بها باطلٌ.
ومع ذلك فقد رجَع الإخوة السودانيين،للشيخ يحي - وفقه الله - فهل انصفهم؟!،مع اعترافه بما يُنسب لعبد الكريم الحجوري،فهل تريد أنت وشيخك خالد بن عَبُّود،متابعة الشيخ يحي على خطئه،وهذا أصلٌ مِنَ الأصول المخترعة؛لحماية أنفسكم مِنَ النقد.
ويبعُد مِنَ الشيخ يحي،إنكار ما يُنسب إلى طلابه،إذا كان مدعمًّا بالحجج والبراهين،لكنه يُهِّون مِن شأن تلك الأخطاء؛ممَّايسبب ضياع الحق وانطماسه،والله المستعان.
5 - وأمَّا خلطك تبعًا لشيخك خالدٍ،بين النوازل ومسائل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر،فهو مشاقة للرسول،ومخالفة لسبيل المؤمنين،الذين أمِرنا باتباعهم في قوله تعالى :{وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَىٰ وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّىٰ وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ ۖ وَسَاءَتْ مَصِيرًا} [النساء : 115].
فلا يكفي أن تأتي بآيات وأحاديث،وتسلط عليها فهمك السقيم،إنَّما المعتبر في ذلك فهم السَّلف.
واستدلالك بقوله عزَّ وجلَّ : {وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ}الآية [النساء : 83]،حُجة عليك لا لك،فليس في الآية،أنه يَحرم على طالب العلم الخوض في مسائل الجرح والتعديل،قال ابن كثير رحمه لله في تفسيره (ج2ص237) : "وقوله : { وإذا جاءهم أمر مِنَ الأمن أو الخوف أذاعوا به} إنكارٌ على مَن يبادر إلى الأمور قبل تحققها،فيخبر بها ويفشيها وينشرها، وقد لا يكون لها صحةٌ".اهـ
وسبب نزولها ما أخرجه الإمام مسلم - نووي - (ج10ـ 1479)،عن عُمر بن الخطاب - رضي الله عنه ـ قال : لَمَّا اعْتَزَلَ نَبِيُّ الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ نِسَاءَهُ قَالَ : دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ،فَإِذَا النَّاسُ يَنْكُتُونَ بِالْحَصَىٰ وَيَقُولُونَ : طَلَّقَ رَسُولُ الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ نِسَاءَهُ وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يُؤْمَرْنَ بِالْحِجَابِ ـ قَالَ عُمَرُـ فَقُلْتُ: لَأَعْلَمَنَّ ذَلِكَ الْيَوْمَ ـ قَالَ ـ فَدَخَلْتُ عَلَىٰ عَائِشَةَ،فَقُلْتُ : يَا بنتَ أبي بَكْرٍ!أَقَدْ بَلَغَ مِنْ شَأْنِكِ أَنْ تُؤْذِي رَسُولَ الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ؟فَقَالَتْ : مَا لِي وَمَا لَكَ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ؟عَلَيْكَ بِعَيْبَتِكَ. قَالَ: فَدَخَلْتُ عَلَىٰ حَفْصَةَ بنتِ عُمَرَ،فَقُلْتُ لَهَا: يَا حَفْصَةُ!أَقَدْ بَلَغَ مِنْ شَأْنِكِ أَنْ تُؤْذِي رَسُولَ الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ؟وَاللَّهِ لَقَدْ عَلِمْتِ أَنَّ رَسُولَ الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ لَا يُحِبُّكِ،وَلَوْلَا أَنَا لَطَلَّقَكِ رَسُولُ الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ،فَبَكَتْ أَشَدَّ الْبُكَاءِ، فَقُلْتُ لَهَا: أَيْنَ رَسُولُ الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ؟قَالَتْ: هُوَ فِي خِزَانَتِهِ فِي الْمَشْرُبَةِ،فَدَخَلْتُ فَإِذَا أَنَا بِرَبَاحٍ غُلَامِ رَسُولِ الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قَاعِدًا عَلَىٰ أُسْكُفَّةِ الْمَشْرُبَةِ،مُدَلٍّ رِجْلَيْهِ عَلَىٰ نَقِيرٍ مِنْ خَشَبٍ،وَهُوَ جِذْعٌ يَرْقَىٰ عَلَيْهِ رَسُولُ الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وَيَنْحَدِرُ،فَنَادَيْتُ: يَا رَبَاحُ!اسْتَأْذِنْ لِي عِنْدَكَ عَلَىٰ رَسُولِ الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ،فَنَظَرَ رَبَاحٌ إِلَىٰ الْغُرْفَةِ ثُمَّ نَظَرَ إِلَيَّ فَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا،ثُمَّ قُلْتُ: يَا رَبَاحُ!اسْتَأْذِنْ لِي عِنْدَكَ عَلَىٰ رَسُولِ الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ،فَنَظَرَ رَبَاحٌ إِلَىٰ الْغُرْفَةِ ثُمَّ نَظَرَ إِلَيَّ فَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا،ثُمَّ رَفَعْتُ صَوْتِي فَقُلْتُ: يَا رَبَاحُ!اسْتَأْذِنْ لِي عِنْدَكَ عَلَىٰ رَسُولِ الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ،فَإِنِّي أَظُنُّ أَنَّ رَسُولَ الله  ـ صلى الله عليه وسلم ـ ظَنَّ أَنِّي جِئْتُ مِنْ أَجْلِ حَفْصَةَ،وَاللَّهِ!لَئِنْ أَمَرَنِي رَسُولُ الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ بِضَرْبِ عُنُقِهَا لَأَضْرِبَنَّ عُنُقَهَا، وَرَفَعْتُ صَوْتِي،فَأَوْمَأَ إِلَيَّ أَنْ ارْقَهْ،فَدَخَلْتُ عَلَىٰ رَسُولِ الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وَهُوَ مُضْطَجِعٌ عَلَىٰ حَصِيرٍ فَجَلَسْتُ،فَأَدْنَىٰ عَلَيْهِ إِزَارَهُ،وَلَيْسَ عَلَيْهِ غَيْرُهُ،وَإِذَا الْحَصِيرُ قَدْ أَثَّرَ فِي جَنْبِهِ،فَنَظَرْتُ بِبَصَرِي فِي خِزَانَةِ رَسُولِ الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ،فَإِذَا أَنَا بِقَبْضَةٍ مِنْ شَعِيرٍ نَحْوِ الصَّاعِ،وَمِثْلِهَا قَرَظًا فِي نَاحِيَةِ الْغُرْفَةِ،وَإِذَا أَفِيقٌ مُعَلَّقٌ، ـ قَالَ ـ : فَابْتَدَرَتْ عَيْنَايَ. قَالَ:(مَا يُبْكِيكَ؟يَا ابْنَ الْخَطَّابِ!)قُلْتُ: يَا نَبِيَّ الله!وَمَا لِي لَا أَبْكِي؟وَهَذَا الْحَصِيرُ قَدْ أَثَّرَ فِي جَنْبِكَ،وَهَذِهِ خِزَانَتُكَ لَا أَرَىٰ فِيهَا إِلَّا مَا أَرَىٰ،وَذَاكَ قَيْصَرُ وَكِسْرَىٰ فِي الثِّمَارِ وَالْأَنْهَارِ،وَأَنْتَ رَسُولُ الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وَصَفْوَتُهُ،وَهَذِهِ خِزَانَتُكَ. فَقَالَ:(يَا ابْنَ الْخَطَّابِ!أَلَا تَرْضَىٰ أَنْ تَكُونَ لَنَا الْآخِرَةُ وَلَهُمْ الدُّنْيَا؟) قُلْتُ : بَلَىٰ. قَالَ: وَدَخَلْتُ عَلَيْهِ حِينَ دَخَلْتُ وَأَنَا أَرَىٰ فِي وَجْهِهِ الْغَضَبَ،فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ الله!مَا يَشُقُّ عَلَيْكَ مِنْ شَأْنِ النِّسَاءِ!فَإِنْ كُنْتَ طَلَّقْتَهُنَّ فَإِنَّ الله مَعَكَ وَمَلَائِكَتَهُ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَائِيلَ،وَأَنَا وَأبو بَكْرٍ وَالْمُؤْمِنُون َمَعَكَ،وَقَلَّمَا تَكَلَّمْتُ – وَأَحْمَدُ الله- بِكَلَامٍ إِلَّا رَجَوْتُ أَنْ يَكُونَ الله يُصَدِّقُ قَوْلِي الَّذِي أَقُولُ. وَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ آيَةُ التَّخْيِيرِ : {عَسَىٰ رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ}[التحريم: 5]{وَإِن تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ ۖ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَٰلِكَ ظَهِيرٌ}[التحريم: 4] وَكَانَتْ عَائِشَةُ بنتُ أبي بَكْرٍ وَحَفْصَةُ تَظَاهَرَانِ عَلَىٰ سَائِرِ نِسَاءِ النَّبِيِّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ الله!أَطَلَّقْتَهُنَّ؟،قَالَ : (لَا) قُلْتُ : يَا رَسُولَ الله!إِنِّي دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ وَالْمُسْلِمُون َ يَنْكُتُونَ بِالْحَصَىٰ،يَقُولُونَ : طَلَّقَ رَسُولُ الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ نِسَاءَهُ،أَفَأَنْزِلُ فَأُخْبِرَهُمْ أَنَّكَ لَمْ تُطَلِّقْهُنَّ؟قَالَ : (نَعَمْ إِنْ شِئْتَ) فَلَمْ أَزَلْ أُحَدِّثُهُ حَتَّىٰ تَحَسَّرَ الْغَضَبُ عَنْ وَجْهِهِ،وَحَتَّىٰ كَشَرَ فَضَحِكَ،وَكَانَ مِنْ أَحْسَنِ النَّاسِ ثَغْرًا،ثُمَّ نَزَلَ نَبِيُّ الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فَنَزَلْتُ أَتَشَبَّثُ بِالْجِذْعِ،وَنَزَلَ رَسُولُ الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ كَأَنَّمَا يَمْشِي عَلَىٰ الْأَرْضِ مَا يَمَسُّهُ بِيَدِهِ،فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ الله إِنَّمَا كُنْتَ فِي الْغُرْفَةِ تِسْعَةً وَعِشْرِينَ. قَالَ : (إِنَّ الشَّهْرَ يَكُونُ تِسْعًا وَعِشْرِينَ) فَقُمْتُ عَلَىٰ بَابِ الْمَسْجِدِ،فَنَادَيْتُ بِأَعْلَىٰ صَوْتِي : لَمْ يُطَلِّقْ رَسُولُ الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ نِسَاءَهُ، وَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ : {وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ ۖ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَىٰ أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ ۗ }[النساء : 83] فَكُنْتُ أَنَا اسْتَنْبَطْتُ ذَلِكَ الْأَمْرَ،وَأَنْزَلَ الله ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ آيَةَ التَّخْيِيرِ.
وعُمَر - رضي الله عنه - هو القائل للرسول - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - في حق حاطب بن أبي بلتعة - رضي الله عنه - دعني اضرب عنق هذا المنافق.
فأحال في الحد للنبي - صلَّى الله عليه وعلى آله وسلم - ولم يُحل في الحكم على هذا الصحابي بما يقتضيه ظاهره،مع وجود الداعي إلى ذلك،فعُلم أنَّ هاته غير تلك،وأنَّ مِنَ الأمور ما يجوز البت فيه لمن يحسِن ذلك.
وقد وقَفت على كلامٍ نفيسٍ،للشيخ سعيد بن دعَّاس ـ رحمه الله ـ يَصُب في هذا المصب،في"ضرورة التأهل في الحكم على المخالف بما يستحق والرد على أهْل الأهواء"،المطبوع بذيل"ضوابط الحكم بالابتداع"،ط/ مكتبة دار الحديث بدماج(ص156-160).
وهذا كلامه - رحمه الله - : "ولهذا كانتْ الحُدودُ والقِصاصُ فِي زمَن النَّبيِّ ـ صلى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ـ وخُلفَاءِه،لَم تَكُن تُقام وتُستَوفَى إلا بإذنِهم،كمَا ذكَرَه الإمام يحيى بنُ أبي الخيرِ العِمراني الشَّافعيُّ في "البيان"(12 / 376)،والشيرازي في "المهذب"،كمَا في "المَجمُوع" (25 / 116).
فكانَ الناسُ يُحِيلونُ إقامةِ الحُدودِ والقِصاصِ إلى ولاةِ الأُمورِ ونوَّابِهم،ويأتُونَ بِها إليهم،كما كانُوا يأتونَ بالصَّحابيِّ المُلقَّبِ بحِمارِ إلى النبيِّ ـ صلى الله عليهِ وسلم ـ مراتٍ مُتعَدِّدةٍ،وحينَ زنَى ماعزٌ والغَامِديَّةُ جاءا إلى النبيِّ ـ صلى اللهُ عليهِ وسلم ـ،ولم يوسِّدا إقامةَ الحَدِّ – المَعلومُ - علَيهِما إلى أحدٍ سوى النَّبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ، كما جاءَ ذلكَ الرَّجلُ بقاتلِ أخيهِ يَقُودُه إلى النبيِّ ـ صلى اللهُ عليهِ وسلَّمـ،حتَّى أذنَ لهُ النَّبيُّ ـ صلى اللهُ عليهِ وسلَّم ـ باستيفاءِ القصَاصِ مِن قاتلِ أخيِه،وعلى هذَا مَضى الأمرُ في زمانِ الخَلفاءِ،ولم يَنتَصبْ أحدٌ مِنَ الصَّحابةِ والتَّابعينَ لإقامةِ شيئٍ مِن ذلكَ. 
بخِلافِ الحُكمِ على المُخالفِ بِما يستَحقُّ،فقَد كانُوا يَفَعَلونَهُ مِن غيرِ إحالةٍ إلى ولاةِ الأمورِ،وأوضحُ دليلٍ على هذا،أنَّ عمرَ وخالداً  ـ رضي اللهُ عنهُما ـ حينَ طعَنَ ذو الخُويصرة الخَارِجيُّ في النبيِّ ـ صلى  اللهُ عليهِ وسلَّمَ ـ بَادَرا بالحُكمِ عليهِ بالنِّفاقِ بِحضرةِ النَّبيِّ ـ صلى اللهُ عليه وسلمَ ـ،ولم يُحجِما عن الحُكم عليهِ بما تقتَضِيهِ جِنايَتُه،واستئذناهُ في إقامةَ حدِّ الرِّدةِ،وقالَ كلٌّ مُنهما : "دَعني أضربْ عنُقَ هذا المنافقِ يارسولَ اللهِ".
وهكَذا بادرَ عمرُ بنُ الخطَّابِ ـ رضيَ اللهُ عنهُ ـ بالحُكمِ على حاطبِ بنِ أبي بَلتَعةَ بالنِّفاقِ بحضرةِ النبيِّ ـ صَلى اللهُ عليهِ وسَلمَ ـ حينَ راسلَ كفارَ قُريشٍ يخبرُهم بمقدمِ النبيِّ ـ صلى الله عليهِ وسلم ـ لفتحِ مكةَ،بظَاهِر فِعلِهِ،لولا ما أبَانَه مِن عُذرٍ هوَ صادِقٌ فيهِ،وصدَّقَه النبيُّ ـ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ ـ عليهِ،وأحدَثَهُ مِن توبةٍ صادقةٍ ناصحَةٍ ـ رضي اللهُ عنهُ ـ وأرضاهُ،ولَم يُحجِم عنِ الحُكمِ بما يقتَضِيهِ فِعلُه مِن حُكمٍ. 
قالَ شيخُ الإسلامِ في "الصَّارمِ المسلول" (1 / 40): الإِيمانُ والنِّفاقُ أصلُهُ في القَلبِ،وإنَّما الذي يَظهرُ مِنَ القولِ والفِعلِ فَرعٌ لهُ دَليلٌ عليهِ،- فإِذَا ظَهرَ مِنَ الرَّجلِ شَيءٌ مِن ذَلكَ،ترَتَّبَ الحُكمُ عَليهِ!!-.اهـ
وأمَّا عندَ إقامةِ حَدِّ الرِّدةِ – الذي يستَحقُّه لو ثبتتِ الرِّدةُ،ولمَ يكُن لهُ عُذرٌ فِيما فعَل - فطلبَ الإذنَ مِنَ النبيِّ ـ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم ـ ،لأنَّهُ مِن أحكامِ الإمامةِ التي لا يستوفيِها غيرُ الإمامِ إلا بإذن الإمامِ وتوكِيلٍ مِنَ الإمامِ،كما نوَّبَ النبيُّ ـ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ ـ أنيساً ـ رضي اللهُ عنهُ ـ في رجمٍ المرأةِ التي زنَت. 
وحينَ ذُكرَ مالكُ بنُ الدُّخشُن بحَضرةِ النبيُّ ـ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ ـ في عدَدٍ من أصحابهِ،فقالَ قائلٌ مِنهُم : ذلكَ مُنَافِقٌ لاَ يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ،مُستَدِلاً بقولِه : فَإِنَّمَا نَرَى وَجْهَهُ وَنَصِيحَتَهُ لِلْمُنَافِقِين،فحَكَمَ عليهِ بمُقتَضى فِعلِهِ الظَّاهرِ بحضَرةِ النبيِّ ـ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ ـ،وبالدَّليلِ المُعتَبرِ مِن إلحاقِ المرءِ بخلِيلِه وخَدنِه،وبالميلِ والمودَّةِ الدَّالةِ على المُشاكَلةِ والمُقارَبةِ والموافَقةِ،لولا أَن برَّأهُ النبيُّ ـ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ ـ بقَولِه : (لاَ تَقُلْ لَهُ ذَلِكَ أَلاَ تَرَاهُ قَدْ قَالَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ. يُرِيدُ بِذَلِكَ وَجْهَ اللَّهِ).
ومَنزلةُ عمرَ بنِ الخطَّاب،وخالدِ بنِ الوليدِ،وهذا الصَّحابيِّ ـ رضي اللهُ عنهم ـ وأرضَاهُم في جَنبِ النبيِّ ـ صلَّى الله عليه وسلمَ ـ، كطَالبِ العلمِ المُتمكِّن البَصيرِ الذِي لا يَخرجُ عَن أهلِ العِلم،بِجانبِ مَن هوَ أعلم منهُ.
 ولم ينكرِ النبيُّ ـ صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم ـ علَيهِم الإقدامَ على إثباتِ الحُكمِ بالدَّليلِ الشَّرعيِّ الظَّاهرِ،بل أقرَّ بعضاً مِن ذلك ولم يُنكرْهُ،كالحُكمِ على ذي الخُويصرةِ.
 واستَثبتَ في بعضٍ بسؤالِ المُخالفِ،كالحُكم على حاطب ـ رضي الله عنه ـ ،فانتَفى الحُكمُ لانتفاءِ شَرطِهِ بإبداءِ عذرِهِ وتَوبتِهِ الصَّادقةِ،حينَ قال : "يارسولَ الله لا تعجَل عليَّ،إني كنتُ امرأً مُلصقاً في قُريشٍ ولم أكُن مِن أنفُسِها،وكانَ مَن معكَ مِنَ المُهَاجِرينَ لُهم قرَاباتٌ بمكةَ يَحمُونَ بِها أهلِيهِم،وأموَالهِم،فَأحبَبتُ إذْ فَاتَني ذلكَ مِنَ النَّسبِ فِيهم أنْ أتَّخذَ عِندَهم يَداً يَحمُونَ بهَا قرابَتِي،- ومَا فعلتُ كُفراً ولا ارتِدَاداً،ولا رِضَاً بالكُفرِ بعدَ الإِسلامِ؟!-، فقالَ رسولُ اللهِ ـ صلى اللهُ عليه و سلمَ ـ : (لقَد صَدَقكُم)
ويتَاكَّدُ إقرَارُهُ ـ صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ـ أصلَ الإقدامِ عَلى الحُكم بِدَلِيلٍ وبُرهانٍ واضحٍ لِمن رَزَقهُ اللهُ بَصِيرةً وفَهمَاً وإِن وُجدَ مَن هوَ أعلمُ،أنَّهُ قالَ بَعدَ إبداءِ حَاطِبٍ ـ رَضيَ اللهُ عنهُ ـ عُذرَه : (صَدقَ فَلا تَقُولُوا لهُ إلا خَيراً).
ومَفهُومُه أنَّهُ لَو لَم يكُن له عُذرُ صَادقٌ،فَقُولُوا فيهِ ما يَستَحقُّ مِن وَصفٍ وحُكمٍ.
ونفَى الحُكمَ في حقِّ مالكِ بنِ الدُّخشُن لدليلٍ أرجَح - مؤَيَّداً بالوَحيِ الشَّريفِ - ممَّا استَدلَّ بهِ مَن حَكمَ عليهِ بالنِّفاقِ وهُوَ قولُهُ : (لاَ تَقُلْ لَهُ ذَلِكَ أَلاَ تَرَاهُ قَدْ قَالَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ. يُرِيدُ بِذَلِكَ وَجْهَ اللَّهِ).
وفِي ذلكَ كُلِّهِ لم يُنكرِ النبيُّ ـ صلَّى اللهُ عليهِ وسلمَ ـ أصلَ الإقدامِ لإثباتِ ما يستَحِقُّهُ المُخالفَ بِما تَقتَضِيهِ مُخالَفتُه مِن قِبَلِ مَن هُوَ أهلٌ لمَعرفتِه وإدرَكِه وإنْ كانَ غَيرُه أعلمُ منهُ،لأنَّ العِبرةَ هوَ التَّأهُّلُ والتَّمكنُ،والفَهمُ والتَّمييزُ والبَصيرةُ.
 ولَو كانَ لا يَجوزُ للمُتَأهِّل البَصيرِ المُتمكِّن مِن مَعرفَةِ الحُكم بِدلِيلِه وبُرهانِه ممَّن غَيرُه أعلمُ منهُ،لأَنكرَ النبيُّ ـ صَلى اللهُ عليهِ وسلمَ ـ على هَؤلاءِ أصلَ الإقدامِ على الحُكمِ،لأنَّ تأخيرَ البيانَ عِندَ الحَاجةِ في حَقِّهِ ـ صَلى اللهُ عليهِ وسلمَ ـ لا يَجوزُ،لمُنافَاتِه ما أمرَهُ الله بهِ في قوله : {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ}،وهو عليهِ الصلاةُ والسَّلام قَد بلَّغَ الرِّسالةِ أتَمَّ بَلاغٍ".اهـ المراد
وبالتالي يتضح،أنكم على منهجٍ غير منهج الإمام الوادعي - رحمه الله - وهو أشبه بمنهج المأربي،والحلبي،والوصابي،والإمام،وحتى إن وافقكم الشيخ يحي على ذلك فهو مخطىءٌ.
وأقول لك : أثبِت العرش ثُم انقش؛لأنَّ هذه المسائل المتنازع فيها،ليست مِن مسائل النوازل،وقد تابعت في هذا التلبيس شيخك أبا بلالٍ،بدون حُجةٍ ولا برهانٍ.
وفي الختام أحمد المولى المنان،هو حسبي وعليه التكلان.
للاستماع أو تنزيل كلمة سعيد باسلامة من هنا  
و للاستماع أو تنزيل كلمة أبي بلالٍ من هنا 
          تم الفراغ منه ليلة السبت 14 شوال عام 1438 هجري                                   كتبه أبو عبد الله إبراهيم بن خالد التبسي الجزائري
                              في الرباح وادي سوف

الجمعة، 30 يونيو 2017

توفيق رب العبيد بالنصح المفيد لأخينا عبد الحميد ومن معه

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وكفى،والصلاة والسلام على نبيه المصطفى،وعلى آله وصحبه،ومَن اقتَفى أثرهم إلى يوم الدين.
أمَّا بَعْدُ
فهذا نصحٌ لعبد الحميد الجلفاوي ومَن معه،كنت قد أرسلته له سابقًا،يخص مسألة تكفير ساب الله ـ عزوجل ـ لأنَّ قولهم بالتفصيل،أي:أنه لايَكفر إلا مَن قصَد ذلك،مخالفٌ للإجماع،ولاحُجة فمَن شَذ في ذلك.
ولمَّا لم يأتني جوابٌ منه وممَن معه،قررت نشْر هذا الرد؛كي لا يَغتر بمقولتهم هذه، مَن لا اطلاع له على المسألة،والله الهادي إلى سواء السبيل.
للتنزيل أو التصفح من هنا

الخميس، 29 يونيو 2017

هدم الحياط على مرتكبي جريمة اللواط

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله،والصلاة والسلام على رسول الله،وعلى آله وصحبه، ومَنِ اتبع هداه
أمَّا بعْد
فهذه رسالتي "هدْم الحياط على مرتكبي جريمة اللواط"،أوردت فيها أدلة الكتاب والسُنَّة،وآثار السَّلف،في التحذير مِن هذه الجريمة النكراء،التي لم يسْلم مِن مقدماتها،بعض مَن ينتمي للعلم والصلاح،فضلاً عن أهل الفجور؛وما ذلك إلا بسبب الغفلة،واتباع خطوات الشيطان،المتمثلة في الذرائع المفصية إليها .
وقد كان سلفنا الصالح ـ رضوان الله عليهم ـ مِن أشد النَّاس تفطنا لهذه المكائد،فلله درهم،وقد أفلح مَنِ اهتدى بهديهم،ومَن أراد النجاة فلا مناص له مِنَ اتباعهم والله الموفق .
للتنزيل أو التصفح مِن هنا

الثلاثاء، 23 مايو 2017

القول المرضي في رد دفاع الشيخ عبد الغني العمري عن يوسف العنابي

  بسم الله الرحمن الرحيم
الحَمد لله رَبِّ العالمين،وَلِِِي المتقين،والصلاة والسلام على نبيه الأمين،خَير خَلقه أجمعين،وعلى آله وصحبه والتابعين بإحسانٍ إلى يوم الدين.
أمَّابَعدُ
فقد نَهى الله ـ تعالى ـ عن الدفاع عن أهل الباطل فقال جَلَّ ذِكره:{وَلَا تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنفُسَهُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَن كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا*يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا*هَا أَنتُمْ هَٰؤُلَاءِ جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَمَن يُجَادِلُ اللَّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَم مَّن يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا [النساء:107ـ 109].
قال الشَّيخ عبد الرحمن السَّعدي ـ رحمه الله ـ في تفسيره(ص190)ط/دار ابن حزم:"{وَلَا تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنفُسَهُمْ}"الاختيان" و"الخيانة" بمعنى الجناية،والظلم،والإثم،وهذا يشمل النهي عن المجادلة،عن مَن أذنب وتُوجه عليه عقوبة،مِن حدٍّ أو تعزيرٍ،فإنه لا يجادل عنه بدفع،ما صَدر منه مِنَ الخيانة،أو بدفع ما ترتب على ذلك مِنََ العقوبة الشرعية.
{إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَن كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًاأي: كثير الخيانة والإثم.
وإذا انتفى الحُب،ثبت ضده وهو البُغض،وهذا كالتعليل، للنهي المتقدم. 
ثم ذَكر عن هؤلاء الخائنين أنهم {يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ}.
وهذا مِن ضُعف الإيمان،ونقصان اليقين،أن تكون مخافة الخلق عندهم،أعظم مِن مخافة الله فيحرصون بالطرق المباحة والمحرمة
،على عدم الفضيحة عند النَّاس،وهُم ـ مع ذلك ـ قد بارزوا الله بالعظائم،ولم يبالوا بنظره واطلاعه عليهم. 
وهو معهم بالعلم،في جميع أحوالهم،خصوصًا في حال تبييتهم ما لا يُرضيه مِنَ القول،مِن تبرئة الجاني، ورمي البريء بالجناية، والسعي في ذلك للرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ ليفعل ما بيتوه. 
فقد جمعوا بين عدة جناياتٍ،ولم يراقبوا رَبَّ الأرض والسماوات،المطلع على سرائرهم وضمائرهم،ولهذا توعدهم ـ تعالى ـ بقوله:{وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا}أي: قد أحاط بذلك علما.
ومع هذا لم يُعاجِلهم بالعقوبة بل استأنى بهم،وعرض عليهم التوبة وحذرهم من الإصرار على ذنبهم،الموجب للعقوبة البليغة. 
{هَا أَنتُمْ هَٰؤُلَاءِ جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَمَن يُجَادِلُ اللَّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَم مَّن يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا} أي: هبكم جادلتم عنهم في هذه الحياة الدنيا، ودفع عنهم جدالكم بعض ما يحذرون مِنَ العار والفضيحة،عند الخلق.
فماذا يغني عنهم وينفعهم؟ ومَن يجادل الله عنهم يوم القيامة حين تتوجه عليهم الحُجَّة وتشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون؟" .اهـ
وهذا الكلام في حق مَن تَبين له حال أَهل الباطل،ثُم استمر في الدفاع عنهم،وأمَّا مَن لم يَتبين له ذلك فهو معذور.
مِن هذا الباب أردت التنبيه على خطإٍ وَقَع مِنَ الشيخ عبد الغني العمري - حفظه الله - يَتمثل في دفاعه عن يوسف العنابي،وذلك بَعد نَشر أذناب يوسف لكلمةٍ له،في صفحة دروس يوسف في الفيسبوك بتاريخ 12جمادى الآخرةسنة 1438هجري،ذََكر فيها :" أنَّ يوسف مِن أهل السُنَّة الأفاضل،وأنَّ قول مَن قال أنه يطعن في الشيخ الألباني،كلامٌ ما يعلمه يصح،ونََصح الإخوة أن يتقوا الله - تبارك وتعالى - في هذا،وأن يجمعوا كلمتهم.
وقال أيضًا:إذا وُجِد طالب علمٍ بَرز،وحَصل على يديه خيرٌ،قاموا إليه قومة رجلٍ واحدٍ يدقدقوه حتى ينهوه،وأنَّّ يوسف ليس بمعصومٍ،لا بأس أن يستفيد مِن نصائح إخوانه وتوجيهاتهم،لكن في الجملة أخٌ فاضلٌ صادعٌ بالحق قوالٌ به ".اهـ بتصرفٍ
وعلى هذا الكلام مآخذ وهي:
أولاً:يتضح لمن عَرف يوسف وخَبر ألاعيبه،أنه مِن أَهل الأهواء الأراذل،الذين اتخذوا الكذب والتلبيس منهجًا لهم،وقد بينت كذبه وتلبيسه،في دعواه أنَّ الشيخ يحي - حفظه الله - قَرأ أغلب كتابه"الحُجج السَّلفية".
وكذا تلبيسه أنَّ الأخ يونس المغربي يطعن في الشيخ الفوزان - حفظه الله -؛بسب إلزامه بتبديع الشيخ الفوزان كما بَدَّع ربيعًا المدخلي؛لأنَّ عنده أخطاءً أيضًا،وذلك في" القطف الداني "،وبَينت كذبه في قوله،أنه حُكِم عليه بالسجن الاحتياطي بالجزائر،وذلك في" إتحاف الأحباب ".
ثانيًا:قد ثَبت عن يوسف الطعن في الشيخ الألباني - رحمه الله - إقرارًا،وذلك بالثناء على بعض مَن يطعن فيه كحسام البُوعزي التونسي.
ولمَّا انتقد أمورًا على منتديات الآفاق،لم يُعرج البتة على طعن بعضهم في الشيخ الألباني - رحمه الله - ويتضح ذلك مِمَّا قاله في" الحُجج السَّلفية على ركنية العمل في الإيمان"(ص6 -7) نسخة مصورة :" وممَن رَد عليه أيضًا أصحابُ شبكة الآفاق،وقد كنت سُئلت مرارًا عن حال هذه الشبكة ؛ فكان أن أجبت بقولي : الذي لفت انتباهي مِن خلال اطلاعي على شبكة الآفاق،أنَّ لها مخالفاتٍ للمنهج السَّلفي والولاء والبراء اتجاه المخالفين مِن أَهل التحزب والتمييع؛ فمِن ذلك:  
1ـ أنك تجدهم يثنون على مَن وافقهم في مسألة الإيمان والعذر بالجهل وينشرون مقالاتهم وإن كانوا قطبيين أو سروريين أو حزبيين أو مميعين ومَن عُرِف بالدفاع عن الحزبيين، كالجبرين والغنيمان والخضير وفركوس والطويل والعبيلان وإبراهيم الرحيلي ومندكار وغيرهم.
وكونهم وافقوا السَّلف مِن حيث الجملة في هاتين المسألتين،لا يعني ذلك أنهم على جادة السَّلفية،ولهم مِنَ الانحرافات ماهو معلومٌ؛ إذ السُنِّي مَن اجتمعت فيه خصال السُنَّة لا بعضها.
قال الإمام البربهاري ـ رحمه الله ـ :" ولا يَحِل لرجلٍ أن يقول:  فلانٌ صاحب سُنَّةٍ حتى يَعلم أنه قد اجتمعت فيه خصال السُنَّة؛ فلا يقال له صاحب سُنَّةٍ حتى تجتمع فيه السُنَّة كلها"،"شرح السُنَّة".
قال الشيخ النجمي ـ رحمه الله ـ معلقًّا:" إنَّ صاحب السُنَّة هو مَن سلَّمه الله عز وجل مِن هذه الأهواء،وكان آخذًا بالسُنن التي جاءت عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وعن أصحابه على طريقة المُحَدثين،ومَن قلدهم مِنَ العوام، وقد ذَكر البربهاري ـ رحمه الله ـ أنَّ صاحب السُنَّة هو:" مَنِ اجتمعت فيه خصال السُنَّة " بأن يكون سليمًا مِنَ الأهواء المذكورة جميعًا"،"إرشاد الساري إلى توضيح شرح السُنَّة للإمام البربهاري".
2ـ أنَّ في الساحة كثيرًا مِنَ الحزبيين ـ ممَن الحاجة مُلِحة لبيان فتنتهم مِن أصحاب الحزبية المغلفة - لم نسمع منهم بيانًا لحالهم، ولا نصرةً لمَن صدع بالحق في شأنهم، كحزبية الجابري،والعدني،وقواعد "إبانة" محمد الإمام ... وغير ذلك مِنَ الفتن وأصحابها الذين ينشرون الانحرافات في أوساط المنهج السَّلفي باسم السَّلفية وانتشرت فتنتهم في أكثر البلدان ويحاربون مَن نَصح ببيان فتنتهم.
3 ـ رضاهم بالبقاء في عضوية هذه الشبكة مع وجود المبهمين والمجاهيل والمتسترين بالكنى والألقاب غير المعروفة الذين يسلكون مسلك الحزبيين بتخفِّيهم مخالفين بذلك أصلاً أصيلاً للمنهج السَّلفي سعى في تحقيقه أَهلالسُنَّة سلفاً وخلفاً ولاقوا مِن أجله أشد العناء ورحلوا وطافوا البلدان وعادوا أعز الناس في سبيله ألا وهو منهج التصفية والتميز.
 وشبكةٌ يكتب فيها مثل هذه الأصناف،يَجِب هجرانها،وفي البقاء فيها إقرارٌ لهذا المسلك الحزبي المشين. و" الرضا بالفعل كالفعل إثابةً وإثمًا وإن تجرد عن العمل".
4 ـ إشادتهم ببعض المجاهيل وبكتاباتهم،ونقلهم عنهم،ولا يخفى مافي ذلك مِن تمكينهم لهؤلاء المجهولين مِن أمور الدعوة في أصعب مجالاتها وهو الردود العِلمية،وما في ذلك مِن تكدير صفاء الدعوة،وتكثير سوادهم ولا مبرر شرعي لذلك غير كونهم
يوافقونهم.
5 ـ وهم بقبولهم ونشرهم لردود المجهولين يصادمون نصوص الشرع القطعية الموجبة للتوقف في أخبار أَهل الفسق وما يَلحق بهم كالمجهولين بجامع عدم تحقق وصف العدالة فيهم،ومُؤدى هذا التوقف الرد كما هو معلومٌ،وفي هذا جنايةٌ على التثبت الشرعي ومنهج السَّلف في تلقي الأخبار،قال تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ} والله الموفق".اهـ
وهذا الكلام حُجَّةٌ عليه في الحقيقة؛لأنه يثني ويخالط بعض الطاعنين في الشيخ الألباني - رحمه الله -، كحسام البُوعزي التونسي ،وساكتٌ عن بعض كتاب الآفاق،الطاعنين فيه أيضًا،وحقيقة منهج القوم الطعن في جميع علماء السُنَّة، الذين أخطأؤا في بعض هاته المسائل. 
وقد يقول قائلٌ : قد فاته ذلك،فأقول:كَيف يفوته ذلك،وهو الناقد البصير،وهذا الكلام مستفيضٌ عن القوم،لكن الأمر كما قال الله تعالى:{تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ ۗ} [البقرة:118].
فهذه القرائن تدل على رِضى يوسف بهذه الطعون الفاجرة،التي رَدها أَهل العِلم،ومِن ذلك أيضًا مِمَن كانت الحاجة ماسةٌ لبيان باطله في شرق البلاد،أقصد التكفيري بدر الدين مناصرة،وهو مِن أشد الناس طعنًا في المجدد الألباني - رحمه الله -،ولم يتكلم فيه ولو بكلمة.
وقد يَسَّر الله تعالى عليَّ برد تخرصاته في" التنبيهات الجلية "،و " تراجعٌ مشبوهٌ مِن متعالمٍ معتوهٍ "،ولله الحمد.
ثالثًا: أنَّ اجتماع الكلمة يكون على الحق،كما أمرنا الله تعالى:{وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا} الآية.[ آل عمران:103]،فكيف نجتمع مع مَن هذه حاله ؟! أنجتمع معه على الكذب والتلبيس،والطعن في علماء السُنَّة .
فإمَّا أن يترك هو باطله،فنجتمع على الحق،أو نَترُك نحن الحق - عياذا بالله - ونجتمع معه على الباطل،وهذا لن يحدث بإذن الله،وحتى إن اجتمعنا معه على الباطل ،فإنَّ الله سيُقيِّض مَن يَكشف باطلنا جميعًا،قال الله تعالى:{فَإِن يَكْفُرْ بِهَا هَٰؤُلَاءِ فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْمًا لَّيْسُوا بِهَا بِكَافِرِينَ}[ الأنعام:89].
ولأنََّ النَّبي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ أَخبَر أنَّ أُمَّته لا تجتمع على ضلالة.
رابعًا:ينبغي إحسان الظن بالإخوة الناصحين،خصوصًا إذا أقاموا البراهين والحُجج،على المخالفين؛لما في ذلك مِن الخير،المتمثل في قَبول الحق وظهوره.
وإذا تَبين الغلو والشطط،وإسقاط النَّاس بدون حق،مِن شخصٍ أو جماعةٍ بأسرها،فإنهم ينصحون بترك ذلك،وإلا يُحَذر منهم؛لما في ذلك مِن البَغي،وضياع الحق وانطماسه.
والمصادمون ليوسف مِن أَهل الحق،قد أقاموا البراهين على انحرافه وزيغه،فيجب قَبول ذلك لمَن بُيِّن له.
خامسًا:عدم العصمة مُسِّوغٌ للحكم على يوسف بما يستحقه،ولا يعني ذلك التَّمترس خَلف هذه العبارة،للتملص والتهوين مِن شأن هذه الأخطاء،فهي والله جِدُّ خطيرةٍ؛لانها تفضي إلى الطعن في علماء السُنَّة الذين أخطاؤا في بعض مسائل الإيمان.
قال الشيخُ علاءُ الدين، علي بن إسماعيل القونوي كما ذَكره العلاَّمة البقاعي في مصرع التصوف (2/66) كما في "تنزيه السلفية"(ص 40) ط/ مكتبة دار الحديث بدماج:" إنما نؤوِّلُ كلام مَن ثبتت عصمتُهُ، حتى نَجمع بين كلاميه، لعدم جواز الخطإ عليه، وأمَّا مَن لم تثبتْ عصمتُه، فجائزٌ عليه الخطأ، والمعصية، والكفر، فنؤاخذه بظاهر كلامه، ولا يُقبل منه ما أوَّلَ كلامه عليه، ممَّا لا يحتمله، أو ما يخالف الظاهر وهذا هو الحقُّ". اهـ
سادسًا:قد تَقدم الكلام على فضل يوسف العنابي،فلا حاجة لإعادته،وأمَّا الصدع بالحق فيكون مع الموافق والمخالف سواءً،فهو يثني على خالد بن عَبُّودٍ الحَضرمي على ماعنده مِن أخطاءٍ،ويقول أنه على خيرٍ،والكلام منشورٌ في صفحة دروسه في الفيسبوكبتاريخ 19محرم عام 1483هجري.
وكان عليه أن يَلزَم قول الله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَىٰ أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ ۚ إِن يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَىٰ بِهِمَا ۖ فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَىٰ أَن تَعْدِلُوا ۚ وَإِن تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا}[ النساء:135]
قال ابن كثير ـ رحمه الله ـ في تفسير هذه الآية(ج2 ص283) ط/دار ابن حزم:" يَأمُر تعالى عباده المؤمنين أن يكونوا قوامين بالقسط ،أي بالعدل،فلا يعدلوا عنه يمينًا ولا شمالاً ولا تأخذهم في الله لومة لائمٍ،ولا يصرفهم عنه صارفٌ،وأن يكونوا متعاونين متساعدين متعاضدين متناصرين فيه .
وقوله :{شُهَدَاءَ لِلَّهِ} كمَا قَالَ:{وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ[الطلاق:2] أي : ليكن أداؤها ابتغاء وجه الله،فحينئذٍ تكون صحيحةً عادلةً حقًّا، خاليةً مِنَ التحريف والتبديل والكتمان؛ولهذا قال:{وَلَوْ عَلَىٰ أَنفُسِكُمْ } أي : اشهد الحق ولو عاد ضررها عليك وإذا سُئلت عن الأمر فقل الحق فيه،وإن كان مَضرة عليك،فإنَّ الله سَيضجعل لمَن أطاعه فرجًا ومخرجصا مِن كُلِّ أمرٍ يضيق عليه .
وقوله:{أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَأي:وإن كانت الشهادة على والديك وقرابتك،فلا تُراعهم فيها،بل اشهد بالحق وإن عاد ضررها عليهم، فإنَّ الحق حاكمٌ على كُلِّ أحدٍ،وهو مقدم على كُلِّ أحد .
وقوله:{إِن يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَىٰ بِهِمَاأي:لا ترعاه لغناه،ولا تشفق عليه لفقره،الله يتولاهما،بل هو أولى بهما منك،وأَعلم بما فيه صلاحهما.
وقوله:{فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَىٰ أَن تَعْدِلُوا} أي:فلا يحملنكم الهوى والعصبية وبغْضَة الناس إليكم،على ترك العدل في أموركم وشئونكم،بل الزموا العدل على أي حالٍ كان،كما قال تعالى:{وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَىٰ أَلَّا تَعْدِلُوا} [ المائدة : 8 ].
ومِن هذا القبيل قول عبد الله بن رواحة،لمَّا بعثه النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يَخْرِص على أَهل خيبر ثمارهم وزروعهم،فأرادوا أن يُرْشُوه ليرفق بهم،فقال:والله لقد جئتكم مِن عند أحب الخلق إليَّ،ولأنتم أبغض إليَّ مِن أعدادكم مِنَ القردة والخنازير،وما يحملني حُبي إياه وبغضي لكم على ألا أعدل فيكم .
 فقالوا:بهذا قامت السماوات والأرض .
 وسيأتي الحديث مسندًا في سورة المائدة،إن شاء الله تعالى .
وقوله:{وَإِن تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا} قال مجاهدٌ وغير واحدٍ مِنَ السَّلف:{تَلْوُوا} أي: تحرفوا الشهادة وتغيروها،"واللَّي"هو:التحريف وتعمد الكذب،قال الله تعالى:{وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقًا يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ}[ آل عمران : 78 ].

و"الإعراض"هو: كتمان الشهادة وتركها،قال الله تعالى:{وَمَن يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ} [ البقرة : 283 ]،وقال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ :(خَيْرُ الشُّهَدَاءِ الَّذِي يَأْتِي بِشَهَادَتِهِ قَبْلَ أَنْ يُسْأَلَهَا) .

 ولهذا توعدهم الله بقوله:فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا} أي:وسيجازيكم بذلك ." اهـ

وقوله جَلَّ ذِكره:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ ۖ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَىٰ أَلَّا تَعْدِلُوا ۚ اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ}[المائدة:8].
قال الشَّيخ عبد الرحمن السَّعدي ـ رحمه الله ـ في تفسيرها(ص218):"أي:{ يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} بما أُمِرُوا بالإيمان به،قوموا بلازم إيمانكم،بأن تكونوا { قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ }،بأن تنشط للقيام بالقسط ،حركاتكم الظاهرة والباطنة.
وأن يكون ذلك القيام،لله وحده،لا لغرضٍ مِنَ الأغراض الدنيوية، وأن تكونوا قاصدين للقسط،الذي هو العدل،لا الإفراط ولا التفريط، في أقوالكم ولا أفعالكم.
وقوموا بذلك،على القريب والبعيد، والصديق والعدو.
{وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ} أي: لا يحملنكم {شَنَآنُ قَوْمٍ} أي: بغضهم،{عَلَى أَلا تَعْدِلُوا} كما يفعله مَنْ لا عَدل عنده ولا قسط .
بل كما تشهدون لوليكم،فاشهدوا عليه،وكما تشهدون على عدوكم فاشهدوا له،ولو كان كافرًا أو مبتدعًا،فإنه يجب العدل فيه،وقبول ما يأتي به مِنَ الحق؛لأنه حق لا لأنه قاله.
، ولا يَرد الحق لأجل قوله،فإن هذا ظلمٌ للحق.
{اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} أي: كلما حرصتم على العدل،واجتهدتم في العمل به،كان ذلك أقرب لتقوى قلوبكم،فإن تم العدل،كملت التقوى.
{إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَاتَعْمَلُونَ} فمجازيكم بأعمالكم،خيرها،وشرها،صغيرها،وكبيرها،جزاءً عاجلاً وآجلاً ".اهـ
وكيف فاته ذلك وهو الناقد الذي لا يشق له غبار،وإلا فالأمر كما قال الله - عز وجل - {وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ[القلم:9]
قال ابن كثيرـ رحمه الله ـ في تفسيره(ج8ص122):"قال ابن عباسٍ: لو تُرخِّص لهم فيُرخِّصون،وقال مجاهدٌ: تركن إلى آلهتهم وتترك ما أنت عليه من الحق".اهـ
وأمَّا قوله في مقالته تلك،أنَّ الطعن في طلبة الشَّيخ طعنٌ في الشَّيخ،ليس بلازمٍ؛لأنَّ مِن طلبة الشَّيخ مَن يَحمِل دعوته،ومنهم مَن يسئ إليها،وهو أكبر مثالٍ على ذلك،والله المستعان.
والشَّيخ يحي ـ حفظه الله ووفقه ـ نفسه مُقِّرٌ بأنه حصل ضَعف بعد الخروج مِن دار الحديث بدماج،وأمَّا قوله الأخير حَول مراكز أهل السُّنة باليمن،أنَّها على خيرٍ وعلى قوةٍ،فيه نظرٌ؛لمَا أبنته أنا وأخونا العربي البسكري،مِن تخبطات أبي بلالٍ الحَضرمي،ودفاع الشَّيخ محمد بن حزامٍ عنه بدون حقٍّ،مع علم الشَّيخ محمد بن عبد الله باجمال بأخطاء أبي بلالٍ.
وأظن أنَّ في هذا القدر كفايةٌ،لمَن أراد الله تبصيره بحال هذا المنحرف عن الجادة السَّلفية،وهو وحده الموفق لاجتناب سبيل المجرمين،وهو حسبنا ونعم الوكيل،والحمد لله رب العالمين.
للاستماع لكلمة العمري أو التنزيل من هنا
                تم الفراغ منه مساء الثلاثاء 27 شعبان سنة 1438هجري
                   كتبه أبو عبد الله إبراهيم بن خالد التبسي الجزائري
                                  في الرباح وادي سوف                                                                   

الأربعاء، 17 مايو 2017

الجامع لخطب ومحاضرات الشيخ سعيد بن دعاس رحمه الله

بسم الله الر حمن الرحيم
الحمد لله رَبِّ العالمين،والصلاة والسلام على نبيه المجتبى،وحبيبه المصطفى،وعلى آله وصحبه ومَن تَلَى.
أمَّا بَعدُ
فهذا جمعٌ لخُطب ومحاضرات الشيخ سعيد ـ رحمه الله ـ،مأخوذٌ مِن شبكة العلوم السَّلفية؛لأجل سهولة الرجوع إليها،والاستفادة منها،أسأل الله تعالى أن ينفع بها،للتنزيل من هنا

كونوا قوامين بالقسط

بسم الله الرحمن الرحيم 
الحمد لله رَبِّ العالمين،والعاقبة للمتقين،ولا عدوان إلا على الظالمين،وصلى الله وسَلَّم على نبينا الأمين ،وعلى آله وصحبه أجمعين.
أمَّا بَعدُ
فقد أَرسَل إليَّ أخونا عَلَم السوداني ـ حفظه الله ـ،هذه الخُطبة للشيخ الفاضل وليد بن فَضل المَولى ـ حفظه الله ـ،وهي عبارةٌ عن خُطبة جُمعةٍ بعنوان "كونوا قوامين بالقسط"،ألقيت بتاريخ 22 ربيع الثاني سنة 1438هجري، أسأل الله أن ينفع بها، للاستماع أو التنزيل من هنا

الخميس، 27 أبريل 2017

مسائل شرعية في الاحتفال بالأعياد غير الإسلامية

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده،والصلاة والسلام على مَن لا نَبي بعده،وعلى آله وصحبه وسَلَّم تسليمًا كثيرًا
أمَّا بَعدُ
فقد أرسَل إلي أخونا عَلم السُّوداني،هذه الرسالة الطيبة للشيخ مُحمد بن إبراهيم المصري ـ حفظه الله ـ،وهي بعنوان:" مسائلٌ شرعيةٌ في الاحتفال بالأعياد غَير الإسلامية "،فرأيت إعادة نشرها؛لما فيها مِنَ الفائدة والله الموفق،للتنزيل أو التصفح من هنا

السبت، 22 أبريل 2017

الرد القويم على مخالفات أبي عمرو عبد الكريم

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رَبِّ العالمين،والصلاة والسلام على نبيه الأمين، وعلى آله وصحبه الغُر الميامين،وعلى التابعين بإحسانٍ إلى يوم الدين.
أمَّا بَعدُ
فهذا تعزيزٌ لمَا بينه أخونا الفاضل وليد بن فضل المولى السُّوداني ـ حفظه الله ـ، لمَّا رأيت اللغط قد كَثُر، حَول هذه المسألة وهي بيان حِزبية عبد الكَريم الحجوري،والنَّاس فيها بين مُشتبهٍ عليه الأمر وبين مُلبِسٍّ،راجيًّا مِنَ الله تعالى أن أكون قد وُفِّقت لوضع الأمور في نِصابها،للتنزيل أو التصفح من هنا

الاثنين، 17 أبريل 2017

إتحاف الأحباب بزجر يوسف بن العيد العنابي الكذاب

بسم الله الرحمن الرحيم

الحَمد لله الكَريم،رَبِّ العرش العظيم،والصلاة والسلام على نبيه محمدٍّ،وعلى آله وصحبه وسلم.

أمَّا بَعدُ
فقد أفادني أخي سَعدان المَسعدي الجلفاوي - حفظه الله -،بمنشورٍ وهو عبارةٌ عن سؤالٍ وُجِّه ليوسف بن العيد العنابي،يَتعلق بخَبَر سجنه في الجزائر،وهو منشورٌ في صفحة التَّيمي أبي عبد الرحمن في الفيسبوك،بتاريخ 28جمادى الآخر عام 1438هجري،وهذا نصه ونص جواب يوسف.
سئل أبو حاتمٍ الجزائري:سَمِعنا أنك ستسجن يوم الأحد فهل هذا صحيحٌ؟
فأجاب:يقول الله تعالى:{وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ}
ويقول سبحانه:{الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ}.
فإنا لله وإنا إليه راجعون،وحَسبُنا الله ونِعم الوكيل. 
ولسنا أَوَّل مَن سُجن أو أوذي في الله؛فهذه سنة الله تعالى أنه يبتلي عباده حتى يعلم الصابر ممَن يعبده على حرفٍ.
{الم * أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ۖ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ}.
فأسأل الله أن يجعلنا ممَن إذا ابتلي صَبر ورَضي بقضاء الله وأقبل عليه سبحانه،وأن يَجعل سجننا خلوة تزيدنا إلى الله قربة،وأن يجعلنا في عافية في ديننا وصحتنا. 
فقد اتُّهمنا بما نحن منه براءٌ،ثُم حُكم علينا بالحبس الاحتياطي إلى حين يصدر الحكم النهائي،وسيتم تنفيذ الحكم بالسجن يوم الأحد قبل الظُّهر.
والحمد لله على كل حالٍ،راضون بقضاء الله سبحانه،وأدعو إخواني أَهل السُنة أن يقبلوا على الله الذي بيده ملكوت السموات والأرض بالدعاء أن يحفظ هذه الدعوة وأهلها،وأن يفرج عنا ويكشف كربنا،وأن ينتقم ممَن مَكر بي مِنَ الحزبيين وممَن كان ينقل أخباري كذبا ومَن آواه على فتنته عليَّ،{وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ}.
ونسأل الله الذي بيده قلوب العباد يُصِّّرفها كيف شاء،أن يُظهر الحق ويحفظ أهله،وأن يصرف عنا هذا السجن وظلمته؛فهو على كل شيءٍ قديرٍ وبيده الأمر كله (فإن الأُمَّةَ لَوْ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ،وَلَوْ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَضُرُّوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ،رُفِعَتِ الأَقْلَامُ وَجَفَّتْ الصُّحُفُ)
وندعو أهل السُنة بالثبات على السُنة وطلب العلم النافع والدعوة إلى سبيل الله،والصبر على الأذى فيه؛فإن ذلك سبيل الفلاح في الدنيا والآخرة،قال تعالى:{وَالْعَصْرِ * إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ}.
ونحن - معشر أهل السنة - وإن سَجننا ولاة الأمور؛فإننا لا نعصي الله فيهم ولانجعل ذلك سببا لإثارة الفتن،بل نعتقد طاعة ولاة الأمور المسلمين في المعروف،وندعو الله أن يبصرهم بالحق فيدركوا بأنه لادعوة أحرص على أمن البلاد والعباد من دعوة أهل السُنَّة التي قامت على الكتاب والسُنَّة وما كان عليه السَّلف الصالح،والحَمد لله رَبِّ العالمين. 
كتبه:أبو حاتمٍ يوسف بن العيد الجزائري - فَرَّج الله عنه -
وقد لفت انتباهي وانتباه أخي سَعدان،قول السائل:"سَمِعنا أنك ستسجن يوم الأحد فهل هذا صحيحٌ"،وجواب يوسف:"فقد اتُّهمنا بما نحن منه براءٌ ثُم حُكِم علينا بالحبس الاحتياطي،إلى حين يَصدر الحُكم النهائي،وسيتم تنفيذ الحُكم بالسجن يوم الأحد قبل الظُّهر".اهـ
ومعلومٌ أنَّ الحََبس الاحتياطي،لا يَعلم به صاحبه إلاَّ بعد مُثوله أمام وكيل الجمهورية،فيقرر إمَّا حبسه احتياطيًّا إلى غاية محاكمته،أو يوجه له استدعاءً مباشرًا لحظور جلسة المحاكمة.
وهذا استخفافٌ منه بعقل السائل،فكيف يُخبِره بأنه في السِّجن الاحتياطي،وهو أمامه يجيبه،إن لم يكن هو الذي صاغ هذا السؤال وأجاب عنه.
وتأمل قوله:"ولسنا أول مَن سُجن"وكأن الرَّجل يتكلم مِن داخل السجن،وإذا كان يَتكلم مِن السجن،فكيف وَصل إليه السائل؟وهذا تهويلٌ منه وتضخيمٌ للأمر،واستعطافٌ للنَّاس كعادته،وأظن أنَّ الأمر لا يعدو أن يكون قَد استُدعي لحضور جلسة المحاكمة،فقد يُحكَم عليه وقد يُبرأ.
وكذا قوله في آخر المنشور:"كتبه أبو حاتمٍ"ويتضح منه أنه ليس سؤالاً شفويًّا،وإلا لقال صاحبه:"أملاه أبو حاتمٍ"،وهذا ممَّا يُقَّوي الخَلل في هذه الحكاية،وعلى القول بأنه سُئِل كتابيًّا،فمِن أين دخل إليه السؤال؟وِِمِِن أين خََرج مِن عنده الجَواب؟.
وأقول مجددًّا،أنَّ الرَّجل بَلغ به الاستخفاف بعقول النَّاس مبلغًا كبيرًا،في تصرفاتٍ لا تنطلي على أغبياء النَّاس فضلاً عن نُبهائهم،بدون حياءٍ ولا خوفٍ مِنَ الله - عَزَّ وجَلَّ -،وقد تَخفى هاته الأمور عن بعض إخواننا خارج الجزائر؛بسبب عدم  علمهم بالإجراءات القضائية هنا.
وما هذا إلا دليلٌ على بواره وكساد سِلعته،ويُعتَبر هذا شرحٌ لدعوته.
أسأل الله - تعالى - أن يقينا مزالق السُّوء،وأن يصرف عنا الفتن ما ظهر منها وما بطن،وصلى الله على نبينا مُحمدٍّ وعلى آله وصحبه وسلم.
                     تم الفراغ منه يوم الإثنين20رجب عام1438هجري
                       كتبه أبو عبد الله إبراهيم بن خالد التبسي الجزائري 
                                في الرباح وادي سوف