بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله،الذي حبَّب إلي قراءة وحفْظ ودراسة،حديث رسول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ والصلاة والسلام على خيْر خلق الله،محمد بن عبد الله،وعلى آله وصحبه،والتابعين لهم بإحسانٍ،إلى يوم الدين.
أمَّا بعْدُ
فهذه بعض الأحاديث الضعيفة والمنكرة،في سبب نزول قول الله تعالى : { نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ } . التي وقَفْت عليها،وكان أوَّلُها،أثناء قراءتي في كتاب " أداب الزفاف " ط/دار السلام للعلاَّمة الألباني ـ رحمه الله ـ (ص100ـ 103)،بابٌ كيف يأتي الرجل المرأة،وباب تحريم الدُّبر، تبيَّن لي نكارة حديث ابن عباسٍ ـ رضي الله عنهما ـ قال : جَاءَ عُمَرُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ ،فَقَالَ هَلَكْتُ،قَالَ : ( وَمَا أَهْلَكَكَ ) قَالَ : حَوَّلْتُ رَحْلِي البَارِحَةَ،قَالَ : فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ شَيْئًا،قَالَ : فَأُنْزِلَتْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ هَذِهِ الْآيَةَ {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} [البقرة : 223]،(أَقْبِلْ وَأَدْبِرْ وَاتَّقِ الدُّبُرَ وَالْحَيْضَةَ) .
أخرجه أحمد(2703)ط/بيت الافكار الدولية،والترمذي ـ تحفة ـ (ج7ـ 2980)ط/دار الحديث بالقاهرة،وحسَّنه واللفظ له،والبيهقي(13687)ط/دار المعرفة،والطبراني في "الكبير"(12317)،والواحدي في "أسباب النزول"(ص 52)ط/دار الفجر الإسلامي . وفي إسناده جعفر بن أبي المُغيرة،قال الحافظ في " التقريب "(960ص143)ط/دار الرسالة : "صدوقٌ يهم". اهـ وضعَّفه ابن مندة وأبوزرعة الرازي ـ رحمهما الله ـ في روايته عن سعيد بن جبيرٍ وهذه منها .
وهو معارضٌ بما روَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَابِطٍ. قَالَ : دَخَلْتُ عَلَى حَفْصَةَ ابْنَةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ،فَقُلْتُ : إِنِّي سَائِلُكِ عَنْ أَمْرٍ وَإِنَّى أَسْتَحْيِي أَنْ أَسْأَلَكَ عَنْهُ ؟ فَقَالَتْ : لَا تَسْتَحْيِي يَا ابْنَ أَخِي،قَالَ : عَنْ إِتْيَانِ النِّسَاءِ فِي أَدْبَارِهِنَّ ؟ قَالَتْ : حَدَّثَتْنِي أَمُّ سَلَمَةَ : أَنَّ الْأَنْصَارَ كَانُوا لَا يَجُبُّونَ النِّسَاءَ،وَكَانَتِ الْيَهُودُ تَقُولُ : إِنَّهُ مَنْ جَبَّى امْرَأَتَهُ كَانَ وَلَدَهُ أَحْوَلَ،فَلَمَّا قَدِمَ الْمُهَاجِرُونَ الْمَدِينَةَ نَكَحُوا فِي نِسَاءِ الْأَنْصَارِ فَجَبُّوهُنَّ،فَأَبَتِ امْرَأَةٌ أَنْ تُطِيعَ زَوْجَهَا،وَقَالَتْ : لَنْ تَفْعَلَ ذَلِكَ حَتَّى آتِيَ رَسُولَ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ ، فَدَخَلَتْ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لَهَا،فَقَالَتِ : اجْلِسِي حَتَّى يَأْتِيَ رَسُولُ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ،فَلَمَّا جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ اسْتَحَتِ الْأَنْصَارِيَّةُ أَنْ تَسْأَلَهُ،فَخَرَجَتْ،فَحَدَثَتْ أَمُّ سَلَمَةَ رَسُولَ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ فَقَالَ : (ادْعِي الْأَنْصَارِيَّةَ)،فَدُعِيَتْ فَتَلَا عَلَيْهَا هَذِهِ الْآيَةَ : { نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} ( صِمَامًا وَاحِدًا ).
أخرجه الإمام أحمد(27136 ـ 27178 ـ 27233)،واللفظ له،الترمذي ـ تحفة ـ(ج7ـ 2979)مختصرًا،وصححه،والدارمي (1119)ط/دار الكتاب العربي،والبيهقي(13668ـ 13669)،والطبراني في "الكبير"(837)،مِن طريق معمر،عن ابن خثيمٍ،عن صفية بنت شيبة،عن أم سلمة به مرفوعًا،وهو كذلك في مسند أحمد(26103)ط/دار إحياء التراث العربي،قال عبد الله بن أحمد "قال أبي : وفي موضعٍ آخر معمر،عن ابن خثيم،عن صفية بنت شيبة،عن أم سلمة". اهـ والخَلل فيه مِن معمر؛لأنَّه اضطرب فيه،فتارة يرويه كرواية الثقات،وهيب بن خالدٍ عند الدارمي وأحمد،وسفيان الثوري عند أحمد،وتارة يخالفهم،كما عند أحمد في موضعٍ والطبراني في "الكبير"،والله تعالى أعلم . والحديث صحَّح إسناده الشيخ الألباني في " أداب الزفاف "على شرط مسلمٍ،لكنَّه حسنٌ فقط؛لحال عبد الله بن عثمان بن خثيمٍ،قال الحافظ في "التقريب"(3466ص411) : "صدوقٌ ". اهـ
ووَجْه النكارة هو : أنَّ عُمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ رجلٌ مِنَ المهاجرين،وهم معروفون بتجبية النساء، فكيف يُنكر ذلك ؟!
تنبيهٌ : ذكر الإمام الوادعي ـ رحمه الله ـ في " الصحيح المسند مِن أسباب النزول "(ص42)،ط/دار الإمام مالكٍ،أنَّ ظاهر حديث أم سلمة،يخالف حديث جابر في " الصحيحين " كَانَتِ اليَهُودُ تَقُولُ: إِذَا جَامَعَهَا مِنْ وَرَائِهَا جَاءَ الوَلَدُ أَحْوَلَ، فَنَزَلَتْ: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} [البقرة: 223] ". ولأنَّ حفصة بنت عبد الرحمن،لم يوثقها إلا ابن حبانٍ والعجلي،وهما متساهلان.
ولا أدري ما وَجْه المعارضة؛لاحتمال نزول الأية في السببين؛لإبطال زعم اليهود،ولتنبيه الأنصار على خطئهم في متابعتهم لليهود . وفي حديث أم سلمة ما يشير إلى ذلك ألا وهو قولها : " وكانت اليهود تقول : إنه مَن جَبى امراته كان ولده أحول ". وقد جاء التطابق بين معاني بعض ألفاظ حديث جابر،وحديث أم سلمة ـ رضي الله عنهما ـ قال الحافظ في " الفتح "(ج8ص241)ط/دار الفيحاء : "... فقد أخرجه الإسماعيلي مِن طريق يحيى بن أبي زائدة عن سفيان الثوري بلفظ (باركةٌ مدبرةٌ في فرجها مِن ورائها) وكذا أخرجه مسلمٌ مِن طريق سفيان بن عيينة عن ابن المنكدر بلفظ (إذا أتيت امرأة مِن دبرها في قبلها ). ومِن طريق أبي حازمٍ عن ابن منكدر بلفظ (إذا أتيت المرأة مِن دبرها فحملت) وقوله " فحملت " يدل على أنَّ مراده أنَّ الإتيان في الفرج لا في الدبر ".اهـ المراد
وأمَّا حفصة بنت عبد الرحمن،فقد ذكرها ابن حبانٍ في "الثقات"،ووثقها العجلي كما في " لسان الميزان "(ج7ص533)ط/دار الفكر. وروى عنها جمعٌ،وأخرج لها مسلمٌ في الصحيح،وهذا يعَد توثيقًا لها.
ولحديث أم سلمة شاهد عن ابنِ عباسٍ قال : إِنَّ ابْنَ عُمَرَ ـ وَاللَّهُ يَغْفِرُ لَهُ ـ أَوْهَمَ،إِنَّمَا كَانَ هَذَا الْحَيُّ مِنْ الْأَنْصَارِ ـ وَهُمْ أَهْلُ وَثَنٍ
ـ مَعَ هَذَا الْحَيِّ مِنْ يَهُودَ ـ وَهُمْ أَهْلُ كِتَابٍ ـ وَكَانُوا يَرَوْنَ لَهُمْ فَضْلًا عَلَيْهِمْ فِي الْعِلْمِ،فَكَانُوا يَقْتَدُونَ بِكَثِيرٍ مِنْ فِعْلِهِمْ،وَكَانَ مِنْ أَمْرِ أَهْلِ الْكِتَابِ أَنْ لَا يَأْتُوا النِّسَاءَ إِلَّا عَلَى حَرْفٍ،وَذَلِكَ أَسْتَرُ مَا تَكُونُ الْمَرْأَةُ،فَكَانَ هَذَا الْحَيُّ مِنَ الْأَنْصَارِ قَدْ أَخَذُوا بِذَلِكَ مِنْ فِعْلِهِمْ،وَكَانَ هَذَا الْحَيُّ مِنْ قُرَيْشٍ يَشْرَحُونَ النِّسَاءَ شَرْحًا مُنْكَرًا،وَيَتَلَذَّذُونَ مِنْهُنَّ مُقْبِلَاتٍ وَمُدْبِرَاتٍ وَمُسْتَلْقِيَاتٍ. فَلَمَّا قَدِمَ الْمُهَاجِرُونَ الْمَدِينَةَ تَزَوَّجَ رَجُلٌ مِنْهُمْ امْرَأَةً مِنَ الْأَنْصَارِ،فَذَهَبَ يَصْنَعُ بِهَا ذَلِكَ،فَأَنْكَرَتْهُ عَلَيْهِ،وَقَالَتْ إِنَّمَا كُنَّا نُؤْتَى عَلَى حَرْفٍ فَاصْنَعْ ذَلِكَ وَإِلَّا فَاجْتَنِبْنِي،حَتَّى شَرِيَ أَمْرُهُمَا،فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ ،فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} أَيْ : مُقْبِلَاتٍ،وَمُدْبِرَاتٍ،وَمُسْتَلْقِيَاتِ،يَعْنِي بِذَلِكَ مَوْضِعَ الْوَلَدِ.
أخرجه أبو داود (2164) واللفظ له،والحاكم(2845)،ط/دار المعرفة،وقال : " صحيحٌ على شرط مسلمٍ،ولم يخرجاه بهذه السياقة،إنَّما اتفقا على حديث ابن المنكدر عن جابرٍ في هذا الباب".اهـ وهذا مِن أوهامه؛لأنَّ عبد العزيز بن يحي وأبان بن صالحٍ،ليسا مِن رجال مسلمٍ،والبيهقي (13670)مِن طريقه،وقال : " ورواه أيضا عبد الرحمن بن محمدٍ المحاربي عن محمد بن إسحاق سمع أبان بن صالحٍ فذكره بمعناه وقال : (بَعْدَ أَنْ يَكُونَ فِي الْفَرْجِ)،فأُمِن ما يخشى مِن تدليس محمد بن إسحاق،والطبراني في "الكبير"(11097)،وفي إسناده : عبد الرحمن بن محمدٍّ المحاربي مدلسٌّ وقد عنعن،لكنه صرح بالتحديث عند ابن جريرٍ في "التفسير"(ج 2ص486)ط/دار الفكر،وهو مع ذلك متابعٌ بمحمد بن سلمة عند أبي داود،والحاكم ،والواحدي في "أسباب النزول"(ص51)،ووقع في إسناده أبان بن مسلمٍ وهو خطأٌ صوابه أبان بن صالحٍ. والحديث حسَّن إسناده الشيخ الألباني ـ رحمه الله ـ في " أداب الزفاف "
(ص101)،وبهذا فإنَّ الحديث بمجموع طريقيه،صحيحٌ لغيره . قال الحافظ ابن كثيرٍ في " تفسيره" (ج1ص486)ط/دار ابن الجوزي : " تفرد به أبو داود،ويَشهد له بالصحة ما تقدم مِنَ الاحاديث،ولا سيما رواية أم سلمة،فإنها مشابهة لهذا السياق ".اهـ وما قاله ليس بصوابٍ؛لأنَّ الأحاديث السالف ذكرها عنده،عدا حديث أم سلمة،لا تصلح في الشواهد،ومنها حديث ابن عباسٍ عن عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنهما ـ منكرٌ وهذا الحديث علَّةٌ له،وسيأتي بيان عللها بإذن الله .
وله شاهدٌ مِن حديث ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ أيضًا عن كعب بن علقمة عن أبي النضر أنه أخبره أنه قال لنافعٍ : مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَدْ أَكْثَرَ عَلَيْكَ الْقَوْلَ أَنَّكَ تَقُولُ عَنِ ابْنِ عُمَرَأَنَّهُ أَفْتَى بِأَنْ يُؤْتَى النِّسَاءُ فِي أَدْبَارِهِنَّ قَالَ نَافِعٌ : لَقَدْ كَذَبُوا عَلَيَّ،وَلَكِنِّي سَأُخْبِرُكَ كَيْفَ كَانَ الْأَمْرُ إِنَّ ابْنَ عُمَرَ عَرَضَ الْمُصْحَفَ يَوْمًا،وَأَنَا عِنْدَهُ حَتَّى بَلَغَ { نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ } قَالَ : يَا نَافِعُ هَلْ تَعْلَمُ مَا أَمْرُ هَذِهِ الْآيَةِ إِنَّا كُنَّا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ نُجَبِّي النِّسَاءَ،فَلَمَّا دَخَلْنَا الْمَدِينَةَ وَنَكَحْنَا نِسَاءَ الْأَنْصَارِ أَرَدْنَا مِنْهُنَّ مِثْلَ مَا كُنَّا نُرِيدُ مِنْ نِسَائِنَا،فَإِذَا هُنَّ قَدْ كَرِهْنَ ذَلِكَ وَأَعْظَمْنَهُ،وَكَانَتْ نِسَاءُ الْأَنْصَارِ إِنَّمَا يُؤْتَيْنَ عَلَى جُنُوبِهِنَّ،فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى{ نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ } .
أخرجه النسائي (7738) ط/دار الكتب العلمية،بإسنادٍ حسنٍ، فيه عبد الله بن سليمان الطويل صدوقٌ يخطئ،كما في "التقريب"(3370ص399)،وكعب بن علقمة صدوقٌ " التقريب "(5644ص645)،والطحاوي في " شرح معاني الآثار" (5357)ط/دار الكتب العلمية،وابن مردويه كما في تفسير ابن كثيرٍ (ج1ص388)،وفي إسناده عبد الله بن عياشٍ،ضعيفٌ يصلح في الشواهد والمتابعات،وقد تُوبع بعبد الله بن سليمان الطويل عند النسائي . ويحمل كُل ما جاء عن ابن عمرٍ في إتيان النساء في أدبارهن على هذا .
أخرجه أحمد(2414)،وفي إسناده : رِشدين بن سعدٍ شديد الضعف
3) ما رُوِّي عن ابن عباسٍ أيضًا أَنَّ أُنَاسًا مِنْ حِمْيَرَ أَتَوُا النَّبِيَّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ يَسْأَلُونَهُ عَنْ أَشْيَاءَ،فَقَالَ رَجُلٌ مِنْهُمْ : إِنِّي أُحِبُّ النِّسَاءَ،وَأُحِبُّ أَنَ آتِيَ امْرَأَتِي مُجَبِّيَةً فَكَيْفَ تَرَى فِي ذَلِكَ ؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : { نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ }،فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ : (ائْتِهَا مُقْبِلَةً،وَمُدْبِرَةً إِذَا كَانَ ذَلِكَ فِي الْفَرْجِ).
أخرجه الطبراني في " الكبير"(12810)،واللفظ له،وفي إسناده : بكر بن سهلٍ الدمياطي،ضعفه النسائي وفي" الاوسط "(3307)،وقال : " لم يرو هذا الحديث عن يزيد بن أبي حبيبٍ إلا ابن لهيعة ". اهـ وأخرجه ابن جربرٍ في " تفسيره "(ج2ص488 ـ 489)،وابن أبي حاتمٍ في " تفسيره "(2130)ط/مكتبة نزار مصطفى الباز،من طريق عبد الله بن لهيعة أيضًا،وهو ضعيفٌ مختلطٌ،لا يحتمل التفرد .
4) ما رُوَّي عن أبي سعيدٍ الخُدري أَنَّ رَجُلًا أَصَابَ امْرَأَتَهُ فِي دُبُرِهَا،فَأَنْكَرَ النَّاسُ ذَلِكَ عَلَيْهِ،وَقَالُوا : أَتُعَزِّبُهَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : { نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ } .
أخرجه الطحاوي في " شرح مشكل الأثار" (2822 ـ 5347)،وفي إسناده : عبد الله بن نافع الصائغ،لَين الحديث،ويعقوب بن حميد بن كاسب،قال الحافظ في " التقريب "(7815ص865) : "صدوقٌ ربما وهم ".اهـ وأبو يعلى (1065)ط/دار المأمون،وفي إسناده : الحارث بن سريج،ضعيفٌ جدًّا،وقد خالفهما يونس بن عبد الأعلى عند ابن جرير في " التفسير"(ج2ص485 ـ 486)،فأرسله وبالتالي فإنَّ وصله شاذٌ عند الطحاوي،ومنكرٌعند أبي يعلى،وهو مع إرساله فيه ضعفُ عبد الله بن نافع . وقول ابن كثير ـ رحمه الله ـ رواه ابن جرير عن يونس ويعقوب به،يوهم أنه مِن طريق يونس موصولًا وليس كذلك . وأمَّا رواية يعقوب فلم أجدها عند ابن جريرٍ،والله تعالى أعلم .
5)ما ذكِر عن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ أَنَّ رَجُلًا أَتَى امْرَأَتَهُ فِي دُبُرِهَا،فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَوَجَدَ مِنْ ذَلِكَ وَجْدًا شَدِيدًا،فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى : { نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ } .
أخرجه النسائي (7741)،وقال : " خالفه ـ يقصد سليمان بن بلالٍ ـ هشام بن سعدٍ فرواه عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار". اهـ وهشام بن سعدٍ،ثبتٌ في زيد بن أسلم،كما قال أبوداود،وأخرجه الطحاوي في " شرح مشكل الأثار" (5346)،وابن جريرٍ في "تفسيره "(ج2ص485)،وقال أبوحاتمٍ كما في تفسير ابن كثيرٍ (ج1ص388) : " لو كان هذا عند زيد بن أسلم ، عن ابن عمر لما أولع الناس بنافعٍ ". اهـ وقال ابن كثيرٍ : " وهذا تعليلٌ منه لهذا الحديث . وقد رواه عبد الله بن نافع ، عن داود بن قيس ، عن زيد بن أسلم ، عن عطاء بن يسار ، عن ابن عمر فذكره ". اهـ وهذا إسنادٌ ضعيفٌ؛لحال عبد الله بن نافعٍ الصائغ،وقد تقدم أنَّ الصواب إرساله،والله تعالى أعلم .
ختامًا أحمد المولى عَز وجَل على ما حباني به مِن نعمٍ وهو القائل في كتابه : {وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ} الأية [النحل:53] . ونعمه كثيرةٌ ومتنوعةٌ،كما قال تعالى : {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا} الأية [النحل:53]. و منها نِعمة الصحة والعافية،ونعمة الاسلام والسُنة،ونعمة طلب العلم . وأسأله مزيد توفيقه وإحسانه،إنه ولي ذلك والقادر عليه،وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .
والبحث منسق بصيغة بي دي أف من هنا
والبحث منسق بصيغة بي دي أف من هنا
تم الفراغ منه يوم السبت9 محرم عام 1439 هجري
كتبه أبوعبد الله إبراهيم بن خالدٍ التبسي الجزائري
في الرباح وادي سوف
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق