بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي أمَر بالقسط، ونهانا عن الغَمط، ويسَّر لنا سبُل معرفة الحق، والصلاة والسلام على نبيه الخاتم، خير ولد آدم، وعلى آله وصحبه وسلم.
أمَّا بَعْدُ
فقد وقَفت على كلمةٍ، في تطبيق تيليجرام للمدعو خالد بن عبودٍ الحضرمي. خاض فيها بالباطل كعادته؛ فأزبد وأرعد وتعصب وقلَّد. يدور موضوعها على ما انتقد على الشيخ يحيى ـ وفقه الله ـ مِن استقباله للحسن بن أبي الحسن السليماني المأربي.
وذكَرأنَّ استقبال الشيخ له مِن باب المسايسة، وأنَّ الشيخ في حالة ضُعفٍ، وموقفه منه ومِن أبيه معروفٌ. وذهَب يفند اتخاذ ذلك ذريعةً؛ للطعن في الشيخ. وقَبل البدء في الرد عليه، أذكِّر أنَّ كلامي هذا موجهٌ لمن له عقلٌ، كما يظهَر في العنوان. أمَّا مَن استبدل عقله بعقل غيره،وأصبح يفكر بما يراه، مِن دون عرض أفكاره على الكتاب والسُّنة؛ فلن يزيده كلامي هذا إلا وهنًا. لأنَّ المعرض عن الحق لا يستفيد منه، كما أخبر بذلك الله تعالى: {وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَىٰ رِجْسِهِمْ وَمَاتُوا وَهُمْ كَافِرُونَ } [التوبة: 125]. قال ابن كثيرٍ ـ رحمه الله تعالى ـ في تفسيرها (ج3ص 153) ط/ دار ابن الجوزي: "أي: زادتهم شكَّا إلى شكهم، وريبًا إلى ريبهم، كما قال تعالى : {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ ۙ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا} [ الإسراء: 82 ]. وقال تعالى : {قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ ۖ وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى ۚ أُولَٰئِكَ يُنَادَوْنَ مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ} [ فصلت: 44 ]. وهذا مِن جملة شقائهم أنَّ ما يهدي القلوب يكون سببًا لضلالهم ودمارهم، كما أنَّ سيئ المزاج لو غُذي بما غذي به لا يزيده إلا خبالًا ونقصًا". اهـ وإلى بيان الموقف الشرعي مِن أهل الأهواء؛ كي تقوم الحجة، وتتضح المحجة.
الموقف الشرعي مِن أهل البدع والاهواء
اعلم أخي القارئ، أنَّ لسلفنا الصالح موقفًا ثابتًا مِن أهل الأهواء والبدع، يتمثل في الهجر والزجر والتوبيخ . وهناك استثناءاتٌ وضعها الشارع؛ لأهدافٍ ومصالح عظيمةٍ، كأن يكون صاحب الهوى ذا سلطانٍ وقوةٍ؛ فيجوز مداراته لمصلحة الدين والنفس، قال الله تعالى : {إِلَّا أَن تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً} الآية [آل عمران: 28]. أو يكون أحد الوالدين، قال تعالى : {وَإِن جَاهَدَاكَ عَلَىٰ أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا ۖ وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا ۖ وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ۚ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} [لقمان: 15]. ويجوز نصح ومناظرة أهل البدع، عملًا بقوله تعالى : {ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ۖ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} الآية [النحل: 125]. وقوله تعالى: {وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}الآية [العنكبو: 46]. ويكون ذلك ممَن وجَد مِن نفسه قوةً، حتى يدحَض شبهاتهم؛ فيتوب الله على مَن شاء، وتقوم الحجة، وتتضح المحجة، وينجي الله مَن شاء مِن عباده. أمَّا الذي لا يجِد مِن نفسه قوةً مِن أهل العلم فلا يقدِم على ذلك. وقد ناظر عثمان بن سعيدٍ الدارمي ـ رحمه الله ـ بشر المريسي، وناظر شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ على الشبهات التي أثيرت على رسالته العقيدة الواسطية، بعض علماء عصره، فنصره الله عليهم؛ وعَم بذلك الخير، ورفرت راية العقيدة السَّلفية عاليًا.
ذكر بعض أدلة الكتاب والسُّنة وعمل السلف في التحذيرمِن أهل البدع وهجرهم
وإليك الأدلة مِنَ الكتاب والسُّنة وعمل السَّلف، في التحذير مِن أهل الأهواء، والبعد عنهم وزجرهم. قال الله تعالى : {وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنصَرُونَ } [هود: 113]. عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قَاَلَتْ تَلَا رَسُولُ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ {هُوَ الَّذِي أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ ۖ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ ۗ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ ۗ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا ۗ وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ} [آل عمران: 7]. قَالَتْ: قَالَ: رَسُولُ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ :(إِذَا رَأَيْتُمْ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ سَمَّى اللَّهُ فَاحْذَرُوهُمْ)، أخرجه البخاري ـ فتح ـ (ج8ـ 4547)، ومسلمٌ ـ نووي ـ (ج16ـ 2665)، واللفظ له. وعن أبي الدهماء، قال: سمِعت عمران بن حصينٍ، يحدِّث قال: سمِعت رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: (مَنْ سَمِعَ بِالدَّجَّالِ فَلْيَنْأَ عَنْهُ ، فَوَاللَّهِ إِنَّ الرَّجُلَ لَيَأْتِيهِ وَهُوَ يَحْسِبُ أَنَّهُ مُؤْمِنٌ فَيَتَّبِعُهُ مِمَّا يَبْعَثُ بِهِ مِنْ الشُّبُهَاتِ). أخرجه أحمد (20116ـ 20210) ط/بيت الأفكار الدولية، وأبو داود (4319)، مِن طريقين عن حميد بن هلالٍ، عن أبي الدهماء به، وهو صحيحٌ. وعن أيوب، قال:" قال أبو قلابة: لا تجالسوا أهل الأهواء، ولا تجادلوهم، فإني لا آمن أن يغمسوكم في ضلالتهم، أو يلبسوا عليكم ما تعرفون". أخرجه الفريابي في "القدر" (366) ط/أضواء السَّلف، ومِن طريقه الآجري في "الشريعة" (114) ط/دار الوطن، وأخرجه ابن وضاحٍ في "البدع" (121) ط/مكتبة ابن تيمية، والبيهقي في "الاعتقاد" (ص238) ط/دار الأفاق الجديدة، وابن بطة في "الإبانة" ط/دار الراية، وهو صحيحٌ. وعن يحيى بن أبي كثيرٍ قال: "إذا لقيت صاحب بدعةٍ في طريقٍ، فخذ في طريقٍ أخرى". أخرجه الآجري في "الشريعة" (ج1ـ ص458)، وابن وضاحٍ في "البدع" (120)، وفيه مَن لم يسَمى، وأبو نعيمٍ في "الحلية" (ج 3ـ ص68)،وابن بطة في "الإبانة" (491)، واللالكائي في "الاعتقاد" (259) ط/دار طيبة. وعن سلام بن أبي مطيعٍ، أنَّ رجلًا مِن أصحاب الأهواء قال: " لأيوب السختياني: يا أبا بكر أسألك عن كلمةٍ، قال أيوب وجعَل يشير بإصبعيه: ولا نصف كلمةٍ ولا نصف كلمةٍ". أخرجه الفريابي في "القدر" (374)، ومِن طريقه الآجري في "الشريعة" (120)، وابن بطة في "الإبانة" (402)، وكلاهما صحيحٌ أيضًا.
قال الشيخ المجاهد سعيد بن دعاسٍ ـ رحمه الله ـ في "ضوابط الحكم بالابتداع" (ص51ـ 53) ط/مكتبة دار الحديث بدماج: "وعلى هذا مضَى سلفُ الأُمَّةِ وأهلُ الحقِّ تجاهَ المُخالفين لقواعدِ الشريعةِ وأصولها في كلِّ زمانٍ، كما قالَ ابنُ عمرَ- رضي الله عنه-، حينَ قيلَ لهُ: إن قوماً يقولون: لا قدرَ، فقال: أخبروهم أني بريءٌ منهم، وأنهم برءاءُ منِّي. رواه مسلم برقم(1). وكما فعلَ الحسنُ البصريُّ بواصلِ بن عطاءٍ، حيثَ قال: الفاسقُ لا مؤمنٌ ولا كافرٌ، وطردَهُ الحسنُ مِن مجلسهِ، كما في "السير" (5/ 464)، و"تاريخ الإسلام" (ص558)، حوادث (121-140).
وكذا فعل ابنُ عونٍ بعمروِ بن عبيدٍ حينَ انضمَّ إلى واصلِ بن عطاءٍ، وأزالَهُ واصلٌ عن مذهبِ السنةِ، وقد كانَ يُجالسُ الحسنَ، كما في "السير" (5/ 464)، و"تاريخ الإسلام" (ص558)، حوادث (121..).
ونقلَ عن عبد الوهابِ الخفافِ (ص240) أنهُ قال: مررتُ بعمروِ بن عبيدٍ، وهو وحدَهُ، فقلتُ: مالك؟. فقال: نهى ابنُ عونٍ الناسَ عنَّا فانتَهوا.
وكانَ حسينُ بن عليِّ الكرابيسيُّ كما قالَ المروزيُّ، كما في "شرح علل الترمذي" لابن رجبٍ (2/ 608)، كانَ يذبُّ عن السنةِ، ويُظهرُ نصرة أحمدٍ.
وكانَ فقيهَ بغدادٍ، ومِن بحورِ العلمِ، تدلُّ تصانيفُه على تبَحُّرهِ، كما في "السير" (12/ 69ـ 80)، و"تاريخ الإسلام" (ص242)، حوادث (241..).
فلمَّا أظهرَ مسألةَ اللفظِ تكلَّمَ فيه أحمدُ، وبدَّعهُ، وحذَّرَ منهُ، وكشفَ عن سترِه، فتجنَّب الناسُ الأخذَ عنهُ، وسقطَ، كما قال محمدُ بن عبد الله الشافعيُّ، حتى قالَ ابنُ معينٍ: ينطلُ حسينٌ، ويرتَفعُ أحمدُ، كما في "الكامل" (2/ 241)، و(2/ 432)، و"تاريخ بغداد" (8/ 64 و 65 و 66 و 64 و 67).
قال الخطيبُ البغدادي: وحديثُ الكربيسيِّ يعزُّ جداً، وذلكَ أنَّ الإمامَ أحمد كانَ يتكلَّمُ فيه بسببِ اللفظِ، وكان هو أيضاً يتكلَّمُ فيه، فتجنَّبَ الأخذَ عنهُ لهذا السببُ.
وكذا فعل أهلُ الحديثِ بداودَ بن عليِّ الأصبهاني، لما قال: القرآن مُحدثٌ، حتى أبى أحمدُ أن يدخلَ عليه، كما رواهُ الخطيبُ في "تاريخ بغداد" بإسنادٍ صحيحٍ (8/ 373).
قال الذهبيُّ في "السير" (13/ 101): قامَ على داودَ خلقٌ من أهل الحديثِ، أنكروا قولهُ وبدَّعوهُ. اهـ
وذكرَ الخطيبُ في "تاريخ بغدادَ" (14/ 282)، بإسنادهِ عن أحمدَ أنهُ سئلَ عن يعقوبَ بن شيبةَ، فقال: مُبتدعٌ صاحبُ هوى. اهـ
قال الخطيبُ: وصفهُ أحمدُ بذلكَ، لأنهُ كانَ يذهبُ إلى الوقف في القرآن. اهـ
ويعقوبُ بنُ شيبةَ مِنَ الثِّقاتِ في الحديثِ، ولم يمنعْ ذلكَ أحمد مِن الحُكم عليه بُمقتضَى رأيهِ، وانظر فيما سبقَ ذكرهُ مِن الأمثلةِ في فصلِ الكلامِ على اكتفاءِ السَّلفِ بُمخالفةِ أصلٍ في التَّضليلِ، والحكم على المُخالفِ بالابتداعِ". اهـ
تنبيهٌ: حديث ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ الذي ذكَره الشيخ سعيدٍ ـ رحمه الله ـ أخرجه مسلمٌ ـ نووي ـ (ج1ـ 8)، والرقم المذكور للحديث في كتاب الإيمان.
ولم يحصُل شيءٌ مِنَ الأمور المشار إليها آنفًا، وإنما ذكَر أبو بلالٍ أنَّ الشيخ استقبله مداراةً، وهو في حالة ضعفٍ، وكأن والده مصطفى بن إسماعيل ذا قوةٍ. ولو سلَّمت له جدلًا بهذا الكلام، يبقى ما يعكر على ذلك، وهي مواقف الشيخ يحيى الأخيرة وإلى ذِكر بعضها.
بعض نماذج تغير الشيخ يحيى ـ وفقه الله ـ
ـ عندما تناقش الشيخ مع الإخوة السودانيين، وبينوا له الأدلة على حزبية عبد الكريم الحجوري،وألزموه بتبديعه ؛ لأنه بدَّع عبد الرحمن العدني بأقل مِن ذلك، قال لهم: "هب انني أخطأت". وهذا ارتياب منه في أحد أحكامه السابقة المبنية على الدليل.
ـ رضاه عن دعوتكم التمييعية، وسكوته عن أخطائكم مع أننا بذلنا له النصح، وأقمنا البراهين على ذلك، ولكن لا حياة لمن تنادي. وهذا مخالفٌ لما كان يدعو إليه مِن قبل مِن عدَم السكوت على الأخطاء. قال ـ وفقه الله ـ كما في "النصيحة الذهبية"(ص6)، لأخينا العربي البسكري: "السُكوت عن الأخطاء ما تُنصر بها الدعوة ِليبلغ الشاهد الغائب، يعني يعتقِد في نفسه لكن ما يُصرِّح ! ما تُنصر الدعوة بهذا، تُنصر الدعوة بالتصريح والوضوح لك أو عليك، صرِّح بَسْ صرِّح أمَّا السُكوت يُربك الناس يَجعل الناس في ربْكة ! ما يجعلهم واضحين يتَّبعون على بصيرة. قد أوْضحهُ فلان ـ جزاه الله خيرًا ـ السكوت يُربك الناس في هذا أو في غيره، هذه دعوةٌ ما فيها مُجاملةٌ، كتابٌ وسنَّةٌ على منهج السَّلف. وبعضهم يقول: اسكتوا كُلهم أهل سُنة !أوتمييزكم إلى هذا الهبوط ؟! صحيح، إيش هذا الكلام ؟! لكم في الدعوة عشرات السنين وتمييزكم إلى هذا المستوى الهابط ...". اهـ
ـ قوله كما في المصد السابق (ص10): "هذه الملازم ما ينبغي لهم أن يُحجروا على قراءتها ويمنعونها، فإن كان فيها مِن باطلٍ ردتموه، وهي مكتوبٌ عليها اسمي، الذي كتبها يحيى بن عليٍّ الحجوري، لا يقبلونها ما هي طيبة وأنها "ملازم فتنة!!"، والملازم التي باسم المجاهيل هذه طيبة تُنشر ويشيد بها، هذا ولاءٌ وبراءٌ ضيقٌ، أم ليس بولاءٍ وبراءٍ ضيقٍ؟!! ". اهـ مع أنه أصبح ينهى عن الكلام في أهل الأهواء، كعبد الكريم الحجوري؛ ويعتبِر ذلك تأجيجَا للخلاف، كما في كلمةٍ منشورةٍ في موقعه، لكنني وجدتها قد حذِفت؛ فكان ينبغي بيان سبب حذفها.
ـ استمراره في تزكية العنابي الكذاب، حتى مع وجود الأدلة الدامغة على جَرحه.
ـ قول الشيخ يحيى: لا نُريد مواجهاتٍ ولا نُريد مصادماتٍ، كم لنا ونحن نُواجه و نُصادم بدون فائدةٍ، مع أنه كان ينكر هذا الكلام بشدةٍ. كما في "فتح الكبير المتعال" (ص21) لأخينا العربي، وقد نقَل عنه أخونا العربي كلامًا سابقًا، في نفس المصدر (ص22)، يفند فيه كلامه الاحق، وهذا الكلام ضمن إجابته على بعض (الأسئلة الجزائرية) وهو قوله: "... وأُنبهُ على عدم التنازلات، وما يظُن أحدٌ أنَّ الدعوة السلفية ممكن تُنصر بالكثرة فقط، أو بالمال فقط، أو تُنصر كذلك بأن نجلِب مَن شئت على تنازلاتٍ، لا، ولكن تُنصر بالحق بدون تنازلٍ عن الحق؛ لأنَّ الدين هو دين الله، والخلق خلقٌه، والملك ملكه، والأمر أمره، فلا يجوز التنازل في الدين مِن أجل أحدِ، والله ـ عز وجل ـ نواصي مَن شاء بيده أن يُزيغ قلب عبدٍ أزاغه، أو إن شاء يُقيمه أقامه ... (إلى أن قال): وتُنصر الدعوة بالثبات على الحق، والسكينة وعدم التزعزع، وعدم الطيش، وعدم مُجاراة أهل الباطل، هذا ممَّا يَنصر الله به الحق، الحق واضحٌ بارزٌ وإن كثر المُخالفون مِن يهودٍ مِن نصارى مِن ضلالٍ مِن مبتدعةٍ مٍن مخذلين مِنَ الصف، وهذا لا يُثنيك أيها السني، واعلم أنَّ الطائفة المنصورة والفرقة الناجية لا تزال إلى قرب قيام الساعة كما جاء في الحديث أنها لا تقوم إلا على شرار الخلق، وأنَّ الحق هو الحق ما زال، وكتاب الله هو كتاب الله، وسنة رسول الله ـصلى الله عليه وسلم ـ هي سُنة رسوله، والمسلمون هم المسلمون، والشرع هو الشرع، والله ـ عز وجل ـ هو رَب العباد، ووجب على العباد عبادته، وهكذا فما هناك جديدٌ، وهذا يُريحك جدًا، وأنَّ مَن شرَد شرد بنفسه، قلوا أو كثروا". اهـ
ثُم ماذا بعد هذا، ويأتي متعصبٌ مخذولٌ يتجلد في الدفاع عن الشيخ بالباطل؛ وفي هذا إساءةٌ للعالم نفسه. وقد ذكر الشيخ سعيد ـ رحمه الله ـ كلامًا نحو هذا، ردًا على مَن يدافع عن ابن قدامة ـ رحمه الله ـ وينفي وقوعه في التفويض؛ فعَد ذلك طعنًا فيه لا انتصارُا له. وفي الختام اسأل الله تعالى أن يجنبنا الفتن ما ظهر منها وما بطن، والحمد لله رَب العالمين.
لتنزيل أو الاستماع لكلمة الببغاء خالد بن عبودٍ من هنا
تم الفراغ منه مساء الأحد 14 رمضان سنة 1440 هجري
كتبه أبو عبد الله إبراهيم بن خالدٍ التبسي الجزائري
في الرباح وادي سوف